فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب: إذا التقى الختانان

باب
إذا التقى الختانان
[ قــ :287 ... غــ :291 ]
- حدثنا معاذ بنِ فضالة: ثنا هشام.

وحدثنا أبو نعيم، عَن هشام، عَن قتادة، عَن الحسن، عَن أبي رافع، عَن أبي هريرة، عَن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قالَ: ( ( إذا جلس بين شعبها الأربع، ثُمَّ جهدها، فَقد وجب الغسل) ) .

تابعه: عمرو، عَن شعبة - مثله.

وقال موسى: نا أبان: نا قتادة: أنا الحسن - مثله.

( ( هشام) ) : الراوي عَن قتادة، هوَ الدستوائي.

وقد خرجه مسلم مِن حديثه - أيضاً.

وخرجه - أيضاً - مِن طريق شعبة، عَن قتادة بهِ، وفي حديثه: ( ( ثُمَّ اجتهد) ) .

وخرج النسائي مِن حديث خالد، عَن شعبة، عَن قتادة، قالَ: سمعت الحسن يحدث - فذكره.

وهذه الرواية فيها تصريح قتادة بسماع الحديث مِن الحسن، كالرواية التي ذكرها البخاري - تعليقاً - عَن موسى - وَهوَ: ابن إسماعيل -، عَن أبان.

ومراده بذلك: أنَّهُ أمن بذلك تدليس وقتادة، وثبت سماعه لهذا الحديث مِن الحسن.

وخرجه مسلم مِن طريق مطر الوراق، عَن الحسن، وزاد فيهِ: ( ( وإن لَم
ينْزل)
)
.

وخرجه الإمام أحمد، عَن عفان، عَن همام وأبان، عَن قتادة، ولفظ حديثه:
( ( إذا جلس بين شعبها الأربع، فأجهد نفسه، فَقد وجب الغسل، أنزل أو لم ينزل) ) .

وخرجه البيهقي مِن طريق سعيد بنِ أبي عروبة، عَن قتادة، ولفظ حديثه: ( ( إذا التقى الختانان وجب الغسل، أنزل أو لَم ينزل) ) .

وذكر الدارقطني في ( ( العلل) ) الاختلاف على الحسن في إسناده هَذا الحديث، في ذكر ( ( أبي رافع) ) وإسقاطه منهُ، ورواية الحسن لَهُ عَن أبي هريرة بغير واسطة، وفي وقفه على أبي هريرة ورفعه، ثُمَّ قالَ: الصحيح: حديث الحسن، عَن أبي رافع، عَن أبي هريرة عَن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

ذكر عَن موسى بنِ هارون، أنَّهُ قالَ: سمع الحسن مِن أبي هريرة، إلا أنَّهُ لَم يسمع منهُ عَن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إذا قعد بين شعبها الأربع) ) ، بينهما أبو رافع.
انتهى.

وما ذكره مِن سماع الحسن مِن أبي هريرة، مختلف فيهِ.
وقد صح روايته لهذا الحديث عَن أبي رافع، عَن أبي هريرة.

ولم يخرج البخاري حديث عائشة في هَذا الباب، وقد خرجه مسلم مِن رواية هشام بنِ حسان، عَن حميد بنِ هلال، عَن أبي بردة، عَن أبي موسى، أنَّهُ سأل عائشة: عما يوجب الغسل؟ فقالت: على الخبير سقطت، قالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إذا جلس بين شعبها الأربع، ومس الختان الختان، فَقد وجب الغسل) ) .

كذا خرجه مِن طريق الأنصاري، عَن هشام.
وخرجه مِن طريق عبد الأعلى، عَن هشام، عَن حميد، قالَ: ولا أعلمه إلا عَن أبي بردة، عَن أبي موسى، فتردد في وصل إسناده.

وقد عجب أحمد مِن هَذا الحديث، وأن يكون حميد بنِ هلال حدث بهِ بهذا الإسناد.

وقال الدارقطني: صحيح غريب، تفرد بهِ: هشام بنِ حسان، عَن حميد.

وخرج الإمام أحمد والترمذي مِن حديث علي بنِ زيد بنِ جدعان، عَن سعيد بنِ المسيب، عَن عائشة، قالت: قالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل) ) .

وعلي بنِ زيد، فيهِ مقالَ مشهور، وقد اختلف عليهِ في رفعه ووقفه.

ورواه يحيى بنِ سعيد الأنصاري، عَن سعيد بنِ المسيب، أن أبا موسى دخل على عائشة، فحدثته بذلك، ولم ترفعه.

وخرج مسلم مِن طريق ابن وهب عَن عياض بنِ عبد الله، عَن أبي الزبير، عَن جابر بنِ عبد الله، عَن أم كلثوم، عَن عائشة، أن رجلاً سأل النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَن الرجل يجامع ثُمَّ يكسل، هل عليهما الغسل؟ - وعائشة جالسة - فقالَ رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إني لأفعل ذَلِكَ أنا وهذه، ثُمَّ نغتسل) ) .

وأم كلثوم، هي بنت الصديق أخت عائشة - رضي الله عَنهُم.

قالَ الدارقطني: لَم يختلف عَن أبي الزبير في رفع هَذا الحديث.

قلت: رواه عَنهُ عياض بنِ عبد الله وابن لهيعة وأشعث، وكلهم رفعوه.

وخرجه الإمام أحمد مِن حديث أشعث وابن لهيعة كذلك.

قالَ الدارقطني: وكذلك رواه قتادة، عَن أم كلثوم، عَن عائشة.

وحديث قتادة، خرجه بقي بنِ مخلد، ولفظ حديثه: عَن عائشة، أنها ونبي الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فعلا ذَلِكَ، فلم ينزل الماء، فاغتسل، وأمرها أن تغتسل.

ولكن في سماع قتادة مِن أم كلثوم نظر؛ ولأجله ترك مسلم تخريج الحديث مِن طريقه.
والله أعلم.

وعند قتادة فيهِ إسناد آخر: رواه عَن عبد الله بنِ رباح، عَن عائشة، مع الاختلاف عليهِ في رفعه ووقفه.
وقيل: عَن قتادة، قالَ: ذكر لنا أن عبد الله ابن رباح سأل عائشة، فدل على أنَّهُ لَم يسمعه منهُ.
ورواه ثابت البناني، عَن عبد الله بن رباح.
وقيل: عَنهُ، عَن عبد الرحمن ابن رباح، عَن عبد العزيز بنِ النعمان، عَن عائشة، معَ الاختلاف عليهِ في رفعه ووقفه.

وأنكر أحمد رفعه، وقال: عبد العزيز بنِ النعمان لا يعرف.
وقال البخاري: لا أعلم لَهُ سماعاً مِن عائشة.
وذكر ابن معين: أن رواية ثابت بإدخال ( ( عبد العزيز بنِ النعمان) ) في إسناده أصح مِن رواية قتادة بإسقاطه.

وخرج الإمام أحمد، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان في ( ( صحيحه) ) مِن حديث الأوزاعي، عَن عبد الرحمن بنِ القاسم، عَن أبيه، عَن عائشة، قالت: إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل، فعلته أنا ورسول اله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فاغتسلنا.

وقال الترمذي: حسن صحيح.

وصححه غير واحد مِن الحفاظ.

وقال البخاري: هوَ خطأ، وإنما يرويه الأوزاعي، عَن عبد الرحمن بنِ القاسم - مرسلاً.
ورد قولُهُ بكثرة مِن رواه عَن الأوزاعي مِن أصحابه موصولاً.

وأعله الإمام أحمد: بأنَّهُ روي عَن الأوزاعي موقوفاً، قالَ أحمد:
والمرفوع في آخر الحديث إنما كانَ الأوزاعي يرويه عَن يحيى بنِ أبي كثير، أنَّهُ بلغه عَن عائشة، وكذا رواه أيوب، عَن عبد الرحمن بنِ القاسم، عَن أبيه، عَن عائشة موقوفاً، لَم يرفعه.

وذكر أبو زرعة الدمشقي هَذا عَن أحمد، ثُمَّ قالَ أبو زرعة: رأيت أبا مسهر
[على] هَذا الحديث على يحيى بنِ معين، فقبله يحيى، ولم ينكره.
وقد روي عَن عائشة مِن طرق أخرى متعددة مرفوعاً.

وخرجه البزار مِن طريق ابن أبي فديك: نا الضحاك بنِ عثمان، عَن عبد الله ابن عبيد بنِ عمير، عَن أبيه، عَن عائشة، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قالَ: ( ( إذا التقى
الختانان وجب الغسل)
)
.

وإسناده كلهم ثقات مشهورون.

وقد صح ذَلِكَ عَن عائشة مِن قولها غير مرفوع مِن طرق كثيرة جداً، وفي بعضها اختلاف في رفعه ووقفه.

ولعل عائشة كانت تارة تفتي بذلك، وتارة تذكر دليله، وَهوَ ما عندها عَن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيهِ، كم أن المفتي أحياناً يذكر الحكم مِن غير دليل وأحيانا يذكره مع دليله، والله أعلم.

والجلوس بين شعبها الأربع قيل: المراد يدي المرأة ورجليها، وقيل غير ذَلِكَ مما يرغب عَن ذكره.
و ( ( جهدها) ) : هوَ عبارة عَن الاجتهاد في إيلاج الحشفة في الفرج، وَهوَ المراد
- أيضاً - مِن التقاء الختانين.

قالَ الشَافِعي: معنى التقاء الختانين: أن تغيب الحشفة في الفرج يصير الختان الذِي خلف الحشفة حذو ختان المرأة.

وقال أحمد: التقاء الختانين: المدورة - يعني: الحشفة -، فإذا غابت فالختان بعدها.

وخرج الإمام أحمد وابن ماجه مِن رواية حجاج بنِ أرطأة، عَن عمرو بنِ
شعيب، عَن أبيه، عَن جده، عَن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قالَ: ( ( إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة فَقد وجب الغسل) ) .

وحجاج، مدلس.
وقيل: أن أكثر رواياته عَن عمرو بنِ شعيب سمعها مِن العرزمي ودلسها.

والعرزمي، ضعيف.

وقد روي - أيضاً - هَذا الحديث عَن العرزمي، عَن عمرو.

وروي مِن وجه ضعيف، عَن أبي حنيفة، عَن عمرو، بهِ، وزاد في روايته: ( ( أنزل أو لَم ينزل) ) .

خرجه الطبراني.

وقوله: ( ( إذا التقى الختانان) ) استند بهِ الإمام أحمد على أن المرأة تختتن
كالرجل.

وختان المرأة مشروع بغير خلاف، وفي وجوبه عَن أحمد روايتان، على قولُهُ بوجبه على الرجال.