فهرس الكتاب
فتح البارى لابن رجب - باب إذا لم يتم الإمام وأتم من خلفه
بَاب
إذا لَمْ يُتمَّ الإمَامُ وََأَتَمَّ مَنْ خَلْفََهُ
[ قــ :673 ... غــ :694 ]
- حَدَّثَنَا الفضل بن سَهْل: ثنا الْحَسَن بن موسى الأشيب: ثنا عَبْد الرحمن بن عَبْد الله بن دينار، عَن زيد بن أسلم، عَن عَطَاء بن يسار، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، أن رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم)) .
تفرد البخاري بتخريج هَذَا الحَدِيْث عَن مُسْلِم، وبتخريج حَدِيْث عَبْد الرحمن ابن عَبْد الله بن دينار، مَعَ أَنَّهُ قَدْ ضعفه ابن معين وغيره.
.
وَقَالَ عَلِيّ بن المديني: فِي بعض مَا يرويه منكرات لا يتابع عَلَيْهَا، ويكتب حديثه فِي جملة الضعفاء.
وقد خرجه ابن حبان فِي ((صحيحه)) من وجه آخر عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، من رِوَايَة أَبِي أيوب الأفريقي، عَن صفوان بن سليم، عَن ابن المُسَيِّب، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ((سيأتي - أو يكون - أقوام يصلون الصلاة، فإن أتموا فلكم ولهم، وإن نقصوا فعليهم ولكم)) .
وقد روي –أَيْضاً - من رِوَايَة أَبِي صالح السمان والحسن، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، ولكن إسنادهما لا يصح.
وخرج ابن ماجه والحاكم فِي ((المستدرك)) من حَدِيْث عَبْد الحميد بن سُلَيْمَان: ثنا أبو حازم، قَالَ: كَانَ سَهْل بن سعد الساعدي يقدم قتيان قومه يصلون بهم، فَقِيلَ لَهُ: تفعل هَذَا ولك من القدم مَالِك؟ فَقَالَ: إني سَمِعْت رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُول: ((الإمام ضامن، فإن أحسن فله ولهم، وإن أساء يعني: فعليه ولا عليهم)) .
وقد ذكر هَذَا الحديث الإمام أحمد، فَقَالَ: مَا سَمِعْت بهذا قط.
وهذا يشعر باستنكاره لَهُ.
وخرج الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان والحاكم من حَدِيْث عقبة بن عامر، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ((من أم النَّاس فأصاب الوقت وأتم الصلاة فله ولهم، ومن انتقض من ذَلِكَ شيئاً فعليه ولا عليهم)) .
وفي إسناده اخْتِلاَف، وقد روي مرسلاً.
وفي المعنى أحاديث أخر متعددة فِي أسانيدها مقال.
وقد استدل البخاري بهذا الحَدِيْث عَلَى أن من صلى خلف من لا يتم صلاته فأتم صلاته، فإن صلاته صحيحة، ودخل فِي هَذَا: من صلى خلف محدث، يعلم حدث نفسه أو لا يعمله.
وقد سبق الكلام عَلَى ذَلِكَ.
ومن صلى خلف إمام يؤخر الصلاة عَن مواقيتها، وقد سبق الكلام عَلِيهِ - أَيْضاً - ومن صلى خلف من ترك ركناً أو شرطاً فِي صلاته متأولاً، والمأموم يخالف تأويله.
وفي صحة صلاته وراءه قولان، هما روايتان عَن أحمد، كمن صلى خلف من مس ذكره أو احتجم ولم يتوضأ، ومن صلى خلف من لا يتم ركوعه وسجوده، وأتمه المأموم أجزأته صلاته، كذا قَالَ علقمة، والأوزاعي.
وسئل أحمد عمن قام إمامه قَبْلَ أن يتم تشهده الأول، فذكر قَوْلِ علقمة - يعني: أَنَّهُ يتمه ثُمَّ يقوم.
وسئل سُفْيَان الثوري عمن صلى خلف من يسرع الركوع والسجود؟ قَالَ: تمم أنت والحق بِهِ.
وَقَالَ يَحْيَى بن آدم: صليت خلف رَجُل فأعدت صلاتي من سوء صلاته.
وَقَالَ أحمد فِي إمام لا يتم ركوعه ولا سجوده: لا صلاة لَهُ، ولا لمن خلفه -: نقله عَنْهُ أبو طالب.
ونقل عَنْهُ ابن الْقَاسِم مَا يدل عَلَى أن من خلفه إذا أتم فلا إعادة عَلِيهِ.
وهذا يرجع إلى مَا ذكرنا؛ فإن من صور هَذَا الاختلاف: من ترك الطمأنينة متأولاً، وصلى خلفه من يرى وجوب ذَلِكَ واطمأن.
وأكثر كلام أحمد يدل عَلَى أَنَّهُ يفرق بَيْن التأويلات الضعيفة المخالفة للسنن الصحيحة فلا يمنع من الصلاة خلف متأولها، كما نَصَّ عَلَى أَنَّهُ لا يصلى خلف من يَقُول: الماء من الماء، ولا من ترك قراءة الفاتحة فِي بعض الركعات عَلَى التأويل، وأنه يصلى خلف من لا يتوضأ من خروج الدم، ولا من أكل لحم الإبل، ولا من مس الذكر، أو يصلي فِي جلود الثعالب عَلَى التأويل.
وسوى أبو بَكْر عَبْد العزيز بن جَعْفَر وأكثر أصحابنا بَيْن الجميع، والصحيح التفرقة.
ولهذا نَصَّ الشَّافِعِيّ وأحمد عَلَى أَنَّهُ لا يحد الناكح بلا ولي، ويحد من شرب النبيد متأولاً، ونص أحمد عَلَى أن الفرق هُوَ: ضعف التأويل فِي شرب النبيد خاصة.
وَقَالَ سُفْيَان الثوري: لا يصلى خلف من مسح عَلَى رجليه، ومن صلى خلفه أعاد الصلاة.
وَقَالَ شريك: لا يصلى خلفه، ولا تعاد الصلاة.
وقد استدل بالأحاديث المذكورة فِي هَذَا الباب من كره الإمامة، وقد كره أن يؤم النَّاس جماعة من الصَّحَابَة، منهم: حذيفة وعقبة بن عامر.
وَقَالَ حذيفة: لتبتغن إماماً غيري، أو لنصلين وحداناً.
وسئل أحمد عَن الرَّجُلُ يؤم النَّاس: هَلْ لَهُ فِي ذَلِكَ ثواب؟ قَالَ: إن كَانَ فِي قرية هُوَ أقرأ القوم، أو فِي موضع هُوَ أقرؤهم فليتقدمهم.
وسئل عَن الرَّجُلُ يكون أقرأ القوم، فَقَالَ لَهُ: تقدم فيأبى؟ قَالَ: ينبغي لَهُ أن يتقدم، يؤم القوم أقرؤهم.
قيل لَهُ: يجب عَلِيهِ؟ فَقَالَ: ينبغي لَهُ أن يتقدم يؤم القوم، ولم يقل: يجب عَلِيهِ.
وسئل عَن معنى قَوْلِ النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((الإمام ضامن)) ؟ فَقَالَ: هَذَا عَلَى التأكيد عَلَى الإمام.
وهذا الحَدِيْث، خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي من حَدِيْث أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وفي إسناده اخْتِلاَف كثير أشار الترمذي إلى بعضه، وقد بسطت القول فِيهِ فِي
((شرح الترمذي)) بحمد الله ومنه.
رَوَى وكيع فِي ((كتابه)) عَن عَلِيّ بن المبارك، عَن يَحْيَى بن أَبِي كثير، قَالَ: حَدَّثَنِي من لا أتهم، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: تبادروا الأذان، ولا تبادروا الإمامة)) .
وعن ابن عون، قَالَ: ذكر عِنْدَ الشَّعْبِيّ أن الإمام ضامن لصلاة القوم، فَقَالَ: والله إني لأرجو إن أحسن أن يتقبل الله مِنْهُ، وإن أساء أن يغفر لَهُ.
إذا لَمْ يُتمَّ الإمَامُ وََأَتَمَّ مَنْ خَلْفََهُ
[ قــ :673 ... غــ :694 ]
- حَدَّثَنَا الفضل بن سَهْل: ثنا الْحَسَن بن موسى الأشيب: ثنا عَبْد الرحمن بن عَبْد الله بن دينار، عَن زيد بن أسلم، عَن عَطَاء بن يسار، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، أن رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ((يصلون لكم، فإن أصابوا فلكم، وإن أخطئوا فلكم وعليهم)) .
تفرد البخاري بتخريج هَذَا الحَدِيْث عَن مُسْلِم، وبتخريج حَدِيْث عَبْد الرحمن ابن عَبْد الله بن دينار، مَعَ أَنَّهُ قَدْ ضعفه ابن معين وغيره.
.
وَقَالَ عَلِيّ بن المديني: فِي بعض مَا يرويه منكرات لا يتابع عَلَيْهَا، ويكتب حديثه فِي جملة الضعفاء.
وقد خرجه ابن حبان فِي ((صحيحه)) من وجه آخر عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، من رِوَايَة أَبِي أيوب الأفريقي، عَن صفوان بن سليم، عَن ابن المُسَيِّب، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ((سيأتي - أو يكون - أقوام يصلون الصلاة، فإن أتموا فلكم ولهم، وإن نقصوا فعليهم ولكم)) .
وقد روي –أَيْضاً - من رِوَايَة أَبِي صالح السمان والحسن، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، ولكن إسنادهما لا يصح.
وخرج ابن ماجه والحاكم فِي ((المستدرك)) من حَدِيْث عَبْد الحميد بن سُلَيْمَان: ثنا أبو حازم، قَالَ: كَانَ سَهْل بن سعد الساعدي يقدم قتيان قومه يصلون بهم، فَقِيلَ لَهُ: تفعل هَذَا ولك من القدم مَالِك؟ فَقَالَ: إني سَمِعْت رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُول: ((الإمام ضامن، فإن أحسن فله ولهم، وإن أساء يعني: فعليه ولا عليهم)) .
وقد ذكر هَذَا الحديث الإمام أحمد، فَقَالَ: مَا سَمِعْت بهذا قط.
وهذا يشعر باستنكاره لَهُ.
وخرج الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان والحاكم من حَدِيْث عقبة بن عامر، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ((من أم النَّاس فأصاب الوقت وأتم الصلاة فله ولهم، ومن انتقض من ذَلِكَ شيئاً فعليه ولا عليهم)) .
وفي إسناده اخْتِلاَف، وقد روي مرسلاً.
وفي المعنى أحاديث أخر متعددة فِي أسانيدها مقال.
وقد استدل البخاري بهذا الحَدِيْث عَلَى أن من صلى خلف من لا يتم صلاته فأتم صلاته، فإن صلاته صحيحة، ودخل فِي هَذَا: من صلى خلف محدث، يعلم حدث نفسه أو لا يعمله.
وقد سبق الكلام عَلَى ذَلِكَ.
ومن صلى خلف إمام يؤخر الصلاة عَن مواقيتها، وقد سبق الكلام عَلِيهِ - أَيْضاً - ومن صلى خلف من ترك ركناً أو شرطاً فِي صلاته متأولاً، والمأموم يخالف تأويله.
وفي صحة صلاته وراءه قولان، هما روايتان عَن أحمد، كمن صلى خلف من مس ذكره أو احتجم ولم يتوضأ، ومن صلى خلف من لا يتم ركوعه وسجوده، وأتمه المأموم أجزأته صلاته، كذا قَالَ علقمة، والأوزاعي.
وسئل أحمد عمن قام إمامه قَبْلَ أن يتم تشهده الأول، فذكر قَوْلِ علقمة - يعني: أَنَّهُ يتمه ثُمَّ يقوم.
وسئل سُفْيَان الثوري عمن صلى خلف من يسرع الركوع والسجود؟ قَالَ: تمم أنت والحق بِهِ.
وَقَالَ يَحْيَى بن آدم: صليت خلف رَجُل فأعدت صلاتي من سوء صلاته.
وَقَالَ أحمد فِي إمام لا يتم ركوعه ولا سجوده: لا صلاة لَهُ، ولا لمن خلفه -: نقله عَنْهُ أبو طالب.
ونقل عَنْهُ ابن الْقَاسِم مَا يدل عَلَى أن من خلفه إذا أتم فلا إعادة عَلِيهِ.
وهذا يرجع إلى مَا ذكرنا؛ فإن من صور هَذَا الاختلاف: من ترك الطمأنينة متأولاً، وصلى خلفه من يرى وجوب ذَلِكَ واطمأن.
وأكثر كلام أحمد يدل عَلَى أَنَّهُ يفرق بَيْن التأويلات الضعيفة المخالفة للسنن الصحيحة فلا يمنع من الصلاة خلف متأولها، كما نَصَّ عَلَى أَنَّهُ لا يصلى خلف من يَقُول: الماء من الماء، ولا من ترك قراءة الفاتحة فِي بعض الركعات عَلَى التأويل، وأنه يصلى خلف من لا يتوضأ من خروج الدم، ولا من أكل لحم الإبل، ولا من مس الذكر، أو يصلي فِي جلود الثعالب عَلَى التأويل.
وسوى أبو بَكْر عَبْد العزيز بن جَعْفَر وأكثر أصحابنا بَيْن الجميع، والصحيح التفرقة.
ولهذا نَصَّ الشَّافِعِيّ وأحمد عَلَى أَنَّهُ لا يحد الناكح بلا ولي، ويحد من شرب النبيد متأولاً، ونص أحمد عَلَى أن الفرق هُوَ: ضعف التأويل فِي شرب النبيد خاصة.
وَقَالَ سُفْيَان الثوري: لا يصلى خلف من مسح عَلَى رجليه، ومن صلى خلفه أعاد الصلاة.
وَقَالَ شريك: لا يصلى خلفه، ولا تعاد الصلاة.
وقد استدل بالأحاديث المذكورة فِي هَذَا الباب من كره الإمامة، وقد كره أن يؤم النَّاس جماعة من الصَّحَابَة، منهم: حذيفة وعقبة بن عامر.
وَقَالَ حذيفة: لتبتغن إماماً غيري، أو لنصلين وحداناً.
وسئل أحمد عَن الرَّجُلُ يؤم النَّاس: هَلْ لَهُ فِي ذَلِكَ ثواب؟ قَالَ: إن كَانَ فِي قرية هُوَ أقرأ القوم، أو فِي موضع هُوَ أقرؤهم فليتقدمهم.
وسئل عَن الرَّجُلُ يكون أقرأ القوم، فَقَالَ لَهُ: تقدم فيأبى؟ قَالَ: ينبغي لَهُ أن يتقدم، يؤم القوم أقرؤهم.
قيل لَهُ: يجب عَلِيهِ؟ فَقَالَ: ينبغي لَهُ أن يتقدم يؤم القوم، ولم يقل: يجب عَلِيهِ.
وسئل عَن معنى قَوْلِ النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((الإمام ضامن)) ؟ فَقَالَ: هَذَا عَلَى التأكيد عَلَى الإمام.
وهذا الحَدِيْث، خرجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي من حَدِيْث أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وفي إسناده اخْتِلاَف كثير أشار الترمذي إلى بعضه، وقد بسطت القول فِيهِ فِي
((شرح الترمذي)) بحمد الله ومنه.
رَوَى وكيع فِي ((كتابه)) عَن عَلِيّ بن المبارك، عَن يَحْيَى بن أَبِي كثير، قَالَ: حَدَّثَنِي من لا أتهم، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: تبادروا الأذان، ولا تبادروا الإمامة)) .
وعن ابن عون، قَالَ: ذكر عِنْدَ الشَّعْبِيّ أن الإمام ضامن لصلاة القوم، فَقَالَ: والله إني لأرجو إن أحسن أن يتقبل الله مِنْهُ، وإن أساء أن يغفر لَهُ.