فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب ما قيل في أولاد المسلمين

( مَاتَ لَهُ وَلَدٌ فَاحْتَسَبَ)
وَفِيهَا الْحَدِيثُ الْمُصَدَّرُ بِهِ وَإِنَّمَا تَرْجَمَ بِهَذِهِ لِمَعْرِفَةِ مَآلِ الْأَوْلَادِ وَوَجْهُ انْتِزَاعِ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ يَكُونُ سَبَبًا فِي حَجْبِ النَّارِ عَنْ أَبَوَيْهِ أَوْلَى بِأَنْ يُحْجَبَ هُوَ لِأَنَّهُ أَصْلُ الرَّحْمَةِ وَسَبَبُهَا.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ أَجْمَعَ مَنْ يُعْتَدَّ بِهِ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْ أَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَتَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُهُمْ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ يَعْنِي الَّذِي أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ بِلَفْظِ تُوُفِّيَ صَبِيٌّ مِنَ الْأَنْصَارِ فَقُلْتُ طُوبَى لَهُ لَمْ يَعْمَلْ سُوءًا وَلَمْ يُدْرِكْهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ يَا عَائِشَةَ إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ لِلْجَنَّةِ أَهْلًا الْحَدِيثَ قَالَ وَالْجَوَابُ عَنْهُ أَنَّهُ لَعَلَّهُ نَهَاهَا عَنِ الْمُسَارَعَةِ إِلَى الْقَطْعِ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ أَوْ قَالَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ أَطْفَالَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْجَنَّةِ انْتَهَى.

     وَقَالَ  الْقُرْطُبِيُّ نفى بَعضهم الْخلاف فِي ذَلِك وَكَأَنَّهُ عَنى بن أَبِي زَيْدٍ فَإِنَّهُ أَطْلَقَ الْإِجْمَاعَ فِي ذَلِكَ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ إِجْمَاعَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ.

     وَقَالَ  الْمَازِرِيُّ الْخِلَافُ فِي غَيْرِ أَوْلَادِ الْأَنْبِيَاءِ انْتَهَى وَلَعَلَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي بَدَأَ بِهِ كَمَا سَيَأْتِي فَإِنَّ فِيهِ التَّصْرِيحَ بِإِدْخَالِ الْأَوْلَادِ الْجَنَّةَ مَعَ آبَائِهِمْ وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زِيَادَاتِ الْمُسْنَدِ عَنْ عَلِيٍّ مَرْفُوعًا إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَأَوْلَادَهُمْ فِي الْجَنَّةِ وَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ وَأَوْلَادَهُمْ فِي النَّارِ ثُمَّ قَرَأَ وَالَّذِينَ آمنُوا وَاتَّبَعتهمْ الْآيَةَ وَهَذَا أَصَحُّ مَا وَرَدَ فِي تَفْسِيرِ هَذِه الْآيَة وَبِه جزم بن عَبَّاسٍ .

     قَوْلُهُ  وقَال أَبُو هُرَيْرَةَ إِلَخْ لَمْ أَرَهُ مَوْصُولًا مِنْ حَدِيثِهِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ نَعَمْ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ عَوْنٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَمُوتُ لَهُمَا ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ إِلَّا أَدْخَلَهُمَا اللَّهُ وَإِيَّاهُمْ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ الْجَنَّةَ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا لَا يَمُوتُ لِإِحْدَاكُنَّ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَتَحْتَسِبُ إِلَّا دَخَلَتِ الْجَنَّةَ الْحَدِيثَ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِامْرَأَةٍ دَفَنْتِ ثَلَاثَةً قَالَتْ نَعَمْ قَالَ لَقَدِ احْتَظَرْتِ بِحِظَارٍ شَدِيدٍ مِنَ النَّارِ وَفِي صَحِيحِ أَبِي عَوَانَةَ من طَرِيق عَاصِم عَن أنس مَاتَ بن لِلزُّبَيْرِ فَجَزِعَ عَلَيْهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ مَاتَ لَهُ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ لَمْ يَبْلُغُوا الْحِنْثَ كَانُوا لَهُ حِجَابًا مِنَ النَّارِ



[ قــ :1326 ... غــ :1381] .

     قَوْلُهُ  كَانَ لَهُ كَذَا لِلْأَكْثَرِ أَيْ كَانَ مَوْتُهُمْ لَهُ حِجَابًا وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ كَانُوا أَيِ الْأَوْلَادَ .

     قَوْلُهُ  ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ سَقَطَ .

     قَوْلُهُ  مِنَ الْوَلَدِ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَكَذَا سَبَقَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي بَابِ فَضْلِ مَنْ مَاتَ لَهُ وَلَدٌ فَاحْتَسَبَ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى هُنَاكَ





[ قــ :137 ... غــ :138] .

     قَوْلُهُ  لَمَّا تُوُفِّيَ إِبْرَاهِيمُ زَادَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ شُعْبَةَ بِسَنَدِهِ بن رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ مُعَاذٍ عَنْ شُعْبَةَ بِسَنَدِهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ ابْنُهُ إِبْرَاهِيمُ .

     قَوْلُهُ  إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ قَالَ بن التِّينِ يُقَالُ امْرَأَةٌ مُرْضِعٌ بِلَا هَاءٍ مِثْلُ حَائِضٍ وَقَدْ أَرْضَعَتْ فَهِيَ مُرْضِعَةٌ إِذَا بُنِيَ مِنَ الْفِعْلِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَة عَمَّا أرضعت قَالَ وَرُوِيَ مُرْضَعًا بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيِ إِرْضَاعًا انْتَهَى وَقَدْ سَبَقَ إِلَى حِكَايَةِ هَذَا الْوَجْهِ الْخَطَّابِيُّ وَالْأَوَّلُ رِوَايَةُ الْجُمْهُورِ وَفِي رِوَايَةِ عَمْرٍو الْمَذْكُورَةِ مُرْضِعًا تُرْضِعُهُ فِي الْجَنَّةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى قِصَّةِ مَوْتِ إِبْرَاهِيمَ مُسْتَوْفًى فِي بَابِ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم إِنَّا بِكَ لَمَحْزُونُونَ وَإِيرَادُ الْبُخَارِيِّ لَهُ فِي هَذَا الْبَابِ يُشْعِرُ بِاخْتِيَارِ الْقَوْلِ الصَّائِرِ إِلَى أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ فَكَأَنَّهُ تَوَقَّفَ فِيهِ أَوَّلًا ثمَّ جزم بِهِ