فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب من كره أن يقال للمغرب: العشاء

باب
من كره أن يقال للمغرب: العشاء
[ قــ :548 ... غــ :563 ]
- حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو: ثنا عبد الوارث، عن الحسين: ثنا عبد الله بن بريدة: حدثني عبد الله المزني، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ( ( لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم المغرب) ) .
قال: وتقول الأعراب: هي العشاء.

عبد الله المزني، هو: ابن مغفل – رضي الله عنه.

وقد استدل بهذا الحديث من كره تسمية المغرب العشاء، وهو قول الشافعي وغيرهم.

وقال أصحابنا: لا يكره ذلك، واستدلوا بأن العشاء تسمى العشاء الآخرة، كما قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة) ) .

خرجه مسلم.

وسيأتي بعض الأحاديث المصرحة بذلك، فدل على أن المغرب العشاء الأولى.
وأجاب بعضهم بأن وصف العشاء بالآخرة لأنها آخر الصلوات، لا لأن قبلها عشاء أخرى.

وقد حكي عن الاصمعي، انه أنكر تسميتها العشاء الآخرة، ولا يلتفت إلى ذلك.

وفي ( ( صحيح مسلم) ) عن علي، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى العصر يوم الأحزاب بين العشاءين: المغرب والعشاء.

قال أصحابنا: وحديث أبن مغفل يدل على أن تسميتها بالمغرب أفضل، ونحن نقول بذلك.

ومن متأخريهم من قال: حديث ابن مغفل إنما يدل على النهي عن أن يغلب اسم العشاء على المغرب حتى يهجر اسم المغرب، أو يقل تسميتها بذلك، كما هي عادة الأعراب، فأماإذا لم يغلب عليها هذا الاسم فلا يتوجه النهي حينئذ إليه.

وقد تقدم أنها تسمى صلاة البصر - أيضا - فإذا سميت بذلك من غير أن يهجر تسميتها بالمغرب، ويغلب تسميتها بذلك؛ جاز.