فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب: إذا صلى لنفسه فليطول ما شاء

بَاب
إذا صَلَّى لنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ
[ قــ :682 ... غــ :703 ]
- حَدَّثَنَا عَبْد الله بن يوسف: أنا مَالِك، عَن أَبِي الزناد، عَن الأعرج، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، أن رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: ( ( إذا صلى أحدكم للناس فليخفف؛ فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير، وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول مَا شاء) ) .

معنى قوله: ( ( إذا صلى أحدكم لنفسه) ) – أي: منفرداً، بحيث لا يأتم بِهِ أحد.

وقد خرجه مُسْلِم من رِوَايَة المغيرة الحزامي، عَن أَبِي الزناد،.

     وَقَالَ  فِيهِ: ( ( وإذا صلى وحده فليصل كَيْفَ شاء) ) .

وخرجه – أَيْضاً – من رِوَايَة همام بن منبه، عَن أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ: ( ( إذا مَا قام أحدكم للناس فليخفف فِي الصلاة؛ فإن فيهم الكبير والضعيف، وإذا قام وحده فليطل صلاته مَا شاء) ) .

وخرج – أَيْضاً – من حَدِيْث عُثْمَان بن أَبِي العاص، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( أم قومك، فمن أم قوماً فليخفف؛ فإن فيهم الكبير، وإن فيهم المريض، وإن فيهم الضعيف، وإن فيهم ذا الحاجة، وإذا صلى أحدكم وحده فليصل كَيْفَ شاء) ) .
ويدخل فِي ذَلِكَ: صلاة الفرائض والنوافل – إذا صلاها وحده – فإنه لا يكره لَهُ إطالتها.

وقد اختلف النَّاس فِي النفل: هَلْ الأفضل إطالة القيام، أم كثرة الركوع والسجود، أم يفرق بَيْن صلاة الليل والنهار؟ وربما يأتي ذَلِكَ فِي موضع آخر – إن شاء الله تعالى.

قَالَ بعض أصحابنا: هَذَا فيما لَمْ ينقل عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إطالته أو تخفيفه، فأما مَا نقل عَنْهُ إطالته أو تخفيفه فاتباعه فِيهِ أفضل، فالأفضل فِي ركعتي الفجر والركعتين المفتتح بهما صلاة الليل تخفيفهما، وكذلك الركعتان للداخل – والإمام يخطب – يوم الجمعة.

وقد سبق ذكر الاختلاف فيمن فاته قراءة حزبه من الليل: هَلْ يقرأ بِهِ فِي ركعتي الفجر، أم لا؟
وروى وكيع فِي ( ( كتابه) ) عَن موسى بن عبيدة، عَن نَافِع، قَالَ: كَانَ ابن عُمَر إذا صلى لنفسه طول فِي أربعتين – يعني: فِي الركعات الأربع فِي الفريضة.

وموسى بن عبيدة، ضَعِيف جداً من قَبْلَ حفظه، وكان شيخاً صالحاً – رحمه الله.

وكان من الصَّحَابَة من يخفف الصلاة، ويعلل بخشية وسوسة الشيطان.

قَالَ وكيع: ثنا ابن أَبِي عروبة، عَن أَبِي رجاء العطاردي، قَالَ: قُلتُ للزبير بن العَوَّامِ: مَا لكم أصْحَاب مُحَمَّد من أخف النَّاس صلاة؟ قَالَ: إنما نبادر الوسواس.

حَدَّثَنَا سُفْيَان، عَن نسير بن ذعلوق، عَن خليد الثوري، قَالَ: سَمِعْت عمار بن ياسر يَقُول: احذفوا هذه الصلاة قَبْلَ وسوسة الشيطان.