فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب الأذان للمسافر، إذا كانوا جماعة، والإقامة، وكذلك بعرفة وجمع، وقول المؤذن: الصلاة في الرحال، في الليلة الباردة أو المطيرة

باب الأذان للمسافرين إذا كانوا جماعة والاقامة وكذلك بعرفة وجمع وقول المؤذن: ( ( الصلاة في الرحال) ) ، في الليلة الباردة أو المطيرة الاذان بعرفة وجمع، لم [يخرج] فيه هاهنا شيئا، إنما خرج أحاديث في ( ( ابواب: الجمع بين الصلاتين) ) ، وفي ( ( كتاب الحج) ) ، والكلام فيه يأتي في موضوعه - إن شاء الله تعالى.

واشار اليه هاهنا اشارة؛ لان فيه ذكر الاذان في السفر، وإنما خرج هاهنا أربعة أحاديث مما يدخل في بقية ترجمة الباب.

الحديث الاول:
[ قــ :611 ... غــ :629 ]
- ثنا مسلم بن ابراهيم: ثنا شعبة، عن المهاجر أبي الحسن، عن زيد ين وهب، عن أبي ذر، قال: كنا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في سفر، فأراد المؤذن أن يؤذن، فقال له: ( ( أبرد) ) .
ثم اراد أن يؤذن، فقال له: ( ( ابرد) ) .
ثم اراد ان يؤذن، فقال له: ( ( ابرد) ) ، حتى ساوى الظل التلول، فقال النبي: ( ( إن شدة الحر من فيح جهنم) ) .

هذا الحديث قد خرجه البخاري فيما سبق في ( ( ابواب: وقت صلاة الظهر) ) .

ومقصوده منه هاهنا: ان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يؤذن له في السفر.

وقد تقدم الكلام على الابراد، وهل كان بالاذان أو بالاقامة.

وقوله في هذه الرواية: ( ( حتى ساوى الظل التلول) ) ظاهره انه اخر صلاة الظهر يومئذ إلى ان صار ظل كل شيء مثله، وهو آخر وقتها.

وهذا يحتمل أمرين:
أحدهما: أنه صلاها في آخر وقتها قبل دخول وقت العصر.
أنه أخرها إلى دخول وقت العصر وجمع بينهما في وقت العصر.

فإن كان قد اخرها إلى وقت العصر استدل بالحديث حينئذ على أن تاخير الصلاة الاولى من المجموعتين إلى وقت الثانية للجمع في السفر لا يحتاج إلى نية الجمع؛ لانهم كانوا يؤذنونه بالصلاة في وقتها، وهو يأمر بالتأخبر، وهم لا يعلمون أنه يريد جمعها مع الثانية في وقتها، ولا اعلمهم بذلك.

ولكن الاظهر هو الاول، ولا يلزم من مصير ظل التلول مثلها أن يكون قد خرج وقت الظهر؛ فإن وقت الظهر إنما يخرج إذا صار ظل الشيء مثله بعد الزوال.
وقد خرجه البخاري فيما تقدم من وجهين عن شعبة، وفيهما: ( ( حتى رأينا فيء التلول) ) .

ويدل على هذا: انه إنما أمره بالابراد، لا بالجمع.




[ قــ :61 ... غــ :630 ]
- ثنا محمد بن يوسف: ثنا سفيان، عن خالد الحذاء، عن أبي قلابة، عن مالك بن الحوبرث، قال: اتى رجلان إلى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يريدان السفر، فقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إذا انتما خرجتما فأذنان ثم أقيما، ثم ليؤمكما اكبركما) ) .

في هذه الرواية: التصريح بأنه أمرهما بذلك من حين خروجهما من المدينة مسافرين.

وخرجه النسائي، ولفظه: قال: ( ( إذا سافرتما، فأذنا واقيما) ) .

ولكنه أمرهما معا بالاذان والاقامة، فهذا أماان يحمل على أذانهما مجتمعين أو منفردين.

وبكل حال؛ فيدل على انه يستحب في السفر الزيادة على مؤذن واحد.
فهذه رواية خالد الحذاء عن أبي قلابة تخالف رواية ايوب عن أبي قلابة في ألفاظ عديدة من هذا الحديث.

قال الامام أحمد: لا اعلم أحدا جاء به إلا خالد - يعني: في الاذان والاقامة في السفر -، وقال: هذا شديد على الناس: انتهى.

وقد روي بلفظ آخر عن خالد الحذاء، وهو: ( ( إذا حضرت الصلاة) ) - من غير ذكر سفر ولا حضر.

وقد حرجه البخاري في موضع آخر.

قال:


[ قــ :614 ... غــ :63 ]
- [ثنا] مسدد: ثنا يحيى، عن عبيد الله بن عمر، قال: حدثني نافع، قال: أذن ابن عمر في ليلة باردة بضجنان، ثم قال: صلوا في رحالكم، وأخبرنا أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يأمر مؤذنا يؤذن، ثم يقول على اثره: ( ( الا صلوا في الرحال في الليلة الباردة او المطيرة في السفر) ) .

( ( ضجنان) ) : بالضاد المعجمة والجيم، كذا محركتان، كذا قيده صاحب ( ( معجم البلدان) ) ، وقال: هو جبل بتهامة، وقيل: هو على بريد من مكة وقيل: بينه وبين مكة خمسة وعشرون ميلاً.

والمتداول بين أهل الحديث: انه بسكون الجيم.

وقد روى هذا الحديث، عن نافع: مالك - وقد خرج البخاري حديثه في موضع - ويحيى الانصاري، وايوب السجستاني.

وفي رواية ابن علية، عنه: أن الذي نادى بضجنان هو منادي النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

والظاهر: انه وهم.

ورواه ابن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر قال: نادى منادي النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذاك بالمدينة في الليلة المطيرة، والغداة القرة.

خرجه ابو داود.

فخالف الناس في ( ( ذكر المدينة) ) ، وفي انه انما كان يأمر المنادي ان يقوله بعد تمام اذانه.

وقد روي معنى حديث ابن عمر من حديث أبي المليح بن اسامة، عن أبيه، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

خرجه الامام أحمد وابو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان في ( ( صحيحهما) ) والحاكم وصححه.

وفي حديث ابن عمر: دليل على ان الاذان في السفر مشروع في غير صلاة الفجر ليلا [كان ينادي بذلك ليلاً] .


قال:


[ قــ :615 ... غــ :633 ]
- ثنا إسحاق: ابنا جعفر بن عون: ثنا ابو العميس، عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه، قال: رأيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالابطح، فجاءه بلال فاذنه بالصلاة، ثم خرج بلال بالعنزة حتى ركزها بين يدي رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالابطح، واقام الصلاة.
في هذه الرواية: التصريح بالاقامة دون الاذان، وكان ذلك بالابطح في حجة الوداع.

وقد خرج البخاري فيه ذكر الاذان في الباب الاتي، ولكن اختصره، وسنذكره بتمامه فيه - إن شاء الله تعالى.

وفي هذا الحديث: أن بلالا آذن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالصلاة، وخرج بين يديه بالعنزة، وأقام الصلاة، وهذا موافق لحديث عائشة المتقدم الذي خرجه البخاري في ( ( باب: انتظار الاقامة) ) .

وقد دلت هذه الاحاديث على مشروعية الاذان في السفر لجميع الصلوات، فإن منها ما فيه الاذان في السفر ليلاً كحديث ابن عمر، ومنها ما فيه الاذان في السفر نهاراً كحديث أبي جحيفة، فإن فيه الاذان للظهر والعصر بالابطح، وحديث أبي ذر، فإن فيه الاذان للظهر، وحديث مالك بن الحويرث يعم سائر الصلوات، وأحاديث الاذان بعرفة تدل على الاذان للجمع بين الظهر والعصر، واحاديث الاذان بالمزدلفة تدل على الاذان للجمع بين المغرب والعشاء، وقد اختلفت الروايات في ذلك، وتذكر في موضعها – إن شاء الله.

وقد تقدم حديث الاذان للصلاة في السفر بعد فوات وقتها.
وفي حديث أبي محذورة، انهم سمعوا الاذان مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد قفل من حنين راجعاً وقد اختلف العلماء في الاذان في السفر:
فذهب كثير منهم إلى انه مشروع للصلوات كلها.

قال ابن سيرين: كانوا يؤمرون ان يؤذنوا ويقيموا ويؤمهم أقرؤهم.

خرجه الاثرم.

وهو قول أبي حنيفة والشافعي.

ونقل ابن منصور، عن أحمد وإسحاق، انه يؤذن ويقام في السفر لكل صلاة، واحتجا بحديث مالك بن الحويرث.

ولكن اكثر أصحابنا على ان الاذان والاقامة سنة في السفر، ليس بفرض كفاية، بل سنة بخلاف الحضر.

ومن متأخريهم من سوى في الوجوب بين السفر والحضر، والواحد والجماعة، وهو قول داود.

وقال ابن المنذر: هو فرض في حق الجماعة في الحضر والسفر.

وظاهر تبويب البخاري يدل على انه يرى الاذان انما يشرع في السفر للجماعة، دون المنفرد.

قال مجاهد: إن نسي الاقامة في السفر أعاد.

وهذا يدل على انه رآها شرطاً في حق المسافر وغيره.

وقالت طائفة: لا يؤذن الا للفجر خاصة، بل يقيم لكل صلاة.

روي هذا عن ابن عمر.

وروي عنه مرفوعاً.
خرجه الحاكم.

وفي إسناده ضعف واضطراب.

قال البيهقي: رفعه وهم فاحش، ولا يصح رفعه.

وروي عن ابن سيرين مثل قول ابن عمر.

ونقله حرب، عن إسحاق.

ونقل الميموني، عن أحمد، قال في المسافر في الفجر خاصة يؤذن ويقيم، وفي غير الفجر يقيم - إن شاء الله.

ونقل ابن منصور، عن إسحاق: لا بد للمسافر أن يقيم بخلاف الحاضر؛ لآن الحاضر يكتفي بأذان غيره وإقامته.

وأختلفت الرواية عن مالك:
فنقل عنه ابن القاسم: الاذان إنما هو في المصر للجماعة في المساجد.

وروى أشهب، عن مالك: ان ترك المسافر الاذان عمداً فعليه إعادة الصلاة.

ذكره ابن جرير، عن يونس بن عبد الاعلى، عنه.

وقال الحسن والقاسم بن محمد: تجزئه إقامة في السفر.

وقالت طائفة: هو بالخيار، إن شاء أذن، وإن شاء أقام في السفر.

روى عن علي وعروة بن الزبير، وبه قال سفيان.
وكان ابن عمر يقول: إنما الاذان للامام الذي يجتمع اليه الناس.

رواه مالك عن نافع، عن ابن عمر، انه كان لا يزيد على الاقامة في السفر في الصلاة الا في الصبح؛ فإنه كان يؤذن فيها ويقيم، ويقول: إنما الاذان للامام الذي يجتمع اليه الناس.

وقال ابو الزبير، سألت ابن عمر: اؤذن في السفر؟ قال: لمن يؤذن للفأر؟!
وأماالذين رأوا الأذان في السفر، فقالوا: الأذان للإعلام بالوقت، وهذا مشروع في الحضر والسفر.

وأماإن كان المصلي منفرداً وحده في قرية، فقد ورد في فضل أذانه وإقامته غير حديث:
روى سليمان التميمي، عن أبي عثمان النهدي، عن سلمان، قال: لا يكون رجل بأرض [قي] ، فتوضأ إن وجد ماء وإلا تيمم، فينادي بالصلاة ثم يقيمها إلا ام من جنود الله ما لا يرى طرفاه - أو قال: طرفه.

ورواه القاسم بن غصن - وفيه ضعف -، عن داود بن أبي هند، عن أبي عثمان، عن سلمان - مرفوعاً.

ولا يصح، والصحيح موقوف -: قاله البيهقي.
وروى مالك، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، أنه كان يقول: من صلى بأرض فلاة صلى عن يمينه ملك، وعن شماله ملك، فإن أذن وأقام صلى وراءه من الملائكة أمثال الجبال.

وقد روي عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما يدل على استحباب الأذان للمنفرد في السفر:
فخرج مسلم من رواية حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، قال: كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يغير إذا طلع الفجر، وكان يستمع الأذان، فإن سمع أذاناً أمسك، وإلا أغار، فسمع رجلاً يقول: الله أكبر الله أكبر، فقال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على الفطرة "، ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " خرجت من النار "، فنظروا فإذا هو راعي معزى.

وخرج الإمام أحمد من حديث ابن مسعود، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بمعناه، وفيه: فابتدرناه، فإذا هو صاحب ماشية، فأدركته الصلاة، فنادى بها.

وخرج - أيضا - بمعناه من حديث معاذ، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وخرج الإمام أحمد وأبو داود والنسائي من حديث عقبة بن عامر، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: " يعجب ربك من راعي غنم، في شظية بجبل يؤذن للصلاة ويصلي، فيقول عز وجل: انظروا إلى عبدي هذا، يؤذن ويقيم ويصلي، يخاف مني، قد غفرت لعبدي وأدخلته الجنة ".

واستدل النسائي للإقامة في حق المنفرد بحديث خرجه من رواية رفاعة بن رافع، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال للمسي في صلاته: " إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ كما أمرك الله ثم تشهد، ثم كبر " - وذكر له صفة بقية الصلاة، وقال في آخر ذلك: " فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك، وإن أنقصت منه شيئا انتقص من صلاتك، ولم تذهب كلها ".

وإن صلى وحده في مصر، فإن شاء أذن وأقام، وإن شاء أجزأه أذان أهل المصر، واكتفى بالإقامة -: نص عليه أحمد.

وممن قال: يكفيه الإقامة: سعيد، وميمون بن مهران، والزهري، ومالك، والأوزاعي.

وقد تقدم عن إسحاق: أن الحاضر إن شاء صلى بغير أذان ولا إقامة،
والمسافر لا بد له أن يقيم.

وأما الشافعي، فنص على أن المنفرد يؤذن ويقيم.

وخرج له أصحابه قولا آخر: أنه لا يؤذن ويكتفي بالإقامة.

ومن أصحابه من قال: إن بلغه أذان غيره لم يؤذن، [وإلا أذن] .
وحكى ابن المنذر، عن الكوفيين، أن له أن يصلي في المصر وحده بغير أذان ولا إقامة، منهم: الشعبي والأسود وأبو مجلز والنخعي.

وحكى مثله عن مجاهد وعكرمة.

وعن أبي حنيفة وأصحابه وأبي ثور: يجزئه أذان أهل المصر.

وعن ابن سيرين والنخعي: تجزئة الإقامة، إلا في الفجر؛ فإنه يؤذن ويقيم.

وحكى ابن عبد البر، عن أبي حنيفة وأصحابه: أن المسافر يكره له أن يصلي بغير أذان وإقامة، وأما الحاضر إذا صلى وحده فيستحب أن يؤذن ويقيم، وإن اكتفى بأذان أهل المصر وإقامتهم أجزأه.

قلت: وقال سفيان: إن سمع إقامة أهل المصر فاكتفى بها أجزأه، فلم يكتف بالإقامة حتى يسمعها.

وروي عن علقمة، قال: صلى ابن مسعود بي وبالأسود بغير أذان ولا إقامة، وربما قال: يجزئنا أذان الحي وأقامتهم.

خرجه البيهقي.

وخرج - أيضا - بإسناد ضعيف جدا، عن ابن عمر، أنه كان يقول: من صلى في مسجد قد أقيمت فيه الصلاة أجزأته إقامتهم.

ثم قال: وبه قال الحسن والشعبي والنخعي.

قال: وقال الشافعي: لم أعلم مخالفاً أنه إذا جاء المسجد وقد خرج الإمام من الصلاة كان له أن يصلي بلا أذان ولا إقامة.
قال البيهقي: وكان عطاء يقول: يقيم لنفسه.

ثم روى بإسناد صحيح، عن أبي عثمان، قال: جاءنا أنس بن مالك وقد صلينا الفجر، فأذن وأقام، ثم صلى الفجر لأصحابه.

قال ورويناه عن سلمة بن الأكوع في الأذان والإقامة، ثم عن ابن المسيب والزهري.

وروى من طريق الشافعي: حدثنا إبراهيم بن محمد: أخبرني عمارة بن غزية، عن خبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، قال: سمع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجلاً يؤذن للمغرب، فقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مثل ما قال، فأنتهى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقد قال: قد قامت الصلاة، فقال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( انزلوا فصلوا المغرب بإقامة هذا العبد الأسود) ) .

وهذا ضعيف، إبراهيم، هو: ابن أبي يحيى، تركوا حديثه.

وروى وكيع في ( ( كتابه) ) عن دلهم بن صالح، عن عون بن عبد الله، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان في سفر، فسمع إقامة مؤذن، فصلى بأصحابه بإقامته.

وهو مرسل - أيضا.

وقال أكثر أصحابنا: من صلى في مسجد قد صلي فيه بغير أذان ولا إقامة فلا بأس.

ومن متأخريهم من قال: لا يسقط وجوب الأذان إلا عمن صلى مع المؤذن، ولا يسقط عمن لم يصل معه وإن سمعه، سواء كان واحداً أو جماعة في المسجد الذي صلي فيه بأذان أو غيره.

وهذا شذوذ لا يعول عليه.

وهو خلاف نص أحمد: أن المصلي وحده في مصر يجزئه اذان المصر.

ونص الإمام أحمد في رواية جعفر بن محمد على أنه لا يترك الأذان في المسجد.

وظاهره: يدل على أن الأذان واجب في مساجد الجماعات.

وقال أبو بكر عبد العزيز بن جعفر: الواجب في المصر أذان واحد، وما زاد عليه في المساجد فهو سنة.

ولم يفرق بين أن يكون أهل المصر يبلغهم ذلك الأذان، أو لا.

وقال المتأخرون من أصحابنا: الواجب من الأذان في المصر ما حصل به الإعلام في أقطاره ونواحيه غالباً، فلا يجرئ فيه أذان واحد إذا كان لا يبلغ اقطاره.

وأماما بوب عليه البخاري من قول المؤذن في الأذان في الليلة المطيرة أو الباردة: ( ( الصلاة في الرحال) ) ، فحديث ابن عمر يدل على أنه يقول بعد فراغ أذانه.

وقد تقدم في ( ( باب: الكلام في الأذان) ) : حديث ابن عباس في قولها في الحضر في أثناء الأذان قبل فراغه، وسبق الكلام عليه.