فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب الاستعانة بالنجار والصناع في أعواد المنبر والمسجد

باب
الاستعانة بالنجار والصناع في أعواد المنبر والمسجد
[ قــ :439 ... غــ :448 ]
- حدثنا قتيبة: ثنا عبد العزيز: حدثني أبو حازم، عن سهل، قال: بعث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى امرأة: ( ( مري غلامك النجار يعمل لي أعوادا اجلس عليهن) ) .



[ قــ :440 ... غــ :449 ]
- حدثنا خلاد: ثنا عبد الواحد بن أيمن، عن أبيه، عن جابر، أن امرأة قالت: يا رسول الله، ألا أجعل لك شيئا تقعد عليه، فإن لي غلاما نجارا؟ قال: ( ( إن شئت) ) ، فعملت المنبر.

في هذين الحديثين كليهما: أن النجار الذي صنع المنبر كان غلاما لامرأة.

وحديث سهل مختصر، قد أتمه البخاري في مواضع، وقد سبق بتمامه في ( ( باب: الصلاة في المنبر والسطوح) ) ، وفيه: أن سهلا سئل: من أي شيء المنبر؟ فقال: ما بقي في الناس أعلم به مني، هو من أثل الغابة، عمله فلان مولى فلانة - وذكر الحديث.

وخرج ابن سعد وغيره من حديث عباس بن سهل بْن سعد، عن أبيه، أنه ذكر المنبر، فقال: لم يكن بالمدينة إلا نجار واحد، فذهبت أنا وذلك النجار إلى الخانقين، فقطعت هذا المنبر من أثلة.

وخرج الطبراني بإسناد ضعيف، عن عائشة، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يخطب إلى
جذع، فمر رومي فقال: لو دعاني محمد لجعلت له ما هو أرفق من هذا، فدعي
لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فجعل له المنبر أربع مراق - وذكر الحديث.

وخرج ابن سعد عن الواقدي، بإسناد له، عن أبي هريرة - وبعض الحديث بإسناد أخر -، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخطب إلى جذع في المسجد قائما، فقال: ( ( إن القيام قد شق علي) ) ، فقال له تميم الداري: إلا أعمل لك منبرا كما رأيت يصنع بالشام؟ فشاور رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - المسلمين في ذلك، فرأوا إن يتخذه، فقال العباس بن عبد المطلب: يا رسول الله، أن لي غلاما - يقال له: كلاب - أعمل الناس، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( مره أن يعمله) ) ، فأرسله إلى أثلة بالغابة، فقطعها، ثم عمل منها درجتين، ومقعدا، ثم جاء به فوضعه في موضعه اليوم - وذكر حديثا طويلا.

وإسناده لا يعتمد عليه.

وخرج أبو داود من طريق عبد العزيز بن أبي داود، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما بدن قال له تميم الداري: ألا أتخذ لك يا رسول الله منبرا يجمع - أو يحمل - عظامك؟ قال: ( ( بلى) ) ، فاتخذ له منبرا مرقاتين.
وخرج الطبراني من رواية شيبة أبي قلابة عن الجريري، عن أبي نضرة عن جابر، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يخطب إلى جذع، فقيل له: أن الإسلام قد انتهى، وكثر الناس، فلو أمرت بصنعة شيء تشخص عليه، فقال لرجل: ( ( أتصنع المنبر؟) ) قال: نعم.
قال: ( ( ما اسمك؟) ) قال: فلان.
قال: ( ( لست صاحبه) ) ، فدعا أخر، فقال: ( ( أتصنع المنبر؟) ) فقال مثل مقالته، ثم دعا أخر، فقال: نعم - إن شاء الله - قال: ( ( ما اسمك؟) ) قال: إبراهيم.
قال: ( ( خذ في صنعته) ) .

وخرجه عبد بن حميد في ( ( مسنده) ) عن علي بن عاصم، عن الجريري عن أبي نضرة، عن أبي سعيد.

وروى عبد الرزاق، عن رجل من أسلم - وهو إبراهيم بن أبي يحيى -، عن صالح مولى التوأمة، أن باقوم مولى العاص بن أمية صنع للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منبره من طرفاء، ثلاث درجات.

ورواه محمد بن سليمان بن مسمول، عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي سبرة، عن صالح مولى التوأمة: حدثني باقوم مولى سعيد بن العاص، قال: صنعت لرسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - منبرا من طرفاء الغابة، ثلاث درجات: القعدة، ودرجتيه.

وكلا الإسنادين واه جدا.
وقد روي عن ابن سيرين، أن باقوم الرومي أسلم، فلم يدر به سهيل بن عمرو، ومات ولم يدع وارثا، فدفع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ميراثه إلى سهيل.

ذكر ذلك ابن منده في كتاب ( ( معرفة الصحابة) ) .

وقال الحافظ أبو بكر الخطيب: الغلام اسمه: مينا.
ومولاته: لا نعلم أحدا سماها.

ثم رواه بإسناده، عن هارون بن موسى، ثنا محمد بن يحيى، قال: قال إسماعيل بن عبد الله: الذي عمل المنبر: غلام الأنصارية، واسمه: مينا.

ومما يدخل في هذا الباب: حديث قيس بن طلق، عن أبيه، في استعانة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - به في بناء المسجد في عمل الطين، وقد سبق في الباب الماضي.