فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب غزوة ذات الرقاع «

( قَولُهُ بَابُ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ)
هَذِهِ الْغَزْوَةُ اخْتُلِفَ فِيهَا مَتَى كَانَتْ وَاخْتُلِفَ فِي سَبَبِ تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ وَقَدْ جَنَحَ الْبُخَارِيُّ إِلَى أَنَّهَا كَانَتْ بَعْدَ خَيْبَرَ وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ فِي هَذَا الْبَابِ بِأُمُورٍ سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهَا مُفَصَّلًا وَمَعَ ذَلِكَ فَذَكَرَهَا قَبْلَ خَيْبَرَ فَلَا أَدْرِي هَلْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ تَسْلِيمًا لِأَصْحَابِ الْمَغَازِي أَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَهَا كَمَا سَيَأْتِي أَوْ أَنَّ ذَلِكَ مِنَ الرُّوَاةِ عَنْهُ أَوْ إِشَارَةٌ إِلَى احْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ ذَاتُ الرِّقَاعِ اسْمًا لِغَزْوَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْبَيْهَقِيُّ عَلَى أَنَّ أَصْحَابَ الْمَغَازِي مَعَ جَزْمِهِمْ بِأَنَّهَا كَانَتْ قَبْلَ خَيْبَرَ مُخْتَلِفُونَ فِي زمانها فَعِنْدَ بن إِسْحَاقَ أَنَّهَا بَعْدَ بَنِي النَّضِيرِ وَقَبْلَ الْخَنْدَقِ سنة أَربع قَالَ بن إِسْحَاقَ أَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ غَزْوَةِ بَنِي النَّضِيرِ شَهْرَ رَبِيعٍ وَبَعْضَ جُمَادَى يَعْنِي مِنْ سَنَتِهِ وَغَزَا نَجْدًا يُرِيد بني محَارب وَبني ثَعْلَبَة من غطفان حَتَّى نَزَلَ نَخْلًا وَهِيَ غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَعند بن سعد وبن حِبَّانَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ خَمْسٍ.
وَأَمَّا أَبُو مَعْشَرٍ فَجَزَمَ بِأَنَّهَا كَانَتْ بَعْدَ بَنِي قُرَيْظَةَ وَالْخَنْدَقِ وَهُوَ مُوَافِقٌ لِصَنِيعِ الْمُصَنِّفِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ غَزْوَةَ قُرَيْظَةَ كَانَتْ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ خَمْسٍ فَتَكُونُ ذَاتُ الرِّقَاعِ فِي آخِرِ السَّنَةِ وَأَوَّلِ الَّتِي تَلِيهَا.
وَأَمَّا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فَجَزَمَ بِتَقْدِيمِ وُقُوعِ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ لَكِنْ تَرَدَّدَ فِي وَقْتِهَا فَقَالَ لَا نَدْرِي كَانَتْ قَبْلَ بَدْرٍ أَوْ بَعْدَهَا أَوْ قَبْلَ أُحُدٍ أَوْ بَعْدَهَا وَهَذَا التَّرَدُّدُ لَا حَاصِلَ لَهُ بَلِ الَّذِي يَنْبَغِي الْجَزْمُ بِهِ أَنَّهَا بَعْدَ غَزَوَةِ بَنِي قُرَيْظَةَ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ لَمْ تَكُنْ شُرِعَتْ وَقَدْ ثَبَتَ وُقُوعُ صَلَاةِ الْخَوْفِ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَدَلَّ عَلَى تَأَخُّرِهَا بَعْدَ الْخَنْدَقِ وَسَأَذْكُرُ بَيَانَ ذَلِكَ وَاضِحًا فِي الْكَلَامِ عَلَى رِوَايَةِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ فِي هَذَا الْبَابِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  وَهِيَ غَزْوَةُ مُحَارِبِ خَصَفَةَ كَذَا فِيهِ وَهُوَ مُتَابِعٌ فِي ذَلِكَ لرِوَايَة مَذْكُورَة فِي أَوَاخِرِ الْبَابِ وَخَصَفَةُ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالصَّاد الْمُهْملَة ثمَّ الْفَاء هُوَ بن قَيْسِ بْنِ عَيْلَانَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ ومحارب هُوَ بن خَصَفَةِ وَالْمُحَارِبِيُّونَ مِنْ قَيْسٍ يُنْسَبُونَ إِلَى مُحَارِبِ بْنِ خَصَفَةَ هَذَا وَفِي مُضَرَ مُحَارِبِيُّونَ أَيْضًا لِكَوْنِهِمْ يُنْسَبُونَ إِلَى مُحَارِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْهُمْ حَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي أَوَاخِرِ غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ وَلَمْ يحرر الْكرْمَانِي هَذَا الْمَوْضِعِ فَإِنَّهُ قَالَ .

     قَوْلُهُ  مُحَارِبٌ هِيَ قَبيلَة من فهر وخصفة هُوَ بن قَيْسِ بْنِ عَيْلَانَ وَفِي شَرْحِ قَوْلِ الْبُخَارِيِّ مُحَارِبُ خَصَفَةَ بِهَذَا الْكَلَامِ مِنَ الْفَسَادِ مَا لَا يَخْفَى وَيُوَضِّحُهُ أَنَّ بَنِي فِهْرٍ لَا يُنْسَبُونَ إِلَى قَيْسٍ بِوَجْهٍ نَعَمْ وَفِي الْعُرَنِيِّينَ مُحَارِبُ بْنُ صَبَّاحٍ وَفِي عَبْدِ الْقَيْسِ مُحَارِبُ بْنُ عَمْرٍو ذَكَرَ ذَلِكَ الدِّمْيَاطِيُّ وَغَيْرُهُ فَلِهَذِهِ النُّكْتَةِ أُضِيفَتْ مُحَارِبٌ إِلَى خَصَفَةَ لِقَصْدِ التَّمْيِيزِ عَنْ غَيْرِهِمْ مِنَ الْمُحَارِبِيِّينَ كَأَنَّهُ قَالَ مُحَارِبُ الَّذِينَ يُنْسَبُونَ إِلَى خَصَفَةَ لَا الَّذِينَ يُنْسَبُونَ إِلَى فِهْرٍ وَلَا غَيْرَهُمْ .

     قَوْلُهُ  مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ بْنِ غَطَفَانَ بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا فَاءٌ كَذَا وَقَعَ فِيهِ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ ثَعْلَبَةَ جَدٌّ لِمُحَارِبٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْقَابِسِيِّ خَصَفَةُ بْنُ ثَعْلَبَةَ وَهُوَ أَشَدُّ فِي الْوَهَمِ وَالصَّوَابُ مَا وَقَعَ عِنْد بن إِسْحَاقَ وَغَيْرِهِ وَبَنِي ثَعْلَبَةَ بِوَاوِ الْعَطْفِ فَإِنَّ غطفان هُوَ بن سعد بن قيس بن عيلان فَمُحَارِبٌ وَغَطَفَانُ ابْنَا عَمٍّ فَكَيْفَ يَكُونُ الْأَعْلَى مَنْسُوبًا إِلَى الْأَدْنَى وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ بِلَفْظِ مُحَارِبٍ وَثَعْلَبَةَ بِوَاوِ الْعَطْفِ عَلَى الصَّوَابِ وَفِي قَوْلِهِ ثَعْلَبَةُ بْنُ غَطَفَانَ بِبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ وَنُونٍ نَظَرٌ أَيْضًا وَالْأَوْلَى مَا وَقع عِنْد بن إِسْحَاقَ وَبَنِي ثَعْلَبَةَ مِنْ غَطَفَانَ بِمِيمٍ وَنُونٍ فَإِنَّهُ ثَعْلَبَةُ بْنُ سَعْدِ بْنِ دِينَارِ بْنِ مَعِيصِ بْنِ رَيْثِ بْنِ غَطَفَانَ عَلَى أَنَّ لقَوْله بن غَطَفَانَ وَجْهًا بِأَنْ يَكُونَ نَسَبَهُ إِلَى جَدِّهِ الْأَعْلَى وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ مِنْ رِوَايَةِ بَكْرِ بْنِ سَوَادَةَ يَوْمُ مُحَارِبٍ وَثَعْلَبَةَ فَغَايَرَ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ فِي جَمِيعِ الْعَرَبِ مَنْ يُنْسَبُ إِلَى بَنِي ثَعْلَبَةَ بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْمُهْمَلَةِ السَّاكِنَةِ وَاللَّامِ الْمَفْتُوحَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ إِلَّا هَؤُلَاءِ وَفِي بَنِي أَسَدٍ بَنُو ثَعْلَبَةَ بْنِ دُودَانَ بْنِ أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ وَهُمْ قَلِيلٌ وَالثَّعْلَبِيُّونَ يَشْتَبِهُونَ بِالتَّغْلِبِيِّينَ بِالْمُثَنَّاةِ ثُمَّ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ الْمَكْسُورَةِ فَأُولَئِكَ قَبَائِلُ أُخْرَى يُنْسَبُونَ إِلَى تَغْلِبَ بْنِ وَائِلٍ أَخِي بَكْرِ بْنِ وَائِلِ وَهُمْ مِنْ رَبِيعَةَ إِخْوَةِ مُضَرَ .

     قَوْلُهُ  فَنَزَلَ أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  نَخْلًا هُوَ مَكَانٌ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى يَوْمَيْنِ وَهُوَ بِوَادٍ يُقَالُ لَهُ شَرْخٌ بِشِينٍ مُعْجَمَةٍ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ خَاءٌ مُعْجَمَةٌ وَبِذَلِكَ الْوَادِي طَوَائِفُ مِنْ قَيْسٍ مِنْ بَنِي فَزَارَةَ وَأَنْمَارٍ وَأَشْجَعَ ذَكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ الْبَكْرِيُّ تَنْبِيهٌ جُمْهُورُ أَهْلِ الْمَغَازِي عَلَى أَنَّ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ هِيَ غَزْوَةُ مُحَارِبٍ كَمَا جزم بِهِ بن إِسْحَاق وَعند الْوَاقِدِيّ أَنَّهُمَا اثْنَتَانِ وَتَبِعَهُ الْقُطْبُ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِ السِّيرَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .

     قَوْلُهُ  وَهِيَ أَيْ هَذِهِ الْغَزْوَةُ بَعْدَ خَيْبَرَ لِأَنَّ أَبَا مُوسَى جَاءَ بَعْدَ خَيْبَرَ هَكَذَا اسْتَدَلَّ بِهِ وَقَدْ سَاقَ حَدِيثَ أَبِي مُوسَى بَعْدَ قَلِيلٍ وَهُوَ اسْتِدْلَالٌ صَحِيحٌ وَسَيَأْتِي الدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ أَبَا مُوسَى إِنَّمَا قَدِمَ مِنَ الْحَبَشَةِ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ فِي بَابِ غَزْوَةِ خَيْبَرَ فَفِيهِ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ قَالَ أَبُو مُوسَى فَوَافَقْنَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ ثَبَتَ أَنَّ أَبَا مُوسَى شَهِدَ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَلَزِمَ أَنَّهَا كَانَتْ بَعْدَ خَيْبَرَ وَعَجِبت من بن سَيِّدِ النَّاسِ كَيْفَ قَالَ جَعَلَ الْبُخَارِيُّ حَدِيثَ أَبِي مُوسَى هَذَا حُجَّةً فِي أَنَّ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ خَيْبَرَ قَالَ وَلَيْسَ فِي خَبَرِ أَبِي مُوسَى مَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ انْتَهَى وَهَذَا النَّفْيُ مَرْدُودٌ وَالدَّلَالَةُ مِنْ ذَلِكَ وَاضِحَةٌ كَمَا قَرَّرْتُهُ.
وَأَمَّا شَيْخُهُ الدِّمْيَاطِيُّ فَادَّعَى غَلَطَ الِحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَأَنَّ جَمِيعَ أَهْلِ السِّيَرِ عَلَى خِلَافِهِ وَقَدْ قَدَّمْتُ أَنَّهُمْ مُخْتَلِفُونَ فِي زَمَانِهَا فَالْأَوْلَى الِاعْتِمَادُ عَلَى مَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَقَدِ ازْدَادَ قُوَّة بِحَدِيث أبي هُرَيْرَة وَبِحَدِيث بن عُمَرَ كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَقَدْ قِيلَ إِنَّ الْغَزْوَةَ الَّتِي شَهِدَهَا أَبُو مُوسَى وَسُمِّيَتْ ذَاتَ الرِّقَاعِ غَيْرُ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا صَلَاةُ الْخَوْفِ لِأَنَّ أَبَا مُوسَى قَالَ فِي رِوَايَتِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا سِتَّةَ أَنْفُسٍ وَالْغَزْوَةُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا صَلَاةُ الْخَوْفِ كَانَ الْمُسْلِمُونَ فِيهَا أَضْعَافَ ذَلِكَ وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ الْعَدَدَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو مُوسَى مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ كَانَ مُوَافِقًا لَهُ مِنَ الرَّامَّةِ لَا أَنَّهُ أَرَادَ جَمِيعَ مَنْ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَدَلَّ عَلَى التَّعَدُّدِ أَيْضًا بِقَوْلِ أَبِي مُوسَى إِنَّهَا سُمِّيَتْ ذَاتَ الرِّقَاعِ لِمَا لَفُّوا فِي أَرْجُلِهِمْ مِنَ الْخِرَقِ وَأَهْلُ الْمَغَازِي ذَكَرُوا فِي تَسْمِيَتِهَا بذلك أمورا غير هَذَا قَالَ بن هِشَامٍ وَغَيْرُهُ سُمِّيتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهُمْ رَقَّعُوا فِيهَا رَايَاتِهِمْ وَقِيلَ بِشَجَرٍ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ يُقَالُ لَهُ ذَاتُ الرِّقَاعِ وَقِيلَ بَلِ الْأَرْضُ الَّتِي كَانُوا نَزَلُوا بِهَا كَانَتْ ذَاتَ أَلْوَانٍ تُشْبِهُ الرِّقَاعَ وَقِيلَ لِأَنَّ خَيْلَهُمْ كَانَ بِهَا سَوَادٌ وَبَيَاضٌ قَالَه بن حِبَّانَ.

     وَقَالَ  الْوَاقِدِيُّ سُمِّيَتْ بِجَبَلٍ هُنَاكَ فِيهِ بقع وَهَذَا لَعَلَّه مُسْتَند بن حِبَّانَ وَيَكُونُ قَدْ تَصَحَّفَ جَبَلٌ بِخَيْلٍ وَبِالْجُمْلَةِ فَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى غَيْرِ السَّبَبِ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو مُوسَى لَكِنْ لَيْسَ ذَلِكَ مَانِعًا مِنِ اتِّحَادِ الْوَاقِعَةِ وَلَازِمًا لِلتَّعَدُّدِ وَقَدْ رَجَّحَ السُّهَيْلِيُّ السَّبَبَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو مُوسَى وَكَذَلِكَ النَّوَوِيُّ ثُمَّ قَالَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ سُمِّيَتْ بِالْمَجْمُوعِ وَأَغْرَبَ الدَّاوُدِيُّ فَقَالَ سُمِّيَتْ ذَاتَ الرِّقَاعِ لِوُقُوعِ صَلَاةِ الْخَوْفِ فِيهَا فَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَرْقِيعِ الصَّلَاةِ فِيهَا وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى التَّعَدُّدِ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَرَّضْ أَبُو مُوسَى فِي حَدِيثِهِ إِلَى أَنَّهُمْ صَلَّوْا صَلَاةَ الْخَوْفِ وَلَا أَنَّهُمْ لَقَوْا عَدُوًّا وَلَكِنَّ عَدَمَ الذِّكْرِ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْوُقُوعِ فَإِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ نَظِيرُ أَبِي مُوسَى لِأَنَّهُ إِنَّمَا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْبَرَ كَمَا سَيَأْتِي هُنَاكَ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ ذَكَرَ فِي حَدِيثِهِ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ فِي غَزْوَةِ نَجْدٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي أَوَاخِرِ هَذَا الْبَابِ وَاضِحًا وَكَذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ذَكَرَ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ بِنَجْدٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَوَّلَ مَشَاهِدِهِ الْخَنْدَقُ فَتَكُونُ ذَاتُ الرِّقَاعِ بَعْدَ الْخَنْدَقِ



[ قــ :3926 ... غــ :4125] .

     قَوْلُهُ  وقَال لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَلِغَيْرِهِ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ لَيْسَ فِيهِ لِي وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ هَذَا هُوَ الْغُدَانِيُّ الْبِصْرَيُّ قَدْ سَمِعَ مِنْهُ الْبُخَارِيُّ.
وَأَمَّا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ الْمَكِّيُّ فَلَمْ يُدْرِكْهُ وَقَدْ وَصَلَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ السَّرَّاجُ فِي مُسْنَدِهِ الْمُبَوَّبِ فَقَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ هَاشِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ فَذَكَرَهُ .

     قَوْلُهُ  أَخْبَرَنَا عِمْرَانُ الْقَطَّانُ هُوَ بَصْرِيٌّ لَمْ يُخَرِّجْ لَهُ الْبُخَارِيُّ إِلَّا اسْتِشْهَادًا .

     قَوْلُهُ  أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ فِي الْخَوْفِ زَادَ السَّرَّاجُ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ ذَهَبُوا ثُمَّ جَاءَ أُولَئِكَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْبَابِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ بِسَنَدِهِ وَهَذَا بِزِيَادَةٍ فِيهِ وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَلِجَابِرٍ حَدِيثٌ آخَرُ فِيهِ ذِكْرُ صَلَاةِ الْخَوْفِ عَلَى صِفَةٍ أُخْرَى وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ قَرِيبًا .

     قَوْلُهُ  فِي غَزْوَةِ السَّابِعَةِ هِيَ مِنْ إِضَافَةِ الشَّيْءِ إِلَى نَفْسِهِ عَلَى رَأْيٍ أَوْ فِيهِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ غَزْوَةُ السَّفْرَةِ السَّابِعَةِ.

     وَقَالَ  الْكَرْمَانِيُّ وَغَيْرُهُ غَزْوَةُ السَّنَةِ السَّابِعَةِ أَيْ مِنَ الْهِجْرَةِ.

قُلْتُ وَفِي هَذَا التَّقْدِيرِ نَظَرٌ إِذْ لَوْ كَانَ مُرَادًا لَكَانَ هَذَا نَصًّا فِي أَنَّ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ تَأَخَّرَتْ بَعْدَ خَيْبَرَ وَلَمْ يَحْتَجِ الْمُصَنِّفُ إِلَى تَكَلُّفِ الِاسْتِدْلَالِ لِذَلِكَ بِقِصَّةِ أَبِي مُوسَى وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرَهُ فِي الْبَابِ نَعَمْ فِي التَّنْصِيصِ عَلَى أَنَّهَا سَابِعُ غَزْوَةٍ مِنْ غَزَوَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَأْيِيدٌ لِمَا ذهب إِلَيْهِ البُخَارِيّ من أَنَّهَا كَانَت بَعْدَ خَيْبَرَ فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْغَزَوَاتُ الَّتِي خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا بِنَفْسِهِ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ فَإِنَّ السَّابِعَةَ مِنْهَا تَقَعُ قَبْلَ أُحُدٍ وَلَمْ يَذْهَبْ أَحَدٌ إِلَى أَنَّ ذَاتَ الرِّقَاعِ قَبْلَ أُحُدٍ إِلَّا مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَرَدُّدِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ فَتَعَيَّنَ أَنْ تَكُونَ ذَاتُ الرِّقَاعِ بَعْدَ بَنِي قُرَيْظَةَ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ الْغَزَوَاتُ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْقِتَالُ وَالْأُولَى مِنْهَا بَدْرٌ وَالثَّانِيَةُ أُحُدٌ وَالثَّالِثَةُ الْخَنْدَقُ وَالرَّابِعَةُ قُرَيْظَةُ وَالْخَامِسَةُ الْمُرَيْسِيعُ وَالسَّادِسَةُ خَيْبَرُ فَيَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنْ تَكُونَ ذَاتُ الرِّقَاعِ بعد خَيْبَرَ لِلتَّنْصِيصِ عَلَى أَنَّهَا السَّابِعَةُ فَالْمُرَادُ تَارِيخُ الْوَقْعَةِ لَا عَدَدَ الْمَغَازِي وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَقْرَبُ إِلَى إِرَادَةِ السَّنَةِ مِنَ الْعِبَارَةِ الَّتِي وَقَعَتْ عِنْدَ أَحْمَدَ بِلَفْظِ وَكَانَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ فِي السَّابِعَةِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ فِي الْغَزْوَةِ السَّابِعَةِ كَمَا يَصِحُّ فِي غَزْوَةِ السَّنَةِ السَّابِعَة قَوْله.

     وَقَالَ  بن عَبَّاسٍ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي صَلَاةَ الْخَوْفِ بِذِي قَرَدٍ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالرَّاءِ هُوَ مَوْضِعٌ عَلَى نَحْوِ يَوْمٍ مِنَ الْمَدِينَة مِمَّا يَلِي بِلَاد غطفان وَحَدِيث بن عَبَّاسٍ هَذَا وَصَلَهُ النَّسَائِيُّ وَالطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ عَنِ بن عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِذِي قَرَدٍ صَلَاةَ الْخَوْفِ مِثْلَ صَلَاةِ حُذَيْفَةَ وَأَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ فَصَفَّ النَّاسَ خَلْفَهُ صَفَّيْنِ صَفٌّ مُوَازِي الْعَدُوِّ وَصَفٌّ خَلْفَهُ فَصَلَّى بِالَّذِي يَلِيهِ رَكْعَةً ثُمَّ ذَهَبُوا إِلَى مَصَافِّ الْآخَرِينَ وَجَاءَ الْآخَرُونَ فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً أُخْرَى انْتَهَى وَقَدْ تقدم حَدِيث بن عَبَّاسٍ فِي بَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بِهِ نَحْوَ هَذَا لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ بِذِي قَرَدٍ وَزَادَ فِيهِ وَالنَّاسُ كُلُّهُمْ فِي صَلَاةٍ وَلَكِنْ يَحْرُسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا وَحَمَلَهُ الْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّ الْعَدُوَّ كَانُوا فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ قَلِيلٍ وَهَذِهِ الصِّفَةُ تُخَالِفُ الصِّفَةَ الَّتِي وَصَفَهَا جَابِرٌ فَيَظْهَرُ أَنَّهُمَا قِصَّتَانِ لَكِنَّ الْبُخَارِيَّ أَرَادَ مِنْ إِيرَاد حَدِيث بن عَبَّاسٍ وَحَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ الْمُوَافِقِ لَهُ فِي تَسْمِيَتِهِ الْغَزْوَةَ الْإِشَارَةَ أَيْضًا إِلَى أَنَّ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ كَانَتْ بَعْدَ خَيْبَرَ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ سَلَمَةَ التَّنْصِيصَ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ وَخَيْبَرُ كَانَتْ قُرْبَ الْحُدَيْبِيَةِ لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ اخْتِلَافُ السَّبَبِ وَالْقَصْدِ فَإِنَّ سَبَبَ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ مَا قِيلَ لَهُمْ إِنَّ مُحَارِبَ يَجْمَعُونَ لَهُمْ فَخَرَجُوا إِلَيْهِمْ إِلَى بِلَادِ غَطَفَانَ وَسَبَبُ غَزْوَةِ الْقَرَدِ إِغَارَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُيَيْنَةَ عَلَى لِقَاحِ الْمَدِينَةِ فَخَرَجُوا فِي آثَارِهِمْ وَدَلَّ حَدِيثُ سَلَمَةَ عَلَى أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ هَزَمَهُمْ وَحْدَهُ وَاسْتَنْقَذَ اللِّقَاحَ مِنْهُمْ أَنَّ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يَصِلُوا فِي تِلْكَ الْخَرْجَةِ إِلَى بِلَادِ غَطَفَانَ فَافْتَرَقَا.
وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ فِي كَيْفِيَّةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ بِمُجَرَّدِهِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى التَّغَايُرِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ وَقَعَتْ فِي الْغَزْوَةِ الْوَاحِدَةِ عَلَى كَيْفِيَّتَيْنِ فِي صَلَاتَيْنِ فِي يَوْمَيْنِ بَلْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ .

     قَوْلُهُ  وقَال بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ حَدَّثَنِي زِيَادُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ أَبِي مُوسَى أَنَّ جَابِرًا حَدَّثَهُمْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ مُحَارِبَ وَثَعْلَبَةَ أَمَّا بَكْرُ بْنُ سَوَادَةَ فَهُوَ الْجُذَامِيُّ الْمِصْرِيُّ يُكَنَّى أَبَا ثُمَامَةَ وَكَانَ أَحَدَ الْفُقَهَاءِ بِمِصْرَ وَأَرْسَلَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَهْلِ إِفْرِيقِيَّةَ لِيُفَقِّهَهُمْ فَمَاتَ بِهَا سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَثَّقَهُ بن مَعِينٍ وَالنَّسَائِيُّ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ الْمُعَلَّقِ وَقَدْ وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
وَأَمَّا زِيَادُ بْنُ نَافِعٍ فَهُوَ التُّجِيبِيُّ الْمِصْرِيُّ تَابِعِيٌّ صَغِيرٌ وَلَيْسَ لَهُ أَيْضًا فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْمَوْضِعِ.
وَأَمَّا أَبُو مُوسَى فَيُقَالُ إِنَّهُ عَلِيُّ بْنُ رَبَاحٍ وَهُوَ تَابِعِيٌّ مَعْرُوفٌ أَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ وَيُقَالُ هُوَ الْغَافِقِيُّ وَاسْمُهُ مَالِكُ بْنُ عُبَادَةَ وَهُوَ صَحَابِيٌّ مَعْرُوفٌ أَيْضًا وَيُقَالُ إِنَّهُ مِصْرِيٌّ لَا يُعْرَفُ اسْمُهُ وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ أَيْضًا إِلَّا هَذَا الْمَوْضِعُ وَقَولُهُ يَوْمَ مُحَارِبَ وَثَعْلَبَةَ يُؤَيِّدُ مَا وَقَعَ مِنَ الْوَهم فِي أول التَّرْجَمَة قَوْله.

     وَقَالَ  بن إِسْحَاقَ سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ كَيْسَانَ سَمِعْتُ جَابِرًا قَالَ خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى ذَاتِ الرِّقَاعِ مِنْ نَخْلٍ فَلَقِيَ جَمْعًا مِنْ غَطَفَانَ إِلَخْ لَمْ أَرَ هَذَا الَّذِي سَاقه عَن بن إِسْحَاقَ هَكَذَا فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْمَغَازِي وَلَا غَيرهَا وَالَّذِي فِي السِّيرَة تَهْذِيب بن هِشَام قَالَ بن إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ مِنْ نَخْلٍ عَلَى جَمَلٍ لِي صَعْبٍ فَسَاقَ قِصَّةَ الْجَمَلِ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيق إِبْرَاهِيم بن سعد عَن بن إِسْحَاق.

     وَقَالَ  بن إِسْحَاقَ قَبْلَ ذَلِكَ وَغَزَا نَجْدًا يُرِيدُ بَنِي محَارب وَبني ثَعْلَبَة من غطفان حَتَّى نزل نَخْلًا وَهِيَ غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَلَقِيَ بِهَا جَمْعًا مِنْ غَطَفَانَ فَتَقَارَبَ النَّاسُ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ حَرْبٌ وَقَدْ أَخَافَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا حَتَّى صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْخَوْفِ ثُمَّ انْصَرَفَ النَّاسُ وَهَذَا الْقَدْرُ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا مُدْرَجًا بِطَرِيقِ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ جَابِرٍ وَلَيْسَ هُوَ عِنْد بن إِسْحَاقَ عَنْ وَهْبٍ كَمَا أَوْضَحْتُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْبُخَارِيُّ اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ مِنْ وَجْهٍ آخر لم نقف عَلَيْهِ أَو وَقع فِي النُّسْخَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ فَظَنَّهُ مَوْصُولًا بِالْخَبَرِ الْمُسْنَدِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ وَنَخْلٌ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ كَمَا تَقَدَّمَ مَوْضِعٌ مِنْ نَجْدٍ مِنْ أَرَاضِي غطفان قَالَ أَبُو عبيد الْبَكْرِيُّ لَا يُصْرَفُ وَغَفَلَ مَنْ قَالَ إِنَّ الْمُرَادَ نَخْلٌ بِالْمَدِينَةِ وَاسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ فِي الْحَضَرِ وَلَيْسَ كَمَا قَالَ وَصَلَاةُ الْخَوْفِ فِي الْحَضَرِ قَالَ بِهَا الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ إِذَا حَصَلَ الْخَوْفُ وَعَنْ مَالِكٍ تَخْتَصُّ بِالسَّفَرِ وَالْحُجَّةُ لِلْجُمْهُورِ .

     قَوْلُهُ  تَعَالَى وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقْمَتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِالسَّفَرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  وقَال يَزِيدُ عَنْ سَلَمَةَ غَزَوْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْقَرَدِ أَمَّا يزِيد فَهُوَ بن أبي عبيد وَأما سَلمَة فَهُوَ بن الْأَكْوَعِ وَسَيَأْتِي حَدِيثُهُ هَذَا مَوْصُولًا قَبْلَ غَزْوَةِ خَيْبَرَ وَتَرْجَمَ لَهُ الْمُصَنِّفُ غَزْوَةَ ذِي قَرَدٍ وَهِيَ الْغَزْوَةُ الَّتِي أَغَارُوا فِيهَا عَلَى لِقَاحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ سَاقَهُ مُطَوَّلًا وَلَيْسَ فِيهِ لِصَلَاةِ الْخَوْفِ ذِكْرٌ وَإِنَّمَا ذكره هُنَا من أجل حَدِيث بن عَبَّاسٍ الْمَذْكُورِ قَبْلُ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةَ الْخَوْفِ بِذِي قَرَدٍ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذِكْرِ ذِي قَرَدٍ فِي الْحَدِيثَيْنِ أَنْ تَتَّحِدَ الْقِصَّةُ كَمَا لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْخَوْفَ فِي مَكَانٍ أَنْ لَا يَكُونَ صَلَّاهَا فِي مَكَانٍ آخَرَ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ الَّذِي لَا نَشُكُّ فِيهِ أَنَّ غَزْوَةَ ذِي قَرَدٍ كَانَتْ بَعْدَ الْحُدَيْبِيَةِ وَخَيْبَرَ وَحَدِيثُ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ مُصَرِّحٌ بِذَلِكَ.
وَأَمَّا غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ فَمُخْتَلَفٌ فِيهَا فَظَهَرَ تَغَايُرُ الْقِصَّتَيْنِ كَمَا حَرَّرْتُهُ وَاضِحًا





[ قــ :397 ... غــ :418] .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي مُوسَى هُوَ الْأَشْعَرِيُّ .

     قَوْلُهُ  خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ وَنَحْنُ فِي سِتَّةِ نَفَرٍ لَمْ أَقِفْ عَلَى أَسْمَائِهِمْ وَأَظُنُّهُمْ مِنَ الْأَشْعَرِيِّينَ .

     قَوْلُهُ  بَيْنَنَا بَعِيرٌ نَعْتَقِبُهُ أَيْ نَرْكَبُهُ عُقْبَةً عُقْبَةً وَهُوَ أَنْ يَرْكَبَ هَذَا قَلِيلًا ثُمَّ يَنْزِلُ فَيَرْكَبَ الْآخَرُ بِالنَّوْبَةِ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى سَائِرِهِمْ .

     قَوْلُهُ  فَنَقِبَتْ أَقْدَامُنَا بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِ الْقَافِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ أَيْ رَقَّتْ يُقَالُ نَقِبَ الْبَعِيرُ إِذَا رَقَّ خُفُّهُ .

     قَوْلُهُ  لِمَا كُنَّا أَيْ مِنْ أَجْلِ مَا فَعَلْنَاهُ مِنْ ذَلِكَ .

     قَوْلُهُ  نَعْصِبُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ .

     قَوْلُهُ  وَحَدَّثَ أَبُو مُوسَى بِهَذَا هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ مَقُولُ أَبِي بُرْدَةَ بْنِ أَبِي مُوسَى .

     قَوْلُهُ  كَرِهَ ذَلِكَ أَيْ لَمَّا خَافَ مِنْ تَزْكِيَةِ نَفْسِهِ .

     قَوْلُهُ  كَأَنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَكُونَ شَيْء من عمله أفشاه وَذَلِكَ أَنَّ كِتْمَانَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ أَفْضَلُ مِنْ إِظْهَارِهِ إِلَّا لِمَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ كَمَنْ يَكُونُ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ وَعِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ فِي رِوَايَةٍ مُنْقَطِعَةٍ قَالَ وَالله يُجزئ بِهِ



[ قــ :398 ... غــ :419] .

     قَوْلُهُ  عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْوَاو وَآخره مثناة أَي بن جُبَيْرِ بْنِ النُّعْمَانِ الْأَنْصَارِيُّ وَصَالِحٌ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ لَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ الْوَاحِدُ وَأَبُوهُ أَخْرَجَ لَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَهُوَ صَحَابِيٌّ جَلِيلٌ أَوَّلُ مَشَاهِدِهِ أُحُدٌ وَمَاتَ بِالْمَدِينَةِ سَنَةَ أَرْبَعِينَ .

     قَوْلُهُ  عَمَّنْ شَهِدَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ صَلَاةَ الْخَوْفِ قِيلَ إِنَّ اسْم هَذَا الْمُبْهم سهل بن أَبِي حَثْمَةَ لِأَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ رَوَى حَدِيثَ صَلَاةِ الْخَوْفِ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَلَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ أَبُوهُ خَوَّاتُ بْنُ جُبَيْرٍ لِأَنَّ أَبَا أُوَيْسٍ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ شَيْخِ مَالِكٍ فِيهِ فَقَالَ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوات عَن أَبِيه أخرجه بن مَنْدَهْ فِي مَعْرِفَةِ الصَّحَابَةِ مِنْ طَرِيقِهِ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ أَبِيهِ وَجَزَمَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِهِ بِأَنَّهُ خَوَّاتُ بْنُ جُبَيْرٍ.

     وَقَالَ  إِنَّهُ مُحَقَّقٌ مِنْ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ.

قُلْتُ وَسَبَقَهُ لِذَلِكَ الْغَزَّالِيُّ فَقَالَ إِنَّ صَلَاةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ فِي رِوَايَةِ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ.

     وَقَالَ  الرَّافِعِيُّ فِي شَرْحِ الْوَجِيزِ اشْتُهِرَ هَذَا فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَالْمَنْقُولُ فِي كُتُبِ الْحَدِيثِ رِوَايَةُ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ وَعَمَّنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَلَعَلَّ الْمُبْهَمَ هُوَ خَوَّاتٌ وَالِدُ صَالِحٍ.

قُلْتُ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى رِوَايَةِ خَوَّاتٍ الَّتِي ذَكَرْتُهَا وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ صَالِحًا سَمِعَهُ مِنْ أَبِيهِ وَمِنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ فَلِذَلِكَ يُبْهِمُهُ تَارَةً وَيُعَيِّنُهُ أُخْرَى إِلَّا أَنَّ تَعْيِينَ كَوْنِهَا كَانَتْ ذَاتَ الرِّقَاعِ إِنَّمَا هُوَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِيهِ وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ عَنْ سَهْلٍ أَنَّهُ صَلَّاهَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَنْفَعُ هَذَا فِيمَا سَنَذْكُرُهُ قَرِيبًا مِنِ اسْتِبْعَادِ أَنْ يَكُونَ سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ كَانَ فِي سِنِّ مَنْ يَخْرُجُ فِي تِلْكَ الْغُزَاةِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ لَا يَرْوِيَهَا فَتَكُونُ رِوَايَتُهُ إِيَّاهَا مُرْسَلَ صَحَابِيٍّ فَبِهَذَا يَقْوَى تَفْسِيرُ الَّذِي صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَوَّاتٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ وَطَائِفَةٌ وِجَاهَ الْعَدُوِّ وِجَاهَ بِكَسْرِ الْوَاوِ وَبِضَمِّهَا أَيْ مُقَابِلَ .

     قَوْلُهُ  فَصَلَّى بِالَّتِي مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ تُخَالِفُ الْكَيْفِيَّةَ الَّتِي تَقَدَّمَتْ عَنْ جَابِرٍ فِي عَدَدِ الرَّكَعَاتِ وتوافق الْكَيْفِيَّة الَّتِي تقدّمت عَن بن عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ لَكِنْ تُخَالِفُهَا فِي كَوْنِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَبَتَ قَائِمًا حَتَّى أَتَمَّتِ الطَّائِفَةُ لِأَنْفُسِهَا رَكْعَةً أُخْرَى وَفِي أَنَّ الْجَمِيعَ اسْتَمَرُّوا فِي الصَّلَاةِ حَتَّى سَلَّمُوا بِسَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ





[ قــ :399 ... غــ :4131] .

     قَوْلُهُ  وقَال مُعَاذٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَعِنْدَ النَّسَفِيِّ.

     وَقَالَ  مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ حَدَّثَنَا هِشَامٌ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى أَبِي نُعَيْمٍ وَمَنْ تَبِعَهُ فِي الْجَزْم بِأَن معَاذًا هَذَا هُوَ بن فَضَالَةَ شَيْخُ الْبُخَارِيِّ وَمُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ ثِقَةٌ صَاحب غرائب وَقد تَابعه بن عُلَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ هِشَامٍ وَهُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ وَلِمُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ فِيهِ إِسْنَادٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ عَنْ بُنْدَارَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ الْيَشْكُرِيِّ عَنْ جَابِرٍ وَسَأَذْكُرُ مَا فِي رِوَايَاتِهِمْ مِنَ الِاخْتِلَافِ قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ  كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَخْلٍ فَذَكَرَ صَلَاةَ الْخَوْفِ أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا مُعَلَّقًا لِأَنَّ غَرَضَهُ الْإِشَارَةُ إِلَى أَنَّ رِوَايَاتِ جَابِرٍ مُتَّفِقَةٌ عَلَى أَنَّ الْغَزْوَةَ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا صَلَاةُ الْخَوْفِ هِيَ غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ لَكِنْ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ سِيَاقَ رِوَايَةِ هِشَامٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ هَذِهِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ آخَرُ فِي غَزْوَةٍ أُخْرَى وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عِنْدَ الطَّيَالِسِيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا دَعُوهُمْ فَإِنَّ لَهُمْ صَلَاةً هِيَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَبْنَائِهِمْ قَالَ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَأَخْبَرَهُ فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ الْعَصْرَ وَصَفَّهُمْ صَفَّيْنِ فَذَكَرَ صِفَةَ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَهَذِهِ الْقِصَّةُ إِنَّمَا هِيَ فِي غَزْوَةِ عُسْفَانَ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَى مُغَايَرَةِ هَذِهِ الْقِصَّةِ لِغَزْوَةِ مُحَارِبَ فِي ذَاتِ الرِّقَاعِ وَلَفْظُهُ عَنْ جَابِرٍ قَالَ غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمًا مِنْ جُهَيْنَةَ فَقَاتَلُونَا قِتَالًا شَدِيدًا فَلَمَّا أَنْ صَلَّيْنَا الظُّهْرَ قَالَ الْمُشْرِكُونَ لَوْ مِلْنَا عَلَيْهِمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً لَأَفْظَعْنَاهُمْ فَأَخْبَرَ جِبْرِيلُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ قَالَ وَقَالُوا سَتَأْتِيهِمْ صَلَاةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنَ الْأَوْلَادِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَرَوَى أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَزَلَ بَيْنَ ضَبْحَانَ وَعُسْفَانَ فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ إِنَّ لِهَؤُلَاءِ صَلَاةً هِيَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَبْنَائِهِمْ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي نُزُولِ جِبْرِيلَ لِصَلَاةِ الْخَوْف وروى أَحْمد وَأَصْحَاب السّنَن وَصَححهُ بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعُسْفَانَ فَصَلَّى بِنَا الظُّهْرَ وَعَلَى الْمُشْرِكِينَ يَوْمَئِذٍ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَقَالُوا لَقَدْ أَصَبْنَا مِنْهُمْ غَفْلَةً ثُمَّ قَالَ إِنَّ لَهُمْ صَلَاةً بَعْدَ هَذِهِ هِيَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ فَنَزَلَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فَصَلَّى بِنَا الْعَصْرَ فَفَرَّقَنَا فِرْقَتَيْنِ الْحَدِيثَ وَسِيَاقُهُ نَحْوَ رِوَايَةِ زُهَيْرٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي اتِّحَادِ الْقِصَّةِ وَقَدْ رَوَى الْوَاقِدِيُّ مِنْ حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ قَالَ لَمَّا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ لَقِيتُهُ بِعُسْفَانَ فَوَقَفْتُ بِإِزَائِهِ وَتَعَرَّضْتُ لَهُ فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ الظُّهْرَ فَهَمَمْنَا أَنْ نُغِيرَ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَعْزِمْ لَنَا فَأَطْلَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَى ذَلِكَ فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ الْعَصْرَ صَلَاةَ الْخَوْفِ الْحَدِيثَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا قَرَّرْتُهُ أَنَّ صَلَاةَ الْخَوْفِ بِعُسْفَانَ غَيْرُ صَلَاةِ الْخَوْفِ بِذَاتِ الرِّقَاعِ وَأَنَّ جَابِرًا رَوَى الْقِصَّتَيْنِ مَعًا فَأَمَّا رِوَايَةُ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْهُ فَفِي قِصَّةِ عُسْفَانَ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ أَبِي سَلَمَةَ وَوَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ وَأَبِي مُوسَى الْمِصْرِيِّ عَنْهُ فَفِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَهِيَ غَزْوَةُ مُحَارَبَ وَثَعْلَبَةَ وَإِذَا تَقَرَّرَ أَنَّ أَوَّلَ مَا صُلِّيَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ فِي عُسْفَانَ وَكَانَتْ فِي عُمْرَةِ الْحُدَيْبِيَةِ وَهِيَ بَعْدَ الْخَنْدَقِ وَقُرَيْظَةَ وَقَدْ صُلِّيَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَهِيَ بَعْدَ عُسْفَانَ فَتَعَيَّنَ تَأَخُّرُهَا عَنِ الْخَنْدَقِ وَعَنْ قُرَيْظَةَ وَعَنِ الْحُدَيْبِيَةِ أَيْضًا فَيَقْوَى الْقَوْلُ بِأَنَّهَا بَعْدَ خَيْبَرَ لِأَنَّ غَزْوَةَ خَيْبَرَ كَانَتْ عَقِبَ الرُّجُوعِ مِنَ الْحُدَيْبِيَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْغَزَّالِيِّ إِنَّ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ آخِرُ الْغَزَوَات فَهُوَ غلط وَاضح وَقد بَالغ بن الصَّلَاحِ فِي إِنْكَارِهِ.

     وَقَالَ  بَعْضُ مَنِ انْتَصَرَ لِلْغَزَّالِيِّ لَعَلَّهُ أَرَادَ آخِرَ غَزْوَةٍ صُلِّيَتْ فِيهَا صَلَاةُ الْخَوْفِ وَهَذَا انْتِصَارٌ مَرْدُودٌ أَيْضًا لِمَا أخرجه أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَصَححهُ بن حِبَّانَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ وَإِنَّمَا أَسْلَمَ أَبُو بَكْرَةَ فِي غَزْوَةِ الطَّائِفِ بِاتِّفَاقٍ وَذَلِكَ بَعْدَ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ قَطْعًا وَإِنَّمَا ذَكَرْتُ هَذَا اسْتِطْرَادًا لِتَكْمُلَ الْفَائِدَةُ .

     قَوْلُهُ  قَالَ مَالِكٌ هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ .

     قَوْلُهُ  وَذَلِكَ أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ يَقْتَضِي أَنَّهُ سَمِعَ فِي كَيْفِيَّتِهَا صِفَاتٍ مُتَعَدِّدَةً وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ وَرَدَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صِفَةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ كَيْفِيَّاتٌ حَمَلَهَا بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ وَحَمَلَهَا آخَرُونَ عَلَى التَّوَسُّعِ وَالتَّخْيِيرِ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى ذَلِكَ فِي بَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَالِكٌ مِنْ تَرْجِيحِ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ وَافَقَهُ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَدَاوُدُ عَلَى تَرْجِيحِهَا لِسَلَامَتِهَا مِنْ كَثْرَةِ الْمُخَالَفَةِ وَلِكَوْنِهَا أَحْوَطَ لِأَمْرِ الْحَرْبِ مَعَ تَجْوِيزِهِمُ الْكَيْفِيَّةَ الَّتِي فِي حَدِيث بن عُمَرَ وَنُقِلَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْكَيْفِيَّةَ الَّتِي فِي حَدِيث بن عُمَرَ مَنْسُوخَةٌ وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ عَنْهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَالِكِيَّةِ عَدَمُ إِجَازَةِ الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي فِي حَدِيث بن عُمَرَ وَاخْتَلَفُوا فِي كَيْفِيَّةِ رِوَايَةِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّ الْإِمَامَ هَلْ يُسَلِّمُ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ بِالرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ يَنْتَظِرُهَا فِي التَّشَهُّدِ ليسلموا مَعَه فبالأول قَالَ الْمَالِكِيَّة وَزعم بن حَزْمٍ أَنَّهُ لَمْ يَرِدْ عَنْ أَحَدٍ مِنَ السَّلَفِ الْقَوْلُ بِذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَلَمْ تُفَرِّقِ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَفِيَّةُ حَيْثُ أَخَذُوا بِالْكَيْفِيَّةِ الَّتِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْعَدُوُّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ أَمْ لَا وَفَرَّقَ الشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ فَحَمَلُوا حَدِيثَ سَهْلٍ عَلَى أَنَّ الْعَدُوَّ كَانَ فِي غَيْرِ جِهَةِ الْقِبْلَةِ فَلِذَلِكَ صَلَّى بِكُلِّ طَائِفَةٍ وَحْدَهَا جَمِيعَ الرَّكْعَةِ.
وَأَمَّا إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي جِهَةِ الْقِبْلَةِ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيث بن عَبَّاسٍ أَنَّ الْإِمَامَ يُحْرِمُ بِالْجَمِيعِ وَيَرْكَعُ بِهِمْ فَإِذَا سَجَدَ سَجَدَ مَعَهُ صَفٌّ وَحَرَسَ صَفٌّ إِلَخْ وَوَقَعَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ صَفَّنَا صَفَّيْنِ وَالْمُشْرِكُونَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ.

     وَقَالَ  السُّهَيْلِيُّ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي التَّرْجِيحِ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ يُعْمَلُ مِنْهَا بِمَا كَانَ أَشْبَهَ بِظَاهِرِ الْقُرْآنِ .

     وَقَالَتْ  طَائِفَةٌ يَجْتَهِدُ فِي طَلَبِ الْأَخِيرِ مِنْهَا فَإِنَّهُ النَّاسِخُ لِمَا قَبْلَهُ .

     وَقَالَتْ  طَائِفَةٌ يُؤْخَذُ بِأَصَحِّهَا نَقْلًا وَأَعْلَاهَا رُوَاةً .

     وَقَالَتْ  طَائِفَةٌ يُؤْخَذُ بجميعها على حسب اخْتِلَافِ أَحْوَالِ الْخَوْفِ فَإِذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ أُخِذَ بِأَيْسَرِهَا مُؤْنَةً وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  تَابَعَهُ اللَّيْثُ عَنْ هِشَامٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ حَدَّثَهُ قَالَ صَلَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ بَنِي أَنْمَارٍ.

قُلْتُ لَمْ يَظْهَرْ لِي مُرَادُ الْبُخَارِيِّ بِهَذِهِ الْمُتَابَعَةِ لِأَنَّهُ إِنْ أَرَادَ الْمُتَابَعَةَ فِي الْمَتْنِ لَمْ يَصِحَّ لِأَنَّ الَّذِي قَبْلَهُ غَزْوَةُ مُحَارِبَ وَثَعْلَبَةَ بِنَخْلٍ وَهَذِهِ غَزْوَةُ أَنْمَارَ وَلَكِنْ يُحْتَمَلُ الِاتِّحَادُ لِأَنَّ دِيَارَ بَنِي أَنْمَارَ تَقْرُبُ مِنْ دِيَارِ بَنِي ثَعْلَبَةَ وَسَيَأْتِي بَعْدَ بَابٍ أَنَّ أَنْمَارَ فِي قَبَائِلَ مِنْهُمْ بَطْنٌ مِنْ غَطَفَانَ وَإِنْ أَرَادَ الْمُتَابَعَةَ فِي الْإِسْنَادِ فَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلِ الرِّوَايَتَانِ مُتَخَالِفَتَانِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ الْأُولَى مُتَّصِلَةٌ بِذِكْرِ الصَّحَابِيِّ وَهَذِهِ مُرْسَلَةٌ وَرِجَالُ الْأُولَى غَيْرُ رِجَالِ الثَّانِيَةِ وَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ لَا بَصَرَ لَهُ بِالرِّجَالِ يَظُنُّ أَنَّ هِشَامًا الْمَذْكُورَ قَبْلُ هُوَ هِشَامٌ الْمَذْكُورُ ثَانِيًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ هِشَامًا الرَّاوِيَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ هُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ كَمَا بَيَّنْتُهُ قَبْلُ وَهُوَ بَصْرِيٌّ وَهِشَام شيخ اللَّيْث فِيهِ هُوَ بن سَعْدٍ وَهُوَ مَدَنِيٌّ وَالدَّسْتُوَائِيُّ لَا رِوَايَةَ لَهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَلَا رِوَايَةَ لِلَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْهُ وَقَدْ وَصَلَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ هَذَا الْمُعَلَّقَ قَالَ قَالَ لِي يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ سَمِعَ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي غَزْوَةِ بَنِي أَنْمَارَ نَحْوَهُ يَعْنِي نَحْوَ حَدِيثِ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ.

قُلْتُ فَظَهَرَ لِي مِنْ هَذَا وَجْهُ الْمُتَابَعَةِ وَهُوَ أَنَّ حَدِيثَ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ فِي غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ مُتَّحِدٌ مَعَ حَدِيثِ جَابِرٍ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنِ اتِّحَادِ كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ وَفِي هَذِهِ أَنْ تَتَّحِدَ الْغَزْوَةُ وَقَدْ أَفْرَدَ الْبُخَارِيُّ غَزْوَةَ بَنِي أَنْمَارَ بِالذِّكْرِ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ بَابٍ نَعَمْ ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ أَنَّ سَبَبَ غَزْوَةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ أَنَّ أَعْرَابِيًّا قَدِمَ بِجَلْبٍ إِلَى الْمَدِينَةِ فَقَالَ إِنِّي رَأَيْتُ نَاسًا مِنْ بَنِي ثَعْلَبَةَ وَمِنْ بَنِي أَنْمَارَ وَقَدْ جَمَعُوا لَكُمْ جُمُوعًا وَأَنْتُمْ فِي غَفْلَةٍ عَنْهُمْ فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَرْبَعِمِائَةٍ وَيُقَالُ سَبْعُمِائَةٍ فعلى هَذَا فغزوة أَنْمَارَ مُتَّحِدَةٌ مَعَ غَزْوَةِ بَنِي مُحَارِبَ وَثَعْلَبَةَ وَهِيَ غَزْوَةُ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ هَذِهِ الْمُتَابَعَةِ بَعْدَ حَدِيثِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ فَيَكُونُ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ وَيَكُونُ تَقْدِيمُهُ مِنْ بَعْضِ النَّقَلَةِ عَنِ الْبُخَارِيِّ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ مَا ذَكَرْتُهُ عَنْ تَارِيخِ الْبُخَارِيِّ فَإِنَّهُ بَيِّنٌ فِي ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ





[ قــ :3930 ... غــ :413] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا يَحْيَى عَنْ يَحْيَى الأول هُوَ بن سعيد الْقطَّان وَشَيْخه هُوَ بن سعيد الْأنْصَارِيّ وَالقَاسِم بن مُحَمَّد أَي بن أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَصَالِحُ بْنُ خَوَّاتٍ تَقَدَّمَ التَّعْرِيفُ بِهِ فَفِي الْإِسْنَادِ ثَلَاثَةٌ مِنَ التَّابِعِينَ الْمَدَنِيِّينَ فِي نَسَقٍ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ فَمَنْ فَوْقَهُ وَسَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَقِيلَ عَامِرٌ وَقِيلَ اسْمُ أَبِيهِ عَبْدُ اللَّهِ وَأَبُو حَثْمَةَ جَدُّهُ وَاسْمُهُ عَامِرُ بْنُ سَاعِدَةَ وَهُوَ أَنْصَارِيٌّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْأَخْبَارِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ صَغِيرًا فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مَا ذكر بن أَبِي حَاتِمٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ وَلَدِ سَهْلٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ بَايَعَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ وَشَهِدَ الْمَشَاهِدَ إِلَّا بَدْرًا وَكَانَ الدَّلِيلَ لَيْلَةَ أُحُدٍ وَقَدْ تَعَقَّبَ هَذَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَقَالُوا إِنَّ هَذِهِ الصِّفَةَ لِأَبِيهِ.
وَأَمَّا هُوَ فَمَاتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بن ثَمَان سِنِين وَمِمَّنْ جزم بذلك الطَّبَرِيّ وبن حبَان وبن السَّكَنِ وَغَيْرُ وَاحِدٍ وَعَلَى هَذَا فَتَكُونُ رِوَايَتُهُ لِقِصَّةِ صَلَاةِ الْخَوْفِ مُرْسَلَةً وَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ مِمَّنْ شَهِدَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ غَيْرُهُ وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ أَبُوهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

     قَوْلُهُ  يَقُومُ الْإِمَامُ هَذَا ذَكَرَهُ مَوْقُوفًا وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ حَدِيثٍ مِنْ طَرِيق بن أَبِي حَاتِمٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ وَأَوْرَدَهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا .

     قَوْلُهُ  عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُهُ أَيْ مِثْلَ الْمَتْنِ الْمَوْقُوفِ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى عَنْ يَحْيَى وَقَدْ أَوْرَدَهُ مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ فِي الْخَوْفِ فَصَفَّهُمْ خَلْفَهُ صَفَّيْنِ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَهُوَ مِمَّا يُقَوِّي مَا قَدَّمْتُهُ أَنَّ سَهْلَ بْنَ أَبِي حَثْمَةَ لَمْ يَشْهَدْ ذَلِكَ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ مِمَّنْ شَهِدَ أَبُوهُ لَا سَهْلٌ وَالله أعلم
قَوْله ان بن عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ نَجْدٍ فَوَازَيْنَا بِالزَّايِ أَيْ قَاتَلْنَا الْعَدُوَّ فَصَافَفْنَا لَهُمْ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ أَن فِي رِوَايَةَ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَصَفَفْنَاهُمْ وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ وَهَكَذَا أَوْرَدَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ هُنَا مُقْتَصِرًا مِنْهَا عَلَى هَذَا الْقَدْرِ وَعَقَّبَهَا بِطَرِيقِ مَعْمَرٍ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِصَدْرِ الْحَدِيثِ بَلْ أَوَّلُهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِإِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ وَالطَّائِفَةُ الْأُخْرَى مُوَاجِهَةُ الْعَدُوِّ الْحَدِيثَ فَأَمَّا رِوَايَةُ شُعَيْبٍ فَتَقَدَّمَتْ فِي بَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ تَامَّةً.
وَأَمَّا رِوَايَةُ مَعْمَرٍ فَأَخْرَجَهَا أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُسَدَّدٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ كَذَلِكَ وَوَقَعَ فِي آخرهَا ثُمَّ قَامَ هَؤُلَاءِ فَقَضَوْا رَكْعَتَهُمْ وَقَامَ هَؤُلَاءِ فَقَضَوْا رَكْعَتَهُمْ وَلَفْظُ الْقَضَاءِ فِيهَا عَلَى مَعْنَى الْأَدَاءِ لَا عَلَى مَعْنَى الْقَضَاءِ الِاصْطِلَاحِيِّ وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ فَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فَرَكَعَ لِنَفْسِهِ رَكْعَةً وَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهِيَ تبين المُرَاد فِي رِوَايَة بن جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عِنْدَ أَحْمَدَ نَحْوَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى بَقِيَّةِ هَذَا الْحَدِيثِ فِي بَابِ صَلَاة الْخَوْف



[ قــ :393 ... غــ :4134] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنِي سِنَانٌ وَأَبُو سَلَمَةَ أَمَّا سِنَانٌ فَهُوَ بن أَبِي سِنَانٍ الدُؤَلِيُّ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ وَالدُّؤَلِيُّ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَهُوَ مَدَنِيٌّ اسْمُ أَبِيهِ يَزِيدُ بْنُ أُمَيَّةَ وَثَّقَهُ الْعِجْلِيُّ وَغَيره وَمَاله فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ وَآخَرَ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الطِّبِّ.
وَأَمَّا أَبُو سَلمَة فَهُوَ بن عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ كَذَا رَوَاهُ شُعَيْبٌ عَنْهُمَا وَرَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ أَبَا سَلَمَةَ وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْوَرْكَانِيِّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ وَرَوَاهُ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ الْوَرْكَانِيِّ هَذَا فَأثْبت فِيهِ أَبَا سَلمَة وَرَوَاهُ بن أَبِي عَتِيقٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ فَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا سَلَمَةَ وَرَوَاهُ مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ أَحَادِيثَ قَلِيلَةٍ فَلَمْ يَذْكُرْ سِنَانًا فَكَأَنَّ الزُّهْرِيَّ كَانَ تَارَةً يَجْمَعُهُمَا وَتَارَةً يُفْرِدُ أَحَدَهُمَا وَإِسْمَاعِيل فِي الرِّوَايَة الثَّانِيَة هُوَ بن أبي أويس وَأَخُوهُ هُوَ عَبْدُ الْحَمِيدِ وَسُلَيْمَانُ شَيْخُهُ هُوَ بن بِلَالٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَتِيقٍ نُسِبَ إِلَى جَدِّهِ فَإِنَّ أَبَا عَتِيقٍ هُوَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ وَمُحَمَّدٌ هَذَا الرَّاوِي هُوَ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقد سَاق البُخَارِيّ الحَدِيث على لفظ بن أَبِي عَتِيقٍ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ أَبِي سَلَمَةَ وَذَكَرَ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبٍ وَهِيَ عَنْ سِنَانٍ وَأَبِي سَلَمَةَ مَعًا قِطْعَةً يَسِيرَةً فَإِنَّ جَابِرًا أَخْبَرَ أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ نَجْدٍ وَتَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ وَحْدَهُ بِتَمَامِهِ وَرَأَيْتُهَا مُوَافقَة لرِوَايَة بن أَبِي عَتِيقٍ إِلَّا فِي آخِرِهِ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ فَفِيهَا اخْتِصَارٌ وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ جَابِرٍ أَيْضًا سُلَيْمَانُ بْنُ قَيْسٍ كَمَا فِي رِوَايَةِ مُسَدَّدٍ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ بِحَدِيثٍ وَرَوَاهُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْمُعَلَّقَةِ بَعْدَهُ فَذَكَرَ بَعْضَ مَا فِي حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ وَزَادَ قِصَّةَ صَلَاةِ الْخَوْفِ .

     قَوْلُهُ  أَنَّهُ غَزَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِبَلَ نَجْدٍ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَاتِ الرِّقَاعِ .

     قَوْلُهُ  فَأَدْرَكَتْهُمُ الْقَائِلَةُ أَيْ وَسَطَ النَّهَارِ وَشِدَّةُ الْحَرِّ .

     قَوْلُهُ  كَثِيرُ الْعِضَاهِ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَخْفِيفِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ كُلُّ شَجَرٍ يَعْظُمُ لَهُ شَوْكٌ وَقِيلَ هُوَ الْعَظِيمُ مِنَ السَّمُرِ مُطْلَقًا وَقَدْ تَقَدَّمَ غَيْرُ مَرَّةٍ .

     قَوْلُهُ  فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتَ سَمُرَةٍ أَيْ شَجَرَةٍ كَثِيرَةِ الْوَرَقِ وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ فَاسْتَظَلَّ بِهَا وَيُفَسِّرُهُ مَا فِي رِوَايَةِ يَحْيَى فَإِذَا أَتَيْنَا عَلَى شَجَرَةٍ ظَلِيلَةٍ تَرَكْنَاهَا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

     قَوْلُهُ  قَالَ جَابِرٌ هُوَ مَوْصُولٌ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَسَقَطَ ذَلِكَ مِنْ رِوَايَةِ مَعْمَرٍ .

     قَوْلُهُ  فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُونَا فَجِئْنَاهُ فَإِذَا عِنْدَهُ أَعْرَابِيٌّ هَذَا السِّيَاقُ يُفَسِّرُ رِوَايَةَ يَحْيَى فَإِنَّ فِيهَا فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَخْ فَبَيَّنَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَنَّ هَذَا الْقَدْرَ لَمْ يَحْضُرْهُ الصَّحَابَةُ وَإِنَّمَا سَمِعُوهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ دَعَاهُمْ وَاسْتَيْقَظُوا .

     قَوْلُهُ  أَعْرَابِيٌّ جَالِسٌ فِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ فَإِذَا أَعْرَابِيٌّ قَاعِدٌ بَيْنَ يَدَيْهِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ اسْمِهِ قَرِيبًا .

     قَوْلُهُ  وَهُوَ فِي يَدِهِ صَلْتًا بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ بَعْدَهَا مُثَنَّاةٌ أَيْ مُجَرَّدًا عَنْ غِمْدِهِ .

     قَوْلُهُ  فَقَالَ لِي مَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي فِي رِوَايَةِ يَحْيَى فَقَالَ تَخَافُنِي قَالَ لَا قَالَ فَمَنْ يَمْنَعُكَ مِنِّي وَكَرَّرَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْيَمَانِ فِي الْجِهَادِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَهُوَ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ أَيْ لَا يَمْنَعُكَ مِنِّي أَحَدٌ لِأَنَّ الْأَعْرَابِيَّ كَانَ قَائِمًا وَالسَّيْفُ فِي يَدِهِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ لَا سَيْفَ مَعَهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ مُرَاجَعَةِ الْأَعْرَابِيِّ لَهُ فِي الْكَلَامِ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَنَعَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ وَإِلَّا فَمَا أَحْوَجَهُ إِلَى مُرَاجَعَتِهِ مَعَ احْتِيَاجِهِ إِلَى الْحَظْوَةِ عِنْدَ قَوْمِهِ بِقَتْلِهِ وَفِي قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَوَابِهِ اللَّهُ أَيْ يَمْنَعُنِي مِنْكَ إِشَارَةٌ إِلَى ذَلِكَ وَلِذَلِكَ أَعَادَهَا الْأَعرَابِي فَلم يزده على ذَلِك الْجَوَابِ وَفِي ذَلِكَ غَايَةُ التَّهَكُّمِ بِهِ وَعَدَمُ الْمُبَالَاةِ بِهِ أَصْلًا .

     قَوْلُهُ  فَهَا هُوَ ذَا جَالِسٌ ثُمَّ لَمْ يُعَاقِبْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ فَتَهَدَّدَهُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَظَاهِرُهَا يُشْعِرُ بِأَنَّهُمْ حَضَرُوا الْقِصَّةَ وَأَنَّهُ إِنَّمَا رَجَعَ عَمَّا كَانَ عَزَمَ عَلَيْهِ بِالتَّهْدِيدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ فِي الْجِهَادِ بَعْدَ قَوْلِهِ.

قُلْتُ اللَّهُ فَشَامَ السَّيْفُ وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ فَشَامَهُ وَالْمُرَادُ أَغْمَدَهُ وَهَذِهِ الْكَلِمَةُ مِنَ الْأَضْدَادِ يُقَالُ شَامَهُ إِذَا اسْتَلَّهُ وَشَامَهُ إِذَا أَغْمَدَهُ قَالَهُ الْخَطَّابِيُّ وَغَيْرُهُ وَكَأَنَّ الْأَعْرَابِيَّ لَمَّا شَاهَدَ ذَلِكَ الثَّبَاتَ الْعَظِيمَ وَعَرَفَ أَنَّهُ حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ تَحَقَّقَ صِدْقَهُ وَعَلِمَ أَنَّهُ لَا يَصِلُ إِلَيْهِ فَأَلْقَى السِّلَاحَ وَأَمْكَنَ مِنْ نَفْسِهِ وَوَقع فِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ بَعْدَ قَوْلِهِ قَالَ اللَّهُ فَدَفَعَ جِبْرِيلُ فِي صَدْرِهِ فَوَقَعَ السَّيْفُ مِنْ يَدِهِ فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

     وَقَالَ  مَنْ يَمْنَعُكَ أَنْتَ مِنِّي قَالَ لَا أَحَدَ قَالَ قُمْ فَاذْهَبْ لِشَأْنِكَ فَلَمَّا وَلَّى قَالَ أَنْتَ خَيْرٌ مِنِّي.
وَأَمَّا .

     قَوْلُهُ  فِي الرِّوَايَةِ فَهَا هُوَ جَالِسٌ ثُمَّ لَمْ يُعَاقِبْهُ فَيُجْمَعُ مَعَ رِوَايَة بن إِسْحَاقَ بِأَنَّ قَوْلَهُ فَاذْهَبْ كَانَ بَعْدَ أَنْ أَخْبَرَ الصَّحَابَةَ بِقِصَّتِهِ فَمَنَّ عَلَيْهِ لِشِدَّةِ رَغْبَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي اسْتِئْلَافِ الْكُفَّارِ لِيَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ وَلَمْ يُؤَاخِذْهُ بِمَا صَنَعَ بَلْ عَفَا عَنْهُ وَقَدْ ذَكَرَ الْوَاقِدِيُّ فِي نَحْوِ هَذِهِ الْقِصَّة أَنه أَسْلَمَ وَأَنَّهُ رَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ فَاهْتَدَى بِهِ خلق كثير وَوَقع فِي رِوَايَة بن إِسْحَاقَ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا ثُمَّ أَسْلَمَ بَعْدُ قَوْله.

     وَقَالَ  أبان هُوَ بن يَزِيدَ الْعَطَّارُ وَرِوَايَتُهُ هَذِهِ وَصَلَهَا مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَفَانَ عَنْهُ بِتَمَامِهِ .

     قَوْلُهُ  وَأُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَصَلَّى بِطَائِفَةٍ رَكْعَتَيْنِ إِلَخْ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةُ مُخَالِفَةٌ لِلْكَيْفِيَّةِ الَّتِي فِي طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ وَهُوَ مِمَّا يُقَوِّي أَنَّهُمَا وَاقِعَتَانِ .

     قَوْلُهُ  وقَال مُسَدَّدٌ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ اسْمُ الرَّجُلِ غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ وَقَاتَلَ فِيهَا مُحَارِبَ خَصَفَةَ هَكَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا مِنَ الْإِسْنَادِ وَمِنَ الْمَتْنِ فَأَمَّا الْإِسْنَادُ فَأَبُو عَوَانَةَ هُوَ الْوَضَّاحُ الْبَصْرِيّ وَأما بشر فَهُوَ جَعْفَر بن أبي وَحْشَة وَبَقِيَّةُ الْإِسْنَادِ ظَاهِرٌ فِيمَا أَخْرَجَهُ مُسَدَّدٌ فِي مُسْنَدِهِ رِوَايَةَ مُعَاذِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْهُ وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهَا إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ فِي كِتَابِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ لَهُ عَنْ مُسَدَّدٍ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ قَيْسٍ عَنْ جَابِرٍ.
وَأَمَّا الْمَتْنُ فَتَمَامُهُ عَنْ جَابِرٍ قَالَ غَزَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَارِبَ خَصَفَةَ بِنَخْلٍ فَرَأَوْا مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِرَّةً فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ غَوْرَثُ بْنُ الْحَارِثِ حَتَّى قَامَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالسَّيْفِ فَذَكَرَهُ وَفِيهِ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ غَيْرَ أَنِّي أُعَاهِدُكَ أَنَّ لَا أُقَاتِلَكَ وَلَا أَكُونَ مَعَ قَوْمٍ يُقَاتِلُونَكَ فَخَلَّى سَبِيلَهُ فَجَاءَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ جِئْتُكُمْ مِنْ عِنْدِ خَيْرِ النَّاسِ فَلَمَّا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالنَّاسِ الْحَدِيثَ وَغَوْرَثُ وَزْنَ جَعْفَرٍ وَقِيلَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَهُوَ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ وَرَاءٍ وَمُثَلَّثَةٍ مَأْخُوذٌ مِنَ الْغَرَثِ وَهُوَ الْجُوعُ وَوَقَعَ عِنْدَ الْخَطِيبِ بِالْكَافِ بَدَلَ الْمُثَلَّثَةِ وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ فِيهِ غُوَيْرِثٌ بِالتَّصْغِيرِ وَحَكَى عِيَاضٌ أَنَّ بَعْضَ الْمَغَارِبَةِ قَالَ فِي الْبُخَارِيِّ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ قَالَ وَصَوَابُهُ بِالْمُعْجَمَةِ وَمُحَارِبُ خَصَفَةَ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ وَوَقَعَ عِنْدَ الْوَاقِدِيِّ فِي سَبَبِ هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّ اسْمَ الْأَعْرَابِيِّ دَعْثُورٌ وَأَنَّهُ أَسْلَمَ لَكِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ أَنَّهُمَا قِصَّتَانِ فِي غَزْوَتَيْنِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ وَفِي الْحَدِيثِ فَرْطُ شَجَاعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقُوَّةُ يَقِينِهِ وَصَبْرُهُ عَلَى الْأَذَى وَحِلْمُهُ عَنِ الْجُهَّالِ وَفِيهِ جَوَازُ تَفَرُّقِ الْعَسْكَرِ فِي النُّزُولِ وَنَوْمِهِمْ وَهَذَا مَحَلُّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَا يَخَافُونَ مِنْهُ .

     قَوْلُهُ  وقَال أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَخْلٍ فَصَلَّى الْخَوْفَ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى ذِكْرِ مَنْ وَصَلَهُ قَبْلُ مَعَ التَّنْبِيهِ عَلَى مَا فِيهِ مِنَ الْمُغَايِرَةِ .

     قَوْلُهُ  وقَال أَبُو هُرَيْرَةَ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ نَجْدٍ صَلَاة الْخَوْف وَصله أَبُو دَاوُد وبن حِبَّانَ وَالطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْأَسْوَدِ أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ يُحَدِّثُ عَنْ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا هُرَيْرَةَ هَلْ صَلَّيْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْخَوْفِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ نَعَمْ قَالَ مَرْوَانُ مَتَى قَالَ عَامَ غَزْوَةِ نَجْدٍ .

     قَوْلُهُ  وَإِنَّمَا جَاءَ أَبُو هُرَيْرَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيَّامَ خَيْبَرَ يُرِيدُ بِذَلِكَ تَأْكِيدَ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مِنْ أَنَّ غَزْوَةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ كَانَتْ بَعْدَ خَيْبَرَ لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْغَزْوَةِ كَانَتْ مِنْ جِهَةِ نَجْدٍ أَنْ لَا تَتَعَدَّدَ فَإِنَّ نَجْدًا وَقَعَ الْقَصْدُ إِلَى جِهَتِهَا فِي عِدَّةِ غَزَوَاتٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَقْرِيرُ كَوْنِ جَابِرٍ رَوَى قِصَّتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ بِمَا يُغْنِي عَنْ إِعَادَتِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَبُو هُرَيْرَةَ حَضَرَ الَّتِي بَعْدَ خَيْبَرَ لَا الَّتِي قبل خَيْبَر