فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب السجود على الأنف، والسجود على الطين

باب
السجود على الأنف في الطين
[ قــ :792 ... غــ :813 ]
- حدثنا موسى: ثنا همام، عن يحيى، عن أبي سلمة، قال: انطلقت إلى أبي سعيد الخدري، فقلت: إلا تخرج بنا إلى النخل نتحدث؟ فخرج، فقلت: حدثني ما سمعت من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ليلة القدر؟ فقال: اعتكف رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عشر الأول من رمضان، واعتكفنا معه، فأتاه جبريل، فقال: ((أن الذي تطلب أمامك)) ، فأعتكف العشر الأوسط، فاعتكفنا معه، فأتاه جبريل، فقال: ((أن الذي تطلب أمامك)) ، فقام النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خطيباً صبيحة عشرين من رمضان، فقال: ((من كان أعتكف مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فليرجع؛ فأني أريت ليلة القدر وإني نسيتها، وإنها في العشر الأواخر في وتر، وإني رأيت كأني أسجد في طين وماء)) ، وكان سقف المسجد عريش النخل، وما نرى السماء شيئاً، فجاءت قزعة، فامطرنا، فصلى بنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حتى رأيت أثر الطين والماء على جبهة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأرنبته، تصديق رؤياه)) .

قال أبو عبد الله: كان الحميدي يحتج بهذا الحديث، إلا يمسح الجبهة في الصلاة، بل يمسحها بعد الصلاة، لأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُئي الماء في أرنبته وجبهته بعد ما صلى.

قد خرّج البخاري هذا الحديث في أواخر ((الصيام)) من ((كتابه)) هذا من
طرق، عن أبي سلمة، عن أبي سعيد، ليس في شيء منها ذكر اعتكاف النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في العشر الأول، إنما فيها اعتكافه في العشر الأوسط، ثم العشر الأواخر، ولم يخرج اعتكافه في العشر الأول في غير هذه الرواية هاهنا.

وقد خرّج ذلك مسلم في ((صحيحه)) من رواية عمارة بن غزية، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي سعيد –أيضاً.

ومقصود البخاري بهذا الحديث هاهنا: ذكر سجود النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على جبهته وأرنبة أنفه، وأنه سجد عليهما في الطين.

وأرنبة الأنف: طرفه.
وقد سبق ذكر السجود في الماء والطين، وما للعلماء في ذلك من الاختلاف والتفصيل، عند ذكر البخاري، عن ابن عمر، أنه صلى على الثلج في ((باب: الصلاة في المنبر والسطوح والخشب)) ، فلا حاجة إلى إعادته هاهنا.

وأما ما ذكره عن الحميدي، فقد بوّب عليه البخاري باباً منفرداً، وعاد فيه الحديث مختصرا، ويأتي في موضعه –إن شاء الله سبحانه وتعالى.

***