فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب ما يجوز من التسبيح والحمد في الصلاة للرجال

( قَولُهُ بَابُ مَا يَجُوزُ مِنَ التَّسْبِيحِ وَالْحَمْدِ فِي الصَّلَاة)
قَالَ بن رَشِيدٍ أَرَادَ إِلْحَاقَ التَّسْبِيحِ بِالْحَمْدِ بِجَامِعِ الذِّكْرِ لِأَنَّ الَّذِي فِي الْحَدِيثِ الَّذِي سَاقَهُ ذِكْرُ التَّحْمِيدِ دُونَ التَّسْبِيحِ.

قُلْتُ بَلِ الْحَدِيثُ مُشْتَمِلٌ عَلَيْهِمَا لَكِنَّهُ سَاقَهُ هُنَا مُخْتَصَرًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ مَنْ دَخَلَ لِيَؤُمَّ النَّاسَ مِنْ أَبْوَابِ الْإِمَامَةِ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ وَفِيهِ فَرَفَعَ أَبُو بَكْرٍ يَدَيْهِ فَحَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى وَفِي آخِره من نابه شَيْء فِي صلَاته فَلْيُسَبِّحْ وَسَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ أَبْوَابِ السَّهْوِ عَنْ قُتَيْبَةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ وَفِيه هَذَا قَوْله للرِّجَال قَالَ بن رَشِيدٍ قَيَّدَهُ بِالرِّجَالِ لِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ لَا يُشْرَعُ لِلنِّسَاءِ وَقَدْ أَشْعَرَ بِذَلِكَ تَبْوِيبُهُ بَعْدُ حَيْثُ قَالَ بَابُ التَّصْفِيقِ لِلنِّسَاءِ وَوَجْهُهُ أَنَّ دَلَالَةَ الْعُمُومِ لَفْظِيَّةٌ وَضْعِيَّةٌ وَدَلَالَةَ الْمَفْهُومِ مِنْ لَوَازِمِ اللَّفْظِ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَقَدْ قَالَ فِي الْحَدِيثِ التَّسْبِيحُ لِلرِّجَالِ وَالتَّصْفِيقُ لِلنِّسَاءِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا تَسْبِيحَ إِلَّا لِلرِّجَالِ وَلَا تَصْفِيقَ إِلَّا لِلنِّسَاءِ وَكَأَنَّهُ قَدَّمَ الْمَفْهُومَ عَلَى الْعُمُومِ لِلْعَمَلِ بِالدَّلِيلَيْنِ لِأَنَّ فِي أعْمَالِ الْعُمُومِ إِبْطَالًا لِلْمَفْهُومِ وَلَا يُقَالُ إِنَّ قَوْلَهُ لِلرِّجَالِ مِنْ بَابِ اللَّقَبِ لِأَنَّا نَقُولُ بَلْ هُوَ مِنْ بَابِ الصِّفَةِ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الذُّكُورِ الْبَالِغِينَ انْتَهَى وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى فَوَائِدِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ وَفِيهِ مِنَ الْفَوَائِدِ مِمَّا تَقَدَّمَ بَعْضُهَا مَبْسُوطًا جَوَازُ تَأْخِيرِ الصَّلَاةِ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَأَنَّ الْمُبَادَرَةَ إِلَيْهَا أَوْلَى مِنَ انْتِظَارِ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ وَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي التَّقَدُّمُ عَلَى الْجَمَاعَةِ إِلَّا بِرِضًا مِنْهُمْ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ أَبِي بَكْرٍ إِنْ شِئْتُمْ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ أَفْضَلُ الْحَاضِرِينَ وَأَنَّ الِالْتِفَاتَ فِي الصَّلَاةِ لَا يَقْطَعُهَا وَأَنَّ مَنْ سَبَّحَ أَوْ حَمِدَ لِأَمْرٍ يَنُوبُهُ لَا يَقْطَعُ صَلَاتَهُ وَلَوْ قَصَدَ بِذَلِكَ تَنْبِيهَ غَيْرِهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالْبُطْلَانِ وَقَوله



[ قــ :1158 ... غــ :1201] فِيهِ فَقَالَ سهل أَي بن سَعْدٍ رَاوِي الْحَدِيثِ هَلْ تَدْرُونَ مَا التَّصْفِيحُ هُوَ التَّصْفِيقُ وَهَذِهِ حُجَّةٌ لِمَنْ قَالَ إِنَّهُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْخَطَّابِيُّ وَأَبُو عَلِيٍّ القالي والجوهرى وَغَيرهم وَادّعى بن حَزْمٍ نَفْيَ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ وَتُعُقِّبَ بِمَا حَكَاهُ عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ أَنَّهُ بِالْحَاءِ الضَّرْبُ بِظَاهِرِ إِحْدَى الْيَدَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى وَبِالْقَافِ بِبَاطِنِهَا عَلَى بَاطِنِ الْأُخْرَى وَقِيلَ بِالْحَاءِ الضَّرْبُ بِأُصْبُعَيْنِ لِلْإِنْذَارِ وَالتَّنْبِيهِ وَبِالْقَافِ بِجَمِيعِهَا لِلَّهْوِ وَاللَّعِبِ وَأَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ فَزَعَمَ أَنَّ الصَّحَابَةَ ضَرَبُوا بِأَكُفِّهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ قَالَ عِيَاضٌ كَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فَفِيهِ فَجعلُوا يضْربُونَ بِأَيْدِيهِم على افخاذهم