فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب فضل الخدمة في الغزو

( قَولُهُ بَابُ الْخِدْمَةِ فِي الْغَزْوِ)
أَيْ فَضْلِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ صَغِيرٍ لِكَبِيرٍ أَوْ عَكْسِهِ أَوْ مَعَ الْمُسَاوَاةِ وَأَحَادِيثُ الْبَابِ الثَّلَاثَةِ يُؤْخَذُ مِنْهَا حُكْمُ هَذِهِ الْأَقْسَامِ وَثَلَاثَتُهَا عَنْ أَنَسٍ الْأَوَّلُ



[ قــ :2760 ... غــ :2888] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ بِمُهْمِلَتَيْنِ وَقَدْ ذَكَرَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ أَنَّهُ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ شُعْبَةَ وَهُوَ مِنْ كِبَارِ شُيُوخٍ الْبُخَارِيِّ مِمَّنْ رَوَى عَنْهُ الْبَاقُونَ بِوَاسِطَةٍ .

     قَوْلُهُ  صَحِبْتُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلَيٍّ عَنْ مُحَمَّدِ بن عرْعرة خرجت مَعَ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ فِي سَفَرٍ .

     قَوْلُهُ  فَكَانَ يَخْدُمُنِي وَهُوَ أَكْبَرُ مَنْ أَنِسٍ فِيهِ الْتِفَاتٌ أَوْ تَجْرِيدٌ لِأَنَّهُ قَالَ مِنْ أَنِسٍ وَلَمْ يَقُلْ مِنِّي وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَثْنَى عَن بن عَرْعَرَةَ وَكَانَ جَرِيرٌ أَكْبَرَ مِنْ أَنَسٍ وَلَعَلَّ هَذِهِ الْجُمْلَةَ مِنْ قَوْلِ ثَابِتٍ وَزَادَ مُسْلِمٌ عَنْ نَصْرِ بْنِ عَلِيٍّ فَقُلْتُ لَا تَفْعَلْ .

     قَوْلُهُ  يَصْنَعُونَ شَيْئًا فِي رِوَايَةِ نَصْرٍ يَصْنَعُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا أَيْ مِنَ التَّعْظِيمِ وَأَبْهَمَ ذَلِكَ مُبَالَغَةً فِي تَكْثِيرِ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  لَا أَجِدُ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلَّا أَكْرَمْتُهُ فِي رِوَايَةِ نَصْرٍ آلَيْتُ أَيْ حَلَفْتُ أَنْ لَا أَصْحَبَ أَحَدًا مِنْهُمْ إِلَّا خَدَمْتُهُ وَفِي رِوَايَةٍ لِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَن بن عَرْعَرَةَ لَا أَزَالُ أُحِبُّ الْأَنْصَارَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ فَضْلُ الْأَنْصَارِ وَفَضْلُ جَرِيرٍ وَتَوَاضُعُهُ وَمَحَبَّتُهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي أَوْرَدَهَا الْمُصَنِّفُ فِي غَيْرِ مَظِنَّتِهَا وَأَلْيَقُ الْمَوَاضِعِ بِهَا الْمَنَاقِبُ الْحَدِيثُ الثَّانِي حَدِيثُ أَنَسٍ أَيْضًا خَرَجْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى خَيْبَرَ أَخْدُمُهُ وَسَيَأْتِي بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا السِّيَاقِ بَعْدَ بَابَيْنِ الْحَدِيثُ الثَّالِثُ حَدِيثُ أَنَسٍ أَيْضًا وَعَاصِمٌ هُوَ بن سُلَيْمَانَ وَمُوَرِّقٌ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمَكْسُورَةِ وَهُمَا تَابِعِيَّانِ فِي نَسَقٍ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ





[ قــ :76 ... غــ :890] .

     قَوْلُهُ  كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَاصِمٍ فِي سَفَرٍ فَمِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ قَالَ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فِي يَوْمٍ حَارٍّ .

     قَوْلُهُ  أَكْثَرُنَا ظِلًّا مَنْ يَسْتَظِلُّ بِكِسَائِهِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَأَكْثَرُنَا ظِلًّا صَاحِبُ الْكِسَاءِ وَزَادَ وَمِنَّا مَنْ يَتَّقِي الشَّمْسَ بِيَدِهِ .

     قَوْلُهُ  فَأَمَّا الَّذِينَ صَامُوا فَلَمْ يَصْنَعُوا شَيْئًا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَسَقَطَ الصُّوَّامُ أَيْ عَجَزُوا عَنِ الْعَمَلِ .

     قَوْلُهُ .
وَأَمَّا الَّذِينَ أَفْطَرُوا فَبَعَثُوا الرِّكَابَ أَيْ أَثَارُوا الْإِبِلَ لِخِدْمَتِهَا وَسَقْيِهَا وَعَلَفِهَا وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَضَرَبُوا الْأَخْبِيَةَ وَسَقُوا الرِّكَابَ .

     قَوْلُهُ  بِالْأَجْرِ أَيِ الْوَافِرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ نَقْصَ أَجْرِ الصُّوَّامِ بَلِ الْمُرَادُ أَنَّ الْمُفْطِرِينَ حَصَلَ لَهُمْ أَجْرُ عَمَلِهِمْ وَمِثْلُ أَجْرِ الصُّوَّامِ لِتَعَاطِيهِمْ أَشْغَالَهَمْ وَأَشْغَالَ الصُّوَّامِ فَلِذَلِكَ قَالَ بِالْأَجْرِ كُلِّهِ لِوُجُودِ الصِّفَاتِ الْمُقْتَضِيَةِ لِتَحْصِيلِ الْأَجْرِ مِنْهُم قَالَ بن أَبِي صُفْرَةَ فِيهِ أَنَّ أَجْرَ الْخِدْمَةِ فِي الْغَزْوِ أَعْظَمُ مِنْ أَجْرِ الصِّيَامِ.

قُلْتُ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى الْعُمُومِ وَفِيهِ الْحَضُّ عَلَى الْمُعَاوَنَةِ فِي الْجِهَادِ وَعَلَى أَنَّ الْفِطْرَ فِي السَّفَرِ أَوْلَى مِنَ الصِّيَامِ وَأَنَّ الصِّيَامَ فِي السَّفَرِ جَائِزٌ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا يَنْعَقِدُ وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ بَيَانُ كَوْنِهِ إِذْ ذَاكَ كَانَ صَوْمُ فَرْضٍ أَوْ تَطَوُّعٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي أَوْرَدَهَا الْمُصَنِّفُ أَيْضًا فِي غَيْرِ مَظِنَّتِهَا لِكَوْنِهِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الصِّيَامِ وَاقْتَصَرَ عَلَى إِيرَادِهِ هُنَا وَاللَّهُ أعلم