فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب: بين كل أذانين صلاة لمن شاء

باب بين كل أذانين صلاة لمن شاء
[ قــ :609 ... غــ :627 ]
- حدثنا عبد الله بن يزيد: ثنا كهمس بن الحسن، عن عبد الله بن بريدة، عن عبد الله بن مغفل، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " بين كل أذانين صلاة، بين كل أذانين صلاة، ثم قال في الثالثة: " لمن شاء ".

لا اختلاف أن المراد بالأذانين في الحديث: " الأذان والإقامة، وليس المراد الأذانين المتواليين، وإن كانا مشروعين كأذان الفجر إذا تكرر مرتين.

وقد توقف بعضهم في دخول الصلاة بين الأذان الأول والثاني يوم الجمعة في هذا الحديث؛ لأنهما أذانان مشروعان، وعلى ما قررناه: لا يدخل في الحديث، وكما لا تدخل الصلاة بين الأذان الأول والثاني للفجر، وإن كانت الصلاة يوم الجمعة بعد الزوال حسنة مندوبا إليها؛ لأدلة أخرى، تذكر في " الجمعة " - إن شاء الله.

وحديث ابن مغفل يدخل فيه: الصلاة بين الأذان والإقامة في جميع الصلوات الخمس، فأما أذان الصبح فيشرع بعده ركعتا الفجر، ولا يزاد عليهما عند جمهور العلماء.

حتى قال كثير منهم: إن من صلى ركعتي الفجر في بيته، ثم دخل المسجد.

يعني أن الأظهر عنه أنه لا يصلي في أوقات النهي شيء من ذوات الأسباب ولا غيرها.


وعنه رواية أخرى، أنه يصلي ذوات الأسباب، كقول الشافعي، فيصلي الداخل حينئذ تحية المسجد ثم يجلس.

وقد تقدمت هذه المسألة في الكلام على احاديث النهي مستوفاة.

وأماالظهر، فأنه يستحب التطوع قبلها بركعتين أو اربع ركعات، وهي من الرواتب عند الاكثرين.

وقد روي في الصلاة عقب زوال الشمس أحاديث، في أسانيد أكثرها مقال.

وبكل حال؛ فما بين الاذانين للظهر هو وقت صلاة، فمن شاء استقل ومن شاء استكثر.

وأمابين الاذانين لصلاة العصر، فهذا الحديث يدل على انه يشرع بينهما صلاة، وقد ورد في الاربع قبل العصر أحاديث متعددة، وفي الركعتين - أيضا.

واختلفوا: هل يلتحق بالسنن الرواتب؟ والجمهور على انها لا تلتحق بها.
وأمابين الاذانين قبل المغرب، فهذا الحديث يدل على مشروعية الصلاة فيه.

وقد اختلف العلماء في ذلك:
فمنهم من كرهه، وقال: لا يزول وقت النهي حتى يصلي المغرب، وهو قول الكوفيين وغيرهم.

ومنهم من قال: باسحبابها، وهو رواية عن أحمد، وقول طائفة من السلف؛ لهذا الحديث؛ ولحديث أنس في الباب الماضي.

ومنهم من قال: هي مباحة، غير مكروهة ولا مستحبة، والامر بها إطلاق من محظور، فلا يفيد أكثر من الاباحة، وهو رواية عن أحمد، وسيأتي القول فيها بأبسط من هذا في موضع آخر – إن شاء الله تعالى.

وأماالصلاة بين الاذانين للعشاء، فهي كالصلاة بين الاذانين للعصر ودونها؛ فإنا لا نعلم قائلا يقول بأنها تلتحق بالسنن الرواتب.