فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب من بدأ بالحلاب أو الطيب عند الغسل

بَابُ
مَنْ بَدَأ بِالحِلابِ أو الطَّيب عنْدَ الغُسْلِ
[ قــ :254 ... غــ :258 ]
- حدثني محمد بن المثنى: نا أبو عاصم، عن حنظلة، عن القاسم، عن عائشة، قالت: كانَ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا أغتسل من الجنابة دعا بشيء نحو الحلاب، فأخذ بكفيه، فبدأ بشق رأسه الأيمن، ثم الأيسر، فقالَ بهما على وسط رأسه.

( ( حنظلة) ) ، هوَ: ابن أبي سفيان.

وظاهر تبويب البخاري على هذا الحديث: يدل على أنه فهم منه أن الحلاب نوع من الطيب، وأن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانَ يستعمل شيئاً من الطيب في رأسه في غسل الجنابة.

وقد أنكر العلماء ذَلِكَ على البخاري - رحمه الله -، ونسبوه فيهِ إلى الوهم، منهم: الخطابي والإسماعيلي وغير واحد.

وقالوا: إنما الحلاب إناء يحلب فيهِ، ويقال لهُ: المحلب - أيضاً.

والمراد: أنه كانَ يغتسل من مد نحو الإناء الذي يحلب فيهِ اللبن من المواشي، وهو معنى الحديث الآخر: أنه نحو الصاع.

ويشهد لذلك: أنه روي في بعض طرق هذا الحديث، أن القاسم سئل: كم يكفي من غسل الجنابة، فحدث بهذه الحديث.
وإنما كانَ السؤال عن قدر ماء الغسل، لا عن الطيب عندَ الغسل.

ذكره الإسماعيلي في ( ( صحيحه) ) .

وذكر - أيضاً - حديث ابن عباس، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قرب إليه حلاب فيهِ لبن، فشرب منه - يعني: يوم عرفة.

وزعم بعضهم: أنه ( ( الجلاب) ) - بالجيم -، وأن المراد به: ماء الورد.

وهو أيضاً - تصحيف، وخطأ ممن لا يعرف الحديث.

وزعم آخرون: أن ( ( الحلاب) ) - بالحاء - وعاء للطيب.
ولا أصل لذلك.

وخرج أبو بكر عبد العزيز بن جعفر الفقيه في ( ( كتاب الشافي) ) ، في هذا الحديث، من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، عن حنظلة، عن القاسم، عن عائشة، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كانَ يغتسل في حلاب قدر هذا - وأرانا أبو عاصم قدر الحلاب بيده، فإذا هوَ كقدر كوز يسع ثمانية أرطال -، ثم يصب على شق رأسه الأيسر، ثم يأخذ بكفيه فيصب وسط رأسه.