فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب جهر المأموم بالتأمين

باب
جهر المأموم بالتأمين
[ قــ :761 ... غــ :782 ]
- حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن سمي مولى أبي بكر، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ( ( إذا قال الإمام: { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} فقولوا آمين؛ فإنه من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه) ) .

تابعة: محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ونعيم المجمر، عن أبي هريرة.

حديث محمد بن عمرو الذي أشار إليه:
خرجه البيهقي، ولفظه: ( ( إذا قال القارئ { وَلا الضَّالِّينَ} فقال من خلفه: آمين، فوافق ذلك قول أهل السماء آمين؛ غفر له ما تقدم من ذنبة) ) .

وحديث نعيم المجمر، عن أبي هريرة.

خرجه النسائي ولفظه: عن نعيم، قال: صليت وراء أبي هريرة، فقرأ
( ( بسم الله الرحمن الرحيم) ) ، ثم قرأ بأم القرآن، حتى بلغ { غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ} ، فقال: آمين.
فقال الناس: آمين، ويقول كلما سجد: الله أكبر، وإذا قام من الجلوس من الاثنتين: الله أكبر، وإذا سلم قال: والذي نفسي بيده، إني لأشبهكم صلاة برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وحديث أبي صالح الذي خرجه البخاري وحديث محمد بن عمرو الذي أشار إليه: استدل بهما من يقول: إن الإمام لا يؤمن ولا يجهر بالتأمين؛ فإنه أمر المأموم أن يؤمن عقيب فراغ الإمام من قراءة: { وَلا الضَّالِّينَ} .

وأجاب عنه من قال: يؤمن جهراً، بأنه إشارة إلى أن تأمينه يكون مع تأمين الإمام لا بعده؛ فإنه قد سبق في رواية بأن الإمام يقول: آمين.
والملائكة تقول: آمين.

وأجاب بعضهم – كالخطابي -، بأنه يحتمل أن يكون هذا محمولا على من بعد عن الإمام ولم يسمع تأمينه، وسمع قراءته؛ فإن جهر الإمام بالتأمين دون جهره بالقراءة فقد يسمع قراءته من لا يسمع تأمينه.

وأما حديث نعيم، عن أبي هريرة، فلا حجة فيه؛ فإن أبا هريرة أمن على قراءة نفسه حيث كان إماماً، وقال: إني أشبهكم صلاة برسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وفي استدلال البخاري بقوله: ( ( فقولوا: آمين) ) على جهر المأموم بالتأمين نظر، إلا أن يقال: قد سوى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بين قول الإمام: ( ( ولا الضالين) ) وقول المأوم: آمين، وسماهما قولا، وجعل قول المأموم كالمجاوبة للإمام، وقول المأموم إنما يكون
جهراً؛ لأن هذا الخطاب مختص بالصلاة الجهرية بالاتفاق فيكون مجاوبته بالتأمين جهراً –
أيضا.


* * * كتاب الأذان
( تابع)