فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب: كم بين الأذان والإقامة، ومن ينتظر الإقامة

باب
كم بين الأذان والإقامة
فيه حديثان:
الأول:
قال:
[ قــ :606 ... غــ :624 ]
- حدثنا إسحاق الواسطي: ثنا خالد، عن الجريري، عن [ابن] بريدة، عن عبد الله بن مغفل المزني، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ( ( بين كل أذانين صلاة) ) - ثلاثاً - ( ( لمن شاء) ) .

( ( إسحاق) ) هذا، يروي عنه في غير موضع عن خالد، وهو: ابن عبد الله الطحان، ولا ينسب إسحاق.
وقد قيل: إنه ابن شاهين الواسطي.

الثاني:
قال:


[ قــ :607 ... غــ :65 ]
- ثنا محمد بن بشار: ثنا غندر: ثنا شعبة، قال: سمعت عمرو بن عامر الأنصاري، عن أنس بن مالك، قال: كان المؤذن إذا أذن قام ناس من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يبتدرون السواري، حتى يخرج النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهم كذلك، يصلون الركعتين قبل المغرب، ولم يكن بين الأذان [والإقامة] شيء.

قال عثمان بن جبلة وأبو داود، عن شعبة: ولم يكن بينهما إلا قليل.

وحديث ابن مغفل يدل على أن بين كل أذان صلاة وإقامتها صلاة لمن شاء، فدخل في ذلك المغرب وغيرها، فدل على أن بين أذان المغرب وإقامتها ما يتسع لصلاة ركعتين.

وقد ذكرنا قدر الفصل بين أذان المغرب وإقامتها في ( ( باب: وقت المغرب) ) .

وقد روى حيان بن عبيد [الله العدوي هذا الحديث عن عبد الله] بن بريدة، عن أبيه، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ( ( [إن] عند كل أذانين ركعتين قبل الإقامة، ما خلا أذان المغرب) ) .

خرجه الطبراني والبزار والدارقطني.

وقال: حيان بن عبيد الله هذا ليس بقوي، وخالفه حسين المعلم وسعيد الجريري وكهمس بن الحسن، وكلهم ثقات.

يعني: انهم رووه عن ابن بريدة، عن [ابن] مغفل، بدون هذه الزيادة.

وقال الأثرم: ليس هذا بشيء؛ قد رواه عن [ابن] بريدة ثلاثة ثقات على خلاف ما رواه هذا الشيخ الذي لا يعرف، في الإسناد والكلام جميعاً.

وكذلك ذكر ابن خزيمة نحوه، واستدل على خطئه في استثنائه صلاة المغرب بان ابن المبارك روى الحديث عن كهمس، عن [ابن] بريدة، عن ابن مغفل، وزاد في آخره: فكان ابن بريدة يصلي قبل المغرب ركعتين.

وحديث أنس يدل على أن بين أذان المغرب وإقامتها ما يتسع لصلاة ركعتين.

فأماقوله في آخر الحديث: ( ( ولم يكن بين الأذان والإقامة شيء) ) ، فمراده - والله اعلم - لم يكن شيء كثير؛ بدليل رواية عثمان بن جبلة وأبي داود الطيالسي التي ذكرها البخاري تعليقاً: ( ( ولم يكن بينهما إلا قليل) ) .

وقد خرجه النسائي من رواية أبي عامر العقدي، عن شعبة، وفي حديثه: ( ( ولم يكن بين الأذان والإقامة شيء) ) - كرواية غندر.

وقد زعم بعضهم: أن قيام الصحابة للصلاة كان إذا ابتدأ المؤذن في الأذان، ولم يكن بين الأذان والإقامة، واستدل برواية من روى: ( ( ولم يكن بين الأذان والإقامة شيء) ) .

وفي ( ( صحيح مسلم) ) عن عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، قال: كنا بالمدينة، فإذا أذن المؤذن لصلاة المغرب ابتدروا السواري، فركعوا ركعتين، حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صليت، من كثرة من يصليهما.

في ( ( مسند الإمام أحمد) ) من حديث معلى بن جابر، عن موسى بن أنس، عن أبيه، قال: كان إذا قام المؤذن فأذن لصلاة المغرب قام من يشاء، فصلى حتى تقام الصلاة، ومن شاء ركع ركعتين، ثم قعد، وذلك بعيني رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

ومعلى بن جابر، مشهور، روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في ( ( ثقاته) ) .

وهذا ظاهر في انهم كانوا يقومون إذا شرع المؤذن في الأذان، وأن منهم من كان يزيد على ركعتين.

وفيه: رد على إسحاق بن راهوية، قال: لا يزاد على ركعتين قبل المغرب، وقد سبق ذكره.
وقد خرج الإسماعيلي في ( ( صحيحه) ) من حديث عثمان بن عمر: ثنا شعبة، عن عمرو بن عامر، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: كان المؤذن إذا أخذ في أذان المغرب قام لباب أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فابتدروا السواري، فكان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخرج إليهم وهم يصلون، وكان بين الأذان والإقامة قريب.

وهذه الرواية صريحة في صلاتهم في حال الأذان، واشتغالهم حين إجابة المؤذن بهذه الصلاة.

وقد كان الإمام أحمد يوم الجمعة إذا أخذ المؤذن في الأذان الأول للجمعة قام فصلى ركعتين - أو أربعاً - على قدر طول الأذان وقصره.

ويأتي الكلام على حكم الصلاة قبل المغرب في موضع آخر - إن شاء الله وإنما المقصود هنا: ذكر قدر الفصل بني الأذان والإقامة للمغرب وغيرها.

وقد سبق حكم الفصل بين أذان المغرب وإقامتها في ( ( باب: وقت المغرب) ) .

وذكرنا أحاديث في أمر النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بلالاً ان يفصل بين أذانه وإقامته في ( ( باب: الإبراد بالظهر) ) .