فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب إذا كلم وهو يصلي فأشار بيده واستمع

باب
إذا كلم وهو يصلي فأشار بيده واستمع
[ قــ :1189 ... غــ :1233 ]
- حديثا يحيى بن سلمان: نا ابن وهب: أخبرني عمرو، عن بكير، عن كريب.

فذكر حديثاً قد ذكرناه بتمامه في ( ( باب: ما يصلى بعد العصر من الفوائت) ) ، وفيه:
أن أم سلمة قالت: دخل علي – يعني: رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - – وعندي نسوة من [بني حرام من] الأنصار، فأرسلت إليه الجارية، فقلت: قومي بجنبه، وقولي له: تقول لك أم سلمة: يارسول الله، سمعتك تنهى عن هاتين الركعتين، وأراك تصليهما، فإن أشار بيده، فاستأخري عنه، ففعلت الجارية، فأشار بيده فاستأخرت عنه،، فلما انصرف قال: ( ( يابنة أبي أمية، سألت عن الركعتين بعد العصر، أنه أتاني ناس من عبد القيس، فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر، فهما هاتان) ) .
وخرجه في ( ( المغازي) ) – أيضا – بهذا الإسناد، ثم قال: ( ( وقال بكر بن
مضر، عن عمرو بن الحارث، عن بكر – فذكر نحوه)
)
.

ومقصوده بهذا الباب: أن المصلي يجوز أن يكلم في صلاته، ويستمع لمن كلمه، ويشير بيده أو برأسه؛ فإن النَّبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم ينكر على أم سلمة إرسالها الجارية إليه؛ لتكلمه وهو يصلي، بل أشار إليها فاستأخرت عنه، ثم أجاب عن سؤالها بعد الصلاة.

وقد اختلف السلف في هذا: فمنهم من رخص فيه.
ومنهم من كرهه.

قال عبد الرزاق في ( ( كتابه) ) ، عن معمر، عن ثابت، عن أبي رافع، قال: رأيت أصحاب رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأن أحدهم ليشهد على الشهادة وهو قائم يصلي.

وعن ابن جريج، عن عطاء، في الرجل كان يصلي، فيمر به رجل، فيقول له: فعلت كذا وكذا؟ [...........] قالَ: ليتم صلاته، ثُمَّ ليسجد سجدتي السهو.

قالَ: وقلت لعطاء: أتكره كل شيء من الإيماء في المكتوبة، حتَّى أن يمر بي إنسان وأنا في المكتوبة، فقالَ: صليت الصَّلاة؟ كرهت أن أشير إليه برأسي، فأقول: نعم؟ قالَ: أكره كل شيء من ذَلِكَ.

فقيل لهُ: فإن كانَ في التطوع؟ فقال: إن كان شيئاً لابد منه، وأحب إلي أن لا تفعل.

قال: وقال إنسان لعطاء: يأتيني إنسان وأنا في المكتوبة، فيخبرني الخبر، فأسمع إليه؟ قالَ: ما أحبه، وأخشى أن يكون سهواً، إنما هي المكتوبة، فتفرغ لها حتَّى تفرغ منها.

ففرق عطاء بين المكتوبة وغيرها، فكرهه في المكتوبة، وقال في التطوع: إن كان شيئاً لابد منه، وأحب إلي أن لايفعل، لم يكرهه.