فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب دفن النخامة في المسجد

باب
دفن النخامة في المسجد
[ قــ :408 ... غــ :416 ]
- حدثنا إسحاق بن نصر: أبنا عبد الرزاق، عن معمر، عن همام بن منبه: سمع أبا هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يبصق أمامه؛ فإنما يناجي الله ما دام في مصلاه، ولا عن يمينه؛ فإن عن يمينه ملكا، وليبصق عن يساره أو تحت قدمه، فيدفنها) ) .

دفن النخامة في المسجد مأمور به، وهو كفارة لها كما في الحديث قبله، وقد ورد الأمر بالحفر لها والأبعاد فيه، كما في ( ( مسند الإمام أحمد) ) من حديث عبد الرحمن بن أبي حدرد، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( إذا بزق أحدكم في المسجد فليحفر فليبعد، فإن يفعل فليبزق في ثوبه) ) .

وقد ورد تعليل ذلك بخشية إصابتها للمصلين، ففي ( ( المسند) ) عن سعد ابن أبي وقاص، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ( ( إذا تنخم أحدكم في المسجد فليبعدها، لا تصيب جلد مؤمن أو ثوبه فتؤذيه) ) .

وقال علي بن المديني: هو حسن الإسناد.

وهذا مما يدل على إن قرار المسجد وباطنه يجوز أن يجعل مدفنا للأقذار
الطاهرة.

وقد كان بعض الصحابة والتابعين يتفلى في المسجد ويقتل القمل ويدفنه في المسجد، روي ذلك عن معاذ وأبي هريرة وأبي إمامة وأبي العالية.

وهو مما يستدل به على طهارة دم القمل والبراغيث ونحوها.

وحكى بعض أصحابنا في جواز دفنها في المسجد وجهين، ولعلهما مبنيان على الخلاف في طهارة دمها ونجاسته.

ومذهب مالك: يكره قتلها في المسجد وإلقاؤها فيه.

وفي المسند بإسناد فيه بعض من لا يعرف، أن رجلا وجد في ثوبه قملة، فأخذها ليطرحها في المسجد، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( لا تفعل، ردها في ثوبك حتى تخرج من المسجد) ) .

وبإسناد تخر عن رجل من الأنصار، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ( ( إذا وجد أحدكم القملة فليصرها، ولا يلقيها في المسجد) ) .

وقد قيل: أنه مرسل.

وكذلك خرجه أبو داود في مراسيله.

والذي قبله - أيضا - مرسل -: نص عليه الإمام أحمد، وذكر أن بعضهم
وصله، وأخطأ في وصله.
والله أعلم.