فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب

( قَولُهُ بَابُ مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّشْدِيدِ فِي الْعِبَادَة)
قَالَ بن بَطَّالٍ إِنَّمَا يُكْرَهُ ذَلِكَ خَشْيَةَ الْمَلَالِ الْمُفْضِي إِلَى تَرْكِ الْعِبَادَةِ



[ قــ :1112 ... غــ :1150] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ هُوَ بن سَعِيدٍ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ .

     قَوْلُهُ  دَخَلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ الْمَسْجِدَ .

     قَوْلُهُ  بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ أَيِ اللَّتَيْنِ فِي جَانِبِ الْمَسْجِدِ وَكَأَنَّهُمَا كَانَتَا مَعْهُودَتَيْنِ لِلْمُخَاطَبِ لَكِنْ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ بَيْنَ سَارِيَتَيْنِ بِالتَّنْكِيرِ .

     قَوْلُهُ  قَالُوا هَذَا حَبْلٌ لِزَيْنَبَ جَزَمَ كَثِيرٌ مِنَ الشُّرَّاحِ تَبَعًا لِلْخَطِيبِ فِي مُبْهَمَاتِهِ بِأَنَّهَا بِنْتُ جَحْشٍ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ وَلَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ صَرِيحًا وَوَقَعَ فِي شَرْحِ الشَّيْخِ سِرَاجِ الدِّينِ بْنِ الْمُلَقِّنِ أَنَّ بن أَبِي شَيْبَةَ رَوَاهُ كَذَلِكَ لَكِنِّي لَمْ أَرَ فِي مُسْنَدِهِ وَمُصَنَّفِهِ زِيَادَةً عَلَى قَوْلِهِ قَالُوا لِزَيْنَبَ أَخْرَجَهُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُلَيَّةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْهُ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ طَرِيقِهِ وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ شَيْخَيْنِ لَهُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَ عَنْ أَحَدِهِمَا زَيْنَبُ وَلَمْ يَنْسُبْهَا.

     وَقَالَ  عَنْ آخَرَ حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ فَهَذِهِ قَرِينَةٌ فِي كَوْنِ زَيْنَبَ هِيَ بِنْتَ جَحْشٍ وَرَوَى أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادٍ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّهَا حَمْنَةُ بِنْتُ جَحْشٍ أَيْضًا فَلَعَلَّ نِسْبَةَ الْحَبْلِ إِلَيْهِمَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مِلْكٌ لِإِحْدَاهُمَا وَالْأُخْرَى الْمُتَعَلِّقَةُ بِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ أَنَّ بَنَاتِ جَحْشٍ كَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ تُدْعَى زَيْنَبُ فِيمَا قِيلَ فَعَلَى هَذَا فَالْحَبْلُ لِحَمْنَةَ وَأُطْلِقَ عَلَيْهَا زَيْنَبُ بِاعْتِبَارِ اسْمِهَا الْآخَرِ وَوَقع فِي صَحِيح بن خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالُوا لِمَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ وَهِيَ رِوَايَةٌ شَاذَّةٌ وَقِيلَ يُحْتَمَلُ تَعَدُّدُ الْقِصَّةِ وَوَهِمَ مَنْ فَسَّرَهَا بِجُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ فَإِنَّ لِتِلْكَ قِصَّةً أُخْرَى تَقَدَّمَتْ فِي أَوَائِلِ الْكِتَابِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَزَادَ مُسْلِمٌ فَقَالُوا لِزَيْنَبَ تُصَلِّي .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا فَتَرَتْ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ أَيْ كَسِلَتْ عَنِ الْقِيَامِ فِي الصَّلَاةِ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِالشَّكِّ فَإِذَا فَتَرَتْ أَوْ كَسِلَتْ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحْتَمِلُ النَّفْيَ أَيْ لَا يَكُونُ هَذَا الْحَبْلُ أَوْ لَا يُحْمَدُ وَيَحْتَمِلُ النَّهْيَ أَيْ لَا تَفْعَلُوهُ وَسَقَطَتْ هَذِهِ الْكَلِمَةُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ .

     قَوْلُهُ  نَشَاطُهُ بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ مُدَّةَ نَشَاطِهِ .

     قَوْلُهُ  فَلْيَقْعُدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَمَرًا بِالْقُعُودِ عَنِ الْقِيَامِ فَيُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى جَوَازِ افْتِتَاحِ الصَّلَاةِ قَائِمًا وَالْقُعُودِ فِي أَثْنَائِهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُ الْخِلَافِ فِيهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَمْرًا بِالْقُعُودِ عَنِ الصَّلَاةِ أَيْ بِتَرْكِ مَا كَانَ عَزَمَ عَلَيْهِ مِنَ التَّنَفُّلِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى جَوَازِ قَطْعِ النَّافِلَةِ بَعْدَ الدُّخُولِ فِيهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْوُضُوءِ مِنَ النَّوْمِ فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ حَدِيثُ إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَنَمْ حَتَّى يَعْلَمَ مَا يَقْرَأُ وَهُوَ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ أَيْضًا وَلَعَلَّهُ طَرَفٌ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ وَفِيهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ أَيْضًا إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ وَفِيهِ لِئَلَّا يَسْتَغْفِرَ فَيَسُبَّ نَفْسَهُ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ هَذَا أَوْ مَعْنَاهُ وَيَجِيءُ مِنَ الِاحْتِمَالِ مَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى الِاقْتِصَادِ فِي الْعِبَادَةِ وَالنَّهْيُ عَنِ التَّعَمُّقِ فِيهَا وَالْأَمْرُ بِالْإِقْبَالِ عَلَيْهَا بِنَشَاطٍ وَفِيهِ إِزَالَةُ الْمُنْكَرِ بِالْيَدِ وَاللِّسَانِ وَجَوَازُ تَنَفُّلِ النِّسَاءِ فِي الْمَسْجِدِ وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى كَرَاهَةِ التَّعَلُّقِ فِي الْحَبْلِ فِي الصَّلَاةِ وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ فِي بَابِ اسْتِعَانَةِ الْيَدِ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ أَبْوَابِ التَّطَوُّعِ





[ قــ :1113 ... غــ :1151] .

     قَوْلُهُ  وقَال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ يَعْنِي الْقَعْنَبِيَّ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَفِي رِوَايَةِ الْحَمَوِيِّ وَالْمُسْتَمْلِي حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَكَذَا رُوِّينَاهُ فِي الْمُوَطَّأ رِوَايَة القعْنبِي قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ تَفَرَّدَ الْقَعْنَبِيُّ بِرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّأِ دُونَ بَقِيَّةِ رُوَاتِهِ فَإِنَّهُمُ اقْتَصَرُوا مِنْهُ عَلَى طَرَفٍ مُخْتَصَرٍ .

     قَوْلُهُ  تَذْكُرُ لِلْمُسْتَمْلِي بِفَتْحِ أَوَّلِهِ بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ الْمُؤَنَّثِ وَلِلْحَمَوِيِّ بِضَمِّهِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ بِالتَّذْكِيرِ ولِلكُشْمِيهَنِيِّ فَذُكِرَ بِفَاءٍ وَضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْكَافِ وَلِكُلٍّ وَجْهٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ ذَلِكَ قَوْلُ عُرْوَةَ أَوْ مَنْ دُونَهُ وَعَلَى الثَّانِي وَالثَّالِثِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ عَائِشَةَ وَهُوَ عَلَى كُلِّ حَالٍ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهَا لَا تَنَامُ اللَّيْلَ وَوَصْفُهَا بِذَلِكَ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ وَسُئِلَ الشَّافِعِيُّ عَنْ قِيَامِ جَمِيعِ اللَّيْلِ فَقَالَ لَا أَكْرَهُهُ إِلَّا لِمَنْ خَشِيَ أَنْ يَضُرَّ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ وَفِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَوَابِ ذَلِكَ مَهْ إِشَارَةٌ إِلَى كَرَاهَةِ ذَلِكَ خَشْيَةَ الْفُتُورِ وَالْمَلَالِ عَلَى فَاعِلِهِ لِئَلَّا يَنْقَطِعَ عَنْ عِبَادَةٍ الْتَزَمَهَا فَيَكُونُ رُجُوعًا عَمَّا بَذَلَ لِرَبِّهِ مِنْ نَفْسِهِ وَقَولُهُ عَلَيْكُمْ مَا تُطِيقُونَ مِنَ الْأَعْمَالِ هُوَ عَامٌّ فِي الصَّلَاةِ وَفِي غَيْرِهَا وَوَقَعَ فِي الرِّوَايَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْإِيمَانِ بِدُونِ قَوْلِهِ مِنَ الْأَعْمَالِ فَحَمَلَهُ الْبَاجِيُّ وَغَيْرُهُ عَلَى الصَّلَاةِ خَاصَّةً لِأَنَّ الْحَدِيثَ وَرَدَ فِيهَا وَحَمْلُهُ عَلَى جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ أَوْلَى وَقَدْ تَقَدَّمَتْ بَقِيَّةُ فَوَائِدِ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَالْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا فِي بَابِ أَحَبُّ الدِّينِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ مِنْ كِتَابِ الْإِيمَانِ وَمِمَّا يَلْحَقُ هُنَا أَنِّي وَجَدْتُ بَعْضَ مَا ذُكِرَ هُنَاكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْحَدِيثِ احْتِمَالًا فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ وَهُوَ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ مِنَ الثَّوَابِ حَتَّى تَمَلُّوا مِنَ الْعَمَلِ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْمُزَّمِّلِ وَفِي بَعْضِ طُرُقِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مُدْرَجٌ مِنْ قَوْلِ بَعْضِ رُوَاةِ الْحَدِيثِ وَالله أعلم