فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب الحراسة في الغزو في سبيل الله

( قَولُهُ بَابُ نَزْعِ السَّهْمِ مِنَ الْبَدَنِ)
ذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي مُوسَى فِي قِصَّةِ عَمِّهِ أَبِي عَامِرٍ بِاخْتِصَارٍ وَسَاقَهُ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ بِتَمَامِهِ وَسَيَأْتِي شَرْحِهِ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ الْمُهَلَّبُ فِيهِ جَوَازُ نَزْعِ السَّهْمِ مِنَ الْبَدَنِ وَإِنْ كَانَ فِي غِبَّةِ الْمَوْتِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ الْإِلْقَاءِ إِلَى التَّهْلُكَةِ إِذَا كَانَ يَرْجُو الِانْتِفَاعَ بِذَلِكَ قَالَ وَمِثْلُهُ الْبَطُّ وَالْكَيُّ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي يُتَدَاوَى بهَا.

     وَقَالَ  بن الْمُنِيرِ لَعَلَّهُ تَرْجَمَ بِهَذَا لِئَلَّا يُتَخَيَّلَ أَنَّ الشَّهِيدَ لَا يُنْزَعُ مِنْهُ السَّهْمُ بَلْ يَبْقَى فِيهِ كَمَا أَمَرَ بِدَفْنِهِ بِدِمَائِهِ حَتَّى يُبْعَثَ كَذَلِكَ فَبَيَّنَ بِهَذِهِ التَّرْجَمَةِ أَنَّ هَذَا مِمَّا شُرِعَ انْتَهَى وَالَّذِي قَالَهُ الْمُهَلَّبُ أَوْلَى لِأَنَّ حَدِيثَ الْبَابِ يَتَعَلَّقُ بِمَنْ أَصَابَهُ ذَلِكَ وَهُوَ فِي الْحَيَاة بعد وَالَّذِي أبداه بن الْمُنِير يتَعَلَّق بنزعه بعد الْوَفَاة قَولُهُ بَابُ الْحِرَاسَةِ فِي الْغَزْوِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَيْ بَيَانُ مَا فِيهَا مِنَ الْفَضْلِ وَذَكَرَ فِيهِ حَدِيثَينِ أَحَدُهُمَا عَنْ عَائِشَةَ



[ قــ :2757 ... غــ :2885] .

     قَوْلُهُ  أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ هُوَ الْأَنْصَارِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ هُوَ الْعَنَزِيُّ لَهُ رُؤْيَة ولأبيه صُحْبَة .

     قَوْلُهُ  كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهِرَ فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ قَالَ لَيْتَ رَجُلًا صَالِحًا مِنْ أَصْحَابِي يَحْرُسُنِي اللَّيْلَةَ هَكَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَلَمْ يُبَيِّنْ زَمَانَ السَّهَرِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ السَّهَرَ كَانَ قَبْلَ الْقُدُومِ وَالْقَوْلَ بَعْدَهُ وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ.

     وَقَالَ  فِيهِ سَهِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقْدِمَهُ الْمَدِينَةَ لَيْلَةً فَقَالَ فَذَكَرَهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ السَّهَرَ وَالْقَوْلَ مَعًا كَانَا بَعْدَ الْقُدُومِ وَقَدْ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِلَفْظِ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَ مَا قَدِمَ الْمَدِينَةَ يَسْهَرُ مِنَ اللَّيْلِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقُدُومِهِ الْمَدِينَةَ أَوَّلَ قُدُومِهِ إِلَيْهَا مِنَ الْهِجْرَةِ لِأَنَّ عَائِشَةَ إِذْ ذَاكَ لَمْ تَكُنْ عِنْدَهُ وَلَا كَانَ سَعْدٌ أَيْضًا مِمَّنْ سَبَقَ وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ هَارُونَ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ بِلَفْظِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهِرَ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَهِيَ إِلَى جَنْبِهِ قَالَتْ فَقُلْتُ مَا شَأْنُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ الْحَدِيثَ وَقَدْ رَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْرَسُ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاس وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ وَاخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ وَإِرْسَالِهِ .

     قَوْلُهُ  جِئْتُ لِأَحْرُسَكَ فِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ الْمَذْكُورَةِ فَقَالَ وَقْعَ فِي نَفْسِي خَوْفٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجِئْتُ أَحْرُسُهُ فَدَعَا لَهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  فَنَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّمَنِّي مِنْ طَرِيقِ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ حَتَّى سَمِعْنَا غَطِيطَهُ وَفِي الْحَدِيثِ الْأَخْذُ بِالْحَذَرِ وَالِاحْتِرَاسِ مِنَ الْعَدُوِّ وَأَنَّ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَحْرُسُوا سُلْطَانَهُمْ خَشْيَةَ الْقَتْلِ وَفِيهِ الثَّنَاءُ عَلَى مَنْ تَبَرَّعَ بِالْخَيْرِ وَتَسْمِيَتُهُ صَالِحًا وَإِنَّمَا عَانَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ مَعَ قُوَّةِ تَوَكُّلِهِ لِلِاسْتِنَانِ بِهِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ ظَاهَرَ بَيْنَ دِرْعَيْنِ مَعَ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا اشْتَدَّ الْبَأْسُ كَانَ أَمَامَ الْكُلِّ وَأَيْضًا فَالتَّوَكُّلُ لَا يُنَافِي تَعَاطِي الْأَسْبَابِ لِأَنَّ التَّوَكُّلَ عَمَلُ الْقَلْبِ وَهِيَ عَمَلُ الْبَدَنِ وَقَدْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام وَلَكِن لِيَطمَئِن قلبِي.

     وَقَالَ  عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ اعْقِلْهَا وَتَوَكَّلْ قَالَ بن بَطَّالٍ نُسِخَ ذَلِكَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ عَائِشَةَ.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ لَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يُنَافِي الْحِرَاسَةَ كَمَا أَنَّ إِعْلَامَ اللَّهِ نَصْرَ دِينِهِ وَإِظْهَارَهُ مَا يَمْنَعُ الْأَمْرَ بِالْقِتَالِ وَإِعْدَادِ الْعُدَدِ وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ الْعِصْمَةُ مِنَ الْفِتْنَةِ وَالْإِضْلَالِ أَوْ إِزْهَاقِ الرُّوحِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ثَانِيهِمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ .

     قَوْلُهُ  وَزَادَ لَنَا عَمْرُو بن مَرْزُوقٍ هَكَذَا وَعَمْرٌو هُوَ مِنْ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ وَقَدْ صَرَّحَ بِسَمَاعِهِ مِنْهُ فِي مَوَاضِعَ أُخْرَى وَجَمِيعُ الْإِسْنَادِ سِوَاءٌ مَدَنِيُّونَ وَفِيهِ تَابِعِيَّانِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ وَأَبُو صَالِحٍ وَالْمُرَادُ بِالزِّيَادَةِ .

     قَوْلُهُ  فِي آخِرِهِ تَعِسَ وَانْتَكَسَ إِلَخْ وَقَدْ وَصَلَهُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُسْلِمٍ الْكَجِّيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ وَسَيَأْتِي مزِيد لِهَذَا فِي التَّمَنِّي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى





[ قــ :758 ... غــ :886] .

     قَوْلُهُ  تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ الْحَدِيثَ سَيَأْتِي بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَالْمَتْنِ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ وَنَذْكُرُ شَرْحَهُ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا .

     قَوْلُهُ  فِي الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ طُوبَى لِعَبْدٍ آخِذٍ بِعِنَانِ فَرَسِهِ الْحَدِيثَ لِقَوْلِهِ إِنْ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ .

     قَوْلُهُ  تَعِسَ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْمُهْمِلَةِ وَيَجُوزُ فَتْحُهَا وَهُوَ ضِدُّ سَعِدَ تَقُولُ تَعِسَ فُلَانٌ أَيْ شَقِيَ وَقِيلَ مَعْنَى التَّعَسِ الْكَبُّ عَلَى الْوَجْهِ قَالَ الْخَلِيلُ التَّعَسُ أَنْ يَعْثُرَ فَلَا يَفِيقُ مِنْ عَثْرَتِهِ وَقِيلَ التَّعَسُ الشَّرُّ وَقِيلَ الْبُعْدُ وَقِيلَ الْهَلَاكُ وَقِيلَ التَّعَسُ أَنْ يَخِرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَالنَّكَسُ أَنْ يَخِرَّ عَلَى رَأْسِهِ وَقِيلَ تَعِسَ أَخْطَأَ حُجَّتَهُ وَبُغْيَتَهُ وَقَولُهُ وَانْتَكَسَ بِالْمُهْمَلَةِ أَيْ عَاوَدَهُ الْمَرَضُ وَقِيلَ إِذَا سَقَطَ اشْتَغَلَ بِسَقْطَتِهِ حَتَّى يَسْقُطَ أُخْرَى وَحَكَى عِيَاضٌ أَنَّ بَعْضَهُمْ رَوَاهُ انْتَكَشَ بِالْمُعْجَمَةِ وَفَسَّرَهُ بِالرُّجُوعِ وَجَعَلَهُ دُعَاءً لَهُ لَا عَلَيْهِ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى .

     قَوْلُهُ  وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ شِيكَ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا كَافٌ وَانْتَقَشَ بِالْقَافِ وَالْمُعْجَمَةِ وَالْمَعْنَى إِذَا أَصَابَتْهُ الشَّوْكَةُ فَلَا وَجَدَ مَنْ يُخْرِجُهَا مِنْهُ بِالْمِنْقَاشِ تَقُولُ نَقَشْتُ الشَّوْكَ إِذَا اسْتَخْرَجْتَهُ وَذكر بن قُتَيْبَةَ أَنَّ بَعْضَهُمْ رَوَاهُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ بَدَلَ الْقَافِ وَمَعْنَاهُ صَحِيحٌ لَكِنْ مَعَ ذِكْرِ الشَّوْكَةِ تَقْوَى رِوَايَةُ الْقَافِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ عَنْ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ وَإِذَا شِيتَ بِمُثَنَّاةٍ فَوْقَانِيَّةٍ بَدَلَ الْكَافِ وَهُوَ تَغْيِيرٌ فَاحِشٌ وَفِي الدُّعَاءِ بِذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى عَكْسِ مَقْصُودِهِ لِأَنَّ مَنْ عَثَرَ فَدَخَلَتْ فِي رِجْلِهِ الشَّوْكَةُ فَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُخْرِجُهَا يَصِيرُ عَاجِزًا عَنِ الْحَرَكَةِ وَالسَّعْيِ فِي تَحْصِيلِ الدُّنْيَا وَفِي قَوْلِهِ طُوبَى لِعَبْدٍ إِلَخْ إِشَارَةٌ إِلَى الْحَضِّ عَلَى الْعَمَلِ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ خَيْرُ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .

     قَوْلُهُ  أَشْعَثَ صِفَةٌ لِعَبْدٍ وَهُوَ مَجْرُورٌ بِالْفَتْحَةِ لِعَدَمِ الصّرْف وَرَأسه بِالرَّفْعِ الْفَاعِلُ قَالَ الطِّيبِي أَشْعَثَ رَأْسُهُ مُغْبَرَّةٌ قَدَّمَاهُ حَالَانِ مِنْ قَوْلِهِ لَعَبْدٌ لِأَنَّهُ مَوْصُوفٌ.

     وَقَالَ  الْكِرْمَانِيُّ يَجُوزُ الرَّفْعُ وَلَمْ يُوَجِّهْهُ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ وَيَجُوزُ فِي أَشْعَثَ الرَّفْعُ عَلَى أَنَّهُ صِفَةُ رَأْسٍ أَيْ رَأْسُهُ أَشْعَثُ وَكَذَا .

     قَوْلُهُ  مُغْبَرَّةٌ قَدَمَاهُ .

     قَوْلُهُ  إِنْ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ كَانَ فِي السَّاقَةِ هَذَا مِنَ الْمَوَاضِعِ الَّتِي اتَّحَدَ فِيهَا الشَّرْطُ وَالْجَزَاءُ لَفْظًا لَكِنَّ الْمَعْنَى مُخْتَلِفٌ وَالتَّقْدِيرُ إِنْ كَانَ الْمُهِمُّ فِي الْحِرَاسَةِ كَانَ فِيهَا وَقِيلَ مَعْنَى فَهُوَ فِي الْحِرَاسَةِ أَيْ فَهُوَ فِي ثَوَابِ الْحِرَاسَةِ وَقِيلَ هُوَ لِلتَّعْظِيمِ أَيْ إِنْ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ فَهُوَ فِي أَمْرٍ عَظِيمٍ وَالْمُرَادُ مِنْهُ لَازِمُهُ أَيْ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِلَوَازِمِهِ وَيَكُونَ مُشْتَغِلًا بِخُوَيْصَّةِ عمله.

     وَقَالَ  بن الْجَوْزِيِّ الْمَعْنَى أَنَّهُ خَامِلُ الذِّكْرِ لَا يَقْصِدُ السُّمُوَّ فَإِنِ اتَّفَقَ لَهُ السَّيْرُ سَارَ فَكَأَنَّهُ قَالَ إِنْ كَانَ فِي الْحِرَاسَةِ اسْتَمَرَّ فِيهَا وَإِنْ كَانَ فِي السَّاقَةِ اسْتَمَرَّ فِيهَا .

     قَوْلُهُ  إِنِ اسْتَأْذَنَ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ وَإِنْ شَفَعَ لَمْ يُشَفَّعْ فِيهِ تَرْكُ حُبِّ الرِّيَاسَةِ وَالشُّهْرَةِ وَفَضْلُ الْخُمُولِ وَالتَّوَاضُعِ وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِذَلِكَ فِي كِتَابِ الرِّقَاقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  فَتَعْسًا كَأَنَّهُ يَقُولُ فَأَتْعَسَهُمُ اللَّهُ وَقَعَ هَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَهِيَ عَلَى عَادَةِ الْبُخَارِيِّ فِي شَرْحِ اللَّفْظَةِ الَّتِي تُوَافِقُ مَا فِي الْقُرْآنِ بِتَفْسِيرِهَا وَهَكَذَا قَالَ أَهْلُ التَّفْسِيرِ فِي قَوْله تَعَالَى وَالَّذين كفرُوا فتعسا لَهُم .

     قَوْلُهُ  طُوبَى فُعْلَى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ طَيِّبٍ وَهِيَ يَاءٌ حُوِّلَتْ إِلَى الْوَاوِ وَهُوَ مِنْ يَطِيبُ كَذَا فِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي أَيْضًا وَالْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي الَّذِي قَبْلَهُ.

     وَقَالَ  غَيْرُهُ الْمُرَادُ الدُّعَاءُ لَهُ بِالْجَنَّةِ لِأَنَّ طُوبَى أَشْهَرُ شَجَرِهَا وَأَطْيَبُهُ فَدَعَا لَهُ أَنْ يَنَالَهَا وَدُخُولُ الْجَنَّةِ مَلْزُومُ نَيْلِهَا تَكْمِيلٌ وَرَدَ فِي فَضْلِ الْحِرَاسَةِ عِدَّةُ أَحَادِيثَ لَيْسَتْ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ مِنْهَا حَدِيثُ عُثْمَانَ مَرْفُوعًا حَرْسُ لَيْلَةٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ لَيْلَةٍ يُقَامُ لَيْلهَا ويصام نَهَارهَا أخرجه بن مَاجَهْ وَالْحَاكِمُ وَحَدِيثُ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا مَنْ حَرَسَ وَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ مُتَطَوِّعًا لَمْ يَرَ النَّارَ بِعَيْنِهِ إِلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَحَدِيثُ أَبِي رَيْحَانَةَ مَرْفُوعًا حُرِّمَتِ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ سَهِرَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أخرجه النَّسَائِيّ وَنَحْوه لِلتِّرْمِذِي عَن بن عَبَّاسٍ وَلِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ وَلِأَبِي يَعْلَى مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَإِسْنَادُهَا حَسَنٌ وللحاكم عَن أبي هُرَيْرَة نَحوه