فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب من قال: ليؤذن في السفر مؤذن واحد

باب
من قال: ليؤذن في السفر مؤذن واحد
[ قــ :610 ... غــ :628 ]
- ثنا معلى بن أسد: ثنا وهيب، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن مالك بن الحويرث، قال: اتيت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في نفر من قومي، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رحيما رقيقا، فلما رأى شوقنا إلى اهلنا، قال: ( ( ارجعوا، فكونوا فيهم، وعلموهم، وصلوا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم، وليؤمكم أكبركم) ) .

مراده: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أمر مالك بن الحويرث وأصحابه بالرجوع إلى اهلهم، وأمرهم إذا حضرت الصلاة ان يؤذن احدهم، كان دليلاً على ان المسافرين لا يشرع لهم تكرير الاذان وإعادته مرتين في الفجر ولا في غيره.

ويعضد هذا: أنه لم ينقل عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه كان له في السفر مؤذنان، يؤذن أحدهما بعد الاخر.

وحديث زياد بن الحارث الصدائي المتقدم يدل على ذلك.

ولكن اللفظ الذي ساقه البخاري في هذا الباب انما يدل على انه امرهم بذلك إذا رجعوا إلى اهليهم، لا انه أمرهم به في سفرهم قبل وصولهم، وقد نبه على ذلك الاسماعيلي، وترجم عليه النسائي: ( ( اجتزاء المرء بأذان غيره في الحضر) ) .

وقد خرجه البخاري في الباب الذي يلي هذا بلفظ صريح، بأنه أمرهم بذلك في حال رجوعهم إلى أهلهم وسفرهم، فكان تخريجه بذلك اللفظ في هذا الباب أولى من تخرجه بهذا اللفظ الذي يدل على انه لم يأمرهم بذلك في السفر.

فإن قيل: بل قوله: ( ( إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم احدكم) ) عام في السفر والحضر، ولا يمنع من عمومه تخصيص أول الكلام بالحضر.

قيل: إن سلم ذلك لم يكن فيه دليل على انه لا تستحب الزيادة على مؤذن واحد في السفر خاصة، لان الكلام إذا كان شاملا للحضر والسفر فلا خلاف أنه في الحضر لا يكره اتخاذ مؤذنين، فكيف خص كراهة ذلك بالسفر وقد شملها عموم واحد؟
وفي حديث عمرو بن سلمة الجرمي، عن أبيه، أنه لما قدم على النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال لهم: ( ( إذا حضرت صلاة فليؤذن لكم احدكم) ) - وذكر الحديث.

وقد خرجه البخاري في موضع آخر.

وامره هذا لا يختص بحال سفرهم، بل يشمل سفرهم وإقامتهم في حيهم.