فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب التكبير والتسبيح عند التعجب

( قَولُهُ بَابُ التَّكْبِيرِ وَالتَّسْبِيحِ عِنْدَ التَّعَجُّبِ)
قَالَ بن بَطَّالٍ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ مَعْنَاهُ تَعْظِيمُ اللَّهِ وَتَنْزِيهُهُ مِنَ السُّوءِ وَاسْتِعْمَالُ ذَلِكَ عِنْدَ التَّعَجُّبِ وَاسْتِعْظَامِ الْأَمْرِ حَسَنٌ وَفِيهِ تَمْرِينُ اللِّسَانِ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَهَذَا تَوْجِيهٌ جَيِّدٌ كَأَنَّ الْبُخَارِيَّ رَمَزَ إِلَى الرَّدِّ عَلَى مَنْ مَنَعَ مِنْ ذَلِك وَذكر المُصَنّف فِيهِ حَدِيثُ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ فِي قِصَّةِ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ قَالَ لَهُمَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رِسْلِكُمَا إِنَّهَا صَفِيَّةُ فَقَالَا سُبْحَانَ اللَّهِ أَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبِ بْنِ أبي حَمْزَة وَمن طَرِيق بن أبي عَتيق وَسَاقه على لفظ بن أَبِي عَتِيقٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي الِاعْتِكَافِ وَقَولُهُ الْعَشْرِ الْغَوَابِرِ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ الْمُوَحَّدَةِ الْمُرَادُ بِهَا هُنَا الْبَوَاقِي وَقَدْ تُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْمَوَاضِي وَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ وَهُوَ مُطَابِقٌ لِمَا تَرْجَمَ لَهُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مُرَادَهُمَا بِقَوْلِهِمَا سُبْحَانَ اللَّهِ التَّعَجُّبُ مِنَ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَكَبُرَ عَلَيْهِمَا أَيْ عَظُمَ وَشَقَّ وَقَولُهُ يَقْذِفُ فِي قُلُوبِكُمَا كَذَا هُنَا بِحَذْفِ الْمَفْعُولِ وَقَدْ سَبَقَ فِي الِاعْتِكَافِ بِلَفْظِ فِي قُلُوبِكُمَا شَرًّا وَحَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَاذَا أُنْزِلَ مِنَ الْفِتَنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَعْضُ شَرْحِهِ فِي الْعِلْمِ وَتَأْتِي بَقِيَّتُهُ فِي الْفِتَنِ وَقَولُهُ



[ قــ :5889 ... غــ :6218] مِنَ الْخَزَائِنِ قِيلَ عَبَّرَ بِهَا عَنِ الرَّحْمَةِ كَقَوْلِهِ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّي كَمَا عَبَّرَ بِالْفِتَنِ عَنِ الْعَذَاب لِأَنَّهَا أَسبَاب مؤدية إِلَيْهِ أَو الْمُرَادَ بِالْخَزَائِنِ إِعْلَامُهُ بِمَا سَيُفْتَحُ عَلَى أُمَّتِهِ مِنَ الْأَمْوَالِ بِالْغَنَائِمِ مِنَ الْبِلَادِ الَّتِي يَفْتَحُونَهَا وَأَنَّ الْفِتَنَ تَنْشَأُ عَنْ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا أَخْبَرَ بِهِ مِمَّا وَقَعَ قَبْلَ وُقُوعِهِ وَقَدْ تَعَرَّضَ لَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّة قَوْله.

     وَقَالَ  بن أَبِي ثَوْرٍ هُوَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَذَكَرَ حَدِيثَ عُمَرَ حَيْثُ قَالَ أَطَلَّقْتَ نِسَاءَكَ قَالَ لَا.

قُلْتُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَهُوَ طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا فِي كِتَابِ الْعِلْمِ وَتَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي كِتَابِ النِّكَاحِ وَقَدْ وَرَدَتْ عِدَّةُ أَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ فِي قَوْلِ سُبْحَانَ اللَّهِ عِنْدَ التَّعَجُّبِ كَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَقِيَنِي النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا جُنُبٌ وَفِيهِ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجَسُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَحَدِيثُ عَائِشَةَ أَنَّ امْرَأَةَ سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ غُسْلِهَا مِنَ الْمَحِيضِ وَفِيهِ قَالَ تَطَهَّرِي بِهَا قَالَتْ كَيْفَ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ الْحَدِيثُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حَصِينٍ فِي قِصَّةِ الْمَرْأَةِ الَّتِي نَذَرَتْ أَنْ تَنْحَرَ نَاقَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ بِئْسَمَا جَزَيْتِهَا وَكِلَاهُمَا مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَيْضًا مِنْ قَوْلِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ كَحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ لَمَّا قِيلَ لَهُ إِنَّكَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ مَا لَا يعلم تَنْبِيهٌ وَقَعَ فِي حَدِيثِ صَفِيَّةَ فِي رِوَايَةِ غَيْرِ أَبِي ذَرٍّ مُؤَخَّرًا آخِرَ هَذَا الْبَابِ والخطب فِيهِ سهل وَوَقع فِي شرح بن بَطَّالٍ إِيرَادُ حَدِيثِ صَفِيَّةَ الْمَذْكُورِ عَقِبَ حَدِيثِ عَلِيٍّ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَهُ مُتَّصِلًا بِهِ ثُمَّ اسْتَشْكَلَ مُطَابَقَتَهُ لِلتَّرْجَمَةِ.

     وَقَالَ  سَأَلْتُ الْمُهَلَّبَ عَنْهُ فَقَالَ إِنَّمَا أَوْرَدَهُ لِحَدِيثِ عَلِيٍّ حَيْثُ قَالَ فِيهِ لَيْسَ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا وَقَدْ فُرِغَ مِنْ مَقْعَدِهِ مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَقَوَّاهُ بِحَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ أَشَارَ إِلَى أَنَّ أَقْوَى أَسْبَابِ النَّارِ الْفِتَنُ وَالْعَصَبِيَّةُ فِيهَا وَالتَّقَاتُلُ عَلَى الْمَالِ وَمَا يُفْتَحُ مِنَ الْخَزَائِنِ اه وَلَمْ أَقِفْ فِي شَيْءٍ مِنْ نُسَخِ الْبُخَارِيِّ عَلَى وفْق مَا نقل بن بَطَّالٍ وَإِنَّمَا وَقَعَ حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ فِي بَابِ التَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ لِلتَّعَجُّبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا تَرْجَمَ لَهُ مُسْتَغْنٍ عَنِ التَّكَلُّفِ وَالْجَوَابُ الْمَذْكُورُ لَا يُفِيدُ مُطَابَقَةَ الْحَدِيثِ لِلتَّرْجَمَةِ وَإِنَّمَا هُوَ مُطَابِقٌ لِحَدِيثِ التَّرْجَمَةِ فِيمَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّرْجَمَةِ