فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة

بَاب
رَفْعِ الْبَصَرِ إلى السَّمَاءِ فِي الصَّلاَةِ
[ قــ :729 ... غــ :750 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن عَبْد الله: أنا يَحْيَى بْن سَعِيد: أنا ابن أَبِي عروبة: نا قتادة، أن أنس بْن مَالِك حدثهم، قَالَ: قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( ( مَا بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء فِي صلاتهم) ) ، فاشتد قوله قي ذَلِكَ حَتَّى قَالَ: ( ( لينتهين عَن ذَلِكَ أو ليخطفن الله أبصارهم) ) .

هَذَا الإسناد كله مصرح بسماع رواته بعضهم من بعض، وقد أمن بذلك تدليس قتادة فِيهِ.

وفي الحَدِيْث: دليل عَلَى كراهة رفع بصره إلى السماء فِي صلاته.

وقد روي هَذَا الحَدِيْث عَن النَّبِيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من رِوَايَة عدة من الصَّحَابَة.

وروي النهي عَن حذيفة وابن مَسْعُود.

وَقَالَ سُفْيَان: بلغنا أن رَسُول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يرفع بصره إلى السماء فِي الصلاة، حَتَّى نَزَلَتْ { الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون:2] فرمى ببصره نحو مسجده.

والمعنى فِي كراهة ذَلِكَ: خشوع المصلي وخفض بصره، ونظره إلى محل سجوده؛ فإنه واقف بَيْن يدي الله - عز وجل - يناجيه، فينبغي أن يكون خاشعاً منكساً رأسه، مطرقاً إلى الأرض.

وقد تقدم فِي تفسير الخشوع أن خشوع البصر: غضه.

وإنما يكره رفع البصر إلى السماء عبثاً، فأما لحاجة فيجوز.

وقد أشارت عَائِشَة لأختها أسماء إلى السماء فِي صلاة الكسوف.

وقد نَصَّ أحمد عَلَى أن من تجشأ فِي صلاته فإنه يرفع رأسه إلى السماء؛ لئلا يتأذى من إلى جانبه برائحة جشائه.

ولكن؛ قَدْ يقال - مَعَ رفع رأسه -: إنه يغض بصره.

وقد سبق عَن عُمَر وابن سابط: رفع الوجه إلى السماء عِنْدَ تكبيره الإحرام.

وزاد ابن سابط: وإذا رفع رأسه.

وأما تغميض البصر فِي الصلاة، فاختلفوا فِيهِ:
فكرهه الأكثرون، منهم: أبو حنيفة والثوري والليث وأحمد.

قَالَ مُجَاهِد: هُوَ من فعل اليهود.

وفي النهي عَنْهُ حَدِيْث مرفوع، خرجه ابن عدي، وإسناده ضَعِيف.

ورخص فِيهِ مَالِك.

وَقَالَ ابن سيرين: كَانَ يؤمر إذا كَانَ يكثر الالتفات فِي الصلاة أن يغمض عينيه.

خرجه عَبْد الرزاق.