فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب السجود على سبعة أعظم

باب
السجود على سبعة أعظم
[ قــ :788 ... غــ :809 ]
- حدثنا قبيصة: ثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس، قال: أمر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يسجد على سبعة أعضاء، ولا يكف شعراً، ولا ثوباً: الجبهة، واليدين، والركبتين، والرجلين.



[ قــ :789 ... غــ :810 ]
- حدثنا مسلم بن إبراهيم: ثنا شعبة، عن عمرو، عن طاوس، عن ابن عباس، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ( ( أُمرنا أن نسجد على سبعة أعظم، ولا نكف ثوباً، ولا شعراً) ) .




[ قــ :790 ... غــ :811 ]
- حدثنا آدم: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن يزيد: قال البراء بن عازب – وهو غير كذوب -: كنا نصلي خلف رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإذا قال: ( ( سمع الله لمن حمده) ) .
لم يحن أحد منا ظهره حتى يضع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جبهته على الأرض.
حديث البراء هذا، قد سبق في مواضع، وإنما خرجه هاهنا؛ لما فيه من ذكر سجود النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على جبهته.

فأما حديث ابن عباس، فقد خرجه هاهنا من طريق سفيان وشعبة، كلاهما عن عمرو بن دينار، وفي حديث سفيان: ذكر الأعضاء وعددها.

وللحديث طرق عن طاوس، يأتي بعضها – إن شاء الله.

وله طرق عن ابن عباس.

وقد روي عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من وجوه متعدده، أصحها: حديث ابن عباس هذا.

وروى عامر بن سعد، عن العباس بن عبد المطلب، أنه سمع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:
( ( إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب: وجهه، وكفاه، وركبتاه، وقدماه) ) .

وقد عزاه غير واحد من الحفاظ إلى ( ( صحيح مسلم) ) ، ولم نجده فيه.

وصححه الترمذي وأبو حاتم الرازي.

وقد روي هذا المعنى عن عمر وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وأبي هريرة من قولهم.

قال أبو هريرة: يسجد من الإنسان سبعة: وجهه، ويداه، وركبتاه، وأطراف أصابعة، كل ذلك بمنزلة الوجه، لا يرفع شيئا من ذلك.

خرّجه الجوز جاني.

وقال ابن سيرين: كانوا يستحبون السجود على هذه السبعة.

خرّجه ابن أبي شيبة.

وقال الترمذي: عليه العمل عند أهل العلم.

ولا خلاف في أن السجود على هذه الأعضاء هو السجود الكامل، واختلفوا في الواجب من ذلك:
فقالت طائفة: يجب السجود على جميعها، وهو أحد القولين للشافعي، ورجحه كثير من أصحابه، والصحيح المشهور عن أحمد، وعليه أصحابه، وأكثرهم لم يحك عنه فيه خلافا، وهو قول مالك وإسحاق وزفر، وحكى عن طاوس.

ويدل على هذا القول: هذه الأحاديث الصحيحة بالامر بالسجود على هذه الأعضاء كلها، والامر للوجوب.

وقالت طائفة: إنما يجب بالجبهة فقط، ولا يجب بغيرها، وهو القول الثاني للشافعي، وحكي رواية عن أحمد، وهو قول أبي حنيفة وصاحبيه.

والمنقول عن أحمد فيمن سجد ورفع أطراف أصابع قدميه من الأرض: أنه ناقص الصلاة، وتوقف في الإعادة على من صلى وسجد وقد رفع إحدى رجليه، وقال: قد روي عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( أمرت أن أسجد على سبعة أعظم) ) .

ورأى مسروق رجلاً ساجداً قد رفع رجليه أو إحداهما، فقال: أن هذا لم يتم صلاته.

وروي عن أحمد، أنه صلى وسجد ووضع ثلاث أصابع رجليه على الأرض.

قال القاضي أبو يعلي: ظاهر هذا: أنه يجزئه، يضع بعض أصابع رجليه.

ونقل إسماعيل بن سعيد، عن أحمد: إذا وضع من يديه على الأرض قدر الجبهة أجزأه.

قال أبو بكر عبد العزيز بن جعفر: وكذا من الرجلين.

وقال القاضي أبو يعلى: يجزئه أن يضع من يديه وجبهته على الأرض شيئاً، وإن قل.

ومن أصحابنا من حكى الإجماع على ذلك.

وهذا مخالف لرواية الشالنجي؛ فانها تدل على أنه لا يجزئ دون وضع الجبهة، وقدرها من الكفين.

وحكي عن ابن حامد من أصحابنا: أنه يجب استيعاب الكفين بالسجود عليهما، وهو قول أبي خيثمة بن حرب.

وقال داود بن سلمان الهاشمي: إذا وضع أكثر كفيه أجزأه.

ومذهب الشافعي الذي عليه أكثر أصحابه، ونص عليه في ( ( إلام) ) : أنه لو سجد على بعض جبهته كره، وأجزأه.

ولأصحابه وجه: لا يجزئه حتى يسجد على جميع الجبهة.


***