فهرس الكتاب

فتح البارى لابن رجب - باب عقد الإزار على القفا في الصلاة

باب
عقد الإزار على القفا في الصلاة
وقال أبو حازم، عن سهل: صلوا مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عاقدي أزرهم على عواتقهم.

حديث سهل بن سعد هذا قد خرجه البخاري بإسناده، وسيأتي قريبا - أن شاء الله تعالى.

وأسند في هذا الباب حديث جابر من طريقين:
أحدهما:
[ قــ :348 ... غــ :352 ]
- من طريق: واقد بن محمد، عن محمد بن المنكدر، قال: صلى جابر في إزار، قد عقده من قبل قفاه، وثيابه موضوعة على المشجب، فقال له قائل: تصلي في إزار واحد؟ قال: إنما صنعت ذلك ليراني أحمق مثلك، وأينا كان له ثوبان على عهد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟!
والثاني:


[ قــ :349 ... غــ :353 ]
- من طريق: عبد الرحمن بن أبي الموالي، عن محمد بن المنكدر، قال: رأيت جابرا يصلي في ثوب واحد، وقال: رأيت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي في ثوب.

ليس في هذا الباب حديث مرفوع صريح في الصلاة في إزار واحد معقود على القفا؛ وإنما في الرواية الأولى ذلك من فعل جابر، وفي حديث سهل من فعل الصحابة خلف النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو شبيه بالمرفوع.

والمرفوع في الباب: هو الصلاة في ثوب واحد، من غير بيان كيفية لبسه.

وقد خرج البخاري فيما بعد هذا الباب من رواية ابن أبي الموالى - أيضا - عن ابن المنكدر، قال: دخلت على جابر وهو يصلي في ثوب ملتحفاً به، ورداؤه موضوع، فلما أنصرف قلنا: يا أبا عَبْد الله، تصلي ورداؤك موضوع؟ قال: نعم: أحببتُ أن يراني الجهال مثلكم، رأيت النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي هكذا.

وهذا يدل على أنه رأى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي في إزار بغير رداء، ورواية واقد بن محمد عن ابن المنكدر التي خرجها البخاري في هذا الباب صريحة في أن جابرا عقد إزاره من قبل قفاه، فظهر من كلا الروايتين أن جابرا صلى في إزار عقده من قفاه، وانه اخبر أنه رأى النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصلي كذلك.

ويؤخذ هذا - أيضا - من نهي النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يصلي الرجل في ثوب واحد، ليس على عاتقه منه شيء.

وقد خرجه البخاري فيما بعد، وسيأتي في موضعه - أن شاء الله تعالى.

قال الخطابي: يريد أن لا يتزر به في وسطه، ويشد طرفيه على حقويه، ولكن يتزر به ويرفع طرفيه، فيخالف بينهما، ويشد عقده على عاتقيه، فيكون بمنزلة الإزار والرداء.

وقال الميموني: رأيت أبا عبد الله - يعني: أحمد - يصلي الفرض وعليه إزار واحد متوشحا به، وقد عقد طرفيه في قفاه.

قال القاضي أبو يعلى: هذا محمول على أنه كان صغيرا لم يمكنه أن يخالف بين طرفيه، فعقده من ورائه.

يشير إلى أن الارتداء بالثوب أفضل من الاتزار به، وسيأتي بيان ذلك في الباب الآتي - أن شاء الله تعالى.

وخرج الطبراني بإسناد ضعيف، عن أبي هريرة، قال: صلى بنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ثوب متوشحا، فلم ينل طرفاه، فعقده.