فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب: المصلي يناجي ربه عز وجل

باب
المصلي يناجي ربه عز وجل
[ قــ :517 ... غــ :531 ]
- حدثنا مسلم بن إبراهيم: نا هشام، عن قتادة، عن أنس، قال: قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( إن أحدكم إذا صلى يناجي ربه، فلا يتفلن عن يمينه، ولكن تحت قدمه اليسرى) ) .

وقال سعيد، عن قتادة: ( ( لا يتفل قدامه أو بين يديه.
ولكن عن يساره أو تحت قدمه)
)
.

وقال شعبة: ( ( لا يبزق بين يديه، ولا عن يمينه، ولكن عن يساره أو تحت قدمه) ) .

وقال حميد، عن أنس، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( لا يبزق في القبلة، ولا عن يمينه، ولكن عن شماله، أو تحت قدمه) ) .



[ قــ :518 ... غــ :53 ]
- حدثنا حفص بن عمر: ثنا يزيد بن إبرهيم: ثنا قتادة، عن أنس عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أنه قال: ( ( اعتدلوا في السجود، ولا يبسط احدكم ذراعية كالكلب، وإذا بزق فلا يبزق بين يديه، ولا عن يمينه؛ فإنه يناجي ربه عز وجل) ) .
عامة إلفاظ حديث أنس التي علقها هاهنا قد خرجها في " أبواب القبلة والبزاق في المسجد".
وخرج هناك مناجاة المصلي لربه عز وجل من حديث أبي هريرة، ومعناه من حديث ابن عمر، وذكرنا نحن هناك أحاديث متعددة في هذا المعنى، وتكلمنا [على ذلك] بما فيه كفاية.

والنجاء: الحديث الخفي.
والنداء: عكسه.

وإنما خرج البخاري هذه الأحاديث في هذا الباب ليبين بذلك فضل الصلاة، وإن المصلى مناج لربه في صلاته، وإذا كان المصلي مناجياً لربه وكان ربه قد أوجب عليه أن يناجيه كل يوم وليلة خمس مرات في خمس أوقات، واستدعاه لمناجاته بدخول الوقت والأذان فيه؛ فإن الأذان يشرع في أول الوقت، فإفضل المناجين له أسرعهم إجابة لداعيه، وقيأماإلى مناجاته، ومبادرة إليها في أول الوقت.

ولهذا المعنى - والله أعلم - خرجه في " أبواب مواقيت الصلاة".

ويستدل لذلك بأن الله تعالى لما استدعى موسى عليه السلام لمناجاته وكلامه أسرع إليه، فقال له ربه: { وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَامُوسَى قَالَ هُمْ أُولاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه: 83، 84] فدل على أن المسارعة إلى مناجاة الله توجب رضاه.

وهذا دليل حسن على فضل الصلاة في أول أوقاتها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.