فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب صنع الطعام والتكلف للضيف

باب صُنْعِ الطَّعَامِ، وَالتَّكَلُّفِ لِلضَّيْفِ
( باب صنع الطعام والتكلف) لمن قدر عليه ( للضيف) .


[ قــ :5810 ... غــ : 6139 ]
- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعُمَيْسِ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِى جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: آخَى النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِى الدَّرْدَاءِ فَزَارَ سَلْمَانُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فَرَأَى أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً فَقَالَ لَهَا: مَا شَأْنُكِ؟ قَالَتْ: أَخُوكَ أَبُو الدَّرْدَاءِ لَيْسَ لَهُ حَاجَةٌ فِى الدُّنْيَا فَجَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا فَقَالَ: كُلْ فَإِنِّى صَائِمٌ قَالَ: مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ فَأَكَلَ، فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ فَقَالَ: نَمْ فَنَامَ ثُمَّ ذَهَبَ يَقُومُ، فَقَالَ: نَمْ.
فَلَمَّا كَانَ آخِرُ اللَّيْلِ قَالَ سَلْمَانُ: قُمِ الآنَ قَالَ: فَصَلَّيَا فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ: إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِى حَقٍّ حَقَّهُ، فَأَتَى النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «صَدَقَ سَلْمَانُ».
أَبُو جُحَيْفَةَ وَهْبٌ السُّوَائِىُّ يُقَالُ: وَهْبُ الْخَيْرِ.

وبه قال: ( حدّثنا) ولأبي ذر بالإفراد ( محمد بن بشار) المعروف ببندار قال: ( حدّثنا جعفر بن عون) بالنون أبو جعفر بن عمرو بن حريث المخزومي قال: ( حدّثنا أبو العميس) بضم العين المهملة وفتح الميم آخره مهملة مصغرًا عتبة بن عبد الله المسعودي الكوفي ( عن عون بن أبي جحيفة) بالجيم المضمومة ثم الحاء المهملة والفاء مصغرًا وهب ( عن أبيه) أنه ( قال: آخى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بين سلمان) الفارسي ( وأبي الدرداء) عويمر ( فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء) زوجة أبي الدرداء واسمها خيرة بفتح الخاء وسكون التحتية بنت أبي حدرد الأسلمية صحابية بنت صحابي وليست هي زوجته أم الدرداء هجيمة التابعية ( متبذلة) بفتح الفوقية والموحدة وكسر المعجمة المشددة أي لابسة ثياب البذلة بكسر الموحدة وسكون المعجمة المهنة وزنًا ومعنى أي أنها تاركة للباس الزينة ( فقال لها: ما شأنك) ؟ متبذلة يا أم الدرداء ( قالت: أخوك أبو الدرداء لبس له حاجة في) نساء ( الدنيا فجاء أبو الدرداء فصنع له طعامًا) وقربه إليه ليأكل ( فقال) أبو الدرداء لسلمان ( كل فإني صائم.
قال)
سلمان لأبي الدرداء ( ما أنا بأكل) من طعامك شيئًا ( حتى تأكل منه) وغرضه بذلك صرف أبي الدرداء عما يصنعه من الجهد في العبادة وغير ذلك مما تضررت منه أم الدرداء زوجته ( فأكل) أبو الدرداء معه ( فلما كان الليل) أي في أوّله ( ذهب أبو الدرداء يقوم) يتهجد ( فقال) له سلمان ( نم فنام، ثم ذهب) أبو الدرداء ( يقوم فقال) له سلمان: ( نم فلما كان آخر الليل) وعند الترمذي فلما كان عند الصبح وللدارقطني فلما كان في وجه الصبح، ولأبي ذر من آخر الليل ( قال سلمان) له: ( قم الآن قال) : وللطبراني فقاما فتوضآ ( فصليا فقال له سلمان: إن لربك عليك حقًّا ولنفسك) ولأبي ذر عن الكشميهني وإن لنفسك ( عليك حقًّا ولأهلك عليك حقًّا فأعط) بهمزة قطع ( كل ذي حق حقه فأتى) أبو الدرداء ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فذكر ذلك) الذي قاله سلمان ( له) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ( فقال) له ( النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) :
( صدق سلمان) .
وعند الدارقطني ثم خرجا إلى المصلّى فدنا أبو الدرداء ليخبر النبي بالذي قال له سلمان فقال له: يا أبا الدرداء إن لجسدك عليك حقًّا مثل ما قال سلمان، ففي هذه الرواية أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أشار إليهما بأنه علم بطريق الوحي ما دار بينهما وليس ذلك في رواية محمد بن
بشار، فيحتمل أنه كاشفهما بذلك أولاً ثم أطلعه أبو الدرداء على صورة الحال فقال له: صدق سلمان.
وعند الطبراني من وجه آخر عن محمد بن سيرين مرسلاً قال: كان أبو الدرداء يحيي ليلة الجمعة ويصوم يومها فأتاه سلمان فذكر القصة مختصرة فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: عويمر سلمان أفقه منك، وفيه تعيين الليلة التي بات سلمان فيها عند أبي الدرداء.

( أبو جحيفة وهب السوائي) بضم السين المهملة وتخفيف الواو والمد ( يقال) له: ( وهب الخير) وقوله أبو جحيفة إلى آخره سقط لأبي ذر قال في فتح الباري: ووقع في التكلف للضيف حديث سلمان نهانا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن نتكلف للضيف أخرجه أحمد والحاكم، وفيه قصة سلمان مع ضيفه حيث طلب منه زيادة على ما قدم له فرهن مطهرته بسبب ذلك ثم قال الرجل لما فرغ: الحمد لله الذي قنعنا بما رزقنا فقال له سلمان: لو قنعت ما كانت مطهرتي مرهونة انتهى.
وقد كان سلمان إذا دخل عليه رجل دعا بما حضر خبزًا وملحًا وقال: لولا إنّا نهينا أن يتكلف بعضنا لتكلفت لك.