فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب إذا نام ولم يصل بال الشيطان في أذنه

( قَولُهُ بَابُ إِذَا نَامَ وَلَمْ يُصَلِّ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ)
هَذِهِ التَّرْجَمَةُ لِلْمُسْتَمْلِي وَحْدَهُ وَلِلْبَاقِينَ بَابٌ فَقَطْ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْفَصْلِ مِنَ الْبَابِ وَتَعَلُّقُهُ بِالَّذِي قَبْلَهُ ظَاهِرٌ لِمَا سَنُوَضِّحُهُ



[ قــ :1105 ... غــ :1144] .

     قَوْلُهُ  ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ لَكِنْ أَخْرَجَ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يزِيد النَّخعِيّ عَن بن مَسْعُودٍ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ هُوَ وَلَفْظُهُ بَعْدَ سِيَاقِ الْحَدِيثِ بِنَحْوِهِ وَأَيْمُ اللَّهِ لَقَدْ بَالَ فِي أُذُنِ صَاحِبِكُمْ لَيْلَةً يَعْنِي نَفْسَهُ .

     قَوْلُهُ  فَقِيلَ مَا زَالَ نَائِمًا حَتَّى أَصْبَحَ فِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ عَنْ مَنْصُورٍ فِي بَدْءِ الْخَلْقِ رَجُلٌ نَامَ لَيْلَةً حَتَّى أَصْبَحَ .

     قَوْلُهُ  مَا قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ المُرَادُ الْجِنْسُ وَيُحْتَمَلُ الْعَهْدُ وَيُرَادُ بِهِ صَلَاةُ اللَّيْلِ أَوِ الْمَكْتُوبَةُ وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ سُفْيَانَ هَذَا عِنْدَنَا نَامَ عَنِ الْفَرِيضَة أخرجه بن حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ مُنَاسَبَةُ الْحَدِيثِ لِمَا قَبْلَهُ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الَّذِي قَدَّمْتُ ذِكْرَهُ مِنْ فَوَائِدِ الْمُخَلِّصِ أَصْبَحَتِ الْعُقَدُ كُلُّهَا كَهَيْئَتِهَا وَبَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ وَقْتُ بَوْلِ الشَّيْطَانِ وَمُنَاسَبَةُ هَذَا الْحَدِيثِ لِلَّذِي قَبْلَهُ .

     قَوْلُهُ  فِي أُذُنِهِ فِي رِوَايَةِ جَرِيرٍ فِي أُذُنَيْهِ بِالتَّثْنِيَةِ وَاخْتُلِفَ فِي بَوْلِ الشَّيْطَانِ فَقِيلَ هُوَ عَلَى حَقِيقَتِهِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ إِذْ لَا إِحَالَةَ فِيهِ لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَنْكِحُ فَلَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَبُولَ وَقِيلَ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ سَدِّ الشَّيْطَانِ أُذُنَ الَّذِي يَنَامُ عَنِ الصَّلَاةِ حَتَّى لَا يَسْمَعَ الذِّكْرَ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّيْطَانَ مَلَأَ سَمْعَهُ بِالْأَبَاطِيلِ فَحَجَبَ سَمْعَهُ عَنِ الذِّكْرِ وَقِيلَ هُوَ كِنَايَةٌ عَنِ ازْدِرَاءِ الشَّيْطَانِ بِهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّ الشَّيْطَانَ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ وَاسْتَخَفَّ بِهِ حَتَّى اتَّخَذَهُ كَالْكَنِيفِ الْمُعَدِّ لِلْبَوْلِ إِذْ مِنْ عَادَةِ الْمُسْتَخِفِّ بِالشَّيْءِ أَنْ يَبُولَ عَلَيْهِ وَقِيلَ هُوَ مَثَلٌ مَضْرُوبٌ لِلْغَافِلِ عَنِ الْقِيَامِ بِثِقَلِ النَّوْمِ كَمَنْ وَقَعَ الْبَوْلُ فِي أُذُنِهِ فَثَقَّلَ أُذُنَهُ وَأَفْسَدَ حِسَّهُ وَالْعَرَبُ تُكَنِّي عَنِ الْفَسَادِ بِالْبَوْلِ قَالَ الرَّاجِزُ بَالَ سُهَيْلٌ فِي الْفَضِيخِ فَفَسَدَ وَكَنَّى بِذَلِكَ عَنْ طُلُوعِهِ لِأَنَّهُ وَقْتُ إِفْسَادِ الْفَضِيخِ فَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْبَوْلِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ أَحْمَدَ قَالَ الْحَسَنُ إِنَّ بَوْلَهُ وَاللَّهِ لَثَقِيلٌ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ مِنْ طَرِيقِ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ بن مَسْعُودٍ حَسْبُ الرَّجُلِ مِنَ الْخَيْبَةِ وَالشَّرِّ أَنْ يَنَامَ حَتَّى يُصْبِحَ وَقَدْ بَالَ الشَّيْطَانُ فِي أُذُنِهِ وَهُوَ مَوْقُوفٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ.

     وَقَالَ  الطِّيبِيُّ خَصَّ الْأُذُنَ بِالذِّكْرِ وَإِنْ كَانَتِ الْعَيْنُ أَنْسَبَ بِالنَّوْمِ إِشَارَةً إِلَى ثِقَلِ النَّوْمِ فَإِنَّ الْمَسَامِعَ هِيَ مَوَارِدُ الِانْتِبَاهِ وَخَصَّ الْبَوْلَ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مَدْخَلًا فِي التَّجَاوِيفِ وَأَسْرَعُ نُفُوذًا فِي الْعُرُوقِ فيورث الكسل فِي جَمِيع الْأَعْضَاء