فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب: إذا نفر الناس عن الإمام في صلاة الجمعة، فصلاة الإمام ومن بقي جائزة

باب
إذا نفر الناس عن الإمام في صلاة الجمعة
فصلاة الإمام ومن بقي تامةٌ
[ قــ :908 ... غــ :936 ]
- حدثنا معاوية بن عمرو: ثنا زائدة، عن حصين، عن سالم بن أبي الجعد: ثنا جابر بن عبد الله، قال: بينما نحن نصلي مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اذ أقبلت عيرٌ تحمل طعاماً فالتفتوا إليها حتى ما بقي مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلاّ إثنا عشر رجلاً، فنزلت هذه الآية: { وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهُواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً} [الجمعة:11] وخرّجه في "التفسير " عن حفص بن عمر قالَ: ثنا خالد بن عبد الله: أنبا حصين، عن سالم بن أبي الجعد –وعن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله –فذكره بمعناه.

وفي هذه الرواية: متابعة أبي سفيان لسالم بن أبي الجعد على روايته عن جابر، وإنما خرّج لأبي سفيان متابعةً.

وقد خرّجه مسلم بالوجهين – أيضاً.

وفي أكثر رواياته: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يخطب يوم الجمعة.

وفي روايةٍ له: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يخطب قائماً يوم الجمعة – فذكره بمعناه.
وفي روايةٍ له: فلم يبق إلا اثنا عشر رجلاً، أنا فيهم.

وفي روايةٍ له –أيضاً -: فيهم أبو بكر وعمر – رضي الله عنهما.

وقوله في الرواية التي خرجها البخاري: ( ( بينا نحن نصلي مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) ) لم يرد به أنهم انفضوا عنه في نفس الصلاة، إنما أراد –والله أعلم – إنهم كانوا مجتمعين للصلاة، فانفضوا وتركوه.

ويدل عليه: حديث كعب بن عجرة، لما قال: انظروا إلى هذا الخبيث يخطب قاعداً، وقد قال الله تعالى: { انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً} [الجمعة: 11] .

وكذلك استدلال ابن مسعودٍ وخلق من التابعين بالآية على القيام في الخطبة.

وروى علي بن عاصمٍ هذا الحديث عن حصين، فقال فيه: فلم يبق معه الا أربعون رجلاً، أنا فيهم.

خرّجه الدارقطني والبيهقي.

وعلي بن عاصمٍ، ليس بالحافظ، فلا يقبل تفرده بما يخالف الثقات.

وقد استدل البخاري وخلقٌ من العلماء على أن الناس إذا نفروا عن الإمام وهو يخطب للجمعة، وصلى الجمعة بمن بقي، جاز ذلك، وصحت جمعتهم.

وهذا يرجع إلى أصلٍ مختلفٍ فيه، وهو: العدد الذي تنعقد به الجمعة، وقد اختلف في ذلك: فقالت طائفةٌ: لا تنعقد الجمعة بدون أربعين رجلاً، روي ذلك عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة وعمر بن عبد العزيز، وهو قولُ الشافعي وأحمد – في المشهور عنه – وإسحاق ورواية عن مالكٍ.

وقالت طائفةٌ: تنعقد بخمسين، روي عن عمر بن عبد العزيز - أيضاً –وهو روايةٍ عن أحمد.

وقالت طائفةٌ تنعقد بثلاثة، منهم: ابن المبارك والأوزاعي والثوري وأبو ثور، وروي عن أبي يوسف، وحكي رواية عن أحمد.
وقالت طائفةٌ: تنعقد بأربعةٍ، وهو قولُ أبي حنيفة وصاحبيه –في المشهور عنهما – والأوزاعي ومالك والثوري – في رواية عنهما – والليث بن سعدٍ.

وحكي قولاً قديماً للشافعي، ومنهم من حكاه أنها تنعقد بثلاثةٍ.

وقالت طائفةٌ: يعتبر أربعون في الأمصار وثلاثةٌ في القرى، وحكي روايةً عن أحمد، صححها بعض المتأخرين من أصحابه.

وقالت طائفةٌ: تنعقد بسبعة، وحكي عن عكرمة، ورواية عن أحمد.

وقالت طائفةٌ: تنعقد باثني عشر رجلاً، حكي عن ربيعة.

وقد قام الزهري: أن مصعب بن عمير أول ما جمع بهم بالمدينة كانوا إثنى عشر رجلاً.

وتعلق بعضهم لهذا الحديث بحديث جابر المخرج في هذا الباب.

وقال طائفةٌ: تنعقد الجمعة بما تنعقد به الجماعة، وهو رجلان، وهو قولُ الحسن بن صالح وأبي ثور - في روايةٍ – وداود، وحكي عن مكحولٍ.

وتعلق القائلون بالأربعين كعب بن مالكٍ، أن أول جمعةٍ جمع بهم أسعد بن
زرارة، كانوا أربعين، وقد سبق ذكره في أول ( ( كتاب الجمعة) ) .

وقد ذكر القاضي أبو يعلى وغيره وجه الاستدلال به: أن الجمعة فرضت بمكة، وكان بالمدينة من المسلمين أربعةٌ وأكثر ممن هاجر إليها وممن أسلم بها، ثم لم يصلوا [ ... ] كذلك حتى كمل العدد أربعين، فدل على أنها لا تجب على أقل منهم، ولم يثب أبو بكر الخلال خلافه عن أحمد في اشتراط الأربعين.

قال: وإنما يحكى عن غيره، أنه قال بثلاثةٍ، وباربعةٍ، وبسبعةٍ، ولم يذهب إلى شيء من ذلك، وهذا الذي قاله الخلال هو الأظهر.
والله أعلم.

وفي عدد الجمعة أحاديث مرفوعة، لا يصح فيها شيء، فلا معنى لذكرها.
وإذا تقرر هذا الأصل، فمن قال: أن الجمعة تنعقد بإثني عشر رجلاً أو بدونهم، فلا إشكال عنده في معنى حديث جابر؛ فإنه يحمله على أن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلى الجمعة بمن بقي معه، وصحت جمعتهم.

ومن قال: لا تصح الجمعة بدون أربعين، فإنه يشكل عليه حديث جابرٍ.

وقد أجاب بعضهم: بأن الصحيح أنهم انفضوا وهو في الخطبة.
قال: فيحتمل أنهم رجعوا قبل الصلاة، أو رجع من تم به الأربعون، فجمع بهم.

قال: والظاهر أنهم انفضوا ابتداءً سوى إثني عشر رجلاً، ثم رجع منهم تمام أربعين، فجمع بهم، وبذلك يجمع بين روايةٍ علي بن عاصم وسائر الروايات.

وهذا الذي قاله بعيدٌ، ورواية علي بن عاصم غلطٌ محضٌ، لا يلتفت إليها.

وسلك طائفةٌ مسلكاً آخر، وظاهر كلام البخاري هاهنا وتبويبه يدل عليه، وهو: أن انفضاضهم عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان في نفس الصلاة، وكان قد افتتح بهم الجمعة بالعدد المعتبر، ثم تفرقوا في أثناء الصلاة، فأتم بهم صلاة الجمعة؛ فإن الاستدامة يغتفر فيها ما لا يغتفر في الابتداء.

وهذا قولُ جماعة من العلماء، منهم: أبو حنيفة وأصحابه والثوري ومالك والشافعي – في القديم – وإسحاق، وهو وجه لأصحابنا.

وعلى هذا؛ فمنهم من اعتبر أن يبقى معه واحد فأكثر؛ لأن أصل الجماعة تنعقد بذلك، ومنهم من شرط أن يبقى معه اثنان، وهو قولُ الثوري وابن المبارك، وحكي قولاً للشافعي.

وقال إسحاق: أن بقي معه اثنا عشر رجلاً جمع بهم وإلاّ فلا؛ لظاهر حديث جابر.

وهو وجهٌ لأصحابنا.

ولأصحابنا وجه أخر: يتمها الإمام جمعة، ولو بقي وحده.

وهذا بعيد جداً.

وفرق مالكٌ بين أن يكون انفضاضهم قبل تمام ركعة فلا تصح جمعتهم ويصلون ظهراً، وبين أن يكون بعد تمام ركعةٍ فيتمونها جمعة.

ووافقه المزني، وهو وجه لأصحابنا.

وقال أبو حنيفة: إن انفضوا قبل أن يسجد في الأولى فلا جمعةٍ لهم، وان كان قد سجد فيها سجدةً أتموها جمعةً.

وقال صاحباه: بل يتمونها جمعةٍ بكل حال، ولو انفضوا عقب تكبيرة الإحرام.

ومذهب الشافعي – في الجديد – وأحمد والحسن بن زياد: أنه لا جمعةٍ لهم، حتى يكمل العدد في مجموع الصلاة.

قال أبو بكر عبد العزيز بن جعفر: لم يختلف قولُ أحمد في ذلك.

وقد وجدت جواباً آخر عن حديث جابر، وهو: أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان قد صلى بأصحابه الجمعة، ثم خطبهم فانفضوا عنه في خطبته بعد صلاة الجمعة، ثم أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد ذلك قدم خطبة الجمعة على صلاتها.

فخرج أبو داود في ( ( مراسيله) ) بإسناده، عن مقاتل بن حيان، قال: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلى الجمعة قبل الخطبة مثل العيد، حتى إذا كان يوم الجمعة والنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يخطب، وقد صلى الجمعة، فدخل رجل، فقال: إن دحية بن خليفة قد قدم بتجارته – وكان دحية إذا قدم تلقاه أهله بالدفاف -، فخرج الناس، لم يظنوا إلا أنه ليس في ترك الخطبة شيء، فانزل الله عز وجل: { وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً} [الجمعة:11] ، فقدم النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الخطبة يوم الجمعة، وأخر الصلاة.

وهذا الجواب أحسن مما قبله.

ومن ظن بالصحابة أنهم تركوا صلاة الجمعة خلف النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بعد دخولهم معه
فيها، ثم خرجوا من المسجد حتى لم يبق معه إلاّ إثنا عشر رجلاً، فقد أساء بهم الظن، ولم يقع ذلك بحمد الله تعالى.

وأصل هذه المسائل: أن الجمعة يشترط لها الجماعة، فلا تصح مع الانفراد، وهذا إجماع لا نعلم فيه خلافاً، إلاّ ما تقدم حكايته عن أبي حنيفة، أنه صلى ركعتين عند تأخير بعض الأمراء للجمعة، وقال: أشهدكم أنها جمعةٌ.

وحكي مثله عن الفاشاني، والفاشاني ليس ممن يعتد بقوله بين الفقهاء.

وذهب عطاءٌ إلى أن من حضر الخطبة فقد أدرك الجمعة، فلو أحدث بعد حضوره الخطبة، فذهب فتوضأ ثم رجع وقد فرغ الإمام من صلاة الجمعة، أنه يصلي ركعتين؛ لأنه قد حضر الخطبة -: نقله عبد الرزاق، عن ابن جريجٍ، عنه.

وخالفه جمهور العلماء، فقالوا: يصلي أربعاً.

وفي مراسيل يحيى بن أبي كثيرٍ: من أدرك الخطبة فقد أدرك الصلاة.

خرّجه عبد الرزاق.

ومراسيل يحيى ضعيفةٌ جداً.

واختلفوا فيمن جاء والإمام يخطب، قد فرغ من الخطبة.

فقالت طائفةٌ: لم يدرك الجمعة، ويصلي أربعاً، روي ذلك عن عمر، وعن طاوسٍ وعطاءٍ ومجاهدٍ ومكحولٍ، وقالوا: الخطبة بدلٌ عن الركعتين.

قال عطاءٌ: إن جلس قبل أن ينزل الإمام من المنبر فقد أدرك الخطبة، فيصلي جمعةٍ، وإلا صلى أربعاً.

وظاهر كلام عطاء: أن الجمعة ظهر مقصورة؛ فإنه يقول: إن أدرك الخطبة قصر، وإلا لم يقصر.

وقال سعيد بن جبير: كانت الجمعة أربعا، فجعلت الخطبة مكان الركعتين.

وذهب طائفة: إلى أن من أدركهم في التشهد قبل السلام فقد أدرك الجمعة، وهو قول الحكم وحماد وأبي حنيفة وأصحابه، وحكي رواية عن النخعي، ورواية عن أحمد، ولا تكاد تصح عنه.

وروي عن ابن مسعود، أنه قال لأصحابه - وقد أدرك الناس جلوسا في الجمعة -: قد أدركتم، إن شاء الله.

قال قتادة إنما أراد: أدركتم الأجر.

وذهب أكثر العلماء إلى أنه إن أدرك ركعة من الجمعة مع الإمام فقد أدرك الجمعة، ويتمها جمعة، وإن فاتته الركعة الثانية صلى أربعا.

وروي ذلك عن ابن عمر وابن مسعود وأنس، وهو قول علقمة والأسود والحسن والنخعي والزهري والأوزاعي والليث والثوري ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق.

واستدلوا بحديث: " من أدرك ركعة من الصلاة ".

ثم إن أكثرهم قالوا: يصلي من أدرك التشهد مع الإمام الظهر خلفه أربعا.

وهذا يتوجه على قول من يقول: يصح اقتداء من يصلي فرضا خلف من يصلي فرضا آخر.
فأما من قال: لا يجوز ذلك، فهو مشكل على أصولهم.

فلهذا قال طائفة: لا يجزئه أن يصلي الظهر خلف من يصلي الجمعة، بل يستأنف الظهر، وهو اختيار بعض أصحابنا في المسبوق، وفيما إذا نقص العدد في أثناء الجمعة.

وهو قول بعض فقهاء أهل المدينة، إلا على قول من يقول: الجمعة ظهر مقصورة، فيكون كمقيم صلى خلف مسافر.

فلهذا قال بعضهم: ينوي في دخوله معه الجمعة، ثم يصلي ظهرا إذا فارقه، وهو بعيد.

وحكي ذلك عن ابن شاقلا من أصحابنا.

وقد صنف ابن شاقلا في المسألة جزءا مفردا، وقد تأملته، فوجدته يقول: إن من أدرك التشهد خلف الإمام في يوم الجمعة، فإنه يصلي جمعة أربع ركعات.
قال: وإنما كانت جمعة هذا أربعا لاتفاق الصحابة عليه، على خلاف القياس، وكان القياس: أن يصلي الركعتين.

وأخذ ذاك من قول أحمد - في رواية حنبل -: لولا الحديث الذي في الجمعة، لكان ينبغي أن يصلي ركعتين إذا أدركهم جلوسا.

حتى قال ابن شاقلا: لو كان الإمام قد صلى الجمعة قبل زوال الشمس، فأدركه في التشهد صلى أربعا، وأجزأه، وكانت جمعة.

وقد قال سفيان الثوري: إذا نوى الجمعة، وصلى أربعا أجزأته جمعته، وإن لم ينو الجمعة فلا أراه يجزئه.

وللشافعية فيما إذا نوى بصلاة الجمعة صلاة الظهر المقصورة: هل تصح جمعته؟ وجهان، على قولهم: إن الجمعة ظهر مقصورة.

وإن نوى الجمعة، فإن قالوا: هي صلاة مستقلة أجزأه.

وإن قالوا: ظهر مقصورة، فهل تشترط نية القصر فيه وجهان لهم، أصحهما: لا تشترط.

ولو نوى الظهر مطلقا، من غير تعرض للقصر، لم يصح عندهم بغير خلاف.

وقال مالك - فيما نقله عنه ابن عبد الحكم - في الإمام ينزل بقرية لا تقام فيها الجمعة، فيجمع فيها: إنه لا يكون جمعة، بل يكون ظهرا مقصورة، فتصح له ولمن معه من المسافرين، ويتم أهل تلك القرية صلاتهم إذا سلم.

وهو ظاهر ما ذكره في " الموطأ "، ونقله عنه ابن نافع - أيضا.

وظاهر هذا: يدل على صحة صلاة الظهر المقصورة بنية الجمعة.

قال ابن القاسم في " المدونة ": لا جمعة للإمام ولا لمن خلفه، ويعيد ويعيدون؛ لأنه جهر عامدا.

وهذا تعليل عجيب، وهو يقتضي أن من جهر في صلاة السر عمدا بطلت صلاته.

والتعليل: بأنه لا تصح صلاة الظهر بنية الجمعة أظهر.

وذكر ابن المواز، عن ابن القاسم: أما هو فصلاته تامة، وأما هم فعليهم الإعادة.

واختلف السلف في هذه المسألة:
فقال عطاء - فيمن دخل قرية لا ينبغي أن تقام فيها الجمعة، وهي القرية التي ليست جامعة عنده، فأقام أهلها الجمعة، فجمع معهم: إنه يتم صلاته، فإذا سلم إمامهم أتم صلاته بركعتين، ولا يقصر معهم.

وقال الزهري: يجمع معهم ويقصر.

ومذهب أصحاب الشافعي: أن المسبوق في صلاة الجمعة يتم صلاته - إذا سلم الإمام - ظهرا.

ثم منهم من قطع بذلك، وهم جمهور العراقيين، ومن الخراسانين من بناه على القول في أن الجمعة: هل هي صلاة مستقلة أو ظهر مقصورة.

فإن قيل: هي ظهر مقصورة أتمها ظهرا كالمسافر إذا امتنع عليه القصر لسبب، وإن قيل: هي صلاة مستقلة، فهل يتمها ظهرا؟ فيها وجهان، أصحهما: يتمها ظهرا؛ لأنها بدل منها، أو كالبدل.

فعلى هذا: هل يشترط أن ينوي قبلها ظهرا، أو تنقلب بنفسها؟ فيه وجهان - أيضا.

وهذا كله تفريع على قولهم: ينوي الجمعة موافقة للإمام.

ولهم وجه آخر: ينوي الظهر؛ لأنه لا يصح له غيرها.

وهو قول الخرقي وأكثر أصحابنا.

ومنهم من قال: هو ظاهر كلام أحمد.

وحكاه - أيضا - عن مالك والشافعي، وفي حكايته عن الشافعي نظر.