فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب إذا وكل رجل رجلا أن يعطي شيئا، ولم يبين كم يعطي، فأعطى على ما يتعارفه الناس

( .

     قَوْلُهُ  بَابٌ إِذَا وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلًا أَنْ يُعْطِيَ شَيْئًا وَلَمْ يُبَيِّنْ كَمْ يُعْطِي)

فَأَعْطَى عَلَى مَا يَتَعَارَفُهُ النَّاسُ أَيْ فَهُوَ جَائِزٌ فِيهِ حَدِيثُ جَابِرٍ فِي قِصَّةِ بَيْعِهِ الْجَمَلَ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ الشُّرُوطِ وَشَاهِدُ التَّرْجَمَةِ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  فِيهِ يَا بِلَالُ اقْضِهِ وَزِدْهُ فَأَعْطَاهُ أَرْبَعَةَ دَنَانِيرَ وَزَادَهُ قِيرَاطًا فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ قَدْرَ مَا يُعْطِيهِ عِنْدَ أَمْرِهِ بِإِعْطَاءِ الزِّيَادَةِ فَاعْتَمَدَ بِلَالٌ عَلَى الْعُرْفِ فِي ذَلِكَ فَزَادَهُ قِيرَاطًا



[ قــ :2213 ... غــ :2309] .

     قَوْلُهُ  عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَغَيْرِهِ يَزِيدُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَمْ يُبَلِّغْهُ كُلَّهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَكَذَا وَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ أَيْ لَيْسَ جَمِيعُ الْحَدِيثِ عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِعَيْنِهِ وَإِنَّمَا عِنْدَ بَعْضِهِمْ مِنْهُ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْآخَرِ وَوَقَعَ لِبَعْضِهِمْ لَمْ يُبَلِّغْهُ كُلَّهُمْ رَجُلٌ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَعَلَيْهِ شرح بن التِّينِ وَزَعَمَ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ بَيْنَ بَعْضِهِمْ وَبَيْنَ جَابِرٍ فِيهِ وَاسِطَةً وَعِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ لَمْ يُبَلِّغْهُ كُلَّهُ إِلَّا رَجُلٌ وَاحِدٌ عَنْ جَابِرٍ وَمِثْلُهُ لِلْحُمَيْدِيِّ فِي جَمْعِهِ وَبِخَطِّ الدِّمْيَاطِيِّ فِي نُسْخَتِهِ مِنَ الْبُخَارِيِّ لَمْ يُبِلِّغْهُ بِالتَّشْدِيدِ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ .

     قَوْلُهُ  يَزِيدُ بَعْضُهُمْ الضَّمِيرُ فِيهِ يَرْجِعُ إِلَى الْغَيْرِ وَفِي لَمْ يبلغهُ إِلَى الحَدِيث أَو الرَّسُول وَرجل بَدَلٌ مِنْ كُلٍّ.

قُلْتُ الضَّمِيرُ لِلْحِدِّيثِ جَزْمًا لَا لِلرَّسُولِ لِأَنَّ السَّنَدَ مُتَّصِلٌ ثُمَّ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ وَفِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ لَفْظَةُ وَغَيْرِهِ بِالْجَرِّ وَأما رَفعه فعلى الِابْتِدَاء يَزِيدُ خَبَرُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ فَاعِلَ فِعْلٍ مُقَدَّرٍ لِيُبَلِّغَهُ وَعَلَى التَّقَادِيرِ لَا يَخْفَى مَا فِي هَذَا التَّرْكِيبِ مِنَ التَّعَجْرُفِ.

قُلْتُ إِنَّمَا جَاءَ التَّعَجْرُفُ مِنْ عَدَمِ فَهْمِ الْمُرَادِ وَإِلَّا فَمَعْنَى الْكَلَام أَن بن جُرَيْجٍ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ عَطَاءٍ وَعَنْ غَيْرِ عَطَاءٍ كُلُّهُمْ عَنْ جَابِرٍ لَكِنَّهُ عِنْدَهُ عَنْهُمْ بِالتَّوْزِيعِ رَوَى عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ قِطْعَةً مِنَ الْحَدِيثِ وَقَولُهُ لَمْ يُبَلِّغْهُ كُلَّهُ رَجُلٌ أَيْ لَمْ يَسُقْهُ بِتَمَامِهِ فَهُوَ بَيَانٌ مِنْهُ لِصُورَةِ تَحَمُّلِهِ وَهُوَ كَقَوْلِ الزُّهْرِيِّ فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ وَكُلٌّ حَدَّثَنِي طَائِفَةً مِنْ حَدِيثِهَا لَكِنَّهُ زَادَ عَلَيْهِ نَفَى أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَاقَهُ بِتَمَامِهِ فَأَيُّ تَعَجْرُفٍ فِي هَذَا وَالْعَجَبُ مِنْ شَارِحٍ تَرَكَ الرِّوَايَةَ الْمَشْهُورَةَ الَّتِي لَا قَلَقَ فِي تَرْكِيبِهَا وَتَشَاغَلَ بِتَجْوِيزِ شَيْءٍ لَمْ يَثْبُتْ فِي الرِّوَايَةِ ثُمَّ يُطْلِقُ عَلَى الْجَمِيعِ التَّعَجْرُفَ أَفَهَذَا شَارِحٌ أَوْ جَارِحٌ وَوَقَفْتُ مِنْ تَسْمِيَةِ مَنْ روى بن جُرَيْجٍ عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ جَابِرٍ عَلَى أَبِي الزُّبَيْرِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  عَلَى جَمَلٍ ثَفَالٍ بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ بَعْدَهَا فَاءٌ خَفِيفَةٌ هُوَ الْبَعِيرُ الْبَطِيءُ السَّيْرِ يُقَالُ ثَفَالٌ وَثَفِيلٌ.
وَأَمَّا الثِّفَالُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ فَهُوَ مَا يُوضَعُ تَحْتَ الرَّحَى لِيَنْزِلَ عَلَيْهِ الدَّقِيق.

     وَقَالَ  بن التِّينِ مَنْ ضَبَطَ الثَّفَالَ الَّذِي هُوَ الْبَعِيرُ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ فَقَدْ أَخْطَأَ وَقَولُهُ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ كَذَا لِلْجَمِيعِ وَذَكَرَهُ الدَّاوُدِيُّ الشَّارِحُ بِلَفْظِ أَرْبَعُ الدَّنَانِيرِ.

     وَقَالَ  سَقَطَتِ الْهَاءُ لَمَّا دَخَلَتِ الْأَلِفُ وَاللَّامُ وَذَلِكَ جَائِزٌ فِيمَا دُونَ الْعَشَرَةِ.
وَتَعَقَّبَهُ بن التِّينِ بِأَنَّهُ قَوْلٌ مُخْتَرَعٌ لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ وَقَولُهُ فَلَمْ يَكُنِ الْقِيرَاطُ يُفَارِقُ قِرَابَ جَابِرٍ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَالنَّسَفِيِّ بِقَافٍ قَالَ الدَّاودِيّ الشَّارِح يَعْنِي خريطته وَتعقبه بن التِّينِ بِأَنَّ الْمُرَادَ قِرَابُ سَيْفِهِ وَأَنَّ الْخَرِيطَةَ لَا يُقَالُ لَهَا قِرَابٌ انْتَهَى وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ جِرَابٌ فَهُوَ الَّذِي حَمَلَ الدَّاوُدِيَّ عَلَى تَأْوِيلِهِ الْمَذْكُورِ وَقَدْ زَادَ مُسْلِمٌ فِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَأَخذه أهل الشَّام يَوْم الْحرَّة قَالَ بن بَطَّالٍ فِيهِ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْعُرْفِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُعَيِّنْ قَدْرَ الزِّيَادَةِ فِي قَوْلِهِ وَزِدْهُ فَاعْتَمَدَ بِلَالٌ عَلَى الْعُرْفِ فَاقْتَصَرَ عَلَى قِيرَاطٍ فَلَوْ زَادَ مَثَلًا دِينَارًا لَتَنَاوَلَهُ مُطْلَقُ الزِّيَادَةِ لَكِنَّ الْعُرْفَ يَأْبَاهُ كَذَا قَالَ وَقَدْ يُنَازَعُ فِي ذَلِكَ بِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقَدْرُ كَانَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِنَ فِي زِيَادَتِهِ وَذَلِكَ الْقَدْرُ الَّذِي زِيدَ عَلَيْهِ كَأَنْ يَكُونَ أَمَرَهُ أَنْ يَزِيدَ مَنْ يَأْمُرُ لَهُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى كُلِّ دِينَارٍ رُبْعَ قِيرَاطٍ فَيَكُونُ عَمَلُهُ فِي ذَلِك بِالنَّصِّ لَا بِالْعرْفِ