فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب


[ قــ :3794 ... غــ : 3983 ]
- حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: سَمِعْتُ حُصَيْنَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ عَنْ عَلِيٍّ -رضي الله عنه- قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَبَا مَرْثَدٍ وَالزُّبَيْرَ وَكُلُّنَا فَارِسٌ قَالَ: انْطَلِقُوا حَتَّى تَأْتُوا رَوْضَةَ خَاخٍ فَإِنَّ بِهَا امْرَأَةً مِنَ الْمُشْرِكِينَ مَعَهَا كِتَابٌ مِنْ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَأَدْرَكْنَاهَا تَسِيرُ عَلَى بَعِيرٍ لَهَا حَيْثُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقُلْنَا الْكِتَابُ فَقَالَتْ: مَا مَعَنَا كِتَابٌ فَأَنَخْنَاهَا فَالْتَمَسْنَا فَلَمْ نَرَ كِتَابًا فَقُلْنَا مَا كَذَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لَنُجَرِّدَنَّكِ فَلَمَّا رَأَتِ الْجِدَّ أَهْوَتْ إِلَى حُجْزَتِهَا وَهْيَ مُحْتَجِزَةٌ بِكِسَاءٍ فَأَخْرَجَتْهُ فَانْطَلَقْنَا بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ فَدَعْنِي فَلأَضْرِبْ عُنُقَهُ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ»؟ قَالَ حَاطِبٌ: وَاللَّهِ مَا بِي أَنْ لاَ أَكُونَ مُؤْمِنًا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَرَدْتُ أَنْ تَكُونَ لِي عِنْدَ الْقَوْمِ يَدٌ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهَا عَنْ أَهْلِي وَمَالِي وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ إِلاَّ لَهُ هُنَاكَ مِنْ عَشِيرَتِهِ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ، فَقَالَ: «صَدَقَ وَلاَ تَقُولُوا لَهُ إِلاَّ خَيْرًا فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ فَدَعْنِي فَلأَضْرِبَ عُنُقَهُ فَقَالَ: «أَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ»؟ فَقَالَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ إِلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ «اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الْجَنَّةُ، أَوْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ» فَدَمَعَتْ عَيْنَا عُمَرَ.

     وَقَالَ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد ( إسحاق بن إبراهيم) بن راهويه الحنظلي قال: ( أخبرنا عبد الله بن إدريس) بن يزيد الأودي ( قال: سمعت حصين بن عبد الرحمن) بضم الحاء وفتح
الصاد المهملتين السلمي الكوفي ( عن سعد بن عبيدة) بإسكان العين في الأول وضمها في الثاني مصغرًا السلمي ( عن أبي عبد الرحمن) عبد الله بن خبيب بن ربيعة بفتح الموحدة وتشديد التحتية ( السلمي) الكوفي المقرئ مشهور بكنيته ولأبي صحبة ( عن علي -رضي الله عنه-) أنه ( قال: بعثني رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأبا مرثد) بفتح الميم والمثلثة بينهما راء ساكنة.
زاد الغنوي بفتح الغين المعجمة والنون ( والزبير) زاد الأربعة ابن العوّام ( وكلنا فارس) وهذا لا ينافي ما وقع في باب الجاسوس من الجهاد أنه بعث مع علي الزبير والمقداد إذ رواية الجهاد لا تنفي الزائد هنا ( قال: انطلقوا) بكسر اللام ( حتى تأتوا روضة خاخ) بمعجمتين موضع بين مكة والمدينة ( فإن بها امرأة من المشركين) اسمها سارة على المشهور ( معها كتاب من حاطب بن أبي بلتعة) سقط لابن عساكر ابن أبي بلتعة ( إلى المشركين) من أهل مكة صفوان بن أمية وسهيل بن عمرو وعكرمة بن أبي جهل يخبرهم ببعض أمر النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فأدركناها) حال كونها ( تسير على بعير لها حيث قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فقلنا)
لها أخرجي ( الكتاب.
فقالت: ما معنا كتاب)
ولأبي ذر الكتاب ( فأنخناها) أي أنخنا البعير الذي هي عليه ( فالتمسنا) الكتاب ( فلم نر كتابًا فقلنا) ولأبوي ذر والوقت قلنا ( ما كذب) بفتحتين، وللأصيلي: ما كذب بضم الكاف وكسر المعجمة مخففة ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لتخرجن الكتاب) بضم الفوقية وسكون المعجمة وكسر الراء والجيم والنون الثقيلة ( أو لنجردنك) الثياب ( فلما رأت الجد) بكسر الجيم ( أهوت) بيدها ( إلى حجزتها) بضم الحاء المهملة وسكون الجيم بعدها زاي معقد الإِزار ( وهي محتجزة بكساء فأخرجته) أي الكتاب من حجزتها ( فانطلقنا بها) بالصحيفة المكتوب فيها ( إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فلما قرئت ( فقال عمر: يا رسول الله قد خان الله ورسوله والمؤمنين فدعني فلأضرب عنقه) بالجزم وفتح اللام ولأبي ذر فلأضرب بكسر اللام وفتح الباء الموحدة وللأصيلي لأضرب كذلك لكن بإسقاط الفاء ( فقال) له ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) : وسقط لفظ النبي والتصلية لأبي ذر والأصيلي وابن عساكر.

( ما حملك على ما صنعت) ؟ يا حاطب ( قال حاطب: والله) ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر قال: والله ( ما بي أن لا) بفتح الهمزة ( أكون) ولأبي ذر عن الحموي إلا أن أكون بكسر الهمزة، ولأبي ذر عن الكشميهني: ما بي أن أكون بفتح همزة أن وحذف لا ( مؤمنًا بالله ورسوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وسقطت التصلية لأبي ذر ( أردت أن تكون لي عند القوم) مشركي قريش ( يد) نعمة ومنّة عليهم ( يدفع الله بها عن أهلي ومالي وليس أحد من أصحابك إلا له هناك) بمكة ( من عشيرته من يدفع الله به عن أهله وماله.
فقال)
: النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( صدق ولا تقولوا له إلا خيرًا فقال عمر: إنه قد خان الله ورسوله والمؤمنين فدعني أضرب عنقه) .

قال في المصابيح: هذا مما استشكله جدًّا وذلك لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد شهد له بالصدق ونهى أن يقال له إلا الخير، فكيف ينسب بعد ذلك إلى خيانة الله ورسوله والمؤمنين وهو مناف للأخبار بصدقه والنهي عن إذايته، ولعل الله عز وجل يوفق للجواب عن ذلك اهـ.

وقد أجيب: بأن هذا على عادة عمر في القوّة في الدين وبغضه للمنافقين فظن أن فعله هذا موجب لقتله، لكن لم يجزم بذلك، ولذا استأذن في قتله، وأطلق عليه النفاق لكونه أبطن خلاف ما أظهر والنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عذره لأنه كان متأولاً إذ لا ضرر في فعله.

( فقال) عليه الصلاة والسلام ( أليس) أي حاطب ( من أهل بدر) وكأن عمر -رضي الله عنه- قال: وهل كونه من أهل بدر يسقط هذا الذنب؟ فأجاب بقوله ( فقال) : عليه الصلاة والسلام ( لعل الله اطلع على أهل بدر فقال) تعالى مخاطبًا لهم خطاب تشريف وخصوصية ( اعملوا ما شئتم) في المستقبل ( فقد وجبت لكم الجنة أو فقد غفرت لكم) بالشك من الراوي والمراد غفرت لكم في الآخرة ( فدمعت عينا عمر) - رضي الله تعالى عنه - ( وقال: الله ورسوله أعلم) .
والتعبير بالخبر بلفظ الماضي في قوله: غفرت مبالغة في تحقيقه وكلمة لعل في كلام الله ورسوله للوقوع.
وفي حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عند أحمد وأبي داود: إن الله تعالى اطّلع فأسقط لفظ لعل وليس المراد من قوله: اعملوا ما شئتم الإباحة إذ هو خلاف عقد الشرع، فيحتمل أن يكون المراد أنه لو قدر صدور ذنب من أحد منهم لبادر بالتوبة ولازم الطريقة المثلى، وقيل غير ذلك مما سبق في باب الجاسوس من كتاب الجهاد والله تعالى الموفق والمعين على الإكمال والمتفضل بالقبول.


باب
هذا ( باب) بالتنوين بغير ترجمة.


[ قــ :3795 ... غــ : 3984 ]
- حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُعْفِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْمُنْذِرِ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ بَدْرٍ: «إِذَا أَكْثَبُوكُمْ فَارْمُوهُمْ وَاسْتَبْقُوا نَبْلَكُمْ».

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد ( عبد الله بن محمد الجعفي) المسندي وسقط الجعفي لأبي ذر والأصيلي وابن عساكر قال: ( حدّثنا أبو أحمد) محمد بن عبد الله ( الزبيري) بضم الزاي وليس من نسل الزبير بن العوّام، وسقط الزبيري لأبي ذر وابن عساكر قال: ( حدّثنا عبد الرحمن بن الغسيل) اسمه حنظلة ( عن حمزة بن أبي أسيد) بالحاء المهملة والزاي وأسيد بضم الهمزة وفتح المهملة مصغرًا اسمه مالك بن ربيعة الأنصاري الساعدي المدني المتوفى في خلافة الوليد بن عبد الملك ( والزبير بن المندر بن أبي أسيد عن أبي أسيد) مالك بن ربيعة المذكور ( -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قال لنا رسول الله) ولأبي ذر وابن عساكر النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم بدر) :
( إذا أكثبوكم) بالمثلثة المفتوحة أي قربوا منكم، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: أكتبوكم بالمثناة الفوقية ( فارموهم) بالنبل ( واستبقوا) بالفوقية والموحدة الساكنة والقاف المضمومة ( نبلكم) أي إذا كانوا على بُعد فلا ترموهم فإنه إذا رمي عن البعد سقط في الأرض فلا يحصل الغرض من نكاية العدوّ وإذا صانها عن هذا استبقاها لوقت حاجته إليه عند القرب.




[ قــ :3795 ... غــ : 3985 ]
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْغَسِيلِ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ وَالْمُنْذِرِ بْنِ أَبِي أُسَيْدٍ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ -رضي الله عنه- قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ بَدْرٍ «إِذَا أَكْثَبُوكُمْ: يَعْنِي كَثَرُوكُمْ فَارْمُوهُمْ وَاسْتَبْقُوا نَبْلَكُمْ».

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد ( محمد بن عبد الرحيم) المعروف بصاعقة قال: ( حدّثنا أبو أحمد) محمد بن عبد الله ( الزبيري) قال: ( حدّثنا عبد الرحمن بن الغسيل) حنظلة ( عن حمزة بن أبي أسيد) مالك ( والمنذر بن أبي أسيد) مالك ولد في عهد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فسماه فعدّ في الصحابة لذلك وهذا كما تراه في الفرع كأصله وغيرهما من الأصول المعتمدة والمنذر بإسقاط الزبير الثابت في الرواية الأولى.

قال الكرماني: والمفهوم من بعض الكتب أن الزبير هو المنذر نفسه سماه الرسول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالمنذر لكن قال في الفتح، وأبعد من قال: إن الزبير هو المنذر نفسه وفي نسخة نبه عليها في الكواكب، ولم يذكر الحافظ ابن حجر -رحمه الله- غيرها، والزبير بن أبي أسيد بدل قوله والمنذر بن أبي أسيد فأسقط لفظ المنذر الثابت بعد الزبير في الرواية الأولى، فقيل إنه هو المذكور في الأولى ونسبه في الثانية إلى جده، وصوب في الفتح أن الزبير الثاني عم الأول ( عن أبي أسيد -رضي الله عنه-) أنه ( قال: قال لنا رسول الله) ولأبي ذر: النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يوم بدر) :
( إذا أكثبوكم) بالمثلثة ( يعني كثروكم) بالمثلثة أيضًا مخففة، ولأبي ذر وابن عساكر: أكثروكم.

قيل: وهذا التفسير غير معروف في اللغة والكثب والقرب كما مرّ فمعنى أكثبوكم قاربوكم والهمزة للتعدية.
وقال ابن فارس: أكثب الصيد إذا أمكن من نفسه فالمعنى إذا قربوا منكم فأمكنوكم من أنفسهم ( فارموهم) بالنبل ( واستبقوا) بسكون الموحدة ( نبلكم) في الحالية التي إذا رميتم بها لا تصيب غالبًا فأما إذا صاروا إلى الحالة التي يمكن فيها الإصابة غالبًا فارموا.




[ قــ :3797 ... غــ : 3986 ]
- حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: جَعَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَى الرُّمَاةِ يَوْمَ أُحُدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ فَأَصَابُوا مِنَّا سَبْعِينَ وَكَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ أَصَابُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعِينَ وَمِائَةً سَبْعِينَ أَسِيرًا وَسَبْعِينَ قَتِيلاً.
قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَوْمٌ بِيَوْمِ بَدْرٍ وَالْحَرْبُ سِجَالٌ.

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد ( عمرو بن خالد) بفتح العين ابن فروخ الجزري الحراني قال: ( حدّثنا زهير) هو ابن معاوية قال: ( حدّثنا أبو إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي ( قال: سمعت البراء بن عازب -رضي الله عنهما- قال: جعل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على الرماة يوم أُحُد عبد الله بن جبير) بضم الجيم مصغرًا الأنصاري أميرًا ( فأصابوا منا) أي أصاب المشركون من المسلمين ( سبعين) بالموحدة بعد السين ( وكان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه أصابوا) ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر: أصاب ( من المشركين يوم بدر أربعين ومائة وسبعين) بالموحدة بعد السين ( أسيرًا وسبعين) بالموحدة أيضًا ( قتيلاً قال أبو سفيان) : صخر بن حرب ( يوم بدر والحرب سجال) بكسر السين المهملة أي نوب
نوبة لنا ونوبة له كما قال في الحديث السابق ينال منا وننال منه أي يصيب منا ونصيب منه.




[ قــ :3798 ... غــ : 3987 ]
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدٍ عَنْ جَدِّهِ أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى أُرَاهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «وَإِذَا الْخَيْرُ مَا جَاءَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْخَيْرِ بَعْدُ وَثَوَابُ الصِّدْقِ الَّذِي آتَانَا بَعْدَ يَوْمِ بَدْرٍ».

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد ( محمد بن العلاء) أبو كريب الهمداني الكوفي قال: ( حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة ( عن بريد) بضم الموحدة مصغرًا ابن عبد الله ( عن جده أبي بردة) عامر بن أبي موسى ( عن أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري -رضي الله عنه- ( أراه) بضم الهمزة أظنه ( عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال) :
( وإذا الخير) قطعة من حديث مرّ في علامات النبوة بهذا الإسناد أوله عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: رأيت في المنام أني أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل فذهب وهلي إلى أنها اليمامة أو هجر فإذا هي المدينة يثرب، ورأيت في رؤياي هذه أني هززت سيفًا فانقطع صدره فإذا هو ما أصيب من المؤمنين يوم أُحُد، ثم هززته بأخرى فعاد أحسن ما كان فإذا هو ما جاء الله عز وجل به من الخير وثواب الفتح واجتماع المؤمنين، ورأيت فيها بقرًا والله خير فإذا هم المؤمنون يوم أُحُد وإذا الخير ( ما جاء الله به من الخير بعد) بضم الدال أي بعد يوم أُحُد ( وثواب الصدق) برفع ثواب مصححًا عليه في الفرع كأصله وبالجر عطفًا على الخير ( الذي أتانا بعد يوم) غزوة ( بدر) الثانية من تثبت قلوب المؤمنين لأن الناس قد جمعوا لهم وخوفوهم فزادهم ذلك إيمانًا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل.




[ قــ :3799 ... غــ : 3988 ]
- حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إبْراهِيمَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ إِنِّي لَفِي الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ إِذِ الْتَفَتُّ فَإِذَا عَنْ يَمِينِي وَعَنْ يَسَارِي فَتَيَانِ حَدِيثَا السِّنِّ فَكَأَنِّي لَمْ آمَنْ بِمَكَانِهِمَا إِذْ قَالَ لِي أَحَدُهُمَا سِرًّا مِنْ صَاحِبِهِ يَا عَمِّ أَرِنِي أَبَا جَهْلٍ فَقُلْتُ: يَا ابْنَ أَخِي وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: عَاهَدْتُ اللَّهَ إِنْ رَأَيْتُهُ أَنْ أَقْتُلَهُ أَوْ أَمُوتَ دُونَهُ، فَقَالَ لِي الآخَرُ سِرًّا مِنْ صَاحِبِهِ مِثْلَهُ، قَالَ: فَمَا سَرَّنِي أَنِّي بَيْنَ رَجُلَيْنِ مَكَانَهُمَا فَأَشَرْتُ لَهُمَا إِلَيْهِ فَشَدَّا عَلَيْهِ مِثْلَ الصَّقْرَيْنِ حَتَّى ضَرَبَاهُ وَهُمَا ابْنَا عَفْرَاءَ.

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد ( يعقوب بن إبراهيم) كذا لأبي ذر بإثبات ابن إبراهيم وكذا للأصيلي فيما قاله الحافظ ابن حجر رحمه الله، وقال المزي: إنه الدورقي وقد سقط ما ثبت في روايتهما لغيرهما فجزم الكلاباذي بأنه حميد بن كاسب، وجوّز الحاكم أن يكون يعقوب بن محمد الزهري.
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: إما أن يكون الدورقي أو ابن محمد الزهري.

قال: ( حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين ( عن أبيه) سعد بن إبراهيم ( عن جده) عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- أنه ( قال: قال عبد الرحمن بن عوف: إني لفي الصف يوم) وقعة ( بدر إذا التفت فإذا عن يميني وعن يساري فتيان) زاد في باب من لم يخمس الأسلاب من
الخُمس من الأنصار ( حديثا السن فكأني لم آمن) بمد الهمزة وفتح الميم من العدوّ ( بمكانهما) أي بجهة مكانهما وهو كناية عنهما، كأنه لم يثق بهما لأنه لم يعرفهما فلم يأمن أن يكونا من العدوّ، وفي مغازي ابن عائذ بإسناد منقطع فأشفقت أن يؤتى الناس من قبلي لكوني بين غلامين حديثين ( إذ قال لي أحدهما سرًّا من صاحبه: يا عمّ أرني أبا جهل فقلت) له ( يا ابن أخي وما) بالواو ولابن عساكر ما ( تصنع به؟ قال: عاهدت الله) عز وجل ( إن رأيته أن أقتله أو أموت دونه) قال العيني: الأولى أن "أو" بمعنى "إلى" أي إلى أن أموت دونه ( فقال لي الآخر سرًّا من صاحبه مثله.
قال)
عبد الرحمن ( فما سرني أني بين رجلين مكانهما فأشرت لهما إليه) أي إلى أبي جهل ( فشدّا عليه مثل الصقرين) اللذين يصاد بهما ( حتى ضرباه) بسيفهما حتى قتلاه ( وهما) أي الفتيان معاذ ومعوّذ ( ابنا عفراء) بفتح العين وسكون الفاء ممدودًا اسم أمهما وأبوهما الحارث بن رفاعة.




[ قــ :3800 ... غــ : 3989 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ أَخْبَرَنَا ابْنُ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُمَرُ بْنُ أَسِيدِ بْنِ جَارِيَةَ الثَّقَفِيُّ حَلِيفُ بَنِي زُهْرَةَ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشَرَةً عَيْنًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الأَنْصَارِيَّ جَدَّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَةِ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لِحْيَانَ فَنَفَرُوا لَهُمْ بِقَرِيبٍ مِنْ مِائَةِ رَجُلٍ رَامٍ فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى وَجَدُوا مَأْكَلَهُمُ التَّمْرَ فِي مَنْزِلٍ نَزَلُوهُ فَقَالُوا: تَمْرُ يَثْرِبَ فَاتَّبَعُوا آثَارَهُمْ فَلَمَّا حَسَّ بِهِمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَئُوا إِلَى مَوْضِعٍ فَأَحَاطَ بِهِمُ الْقَوْمُ فَقَالُوا لَهُمْ انْزِلُوا فَأَعْطُوا بِأَيْدِيكُمْ وَلَكُمُ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ أَنْ لاَ نَقْتُلَ مِنْكُمْ أَحَدًا، فَقَالَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ: أَيُّهَا الْقَوْمُ أَمَّا أَنَا فَلاَ أَنْزِلُ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ فَقَتَلُوا عَاصِمًا وَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ عَلَى الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ مِنْهُمْ خُبَيْبٌ وَزَيْدُ بْنُ الدَّثِنَةِ وَرَجُلٌ آخَرُ فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ فَرَبَطُوهُمْ بِهَا قَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ: هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ وَاللَّهِ لاَ أَصْحَبُكُمْ إِنَّ لِي بِهَؤُلاَءِ أُسْوَةً يُرِيدُ الْقَتْلَى فَجَرَّرُوهُ وَعَالَجُوهُ فَأَبَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ فَانْطُلِقَ بِخُبَيْبٍ وَزَيْدِ بْنِ الدَّثِنَةِ حَتَّى بَاعُوهُمَا بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ فَابْتَاعَ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلٍ خُبَيْبًا وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ فَلَبِثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا حَتَّى أَجْمَعُوا قَتْلَهُ فَاسْتَعَارَ مِنْ بَعْضِ بَنَاتِ الْحَارِثِ مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا فَأَعَارَتْهُ فَدَرَجَ بُنَىٌّ لَهَا وَهْيَ غَافِلَةٌ حَتَّى أَتَاهُ فَوَجَدَتْهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَالْمُوسَى بِيَدِهِ، قَالَتْ: فَفَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ فَقَالَ: أَتَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ؟ مَا كُنْتُ لأَفْعَلَ ذَلِكَ؟ قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ، وَاللَّهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَوْمًا يَأْكُلُ قِطْفًا مِنْ عِنَبٍ فِي يَدِهِ وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ بِالْحَدِيدِ وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرَةٍ وَكَانَتْ تَقُولُ إِنَّهُ لَرِزْقٌ رَزَقَهُ اللَّهُ خُبَيْبًا فَلَمَّا خَرَجُوا بِهِ مِنَ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِي الْحِلِّ قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ: دَعُونِي أُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ فَتَرَكُوهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ فَقَالَ: وَاللَّهِ لَوْلاَ أَنْ تَحْسِبُوا أَنَّ مَا بِي جَزَعٌ لَزِدْتُ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا، وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا وَلاَ تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
فَلَسْتُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا ... عَلَى أَيِّ جَنْبٍ كَانَ لِلَّهِ مَصْرَعِي
وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ ... يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُمَزَّعِ
ثُمَّ قَامَ إِلَيْهِ أَبُو سِرْوَعَةَ عُقْبَةُ بْنُ الْحَارِثِ فَقَتَلَهُ وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ سَنَّ لِكُلِّ مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْرًا الصَّلاَةَ وَأَخْبَرَ يَعْنِي النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَصْحَابَهُ يَوْمَ أُصِيبُوا خَبَرَهُمْ، وَبَعَثَ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى عَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ حِينَ حُدِّثُوا أَنَّهُ قُتِلَ أَنْ يُؤْتَوْا بِشَىْءٍ مِنْهُ يُعْرَفُ وَكَانَ قَتَلَ رَجُلاً عَظِيمًا مِنْ عُظَمَائِهِمْ فَبَعَثَ اللَّهُ لِعَاصِمٍ مِثْلَ الظُّلَّةِ مِنَ الدَّبْرِ فَحَمَتْهُ مِنْ رُسُلِهِمْ فَلَمْ يَقْدِرُوا أَنْ يَقْطَعُوا مِنْهُ شَيْئًا.
.

     وَقَالَ  كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: ذَكَرُوا مُرَارَةَ بْنَ الرَّبِيعِ الْعَمْرِيَّ وَهِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ الْوَاقِفِيَّ رَجُلَيْنِ صَالِحَيْنِ قَدْ شَهِدَا بَدْرًا.

وبه قال: ( حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي قال: ( حدّثنا إبراهيم) بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- قال: ( أخبرنا ابن شهاب) الزهري ( قال: أخبرني) بالإفراد ( عمر بن أسيد بن جارية) بضم العين في الأول.
وعن ابن السكن عمير بالتصغير والأول أصح وبفتح الهمزة وكسر المهملة بعدها تحتية ساكنة في الثاني وبالجيم في الثالث، وللأصيلي وابن عساكر وأبي ذر عن المستملي والكشميهني: عمرو بفتح العين، وللأصيلي وابن عساكر وأبي ذر عن المستملي: ابن أسيد، ولأبي ذر عن الحموي: ابن أبي أسيد بزيادة أبي، وفي الفتح عن الكشميهني: عمرو بن جارية فنسبه إلى جده، وسبق في باب: هل يستأسر الرجل من كتاب الجهاد عمرو بن أبي سفيان بن أسيد بن جارية ( الثقفي) بالمثلثة ( حليف بني زهرة) بضم الزاي وسكون الهاء ( وكان) عمر ( من أصحاب أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه ( قال: بعث رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عشرة) من الرجال ( عينًا) نصب بدلاً من عشرة أي جاسوسًا سبق تسمية بعضهم في الجهاد وهو: مرثد الغنوي، وخالد بن البكير الليثي، وعاصم بن ثابت أميرهم، وخبيب بن عدي، وزيد بن الدثنة، وعبد الله بن طارق، ومعتب بن عبيد البلوي ( وأمّر) بتشديد الميم ( عليهم عاصم بن ثابت) بالمثلثة ابن أبي الأقلح ( الأنصاري جد عاصم بن عمر بن الخطاب) لأمه واسمها جميلة بفتح الجيم ( حتى إذا كانوا بالهدة) بفتح الهاء والدال المهملة المشددة بلا همز ولأبي ذر والأصيلي بالهدأة بفتح الدال مخففة بعدها همزة مفتوحة وفي نسخة صحيحة كما قال في اليونينية بالهدأة بتسكين الدال مع الهمزة موضع ( بين عسفان ومكة ذكروا) بضم المعجمة ( لحيّ من هذيل) بضم الهاء وفتح المعجمة ( يقال لهم: بنو لحيان) بكسر اللام مصححًا عليها في الفرع كأصله وحكى فتحها ابن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر ( فنفروا لهم) بتخفيف الفاء وتشدد أي استنجدوا لهم ( بقريب من مائة رجل رام) بالنبل ( فاقتصوا) بالقاف والصاد المهملة أي اتبعوا ( آثارهم حتى وجدوا مأكلهم) في مكان أكلهم ( التمر في منزل نزلوه فقالوا) : بالفاء ولأبي ذر عن الكشميهني قالوا وللحموي والمستملي فقال أي القوم هذا ( ثمر يثرب) بالمثلثة ( فاتبعوا آثارهم فلما حس) صوابه كما قال السفاقسي: أحس رباعيًا أي علم ( بهم عاصم وأصحابه لجأوا إلى موضع فأحاط بهم القوم فقالوا) :
أي بنو لحيان ( لهم) لعاصم وأصحابه ( أنزلوا) وسقط لأبي ذر لفظ لهم ( فأعطوا بأيديكم) بقطع همزة فاعطوا وحذف المفعول الأول أي انقادوا وسلموا ولأبي ذر عن الكشميهني فاعطونا ( ولكم العهد والميثاق أن لا نقتل منكم أحدًا، فقال عاصم بن ثابت) لأصحابه ( أيها القوم أما) بتشديد الميم ( أنا فلا أنزل في ذمة كافر) أي في عهده ( اللهم) ولغير أبي ذر ثم قال: اللهم ( أخبر) بقطع الهمزة وكسر الموحدة ( عنا نبيك -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) سقطت التصلية لأبي ذر ( فرموهم) بضم الميم في اليونينية وفرعها أي رمى الكفار المسلمين ( بالنبل) بفتح النون وسكون الموحدة بالسهام العريية ( فقتلوا) أمير القوم ( عاصمًا) زاد في الجهاد في سبعة أي من العشرة ( ونزل إليهم ثلاثة نفر على العهد والميثاق منهم: خبيب) بضم الخاء المعجمة وفتح الموحدة الأولى مصغرًا ابن عدي الأنصاري ( وزيد بن الدثنة) بفتح الدال المهملة وكسر المثلثة وفتح النون ( ورجل آخر) هو عبد الله بن طارق البلوي ( فلما استمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم) بالمثناة الفوقية ( فربطوهم بها.
قال الرجل الثالث)
: عبد الله بن طارق ( هذا أول الغدر والله لا أصحبكم إن لي بهؤلاء أسوة) بضم الهمزة ولأبي ذر إسوة بكسرها أي افتداء ( يريد القتلى فجرروه) بالجيم وتشديد الراء الأولى المفتوحتين ( وعالجوه) زاد في الجهاد على أن يصحبهم أي إلى مكة ( فأبى أن يصحبهم) وفي غزوة الرجيع: أنهم قتلوه.

( فانطلق) بضم الطاء مبنيًّا للمفعول ( بخبيب وزيد بن الدثنة حتى باعوهما) زاد في الجهاد بمكة ( بعد وقعة بدر فابتاع) اشترى ( بنو الحارث بن عامر بن نوفل) وهم عقبة وأبو سروعة وأخوهما لأمهما حجير بن أبي أهيب ( خبيبًا) واشترى ابن الدثنة صفوان بن أمية ( وكان خبيب هو قتل الحارث بن عامر يوم بدر) انتقده الحافظ الشرف الدمياطي بأن خبيبًا هذا هو ابن عدي لم يشهد بدرًا، وإنما الذي شهدها وقتل الحارث هو خبيب بن يساف انتهى.

والذي في الاستيعاب لابن عبد البر وأُسد الغابة لابن الأثير أن خبيب بن عدي شهد بدرًا وزاد الأول أن عقبة بن الحارث اشترى خبيب بن عدي وكان قد قتل أباه وذكر الأبيات في ترجمة خبيب بن يساف وشهد بدرًا وقتل أمية بن خلف.

( فلبث خبيب) يعني ابن عديّ ( عندهم) عند بني الحارث ( أسيرًا) لأنهم كانوا أخروه حتى تنقضي الأشهر الحرم ( حتى أجمعوا قتله فاستعار من بعض بنات الحارث موسى) بعدم الصرف لأنه على وزن فعلى أو بالصرف على أنه على وزن مفعل ( يستحد) أي يحلق ( بها) شعر عانته لئلا يظهر عند فتله ( فأعارته) ولأبي ذر والأصيلي وابن عساكر: فأعارت بحذف ضمير النصب ( فدرج) بجيم وفتحات أي ذهب ( بنيّ لها) بضم الموحدة مصغرًا ( وهي غافلة عنه حتى أتاه) أي أتى البنيّ إلى خبيب ( فوجدته مجلسه) بضم الميم اسم فاعل من الإِجلاس مضاف إلى المفعول ( على فخذه والموسى بيده) ولابن عساكر في يده ( قالت: ففزعت) بكسر الزاي لما رأت الصبي على فخذه والموسى بيده خوفًا أن يقتله ( فزعة عرفها خبيب فقال: أتخشين) بهمزة الاستفهام ( أن أقتله ما كنت لأفعل ذلك) بكسر الكاف ( قالت: والله ما رأيت أسيرًا) زاد أبو ذر عن الكشميهني قط ( خيرًا من خبيب، والله
لقد وجدته يومًا يأكل قطفًا)
بكسر القاف عنقودًا ( من عنب في يده وأنه لموثق بالحديد وما بمكة من ثمرة) بالمثلثة ( وكانت تقول: إنه لرزق رزقه الله خبيبًا) كرامة له والكرامة ثابتة للأولياء كالمعزة للأنبياء ( فلما خرجوا به) بخبيب ( من الحرم ليقتلوه في الحل قال لهم خبيب: دعوني أصلّي ركعتين فتركوه فركع ركعتين) في موضع مسجد التنعيم ( فقال: والله لولا أن تحسبوا أن ما بي جزع) من القتل ( لزدت) في الصلاة ( ثم قال: اللهم أحصهم عددًا) بهمزة قطع وبالحاء الساكنة والصاد المكسورة المهملتين أهلكهم واستأصلهم بحيث لا تبقي أحدًا منهم ( واقتلهم بددًا) بفتح الموحدة والدال المهملة الأولى مصدر بمعنى المتبدد أي ذوي بدد قاله السهيلي.
ويروى بكسر الموحدة جمع بدة وهي القطعة من الشيء المتبدد وهو نصب على الحال من المدعو عليهم، أما على الثاني فواضح أي متفرقين، وأما على الأول فعلى أن يكون التقدير ذوي بدد.
قال في المصابيح: ويجري فيه وجهان آخران أن يكون بددًا نفسه حالاً على جهة المبالغة أو على تأويله باسم الفاعل، وعند السهيلي في روضه أن الدعوة أجيبت فيمن مات كافرًا ومن قتل منهم بعد هذه الدعوة فإنما قتلوا بددًا غير معسكرين ولا مجتمعين.
( ولا تبق منهم أحدًا ثم أنشأ يقول) : ولأبي ذر وابن عساكر: وقال بدل قول ثم أنشأ يقول.
( فلست أبالي حين أقتل) بضم الهمزة وفتح الفوقية حال كوني ( مسلمًا ... على أي جنب كان لله مصرعي.
وذلك)
أي القتل ( في ذات الإله) أي في وجهه تعالى وطلب رضاه وثوابه ( وإن يشأ ... يبارك على) وفي نسخة في ( أوصال شلو) بكسر المعجمة وسكون اللام أي جسد ( ممزع) بالزاي مقطع.
والبيتان من قصيدة ذكرها ابن إسحاق أوّلها:
لقد جمع الأحزاب حولي وألبوا ... قبائلهم واستجمعوا كل مجمع
وقد قربوا أبناءهم ونساءهم ... وقربت من جذع طويل ممنع
وكلهم يبدي العداوة جاهدًا ... عليّ لأني في وثاق بمضيع
إلى الله أشكو غربتي بعد كربتي ... وما جمع الأحزاب لي عند مصرعي
فذا العرش صبرني على ما أصابني ... فقد بضعوا لحمي وقد ضلّ مطمعي
وذلك في ذات الإله وإن يشأ ... يبارك على أوصال شلو ممزع
وقد عرّضوا بالكفر والموت دونه ... وقد ذرفت عيناي من غير مدمع
وما بي حذار الموت إني لميت ... ولكن حذاري حرّ نار تلفع
فلست بمبد للعدو تخشعًا ... ولا جزعًا إني إلى الله مرجعي
فلست أبالي حين أقتل الخ.

( ثم قام إليه) إلى خبيب ( أبو سروعة) بكسر السين المهملة وسكون الراء وفتح الواو والعين لمهملة وبفتح السين لأبي ذر والأصيلي عن الحموي والمستملي ( عقبة بن الحارث فقتله، وكان خبيب
هو سنّ لكل مسلم قُتل صبرًا)
أي مصبورًا يعني محبوسًا للقتل ( الصلاة) وإنما صار ذلك سنّة لأنه فعل في حياته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فاستحسنه وأقرّه ( وأخبر يعني النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه) وفي نسخة وأخبر بضم الهمزة وكسر الموحدة أصحابه ( يوم أصيبوا) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: أصيب أي كل واحد منهم ( خبرهم) وسقط قوله يعني النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لغير ابن عساكر، وعند البيهقي في دلائله أن خبيبًا لما قال: اللهم إني لا أجد رسولاً إلى رسولك يبلغه عني السلام جاء جبريل عليه السلام فأخبره بذلك ( وبعث ناس من قريش إلى عاصم بن ثابت) أمير السرية ( حين حدثوا) بضم الحاء وكسر الدال المهملتين ( أنه قتل أن يؤتوا) بضم التحتية وفتح الفوقية ( بشيء منه يعرف) به كرأسه ( وكان) عاصم ( قتل رجلاً عظيمًا من عظمائهم) يوم بدر هو عقبة بن أبي معيط وسقط لأبي ذر والأصيلي وابن عساكر قوله عظيمًا ( فبعث الله لعاصم مثل الظلة) بضم الظاء المعجمة وتشديد اللام السحابة المظلة ( من الدبر) بفتح المهملة وإسكان الموحدة ذكور النحل أو الزنابير ( فحمته) حفظته ( من رسلهم فلم يقدروا أن يقطعوا منه شيئًا) لأنه كان حلف أن لا يمس مشركًا ولا يمسه مشرك فبرّ الله قسمه.

وسبق هذا الحديث في الجهاد.

( وقال كعب بن مالك) : في حديثه الطويل الآتي إن شاء الله تعالى في غزوة تبوك ( ذكروا) بفتح العين المهملة وسكون الميم ( وهلال بن أمية الواقفي) بقديم القاف على الفاء ( رجلين صالحين قد شهدا بدرًا) وهذا يرد على الدمياطي وغيره حيث قالوا: لم يذكر أحد مرارة وهلالاً في البدريين وما في الصحيح أصح والمثبت مقدم على النافي.




[ قــ :3801 ... غــ : 3990 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدَ حَدَّثَنَا اللَيْثٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ نَافِعٍ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ -رضي الله عنهما- ذُكِرَ لَهُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ وَكَانَ بَدْرِيًّا مَرِضَ فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ فَرَكِبَ إِلَيْهِ بَعْدَ أَنْ تَعَالَى النَّهَارُ وَاقْتَرَبَتِ الْجُمُعَةُ وَتَرَكَ الْجُمُعَةَ.

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) سقط ابن سعيد لغير أبي ذر قال: ( حدّثنا الليث) بن سعد الإمام -رضي الله عنه- كذا في الفرع بالتعريف وفي أصله ليث ( عن يحيى) بن سعيد الأنصاري ( عن نافع) مولى ابن عمر ( أن ابن عمر -رضي الله عنهما- ذكر له) بضم الذال المعجمة ( أن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل) أحد العشرة المبشرة ( وكان بدريًّا) لم يشهد بدرًا لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعثه هو وطلحة يتجسسان الأخبار فوقع القتال قبل أن يرجعا فألحقهما النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمن شهدها وضرب لهما بسهميهما وأجرهما فكانا كمن شهدها ( مرض) أي سعيد ( في يوم جمعة فركب إليه) ابن عمر ليعوده ( بعد أن تعالى النهار واقتربت الجمعة وترك الجمعة) لعذر إشراف قريبه سعيد على الهلاك إذ كان ابن عم عمر وزوج أخته.




[ قــ :3801 ... غــ : 3991 ]
- وَقَالَ اللَّيْثُ حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُتْبَةَ أَنَّ أَبَاهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَرْقَمِ الزُّهْرِيِّ يَأْمُرُهُ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى سُبَيْعَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ الأَسْلَمِيَّةِ فَيَسْأَلَهَا عَنْ حَدِيثِهَا وَعَنْ مَا قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، حِينَ اسْتَفْتَتْهُ فَكَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَرْقَمِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ يُخْبِرُهُ أَنَّ سُبَيْعَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ سَعْدِ ابْنِ خَوْلَةَ وَهْوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا فَتُوُفِّيَ عَنْهَا فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَهْيَ حَامِلٌ فَلَمْ تَنْشَبْ أَنْ وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ وَفَاتِهِ فَلَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا تَجَمَّلَتْ لِلْخُطَّابِ فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو السَّنَابِلِ بْنُ بَعْكَكٍ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ فَقَالَ لَهَا مَا لِي أَرَاكِ تَجَمَّلْتِ لِلْخُطَّابِ تُرَجِّينَ النِّكَاحَ فَإِنَّكِ وَاللَّهِ مَا أَنْتِ بِنَاكِحٍ حَتَّى تَمُرَّ عَلَيْكِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ قَالَتْ سُبَيْعَةُ: فَلَمَّا قَالَ لِي ذَلِكَ جَمَعْتُ عَلَىَّ ثِيَابِي حِينَ أَمْسَيْتُ وَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَأَفْتَانِي بِأَنِّي قَدْ حَلَلْتُ حِينَ وَضَعْتُ حَمْلِي وَأَمَرَنِي بِالتَّزَوُّجِ إِنْ بَدَا لِي.
تَابَعَهُ أَصْبَغُ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ.

     وَقَالَ  اللَّيْثُ: حَدَّثَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ وَسَأَلْنَاهُ فَقَالَ: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ مَوْلَى بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِيَاسِ بْنِ الْبُكَيْرِ وَكَانَ أَبُوهُ شَهِدَ بَدْرًا أَخْبَرَهُ.
[الحديث 3991 - طرفه في 5319] .

( وقال الليث) بن سعد الإِمام -رضي الله عنه- مما وصله قاسم بن أصبغ في مصنفه: ( حدثني) بالإفراد ( يونس) بن يزيد الأيلي ( عن ابن شهاب) الزهري أنه ( قال: حدثني) بالتوحيد ( عبيد الله) بضم العين ( ابن عبد الله بن عتبة) بن مسعود ( أن أباه) عبد الله ( كتب إلى عمر بن عبد الله بن الأرقم) بن عبد يغوث ( الزهري يأمره أن يدخل على سبيعة) بضم السين المهملة وفتح الموحدة ( بنت الحارث الأسلمية فيسألها عن حديثها وعن ما) بفصل عن من لاحقتها ولأبي ذر: وعما ( قال لها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حين استفتته) عن ذلك ( فكتب عمر بن عبد الله بن الأرقم إلى عبد الله بن عتبة) بن مسعود ( يخبره أن سبيعة بنت الحارث) الأسلمية ( أخبرته أنها كانت تحت سعد بن خولة) بسكون العين وفتح الخاء المعجمة وسكون الواو ( وهو من بني عامر بن لؤي) من أنفسهم أو حليف لهم ( وكان ممن شهد بدرًا فتوفي عنها في حجة الوداع) اتفاقًا خلافًا لابن جرير حيث قال: توفي سنة سبع ( وهي حامل فلم تنشب) بالفوقية المفتوحة والنون الساكنة والمعجمة المفتوحة بعدها موحدة أي فلم تلبث ( أن وضعت حملها بعد وفاته) بليال أو بخمسة وعشرين أو أقل ( فلما تعلت) بفتح العين المهملة وتشيد اللام أي خرجت من نفاسها وطهرت ( من نفاسها تجملت) بالجيم تزينت ( للخطاب) بضم الخاء المعجمة وتشديد الطاء المهملة ( فدخل عليها أبو السنابل) بفتح السين المهملة والنون وبعد الألف موحدة فلام حبة بالحاء المهملة المفتوحة والموحدة المشدّدة كما قال ابن ماكولا، أو بالنون بدل الموحدة ( ابن بعكك رجل من بني عبد الدار) بفتح الموحدة وسكون العين المهملة وفتح الكاف الأولى منصرفًا القرشي العامري قاله أبو عمر.
قال أبو موسى: ابن بعكك بن الحارث بن السباق بن عبد الدار بن قصي.
قال ابن
الأثير، وقول أبي موسى أنه من عبد الدار أصح وهو من مسلمة الفتح ( فقال لها) : أي قال أبو السنابل لسبيعة ( ما لي أراك تجملت للخطّاب ترجين النكاح) بضم الفوقية وفتح الراء وتشديد الجيم المكسورة ولأبي ذر ترجين بفتح الفوقية وسكون الراء وكسر الجيم وفتحها مخففة ( فإنك) ولأبوي ذر والوقت وإنك بالواو بدل الفاء ( والله ما أنت بناكح) أي لست من أهل النكاح ( حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشرًا) من الأيام بعدها، ولأبي الوقت: وعشرًا ( قالت سبيعة: فلما قال لي) أبو السنابل ( ذلك جمعت عليّ ثيابي حين أمسيت وأتيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فسألته عن ذلك) الذي قاله أبو السنابل ( فأفتاني بأني قد حللت) بلامين مفتوحة ثم ساكنة ( حين وضعت حملي وأمرني بالتزوّج وإن بدا لي) فقوله تعالى: { والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجًا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرًا} [البقرة: 34] مؤوّل بغير الحوامل، وأبو السنابل هو الذي تزوج سبيعة بعد.

والحديث أخرجه أيضًا في الطلاق مختصرًا، وأخرجه أيضًا مسلم فيه وكذا أبو داود والنسائي وابن ماجة.

( تابعه) أي تابع الليث ( أصبغ) بن الفرج المصري شيخ المؤلّف في روايته ( عن ابن وهب) عبد الله ( عن يونس) بن يزيد الأيلي فيما رواه الإسماعيلي.

( وقال الليث) بن سعد الإمام مما وصله المؤلّف في تاريخه الكبير ( حدثني) بالإفراد ( يونس) بن يزيد الأيلي ( عن ابن شهاب) الزهري ( وسألناه) هو قول ابن شهاب ( فقال: أخبرني) بالإفراد، ولأبي ذر عن الكشميهني: حدثني وله عن الحموي والمستملي: حدثه ( محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان مولى بني عامر بن لؤي أن محمدًا بن إياس بن البكير) بضم الموحدة وفتح الكاف مصغرًا، ولأبي ذر: البكير بكسر الموحدة وتشديد الكاف مكسورة وبضم الموحدة وفتح الكاف مخففة ( وكان أبوه) إياس ( شهد بدرًا) وأحدًا والخندق والمشاهد كلها معه عليه الصلاة والسلام ( أخبره) بهذا الحديث أو بغيره وغرضه بيان من شهد بدرًا لا بيان أنه أخبره قاله الكرماني، وقال في الفتح: وزاد المؤلّف -رحمه الله- في تاريخه المذكور أنه سأل أبا هريرة -رضي الله عنه- وابن عباس وعبد الله بن عمر -رضي الله عنهم- مثله يعني مثل حديث قبله إذا طلق ثلاثًا لم تصلح له أي المرأة، فاقتصر المؤلّف -رحمه الله- من الحديث على موضع حاجته منه وهي قوله: وكان أبوه شهد بدرًا.