فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب إذا أبصر الراعي أو الوكيل شاة تموت، أو شيئا يفسد، ذبح وأصلح ما يخاف عليه الفساد

باب إِذَا أَبْصَرَ الرَّاعِي أَوِ الْوَكِيلُ شَاةً تَمُوتُ أَوْ شَيْئًا يَفْسُدُ ذَبَحَ وَأَصْلَحَ مَا يَخَافُ عَلَيْهِ الْفَسَادَ
هذا ( باب) بالتنوين ( إذا أبصر الراعي) للغنم ( أو الوكيل) أي أبصر الوكيل ( شاة) من الغنم ( تموت) أي أشرفت على الموت ( أو) أبصر الوكيل ( شيئًا يفسد) أي أشرف على الفساد ( ذبح) الراعي

الشاة لئلا تذهب مجانًا ( أو أصلح) الوكيل ( ما يخاف عليه الفساد) بإبقائه كما إذا كان تحت يده فاكهة مثلاً أو غيرها مما يخاف عليه الفساد ولأبوي ذر والوقت: أو أصلح ما يخاف الفساد، وعزاها العيني كابن حجر لأبي ذر والنسفيّ.

قال في الفتح: وعليه جرى الإسماعيلي، ولابن شبويه فأصلح بدل أو أصلح والفاء عاطفة على أبصر وجواب الشرط محذوف تقديره جاز ونحو ذلك قال: في شرح ابن التين بحذف أو فصار الجواب أصلح ما يخاف الفساد وأما الأصيلي فعنده أو شيئًا يفسد ذبح أو أصلح انتهى.


[ قــ :2209 ... غــ : 2304 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ الْمُعْتَمِرَ أَنْبَأَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ نَافِعٍ أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُمْ غَنَمٌ تَرْعَى بِسَلْعٍ فَأَبْصَرَتْ جَارِيَةٌ لَنَا بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِنَا مَوْتًا، فَكَسَرَتْ حَجَرًا فَذَبَحَتْهَا بِهِ، فَقَالَ لَهُمْ: لاَ تَأْكُلُوا حَتَّى أَسْأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-أَوْ أُرْسِلَ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَنْ يَسْأَلُهُ- وَأَنَّهُ سَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ ذَاكَ -أَوْ أَرْسَلَ- فَأَمَرَهُ بِأَكْلِهَا".

قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَيُعْجِبُنِي أَنَّهَا أَمَةٌ وَأَنَّهَا ذَبَحَتْ.
تَابَعَهُ عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ.
[الحديث 2304 - أطرافه في: 5501، 5502، 5504] .

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد ( إسحاق بن إبراهيم) بن راهويه أنه ( سمع المعتمر) بن سليمان يقول ( أنبأنا عبيد الله) بالتصغير ابن عمر العمري واستعمل الانباء بصيغة الجمع ولا فرق عنده كآخرين بين لفظ أنبأنا وأخبرنا وحدّثنا وخصّ المتأخرون الأول بالإجازة كما مرّ تفصيله في أوائل الكتاب ( عن نافع) مولى ابن عمر ( أنه سمع ابن كعب بن مالك) عبد الله كما جزم به المزي أو هو أخوه عبد الرحمن قال ابن حجر كالكرماني أنه الظاهر لأنه روى طرفًا من هذا الحديث كما عند ابن وهب عن أسامة بن زيد عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ( يحدّث عن أبيه) كعب بن مالك الأنصاري أحد الثلاثة الذين تِيبَ عليهم ( أنه) أي أن الشأن ( كانت لهم) بضمير الجمع ولأبي ذر عن الحموي والمستملي له بضمير الإفراد ( غنم) شامل للضأن والمعز ( ترعى بسلع) بفتح السين المهملة وبعد اللام الساكنة عين مهملة جبل بطيبة ( فأبصرت جارية لنا) لم يعرف اسمها ( بشاة من غنمنا موتًا) بنون الجمع، وللكشميهني: من غنمها أي غنم الجارية التي ترعاها فالإضافة ليست للملك ( فكسرت حجرًا) يجرح كالسكين ( فذبحتها به) فيه جواز ذبيحة الحرة والأمة والذبح بكل جارح إلا السن والظفر فورد استثناؤهما كما سيأتي إن شاء الله تعالى في بابهما.

( فقال لهم) كعب: ( لا تأكلوا) منها شيئًا ( حتى أسأل النبي) ولأبي ذر: رسول الله ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أو) قال حتى ( أرسل إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من يسأله) عن ذلك شك الراوي ( وأنه سأل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن ذاك) أي عن ذبح الشاة وفي نسخة عن ذلك باللام ( أو أرسل) إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من يسأله فسأله ( فأمره) عليه الصلاة والسلام ( بأكلها.
قال عبيد الله)
بن عمر العمري راوي الحديث بالإسناد المذكور إليه ( فيعجبني أنها أمة وأنها ذبحت) .

( تابعه) أي تابع المعتمر بن سليمان ( عبدة) بفتح العين المهملة وسكون الموحدة ابن سليمان الكوفي في روايته ( عن عبيد الله) المذكور وهذه المتابعة وصلها المؤلّف -رحمه الله- في كتاب الذبائح.

وفي هذا الحديث تصديق الراعي والوكيل فيما ائتمن عليه حتى يظهر عليه دليل الخيانة والكذب.
قال في عمدة القاري: وهو قول مالك وجماعة.
وقال ابن القاسم: إذا خاف الموت على شاة فذبحها لم يضمن ويصدق إن جاء بها مذبوحة، وقال غيره: يضمن حتى يبين ما قال، وقال ابن القاسم: إذا أنزى على إناث الماشية بغير إذن مالكها فهلكت فلا ضمان عليه لأنه من صلاح المال ونمائه، وقال أشهب: عليه الضمان.

ومطابقة الترجمة للحديث في مسألة الراعي لأن الجارية كانت راعية للغنم فلما رأت شاة منها تموت ذبحتها، ولما رفع أمرها إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمر بأكلها ولم ينكر على من ذبحها، وأما مسألة الوكيل فملحقة بها لأن يد كل من الراعي والوكيل يد أمانة فلا يعملان إلا بما فيه مصلحة ظاهرة ولا يمنع من ذلك كون الجارية كانت ملكًا لصاحب الغنم لأن الكلام في جواز الذبح الذي تضمنته الترجمة لا في الضمان.

وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الذبائح وكذا ابن ماجة.