فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب إيقاظ النبي صلى الله عليه وسلم أهله بالوتر

باب
في إيقاظ النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أهله بالوتر
[ قــ :966 ... غــ :997 ]
- حدثنا مسدد: ثنا يحيى، ثنا هشام: ثنا أبي، عن عائشة، قالت: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي وأنا راقدة معترضة على فراشه، فإذا أراد ان يوتر أيقظني فأوترت.

قد سبق هذا الحديث بهذا الإسناد بعينه في ( ( باب: الصلاة خلف النائم) ) .

وقد دل هذا الحديث على إيقاظ النائم بين يدي المصلي.

لكن هل كان إيقاظها لتوتر أو لتتنحى عن قبلته في الوتر؟
قد وردت أحاديث تدل على الثاني، قد سبق ذكرها في ( ( باب: من قالَ: لا يقطع الصَّلاة شيء) ) .

وروى الأعمش، عن تميم بن سلمة، عن عروة، عن عائشة، قالت: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي من الليل، فإذا انصرف قال لي: ( ( قومي فأوتري) ) .

خرّجه الإمام أحمد.

فإن كان إيقاظها للايتار استدل به على إيقاظ النائم للصلاة، لا سيما إذا تضايق وقتها؛ فإن ايتار النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - استقر في آخر عمره على أنه كانَ في السحر، كما سبق في الباب الماضي.
وقد كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يوقظ أهله في العشر الأواخر من رمضان للصلاة بالليل والذكر والدعاء، ففي سائر السنة كان إيقاظه لهم للوتر خاصة؛ فإنه من آكد السنن الرواتب.

وإن كانَ إيقاظها لتتنحى عن قبلته في الوتر، استدل به على الرخصة في الصَّلاة إلى النائم في النفل المطلق دون النفل المعين المؤكد، فالفرض أولى.

وقد أشار إليه الإمام أحمد، كما سبق ذكره في موضعه.

وعلى التقديرين، فيستدل به على ان من له من يوقظه للوتر في آخر الليل لا يكره له ان ينام قبل ان يوتر، ولو كان امرأة أو صبياً، ممن يغلب عليه النوم؛ فان قولها: ( ( فأوترت) ) يدل على أنها كانت تؤخر الوتر إلى ذَلِكَ الوقت، وتنام قبله.