فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب نوم الرجال في المسجد

باب نَوْمِ الرِّجَالِ فِي الْمَسْجِدِ
وَقَالَ أَبُو قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ: قَدِمَ رَهْطٌ مِنْ عُكْلٍ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَكَانُوا فِي الصُّفَّةِ.

     وَقَالَ  عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ: كَانَ أَصْحَابُ الصُّفَّةِ الْفُقَرَاءَ.

( باب) جواز ( نوم الرجال في المسجد) وفي بعض الأصول نوم الرجل بالإفراد.
( وقال أبو قلابة) بكسر القاف وتخفيف اللام عبد الله بن زيد فيما وصله المؤلّف في المحاربين في قصة العرنيين ( عن أنس) وللأصيلي عن أنس بن مالك ( قدم رهط) هو ما دون العشرة من الرجال ( من عكل) بضم العين المهملة وسكون الكاف قبيلة من العرب ( على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فكانوا في الصفة) بضم الصاد وتشديد الفاء موضع مظلل في أُخريات المسجد النبوي تأوي إليه المساكين ( وقال عبد الرحمن بن أبي بكر) وللأصيلي ابن أبي بكر الصديق مما وصله في حديث طويل يأتي إن شاء الله تعالى بعونه في علامات النبوّة.
قال: ( كان أصحاب الصفة الفقراء) بالنصب خبر كان أو بالرفع على أنه اسمها، وأصحاب خبر مقدم لأنهما معرفتان، وللأربعة فقراء بالتنكير وحينئذ يتعيّن خبريته.


[ قــ :431 ... غــ : 440 ]
- حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ يَنَامُ وَهْوَ شَابٌّ أَعْزَبُ لاَ أَهْلَ لَهُ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
[الحديث 440 - أطرافه في: 1121، 1156، 3738، 3740، 7015، 7028، 7030] .

وبه قال: ( حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد ( قال: حدّثنا يحيى) القطان ( عن عبيد الله) العمري ( قال: حدّثني) بالإفراد ( نافع) مولى ابن عمر ( قال) :
( أخبرني) بالإفراد ( عبد الله) بن عمر بن الخطاب ( أنه كان ينام وهو شاب) جملة اسمية حالية ( أعزب) بهمزة ثم مهملة فزاي وهي لغة قليلة بل أنكرها القزاز، ولأبي ذر عزب بفتح العين والزاي من غير همزة وهي اللغة الفصيحة، وضبطها البرماوي وابن حجر في الفتح بكسر الزاي وقال: إنه المشهور، لكن حكى في المقدمة الفتح وكذا ضبطه الدمياطي بخطه ( لا أهل له) أي لا زوجة له وهو وإن كان مفهومًا من أعزب لكنه ذكره تأكيدًا أو هو من العام بعد الخاص فيشمل الأقارب والزوجة ( في مسجد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) الجار والمجرور متعلق بقوله ينام.


ورواة هذا الحديث ما بين بصري ومدني، وفيه التحديث بالجمع والإفراد والإخبار بالإفراد والعنعنة، وأخرجه مسلم والنسائي في الصلاة وابن ماجة.




[ قــ :43 ... غــ : 441 ]
- حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْتَ فَاطِمَةَ فَلَمْ يَجِدْ عَلِيًّا فِي الْبَيْتِ فَقَالَ: أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ؟ قَالَتْ: كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ شَىْءٌ فَغَاضَبَنِي فَخَرَجَ فَلَمْ يَقِلْ عِنْدِي.
فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لإِنْسَانٍ: انْظُرْ

أَيْنَ هُوَ؟ فَجَاءَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ فِي الْمَسْجِدِ رَاقِدٌ.
فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهْوَ مُضْطَجِعٌ قَدْ سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ شِقِّهِ وَأَصَابَهُ تُرَابٌ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَمْسَحُهُ عَنْهُ وَيَقُولُ: قُمْ أَبَا تُرَابٍ، قُمْ أَبَا تُرَابٍ.
[الحديث 441 - أطرافه في: 3703،د 604، 680] .

وبه قال: ( حدّثنا قتيبة بن سعيد) بكسر العين ابن جميل الثقفي اسمه يحيى وقتيبة لقب غلب عليه وعرف به ( قال: حدّثنا عبد العزيز بن أبي حازم) بالحاء المهملة والزاي الموصوف بأنه لما يكن في المدينة أفقه منه بعد مالك ( عن) أبيه ( أبي حازم) سلمة بفتح اللام ابن دينار الأعرج ( عن سهل بن سعد) هو ابن مالك الأنصاري ( قال) :
( جاء رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بيت) ابنته ( فاطمة فلم يجد عليًّا) ابن عمّه ابن أبي طالب ( في البيت فقال) لها ( أين ابن عمّك) ولم يقل أين زوجك ولا ابن عمّ أبيك استعطافًا لها على تذكّر القرابة القريبة بينهما لأنه فهم أنه جرى بينهما شيء ( قالت) ولابن عساكر وقالت، وللأصيلي فقالت أي فاطمة رضي الله عنها ( كان بيني وبينه شيء فغاضبني) من باب المفاعلة الموضوع لمشاركة اثنين ( فخرج فلم) بالفاء وللأصيلي ولم ( يقل عندي) بفتح أوّله وكسر القاف مضارع قال من القيلولة وهي نوم نصف النهار، وللأصيلي وابن عساكر يقل بضم أوّله ( فقال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لإنسان انظر أين هو) وعند الطبراني فأمر إنسانًا معه.
قال الحافظ ابن حجر: يظهر ليس أنه راوي الحديث لأنه لم يذكر أنه كان معه غيره، وهذا لا ينافي ما وقع عنده في الأدب، فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لفاطمة: أين ابن عمك؟ قالت: في المسجد لأنه يحتمل أن يكون المراد من قوله انظر أين هو المكان المخصوص من المسجد ( فجاء) ذلك الإنسان ( فقال: يا رسول الله هو في المسجد راقد فجاء رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) إلى المسجد ورآه ( وهو مضطجع) جملة وقعت حالاً وكذا قوله ( وقد سقط رداؤه عن شقّه) بكسر الشين أي جانبه ( وأصابه تراب فجعل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يمسحه عنه، ويقول: قم) يا ( أبا تراب قم) يا ( أبا تراب) بحذف حرف النداء المقدّر.

واستنبط منه الملاطفة بالأصهار ونوم غير الفقراء في المسجد وغير ذلك من وجوه الانتفاعات المباحة وجواز التكنية بغير الولد.
ورواته الأربعة مدنيون إلاّ شيخ المؤلّف فبلخي، وفيه التحديث والعنعنة، وأخرجه المؤلّف في الاستئذان وفي فضل عليّ ومسلم في الفضائل.




[ قــ :433 ... غــ : 44 ]
- حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عِيسَى قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: رَأَيْتُ سَبْعِينَ مِنْ أَصْحَابِ الصُّفَّةِ مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ عَلَيْهِ رِدَاءٌ، إِمَّا إِزَارٌ وَإِمَّا كِسَاءٌ قَدْ رَبَطُوا فِي أَعْنَاقِهِمْ، فَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ نِصْفَ السَّاقَيْنِ، وَمِنْهَا مَا يَبْلُغُ الْكَعْبَيْنِ، فَيَجْمَعُهُ بِيَدِهِ كَرَاهِيَةَ أَنْ تُرَى عَوْرَتُهُ.

وبه قال: ( حدّثنا يوسف بن عيسى) المروزي السابق في باب مَن توضأ من الجنابة ( قال: حدّثنا ابن فضيل) بضم الفاء وفتح المعجمة مصغرًا هو محمد بن فُضيل بن غزوان الكوفي ( عن أبيه)

فضيل ( عن أبي حازم) بالمهملة والزاي سلمان بسكون اللام الأشجعي الكوفي التابعي هو غير الراوي في الحديث السابق، والمميز بينهما أن الراوي عن سهل هو سلمة بن دينار والراوي عن أبي هريرة سلمان الأشجعي ( عن أبي هريرة) رضي الله عنه ( قال) :

( رأيت) وللأربعة قال لقد رأيت ( سبعين من أصحاب الصفة) هم غير السبعين الذين استشهدوا ببئر معونة لأنهم استشهدوا قبل إسلام أبي هريرة ( ما منهم رجل عليه رداء) بكسر الراء وهو ما يستر أعالي البدن فقط ( إما إزار) فقط ( وإما كساء) على الهيئة المذكورة في قوله ( قد ربطوا) بحذف الضمير العائد على الكساء، والجمع باعتبار أن المراد بالرجل الجنس أي ربطوا الأكسية ( في أعناقهم فمنها) أي الأكسية والجمع باعتبار أن الكساء جنس ( ما يبلغ نصف الساقين، ومنها ما يبلغ الكعبين فيجمعه) الواحد منهم ( بيده) زاد الأصيلي إن ذلك حال كونهم في الصلاة ( كراهية أن ترى عورته) .