فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب قول الله تعالى: {إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم} [آل عمران: 155]

باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: { إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ} [آل عمران: 155]
( باب قول الله تعالى) : وسقط ذلك كله لأبي ذر ( { إن الذين تولوا منكم} ) انهزموا ( { يوم التقى الجمعان} ) جمع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وجمع أبي سفيان للقتال يوم أُحد ( { إنما استزلهم الشيطان} ) دعاهم إلى الزلة وحملهم عليها ( { ببعض ما كسبوا} ) بتركهم المركز الذي أمرهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالثبات فيه ( { ولقد عفا الله عنهم} ) تجاوز عنهم ( { إن الله غفور} ) للذنوب ( { حليم} ) [آل عمران: 155] لا يعاجل بالعقوبة.


[ قــ :3869 ... غــ : 4066 ]
- حَدَّثَنَا عَبْدَانُ أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ حَجَّ الْبَيْتَ فَرَأَى قَوْمًا جُلُوسًا فَقَالَ: مَنْ هَؤُلاَءِ الْقُعُودُ؟ قَالَ: هَؤُلاَءِ قُرَيْشٌ، قَالَ: مَنِ الشَّيْخُ؟ قَالُوا: ابْنُ عُمَرَ فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنِّي سَائِلُكَ عَنْ شَىْءٍ أَتُحَدِّثُنِي قَالَ: أَنْشُدُكَ بِحُرْمَةِ هَذَا الْبَيْتِ أَتَعْلَمُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَرَّ يَوْمَ أُحُدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَتَعْلَمُهُ تَغَيَّبَ عَنْ بَدْرٍ فَلَمْ يَشْهَدْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَتَعْلَمُ أَنَّهُ تَخَلَّفَ عَنْ بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ فَلَمْ يَشْهَدْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ فَكَبَّرَ، قَالَ ابْنُ عُمَرَ: تَعَالَ لأُخْبِرَكَ وَلأُبَيِّنَ لَكَ عَمَّا سَأَلْتَنِي عَنْهُ أَمَّا فِرَارُهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَأَشْهَدُ أَنَّ اللَّهَ عَفَا عَنْهُ،.
وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَدْرٍ فَإِنَّهُ كَانَ تَحْتَهُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَكَانَتْ مَرِيضَةً، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «إِنَّ لَكَ أَجْرَ رَجُلٍ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا وَسَهْمَهُ».
.
وَأَمَّا تَغَيُّبُهُ عَنْ بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدٌ أَعَزَّ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ لَبَعَثَهُ مَكَانَهُ، فَبَعَثَ عُثْمَانَ وَكَانَ بَيْعَةُ الرُّضْوَانِ بَعْدَ مَا ذَهَبَ عُثْمَانُ إِلَى مَكَّةَ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِيَدِهِ الْيُمْنَى: «هَذِهِ يَدُ عُثْمَانَ» فَضَرَبَ بِهَا عَلَى يَدِهِ فَقَالَ: «هَذِهِ لِعُثْمَانَ» اذْهَبْ بِهَذَا الآنَ مَعَكَ».

وبه قال: ( حدّثنا عبدان) لقب عبد الله بن عثمان المروزي قال: ( أخبرنا أبو حمزة) بالحاء المهملة والزاي محمد بن ميمون السكري ( عن عثمان بن موهب) بفتح الميم والهاء بينهما واو ساكنة الأعرج الطلحي التيمي القرشي أنه ( قال: جاء رجل) قال: في المقدمة قيل إنه يزيد بن بشر السكسكي ( حج البيت فرأى قومًا جلوسًا) لم يسموا ( فقال: من هؤلاء القعود؟ قال: هؤلاء قريش) لم يسم المجيب أيضًا ( قال: من الشيخ؟ قالوا) : ولأبي ذر قال: ( ابن عمر فأتاه فقال) له: ( إني سائلك عن شيء أتحدثني) ؟ عنه ( قال: أنشدك بحرمة هذا البيت أتعلم أن عثمان بن عفان) سقط ابن عفان لأبي ذر ( فرّ يوم) وقعة ( أُحُد؟ قال) ابن عمر ( نعم.
قال)
الرجل ( فتعلمه تغيب) بالغين المعجمة ( عن بدر فلم يشهدها؟ قال: نعم) وقول الداودي أن قوله تغيب خطأ في اللفظ إنما يقال لمن تعمد التخلف فأما من تخلف لعذر فلا.
تعقبه في المصابيح بأنه يحتاج إلى نقل عن أئمة اللغة ويعز وجوده ( قال) الرجل: ( فتعلم أنه تخلف) ولابن عساكر وأبي ذر عن الكشميهني تغيب ( عن بيعة الرضوان) ؟ الواقعة تحت الشجرة في الحديبية ( فلم يشهدها؟ قال) ابن عمر: ( نعم قال: فكبّر) الرجل مستحسنًا لما أجابه به ابن عمر لكونه مطابقًا لما يعتقده ( قال) ولأبي ذر فقال ( ابن عمر) له: ( تعال لأخبرك ولأبين لك عما سألتني عنه) ليزول اعتقادك ( أما فراره يوم أُحد فأشهد أن الله عفا) ولابن عساكر قد عفا ( عنه، وأما تغيبه عن بدر فإنه كان تحته بنت رسول الله)
ولأبي ذر وابن عساكر بنت النبي ( -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) رقية -رضي الله عنها- ( وكانت مريضة) فأمره النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالتخلف هو وأسامة بن زيد ( فقال له النبي) :
( إن لك أجر رجل ممن شهد بدرًا وسهمه وأما تغيبه عن) وفي نسخة: من ( بيعة الرضوان فإنه لو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان بن عفان لبعثه) عليه الصلاة والسلام أي ( مكانه) وسقط ابن عفان لأبي ذر ( فبعث عثمان) إلى أهل مكة ليعلم قريشًا أنه إنما جاء معتمرًا لا محاربًا ( وكان) ولأبي ذر عن الكشميهني وكانت ( بيعة الرضوان بعدما ذهب عثمان إلى مكة) فتحدث أن المشركين يقصدون حرب المسلمين فاستعد المسلمون للقتال وبايعهم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حينئذٍ أن لا يفروا ( فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) مشيرًا ( بيده اليمنى: هذه يد عثمان) أي بدلها ( فضرب بها على يده) اليسرى ( فقال: هذه) البيعة ( لعثمان) أي عنه ( اذهب بهذا) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي بها أي الأجوبة التي أجبتك بها ( الآن معك) حتى يزول عنك ما كنت تعتقده من عيب عثمان.

وسبق هذا الحديث في مناقب عثمان.