فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب الصلاة خلف النائم

باب
الصلاة خلف النائم
[ قــ :499 ... غــ :512 ]
- حدثنا مسدد: ثنا يحيى: ثنا هشام: قال: حدثني أبي، عن عائشة، قالت: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي، وأنا راقدة معترضة على فراشه، فإذا أراد أن يوتر أيقضني فأوترت.

استدل البخاري بصلاة النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى عائشة بالليل على أنه لا تكره الصلاة خلف النائم.

وكذلك قال أصحاب الشافعي.

ونقل حرملة عن الشافعي، أنه إن كان النائم لا يحتشم من المصلي، ولا يحتشم المصلي منه كالزوجة فلا بأس به، وان النهي عن الصلاة خلف نائم يحتشمه.

والنهي الذي أشار إليه هو من رواية محمد بن كعب القرظي، عن ابن عباس، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( لا تصلوا خلف النيام والمتحدثين) ) .

خرجه أبو داود وابن ماجه.

وله طرق إلى محمد بن كعب، كلها واهية -: قاله أبو داود والعقيلي والبيهقي وغيرهم.
وخرج البزار من رواية ابن أبي ليلى، عن عبد الكريم، عن مجاهد، عن ابن عباس، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ( ( نهيت أن أصلي إلى النيام والمتحدثين) ) .

ابن أبي ليلى، ضعيف؛ لسوء حفظه.

وخالفه سُفْيَان، فرواه وكيع، عن سفيان، عن عبد الكريم، عن مجاهد -
مرسلا، وهو أصح.

وكره طائفة الصلاة إلى النائم مطلقا، منهم: أحمد وإسحاق.

وعلل ذلك أصحابنا؛ بأنه لا يؤمن أن يكون من النائم ما يشغل المصلي.

وأجاب من ذهب إلى هذا عن حديث عائشة، بأن الحاجة دعت إليه؛ لضيق البيت.

وعن أحمد، أنه تختص الكراهة بالفريضة دون النافلة؛ جمعا بين حديث عائشة وحديث ابن عباس.

ولعل هذا القول اقرب مما قبله.

وإذا خالف وصلى، فلا إعادة عليه في ظاهر مذهب أحمد وإسحاق، وهو قول جمهور العلماء.

وعن أحمد، أنه يعيد الفريضة.

قال القاضي أبو يعلى: يحتمل أن هذا على الاستحباب دون الإيجاب.

وسئل النخعي عن الرجل يصلي إلى نائم ومضطجع: أيكون له سترة؟ قَالَ:
لا.
قيل له: فيستر الجالس؟ قال: نعم.

وأما الصلاة خلف المتحدث، فكرهها أكثر العلماء.

روى سفيان، عن أبي إسحاق، عن معد يكرب، عن عبد الله، قال: لا تصلوا إلى قوم يتحدثون.

خرجه الأثرم.

وخرجه أبو نعيم في ( ( كتاب الصلاة) ) ، ولفظه: لا تصلوا بين يدي قوم يمترون.

وهذا يدل على كراهة الصلاة أمام المتحدثين - أيضا.

قال ابن المنذر: روينا عن ابن مسود وسعيد بن جبير، أنهما كرها الصلاة إلى المتحدثين.
وبه قال أحمد وأبو ثور.
ورخص فيه الزهري والنعمان.
وحكى الخطابي، عن الشافعي، أنه كرهه - أيضا.

وعلل أحمد الكراهة بأن المتحدث يشغل المصلي إليه.

وفرق سعيد بن جبير بين المتحدثين بذكر الله وغيره، فكره الصلاة إلى المتحدث بغير الذكر، دون الذاكر.

خرجه حرب الكرماني وغيره.

ولا إعادة على من صلى إلى متحدث عند الجمهور.

ونقل حرب، عن أحمد، أنه قال: نهى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عنه.
وقال: الفريضة أشد.

وكأنه ذهب إلى أنه يعيد.