فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب التأذين عند الخطبة

باب
التأذين عند الخطبة
[ قــ :889 ... غــ :916 ]
- حدثنا محمد بن مقاتل: أنا عبد الله: أنا يونس: عن الزهري، قال: سمعت السائب ين يزيد يقول: إن الأ ان يوم الجمعة كان أوله حين يجلس الإمام يوم الجمعة على المنبر، في عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبي بكر وعمر، فلما كان في خلافة عثمان وكثروا أمر عثمان يوم الجمعة بالأذان الثالث فأذن به على الزوراء، فثبت الأمر على ذلك.

المقصود بهذا الباب: أن الأذان يوم الجمعة يكون عند جلوس الإمام على المنبر للخطبة، فهذا هو الأذان الذي كان في عهد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأبي بكر وعمر، وهو المجتمع على مشروعيته.

وهل يكون بين يدي المنبر في المسجد، أو على المنارة؟ فيه كلام سبق ذكره، وان الشافعي نص في ( ( كتاب البويطي) ) على أنه يكون على المنارة.

وكذا مذهب مالكٍ، قال في ( ( تهذيب المدونة) ) : يجلس الإمام في أول خطبته حتى يؤذن المؤذنون على المنار، ثم يخطب.

ونقل مثنى الأنباري عن أحمد، أنه سئل عن الأذان الذي يجب على من كان خارجاً من المصر، أن يشهد الجمعة؟ قال: هو الأذان الذي في المنارة.
وهذا يحتمل أنه يريد به ما قاله الشافعي: أن أذان الجمعة بين يدي الإمام عند جلوسه على المنبر يكون على المنارة.

ويحتمل أنه يريد به: أنه يجب السعي بالأذان الأول، كما يحرم البيع به، على روايةٍ عنه؛ فإن قوله: ( ( الذي على المنارة) ) إخبار عن الواقع في زمانه، ولم يعهد في زمانه الأذان على المنارة سوى الذي زاده عثمان.

ويحتمل أنه إنما قال ذلك فيمن كان خارج المصر؛ لأن الأذان الأول يكون لإعلامهم، فليزمهم السعي به، بخلاف أهل المصر، فإنهم يلزمهم السعي من غير سماع أذان، فلا يجب عليهم السعي بالأذان الأول، بل بالثاني، والله أعلم.

وقد تقدم في روايةٍ ابن إسحاق، عن الزهري، عن السائب بن يزيد لهذا الحديث: أن هذا الأذان على عهد النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأبي بكرٍ وعمر كان على باب المسجد.

وقوله في هذه الرواية التي خرجها البخاري هنا: ( ( فثبت الأمر على ذلك) ) ، يدل على أن هذا من حين حدده عثمان أستمر، ولم يترك بعده.

وهذا يدل على أن علياً اقر عليه، ولم يبطله، فقد أجتمع على فعله خليفتان من الخلفاء الراشدين –رضي الله عنهم أجمعين.


* * *