فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب من أشعر وقلد بذي الحليفة، ثم أحرم

( قَولُهُ بَابُ مَنِ اشْتَرَى الْهَدْيَ مِنَ الطَّرِيقِ)
أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْحِلِّ أَوِ الْحَرَمِ إِذْ سَوْقُهُ مَعَهُ مِنْ بَلَدِهِ لَيْسَ بِشَرْطٍ.

     وَقَالَ  بن بطال أَرَادَ أَن يبين أَن مَذْهَب بن عُمَرَ فِي الْهَدْيِ أَنَّهُ مَا أُدْخِلَ مِنَ الْحِلِّ إِلَى الْحَرَمِ لِأَنَّ قَدِيدًا مِنَ الْحِلِّ.

قُلْتُ لَا يَخْفَى أَنَّ التَّرْجَمَةَ أَعَمُّ مِنْ فعل بن عُمَرَ فَكَيْفَ تَكُونُ بَيَانًا لَهُ .

     قَوْلُهُ  فَإِنِّي لَا آمَنُهَا بِالْمَدِّ وَفَتْحِ الْمِيمِ الْخَفِيفَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ طَوَافِ الْقَارِنِ بِلَفْظِ لَا آمَنُ وَالْهَاءُ هُنَا ضَمِيرُ الْفِتْنَةِ أَيْ لَا آمَنُ الْفِتْنَةَ أَنْ تَكُونَ سَبَبًا فِي صَدِّكَ عَنِ الْبَيْتِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي بَابِ الْمُحْصَرِ مَعَ بَقِيَّةِ الْكَلَامِ عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَالسَّرَخْسِيِّ هُنَا لَا أَيْمَنُهَا وَقَدْ تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ وَشَرْحُهُ فِي بَابِ طَوَافِ الْقَارِنِ .

     قَوْلُهُ  أَنْ تُصَدَّ فِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ أَنْ سَتُصَدَّ .

     قَوْلُهُ  فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ زَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ مِنَ الدَّارِ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِي النُّعْمَانِ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ الْإِحْرَامِ مِنْ قَبْلِ الْمِيقَاتِ وَلِلْعُلَمَاءِ فِيهِ اخْتِلَاف فَنقل بن الْمُنْذِرِ الْإِجْمَاعَ عَلَى الْجَوَازِ ثُمَّ قِيلَ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْإِحْرَامِ مِنَ الْمِيقَاتِ وَقِيلَ دُونَهُ وَقِيلَ مِثْلُهُ وَقِيلَ مَنْ كَانَ لَهُ مِيقَاتٌ مُعَيَّنٌ فَهُوَ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ وَإِلَّا فَمِنْ دَارِهِ وَلِلشَّافِعِيَّةِ فِي أَرْجَحِيَّةِ الْمِيقَاتِ عَنِ الدَّارِ اخْتِلَافٌ.

     وَقَالَ  الرَّافِعِيُّ يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ أَنَّ مَنْ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ كَانَ أَرْجَحَ فِي حَقِّهِ وَإِلَّا فَمِنَ الْمِيقَاتِ أَفْضَلُ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَكَرِهَ عُثْمَانُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ خُرَاسَانَ أَوْ كَرْمَانَ فِي بَابِ قَوْلِهِ تَعَالَى الْحَج أشهر مَعْلُومَات .

     قَوْلُهُ  فَلَمْ يَحِلَّ حَتَّى حَلَّ فِي رِوَايَةِ السَّرَخْسِيِّ حَتَّى أَحَلَّ بِزِيَادَةِ أَلِفٍ وَالْحَاءُ مَفْتُوحَةٌ وَهِي لُغَة شهيرة يُقَال حل وَأحل قَولُهُ بَابُ مَنْ أَشْعَرَ وَقَلَّدَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ثمَّ أحرم قَالَ بن بَطَّالٍ غَرَضُهُ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ لَا يُشْعِرَ الْمُحْرِمُ وَلَا يُقَلِّدَ إِلَّا فِي مِيقَاتِ بَلَدِهِ انْتَهَى وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ غَرَضَهُ الْإِشَارَةُ إِلَى رَدِّ قَوْلِ مُجَاهِدٍ لَا يُشْعِرُ حَتَّى يحرم أخرجه بن أَبِي شَيْبَةَ لِقَوْلِهِ فِي التَّرْجَمَةِ مَنْ أَشْعَرَ ثُمَّ أَحْرَمَ وَوَجْهُ الدِّلَالَةِ لِذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ الْمِسْوَرِ



[ قــ :1621 ... غــ :1694] .

     قَوْلُهُ  حَتَّى إِذَا كَانُوا بِذِي الْحُلَيْفَةِ قَلَّدَ الْهَدْيَ وَأَحْرَمَ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ الْبُدَاءَةُ بِالتَّقْلِيدِ وَمِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ



[ قــ :16 ... غــ :1696] .

     قَوْلُهُ  ثُمَّ قَلَّدَهَا وَأَشْعَرَهَا وَمَا حَرُمَ عَلَيْهِ شَيْءٌ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَقَدُّمَ الْإِحْرَامِ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ التَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ وَأَبْيَنُ مِنْ ذَلِكَ لِتَحْصِيلِ مَقْصُودِ التَّرْجَمَةِ مَا أَخْرَجَهُ مُسلم من حَدِيث بن عَبَّاسٍ قَالَ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ ثُمَّ دَعَا بِنَاقَتِهِ فَأَشْعَرَهَا فِي سَنَامِهَا الْأَيْمَنِ وَسَلَتَ الدَّمَ وَقَلَّدَهَا نَعْلَيْنِ ثُمَّ رَكِبَ رَاحِلَتَهُ فَلَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى حَدِيثِ الْمِسْوَرِ حَيْثُ سَاقَهُ الْمُصَنِّفُ مُطَوَّلًا فِي كِتَابِ الشُّرُوطِ وَعَلَى حَدِيثِ عَائِشَةَ بَعْدَ بَابَيْنِ .

     قَوْلُهُ  زَمَنَ الْحُدَيْبِيَةِ وَقَعَ عِنْدَ الْكُشْمِيهَنِيِّ مِنَ الْمَدِينَةِ .

     قَوْلُهُ  فِي صَدْرِ الْبَابِ.

     وَقَالَ  نَافِعٌ كَانَ بن عُمَرَ إِلَخْ وَصَلَهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ إِذَا أَهْدَى هَدْيًا مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى سَاكِنِهَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ قَلَّدَهُ بِذِي الْحُلَيْفَةِ يُقَلِّدُهُ قَبْلَ أَنْ يُشْعِرَهُ وَذَلِكَ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ إِلَى الْقِبْلَةِ يُقَلِّدُهُ بِنَعْلَيْنِ وَيُشْعِرُهُ مِنَ الشِّقِّ الْأَيْسَرِ ثُمَّ يُسَاقُ مَعَهُ حَتَّى يُوقَفَ بِهِ مَعَ النَّاسِ بِعَرَفَةَ ثُمَّ يَدْفَعُ بِهِ فَإِذَا قَدِمَ غَدَاةَ النَّحْرِ نَحَرَهُ وَعَن نَافِع عَن بن عُمَرَ كَانَ إِذَا طَعَنَ فِي سَنَامِ هَدْيِهِ وَهُوَ يُشْعِرُهُ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَأخرج الْبَيْهَقِيّ من طَرِيق بن وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٌ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يُشْعِرُ بُدْنَهُ مِنَ الشِّقِّ الْأَيْسَرِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ صِعَابًا فَإِذَا لَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَدْخُلَ بَيْنَهَا أَشْعَرَ مِنَ الشِّقِّ الْأَيْمَنِ وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُشْعِرَهَا وَجَّهَهَا إِلَى الْقِبْلَةِ وَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَن بن عُمَرَ كَانَ يَطْعَنُ فِي الْأَيْمَنِ تَارَةً وَفِي الْأَيْسَرِ أُخْرَى بِحَسَبِ مَا يَتَهَيَّأُ لَهُ ذَلِكَ وَإِلَى الْإِشْعَارِ فِي الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ وَصَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ وَإِلَى الْأَيْسَرِ ذَهَبَ مَالِكٌ وَأَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ وَلَمْ أر فِي حَدِيث بن عُمَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى تَقَدُّمِ ذَلِكَ عَلَى إِحْرَامه وَذكر بن عَبْدِ الْبَرِّ فِي الِاسْتِذْكَارِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ لَا يُشْعِرُ الْهَدْيَ إِلَّا عِنْدَ الْإِهْلَالِ يُقَلِّدُهُ ثُمَّ يُشْعِرُهُ ثُمَّ يُصَلِّي ثُمَّ يُحْرِمُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مَشْرُوعِيَّةُ الْإِشْعَارِ وَفَائِدَتُهُ الْإِعْلَامُ بِأَنَّهَا صَارَتْ هَدْيًا لِيَتْبَعَهَا مَنْ يَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ وَحَتَّى لَوِ اخْتَلَطَتْ بِغَيْرِهَا تَمَيَّزَتْ أَوْ ضَلَّتْ عُرِفَتْ أَوْ عَطِبَتْ عَرَفَهَا الْمَسَاكِينُ بِالْعَلَامَةِ فَأَكَلُوهَا مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَعْظِيمِ شِعَارِ الشَّرْعِ وَحَثِّ الْغَيْرِ عَلَيْهِ وَأَبْعَدَ مَنْ مَنَعَ الْإِشْعَارَ وَاعْتَلَّ بِاحْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ مَشْرُوعًا قَبْلَ النَّهْيِ عَنِ الْمُثْلَةِ فَإِنَّ النَّسْخَ لَا يُصَارُ إِلَيْهِ بِالِاحْتِمَالِ بَلْ وَقَعَ الْإِشْعَارُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ وَذَلِكَ بَعْدَ النَّهْيِ عَنِ الْمُثْلَةِ بِزَمَانٍ وَسَيَأْتِي نَقْلُ الْخِلَافِ فِي ذَلِكَ بَعْدَ بَابٍ