فهرس الكتاب

إرشاد الساري - باب القيام للجنازة

باب الْقِيَامِ لِلْجَنَازَةِ
( باب القيام للجنازة) إذا مرت على من ليس معها.


[ قــ :1258 ... غــ : 1307 ]
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا الزُّهْرِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ الْجَنَازَةَ فَقُومُوا حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ» قَالَ سُفْيَانُ قَالَ الزُّهْرِيُّ أَخْبَرَنِي سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَخْبَرَنَا عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
زَادَ الْحُمَيْدِيُّ «حَتَّى تُخَلِّفَكُمْ أَوْ تُوضَعَ».
[الحديث 1307 - طرفه في: 1308] .

وبالسند قال: ( حدّثنا عليّ بن عبد الله) المديني، قال: ( حدّثنا سفيان) بن عيينة، قال ( حدّثنا الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب ( عن سالم، عن أبيه) عبد الله بن عمر بن الخطاب ( عن عامر بن ربيعة) صاحب الهجرتين ( عن النبي،-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قال) :
( إذا رأيتم الجنازة فقوموا) سواء كانت لمسلم أو ذمي، إعظامًا للذي يقبض الأرواح ( حتى تخلفكم) بضم المثناة الفوقية وفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام المكسورة، أي: تترككم وراءها، ونسبة ذلك إليها على سبيل المجاز، لأن المراد: حاملها.

( قال سفيان) بن عيينة ( قال الزهري) محمد بن مسلم ( أخبرني) بالإفراد ( سالم، عن أبيه) عبد الله ( قال: أخبرنا عامر بن ربيعة، عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وذكر هذه الطريق لبيان أن الأولى: بالعنعنة، وهذه: بلفظ الإخبار، ليفيد التقوية ( زاد الحميدي) أبو بكر عبد الله المكي، عن سفيان بن عيينة، مما هو موصول في مسنده، وأخرجه أبو نعيم في مستخرجه ( حتى تخلفكم أو توضع) والزائد لفظ: أو توضع فقط، وفيه، أنه ينبغي لمن رأى الجنازة أن يقلق من أجلها، ويضطرب، ولا يظهر منه عدم الاحتفال.


وقد اختلف في القيام للجنازة، فذهب الإمام الشافعي إلى أنه غير واجب، كما نقله البيهقي في سننه: هذا إمَّا أن يكون منسوخًا، أو يكون قام لعلة.
وأيهما كان فقد ثبت أنه تركه بعد فعله، والحجة في الآخر من أمره: إن كان الأول واجبًا فالآخر من أمره ناسخ، وإن كان مستحبًا فالآخر هو المستحب.
وإن كان مباحًا فلا بأس بالقيام والقعود، والقعود أحب إليّ.
اهـ.

وأشار بالترك إلى حديث عليّ عند مسلم، أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قام للجنازة ثم قعد.
قال البيضاوي، فيما نقله عنه صاحب شرح المشكاة: يحتمل قول علي: ثم قعد، أي بعد أن جازت به، وبعدت عنه، ويحتمل أن يريد: كان يقوم في وقت، ثم ترك القيام أصلاً، وعلى هذا يحتمل أن يكون فعله الآخر قرينة في أن المراد بالأمر الوارد في ذلك: الندب، ويحتمل أن يكون نسخًا للوجوب المستفاد من ظاهر الأمر، والأوّل أرجح، لأن احتمال المجاز أولى من دعوى النسخ.
اهـ.

قال في الفتح والاحتمال الأول يدفعه ما رواه البيهقي في حديث علي: أنه أشار إلى قوم قاموا أن يجلسوا، ثم حدثهم بالحديث.
ومن ثم قال بكراهة القيام جماعة منهم: سليم الرازي وغيره من الشافعية.
اهـ.

وبالكراهة صرح النووي في الروضة، لكن قال المتولي بالاستحباب.
قال في المجموع: وهو المختار.
فقد صحت الأحاديث بالأمر بالقيام، ولم يثبت في القعود شيء إلا حديث علي، وليس صريحًا في النسخ لاحتمال أن القعود فيه لبيان الجواز، وذكر مثله في شرح مسلم، وفي رواية للبيهقي: إن عليًّا رأى قيامًا ينتظرون الجنازة أن توضع، فأشار إليهم بدرّة معه، أو سوط: أن أجلسوا، فإن رسول الله، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قد جلس بعدما كان يقوم.
قال الأذرعي: وفيما اختاره النووي من استحباب القيام نظر، لأن الذي فهمه علي، رضي الله عنه، الترك مطلقًا، وهو الظاهر.
ولهذا أمر بالقعود من رآه قائمًا واحتج بالحديث.
اهـ.

وكذا ذهب إلى النسخ: عروة بن الزبير، وسعيد بن المسيب، وعلقمة، والأسود، وأبو حنيفة، ومالك، وأبو يوسف، ومحمد.

وفي حديث الباب رواية تابعي عن تابعي وصحابي عن صحابي في نسق وفيه، أن سفيان والحميدي: مكيان، والزهري وسالم: مدنيان، وأخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة.