فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب الصلاة في كسوف القمر

( قَولُهُ بَابُ الصَّلَاةِ فِي كُسُوفِ الْقَمَرِ)
أَوْرَدَ فِيهِ حَدِيثَ أَبِي بَكْرَةَ مِنْ وَجْهَيْنِ مُخْتَصَرًا وَمُطَوَّلًا وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِأَنَّ الْمُخْتَصَرَ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْقَمَرِ لَا بِالتَّنْصِيصِ وَلَا بِالِاحْتِمَالِ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ الْمُخْتَصَرَ بَعْضُ الْحَدِيثِ الْمُطَوَّلِ.
وَأَمَّا الْمُطَوَّلُ فَيُؤْخَذُ الْمَقْصُودُ مِنْ



[ قــ :1028 ... غــ :1063] قَوْلِهِ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَصَلُّوا بَعْدَ قَوْلِهِ إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَقَدْ وَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ مَا هُوَ أَصْرَحُ مِنْ ذَلِكَ فَعِنْدَ بن حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ نُوحِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَعِنْدَهُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فَإِذَا انْكَسَفَ أَحَدُهُمَا وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ أَبِي مَسْعُودٍ بِلَفْظِ كُسُوفُ أَيِّهِمَا انْكَسَفَ وَفِي ذَلِكَ رَدٌّ عَلَى مَنْ قَالَ لَا تَنْدُبُ الْجَمَاعَةُ فِي كُسُوفِ الْقَمَرِ وَفُرِّقَ بِوُجُودِ الْمَشَقَّةِ فِي اللَّيْلِ غَالِبًا دُونَ النَّهَارِ وَوَقَعَ عِنْدَ بن حِبَّانَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي كُسُوفِ الْقَمَرِ وَلَفْظُهُ مِنْ طَرِيقِ النَّضْرِ بْنِ شُمَيْلٍ عَنْ أَشْعَثَ بِإِسْنَادِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ صَلَّى فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ رَكْعَتَيْنِ مِثْلَ صَلَاتِكُمْ وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا وَفِي هَذَا رَدٌّ عَلَى مَنْ أَطْلَقَ كَابْنِ رَشِيدٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُصَلِّ فِيهِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَوَّلَ قَوْلَهُ صَلَّى أَيْ أَمَرَ بِالصَّلَاةِ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ.

     وَقَالَ  صَاحِبُ الْهُدَى لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ صَلَّى فِي كُسُوفِ الْقَمَرِ فِي جَمَاعَةٍ لَكِنْ حَكَى بن حِبَّانَ فِي السِّيرَةِ لَهُ أَنَّ الْقَمَرَ خَسَفَ فِي السَّنَةِ الْخَامِسَةِ فَصَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَكَانَتْ أَوَّلَ صَلَاةِ كُسُوفٍ فِي الْإِسْلَامِ وَهَذَا إِنْ ثَبَتَ انْتَفَى التَّأْوِيلُ الْمَذْكُورُ وَقَدْ جَزَمَ بِهِ مُغَلْطَايْ فِي سِيرَتِهِ الْمُخْتَصَرَةِ وَتَبِعَهُ شَيْخُنَا فِي نَظْمِهَا تَنْبِيه حكى بن التِّينِ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ هَذَا انْكَسَفَ الْقَمَرُ بَدَلَ الشَّمْسِ وَهَذَا تَغْيِيرٌ لَا مَعْنَى لَهُ وَكَأَنَّهُ عَسِرَتْ عَلَيْهِ مُطَابَقَةُ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ فَظَنَّ أَنَّ لَفْظَهُ مُغَيَّرٌ فَغَيَّرَهُ هُوَ إِلَى مَا ظَنَّهُ صَوَابا وَلَيْسَ كَذَلِك