فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب ما يذكر من صوم النبي صلى الله عليه وسلم وإفطاره

باب مَا يُذْكَرُ مِنْ صَوْمِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَإِفْطَارِهِ
( باب ما يذكر من صوم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) التطوّع ( وإفطاره) في خلال صومه.


[ قــ :1890 ... غــ : 1971 ]
- حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- قَالَ: "مَا صَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شَهْرًا كَامِلاً قَطُّ غَيْرَ رَمَضَانَ، وَيَصُومُ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ: لاَ وَاللَّهِ لاَ يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى يَقُولَ الْقَائِلُ: لاَ وَاللَّهِ لاَ يَصُومُ".

وبالسند قال: ( حدّثنا) ولأبي الوقت: حدثني بالإفراد ( موسى بن إسماعيل) التبوذكي قال: ( حدّثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري ( عن أبي بشر) جعفر بن أبي وحشية إياس اليشكري ( عن سعيد) ولأبي الوقت: سعيد بن جبير ( عن ابن عباس -رضي الله عنهما-) ولمسلم من طريق عثمان بن حكيم سألت سعيد بن جبير عن صيام رجب فقال: سمعت ابن عباس ( قال) "ما صام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- شهرًا كاملاً قط غير رمضان" هو كقول عائشة لم يستكمل صيام شهر إلا رمضان ويعارضه ظاهر قولها كان يصوم شعبان كله فإما أن يحمل على الأكثرية أو على أنه لم يره يستكمل إلا رمضان فأخبر على حسب اعتقاده ( ويصوم) ولمسلم: وكان يصوم ( حتى يقول القائل: لا والله لا يفطر، ويفطر حتى يقول القائل: لا والله لا يصوم) .
ومطابقته للترجمة ظاهرة، وأخرجه مسلم والنسائي وابن ماجه في الصوم.




[ قــ :189 ... غــ : 197 ]
- حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ حُمَيْدٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا -رضي الله عنه- يَقُولُ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُفْطِرُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لاَ يَصُومَ مِنْهُ، وَيَصُومُ حَتَّى نَظُنَّ أَنْ لاَ يُفْطِرَ مِنْهُ شَيْئًا: وَكَانَ لاَ تَشَاءُ تَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّيًا إِلاَّ رَأَيْتَهُ، وَلاَ نَائِمًا إِلاَّ رَأَيْتَهُ".
.

     وَقَالَ  سُلَيْمَانُ عَنْ حُمَيْدٍ أَنَّهُ سَأَلَ أَنَسًا فِي الصَّوْمِ ح.

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد ( عبد العزيز بن عبد الله) بن يحيى القرشي العامري الأويسي ( قال: حدثني) بالإفراد ( محمد بن جعفر) هو ابن أبي كثير المدني ( عن حميد) الطويل ( أنه سمع أنسًا -رضي الله عنه- يقول) : ( كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يفطر من الشهر حتى نظن أن لا يصوم منه) بفتح همزة أن ونصب يصوم ورفعه لأن أن إما ناصبة ولا نافية وإما مفسرة، ولا ناهية ونظن بنون الجمع كما
في اليونينية وزاد في فتح الباري يظن بالمثناة التحتية المضمومة وفتح المعجمة مبنيًّا للمفعول وتظن بالمثناة الفوقية على المخاطبة قال: ويؤيده قوله بعد ذلك إلا رأيته فإنه روى بالضم والفتح معًا ( ويصوم) من الشهر ( حتى نظن أن لا يفطر منه شيئًا: وكان لا تشاء تراه من الليل مصليًا إلا رأيته) أي مصليًا ( ولا) تشاء تراه من الليل ( نائمًا، إلا رأيته) أي نائمًا يعني أنه كان تارة يقوم من أول الليل وتارة من وسطه وتارة من آخره كما كان يصوم تارة من أو الشهر وتارة من وسطه وتارة من آخره فكان من أراد أن يراه في وقت من أوقات الليل قائمًا أو في وقت من أوقات الشهر صائمًا فراقبه المرة بعد المرة فلا بد أن يصادفه قائمًا على وفق ما أراد أن يراه وليس المراد أنه كان يسرد الصوم ولا أنه كان يستوعب الليل قائمًا.
وأما قول عائشة وكان إذا صلّى صلاة داوم عليها فالمراد به ما اتخذه راتبًا لا مطلق النافلة فلا تعارض قاله في فتح الباري:
( وقال) : وسقطت الواو في رواية أبي الوقت ( سليمان) بن حيان الأحمر مما وصله المؤلّف في الباب ( عن حميد) الطويل ( أنه سأل أنسًا في الصوم) .




[ قــ :1893 ... غــ : 1973 ]
- حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ أَخْبَرَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ أَخْبَرَنَا حُمَيْدٌ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا رضي الله عنه عَنْ صِيَامِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: "مَا كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَرَاهُ مِنَ الشَّهْرِ صَائِمًا إِلاَّ رَأَيْتُهُ، وَلاَ مُفْطِرًا إِلاَّ رَأَيْتُهُ، وَلاَ مِنَ اللَّيْلِ قَائِمًا إِلاَّ رَأَيْتُهُ، وَلاَ نَائِمًا إِلاَّ رَأَيْتُهُ، وَلاَ مَسِسْتُ خَزَّةً وَلاَ حَرِيرَةً أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَلاَ شَمِمْتُ مِسْكَةً وَلاَ عَبِيرَةً أَطْيَبَ رَائِحَةً مِنْ رَائِحَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-".

وبه قال: ( حدثني) بالإفراد ( محمد) ولأبي ذر: هو ابن سلام قال: ( أخبرنا أبو خالد) سليمان بن حيان ( الأحمر) قال: ( أخبرنا حميد) الطويل ( قال: سألت أنسًا -رضي الله عنه- عن صيام النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) : ( ما كنت أحب أن أراه) أي ما كنت أحب رؤيته ( من الشهر) حال كونه ( صائمًا إلا رأيته) صائمًا ( ولا) كنت أحب أن أراه من الشهر حال كونه ( مفطرًا إلا رأيته) مفطرًا ( ولا) كنت أحب أن أراه ( من الليل) حال كونه ( قائمًا إلا رأيته) قائمًا ( ولا) كنت أحب أن أراه من الليل حال كونه ( نائمًا إلا رأيته) نائمًا ( ولا مسست) بفتح الميم وكسر السين الأولى على الأفصح وسكون الثانية ( خزة) بفتح الخاء والزاي المشددة المعجمتين هو في الأصل اسم دابة ثم سمي الثوب المتخذ من وبره خزا ( ولا حريرة) وفي نسخة ولا حرير ( ألين من كف رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولا شممت) بكسر الميم الأولى.
وقول ابن درستويه والعامة يخطئون في فتحها.
تعقبه في المصابيح بأنها لغة حكاها الفراء قال: ومضارع المكسور أشم بفتح الشين والآخر أشم بضمها ( مِسْكة ولا عبيرة) بالموحدة المكسورة والتحتية الساكنة والعبير طيب معمول من أخلاط ولابن عساكر ولا عنبرة بنون ساكنة فموحدة مفتوحة القطعة من العنبر المعروف ( أطيب رائحة من رائحة) وللكشميهني كما في الفتح من ريح ( رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) فقد كان عليه الصلاة والسلام على أكمل الصفات خلقًا وخلقًا فهو كل الكمال وجملة الجمال.


وفي حديثي الباب أنه عليه الصلاة والسلام لم يصم الدهر ولا قام كل الليل ولعله إنما ترك ذلك لئلا يقتدى به فيشق على أمته وإن كان قد أعطي من القوة ما لو التزم ذلك لاقتدر عليه لكنه سلك من العبادة الطريقة الوسطى فصام وأفطر وقام ونام ليقتدي به العابدون -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كثيرًا.


باب حَقِّ الضَّيْفِ فِي الصَّوْمِ
( باب حق الضيف في الصوم) أي في صوم المضيف.


[ قــ :1893 ... غــ : 11974 ]
- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رضي الله عنهما- قَالَ: "دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-" فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، يَعْنِي «إِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا.
فَقُلْتُ: وَمَا صَوْمُ دَاوُدَ؟ قَالَ: نِصْفُ الدَّهْرِ».

وبه قال ( حدّثنا إسحاق) هو ابن راهويه قال: ( أخبرنا هارون بن إسماعيل) الخزاز قال: ( حدّثنا علي) وفي نسخة: علي بن المبارك أي الهنائي قال: ( حدّثنا يحيى) بن أبي كثير ( قال: حدثني) بالإفراد ( أبو سلمة) بن عبد الرحمن ( قال: حدثني) بالإفراد أيضًا ( عبد الله بن عمرو بن العاصي -رضي الله عنهما- قال: دخل عليّ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فذكر الحديث) هكذا أورده مختصرًا ثم ذكر ما يشهد لما ترجم له فقال ( يعني) :
( إن لزورك) بفتح الزاي وسكون الواو.
قال في التنقيح كالنهاية: وهو في الأصل مصدر وضع موضع الاسم كصوم ونوم بمعنى صائم ونائم وقد يكون اسم جمع له واحد من اللفظ وهو زائر كراكب وركب أي أن لضيفك ( عليك حقًا) أي فتفطر لأجله إيناسًا له وبسطًا ( وإن لزوجك عليك حقًا) وحقها هنا الوطء فإذا سر الزوج الصوم ووالى قيام الليل ضعف عن حقها قال عبد الله بن عمرو بن العاصي، ( فقلت) : بالفاء، ولابن عساكر: قلت: ( وما صوم داود) ؟ في الباب التالي قال: فصم صيام نبي الله داود عليه السلام ولا تزد عليه قلت وما كان صيام نبي الله داود؟ ( قال) : ( نصف الدهر) وهذا الحديث أخرجه مسلم في الصوم وكذا النسائي.