فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب: ليبلغ العلم الشاهد الغائب

( قَولُهُ بَابُ لِيُبَلِّغَ الْعِلْمَ)
بِالنَّصْبِ وَالشَّاهِدُ بِالرَّفْعِ وَالْغَائِبَ مَنْصُوبٌ أَيْضًا وَالْمُرَادُ بِالشَّاهِدِ هُنَا الْحَاضِرُ أَيْ لِيُبَلِّغْ مَنْ حَضَرَ مَنْ غَابَ لِأَنَّهُ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلِ وَالْعِلْمَ الْمَفْعُولُ الثَّانِي وَإِنْ قُدِّمَ فِي الذّكر قَوْله قَالَه بن عَبَّاسٍ أَيْ رَوَاهُ وَلَيْسَ هُوَ فِي شَيْءٍ من طرق حَدِيث بن عَبَّاسٍ بِهَذِهِ الصُّورَةِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي رِوَايَتِهِ وَرِوَايَةِ غَيْرِهِ بِحَذْفِ الْعِلْمِ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْمَعْنَى لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِتَبْلِيغِهِ هُوَ الْعِلْمُ



[ قــ :103 ... غــ :104] .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ هُوَ الْخُزَاعِيُّ الصَّحَابِيُّ الْمَشْهُورُ وَعَمْرُو بن سعيد هُوَ بن الْعَاصِي بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِي بْنِ أُمَيَّةَ الْقُرَشِيُّ الْأُمَوِيُّ يُعْرَفُ بِالْأَشْدَقِ وَلَيْسَتْ لَهُ صُحْبَةٌ وَلَا كَانَ مِنَ التَّابِعِينَ بِإِحْسَانٍ .

     قَوْلُهُ  وَهُوَ يَبْعَثُ الْبُعُوثَ أَيْ يُرْسِلُ الْجُيُوشَ إِلَى مَكَّةَ لِقِتَالِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ لِكَوْنِهِ امْتَنَعَ مِنْ مُبَايَعَةِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَاعْتَصَمَ بِالْحَرَمِ وَكَانَ عَمْرٌو وَالِيَ يَزِيدَ عَلَى الْمَدِينَةِ وَالْقِصَّةُ مَشْهُورَةُ وَمُلَخَّصُهَا أَنَّ مُعَاوِيَةَ عَهِدَ بِالْخِلَافَةِ بَعْدَهُ لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَبَايَعَهُ النَّاسُ إِلَّا الْحُسَيْنَ بن عَليّ وبن الزبير فَأَما بن أَبِي بَكْرٍ فَمَاتَ قَبْلَ مَوْتِ مُعَاوِيَةَ.
وَأَمَّا بن عُمَرَ فَبَايَعَ لِيَزِيدَ عَقِبَ مَوْتِ أَبِيهِ.
وَأَمَّا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ فَسَارَ إِلَى الْكُوفَةِ لِاسْتِدْعَائِهِمْ إِيَّاهُ لِيُبَايِعُوهُ فَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ قَتْلِهِ.
وَأَمَّا بن الزُّبَيْرِ فَاعْتَصَمَ وَيُسَمَّى عَائِذَ الْبَيْتِ وَغَلَبَ عَلَى أَمْرِ مَكَّةَ فَكَانَ يَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ يَأْمُرُ أُمَرَاءَهُ عَلَى الْمَدِينَةِ أَنْ يُجَهِّزُوا إِلَيْهِ الْجُيُوشَ فَكَانَ آخِرَ ذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ الْمَدِينَةِ اجْتَمَعُوا عَلَى خَلْعِ يَزِيدَ مِنَ الْخِلَافَةِ .

     قَوْلُهُ  ائْذَنْ لِي فِيهِ حُسْنُ التَّلَطُّفِ فِي الْإِنْكَارِ عَلَى أُمَرَاءِ الْجَوْرِ لِيَكُونَ أَدْعَى لِقَبُولِهِمْ .

     قَوْلُهُ  أُحَدِّثْكَ بِالْجَزْمِ لِأَنَّهُ جَوَابُ الْأَمْرِ .

     قَوْلُهُ  قَامَ صِفَةٌ لِلْقَوْلِ وَالْمَقُولُ هُوَ حَمْدُ اللَّهِ إِلَخْ .

     قَوْلُهُ  الْغَدَ بِالنَّصْبِ أَيْ أَنَّهُ خَطَبَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ فَتْحِ مَكَّةَ .

     قَوْلُهُ  سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ إِلَخْ أَرَادَ أَنَّهُ بَالَغَ فِي حِفْظِهِ وَالتَّثَبُّتِ فِيهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ بِوَاسِطَةٍ وَأَتَى بِالتَّثْنِيَةِ تَأْكِيدًا وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ تَكَلَّمَ بِهِ عَائِدٌ عَلَى قَوْلِهِ قَوْلًا .

     قَوْلُهُ  وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ بِالضَّمِّ أَيْ أَنَّ تَحْرِيمَهَا كَانَ بِوَحْيٍ مِنَ الله لامن اصْطِلَاحِ النَّاسِ .

     قَوْلُهُ  يَسْفِكُ بِكَسْرِ الْفَاءِ وَحُكِيَ ضَمُّهَا وَهُوَ صَبُّ الدَّمِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْقَتْلُ قَوْله بهَا وللمستملى فِيهَا .

     قَوْلُهُ  وَلَا يَعْضِدُ بِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ الدَّالِ أَيْ يَقْطَعُ بِالْمِعْضَدِ وَهُوَ آلَةٌ كَالْفَأْسِ .

     قَوْلُهُ  وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي أَيِ اللَّهُ رُوِيَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفِي قَوْلِهِ لِي الْتِفَاتٌ لِأَنَّ نَسَقَ الْكَلَامِ وَإِنَّمَا أَذِنَ لَهُ أَيْ لِرَسُولِهِ .

     قَوْلُهُ  سَاعَةً أَيْ مِقْدَارًا مِنَ الزَّمَانِ وَالْمُرَادُ بِهِ يَوْمُ الْفَتْحِ وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلَى الْعَصْرِ وَالْمَأْذُونُ لَهُ فِيهِ الْقِتَالُ لَا قَطْعُ الشَّجَرِ .

     قَوْلُهُ  مَا قَالَ عَمْرٌو أَيْ فِي جَوَابِكَ .

     قَوْلُهُ  لَا تُعِيذُ بِضَمِّ الْمُثَنَّاةِ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ ذَالٌ مُعْجَمَةٌ أَيْ مَكَّةُ لَا تَعْصِمُ الْعَاصِيَ عَنْ إِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ .

     قَوْلُهُ  وَلَا فَارًّا بِالْفَاءِ وَالرَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ هَارِبًا عَلَيْهِ دَمٌ يَعْتَصِمُ بِمَكَّةَ كَيْلَا يُقْتَصَّ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  بِخَرْبَةٍ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ ثُمَّ مُوَحَّدَةً يَعْنِي السَّرِقَةَ كَذَا ثَبَتَ تَفْسِيرُهَا فِي رِوَايَة المستملى قَالَ بن بَطَّالٍ الْخُرْبَةُ بِالضَّمِّ الْفَسَادُ وَبِالْفَتْحِ السَّرِقَةُ وَقَدْ تشدق عَمْرٌو فِي الْجَوَابِ وَأَتَى بِكَلَامٍ ظَاهِرُهُ حَقٌّ لَكِنْ أَرَادَ بِهِ الْبَاطِلَ فَإِنَّ الصَّحَابِيَّ أَنْكَرَ عَلَيْهِ نَصْبَ الْحَرْبِ عَلَى مَكَّةَ فَأَجَابَهُ بِأَنَّهَا لَا تَمْنَعُ مِنْ إِقَامَةِ الْقِصَاصِ وَهُوَ صَحِيحٌ الا أَن بن الزُّبَيْرِ لَمْ يَرْتَكِبْ أَمْرًا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ وَسَنَذْكُرُ مَبَاحِثَ هَذَا الْحَدِيثِ فِي كِتَابِ الْحَجِّ وَمَا لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ مِنَ الِاخْتِلَافِ فِي الْقِتَالِ فِي الْحَرَمِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي الْحَدِيثِ شَرَفُ مَكَّةَ وَتَقْدِيمُ الْحَمْدِ وَالثَّنَاءِ عَلَى الْقَوْلِ الْمَقْصُودِ وَإِثْبَاتُ خَصَائِصِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتِوَاءُ الْمُسْلِمِينَ مَعَهُ فِي الْحُكْمِ إِلَّا مَا ثَبَتَ تَخْصِيصُهُ بِهِ وَوُقُوعُ النَّسْخِ وَفَضْلُ أَبِي شُرَيْحٍ لِاتِّبَاعِهِ أَمْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّبْلِيغِ عَنْهُ وَغَيْرِ ذَلِكَ





[ قــ :104 ... غــ :105] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا حَمَّادٌ هُوَ بن زيد قَوْله عَن مُحَمَّد هُوَ بن سِيرِين عَن بن أَبِي بَكْرَةَ كَذَا لِلْمُسْتَمْلِي وَالْكُشْمِيهَنِيِّ وَسَقَطَ عَنِ بن أَبِي بَكْرَةَ لِلْبَاقِينَ فَصَارَ مُنْقَطِعًا لِأَنَّ مُحَمَّدًا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَبِي بَكْرَةَ وَفِي رِوَايَةِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ وَهِيَ خَطَأٌ وَكَأَنَّ عَنْ سَقَطَتْ مِنْهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْعِلْمِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَسَيَأْتِي بِهَذَا السَّنَدِ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ بَرَاءَةٌ بِإِسْقَاطِهِ عَنْ بَعْضِهِمْ وَسَأُنَبِّهُ عَلَيْهِ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى وَفِيه عَن بن أَبِي بَكْرَةَ عِنْدَ الْجَمِيعِ وَيَأْتِي فِي بَدْءِ الْخَلْقِ .

     قَوْلُهُ  ذُكِرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ اخْتِصَارٌ وَقَدْ قَدَّمْنَا تَوْجِيهَهُ هُنَاكَ وَكَأَنَّهُ حَدَّثَ بِحَدِيثٍ ذَكَرَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مِنْ كَلَامِهِ وَمِنْ جُمْلَتِهِ .

     قَوْلُهُ  فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ إِلَخْ .

     قَوْلُهُ  قَالَ مُحَمَّد هُوَ بن سِيرِينَ .

     قَوْلُهُ  أَحْسِبُهُ كَأَنَّهُ شَكَّ فِي قَوْلِهِ وَأَعْرَاضكُمْ أقالها بن أَبِي بَكْرَةَ أَمْ لَا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَائِلِ الْعِلْمِ الْجَزْمُ بِهَا وَهِيَ مَنْصُوبَةٌ بِالْعَطْفِ .

     قَوْلُهُ  أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ هَذَا مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ تَكْمِلَةُ الْحَدِيثِ وَاعْتَرَضَ قَوْلَهُ وَكَانَ مُحَمَّدٌ إِلَى قَوْلِهِ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِيثِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فَلَا يلْتَفت إِلَى ماعداه وَالْعلم عِنْد الله تَعَالَى