فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا، أولئك لا خلاق لهم} [آل عمران: 77]: لا خير

( قَولُهُ بَابُ إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ)
لَا خَيْرَ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ مِنْ خَلَاقٍ أَيْ نَصِيبٍ مِنْ خَيْرٍ .

     قَوْلُهُ  أَلِيمٍ مُؤْلِمٌ مُوجِعٌ مِنَ الْأَلَمِ وَهُوَ فِي مَوْضِعِ مُفْعِلٍ هُوَ كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا وَاسْتَشْهَدَ بِقَوْلِ ذِي الرُّمَّةِ يُصِيبُكَ وَجْهُهَا وَهَجٌ أَلِيم ثمَّ ذكر حَدِيث بن مَسْعُودٍ مَنْ حَلَفَ يَمِينَ صَبْرٍ وَفِيهِ قَوْلُ الْأَشْعَثِ إِنَّ قَوْلِهِ تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانهمْ ثمنا قَلِيلا نَزَلَتْ فِيهِ وَفِي خَصْمِهِ حِينَ تَحَاكَمَا فِي الْبِئْرِ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي رَجُلٍ أَقَامَ سِلْعَةً فِي السُّوقِ فَحَلَفَ لَقَدْ أَعْطَى بِهَا مَا لَمْ يُعْطَهُ وَقَدْ تَقَدَّمَا جَمِيعًا فِي الشَّهَادَاتِ وَأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّ النُّزُولَ كَانَ بِالسَّبَبَيْنِ جَمِيعًا وَلَفْظُ الْآيَةِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِك وَلِهَذَا وَقع فِي صدر حَدِيث بن مَسْعُودٍ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي حُيَيِّ بْنِ أَخْطَبَ وَكَعْبِ بْنِ الْأَشْرَفِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الْيَهُودِ الَّذِينَ كَتَمُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ مِنْ شَأْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالُوا وَحَلَفُوا أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَقَصَّ الْكَلْبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ فِي ذَلِكَ قِصَّةً طَوِيلَةً وَهِيَ مُحْتَمَلَةٌ أَيْضًا لَكِنِ الْمُعْتَمَدُ فِي ذَلِك مَا ثَبت فِي الصَّحِيح وَسَنذكر مَا يَتَعَلَّقُ بِحُكْمِ الْيَمِينِ فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .

     قَوْلُهُ 



[ قــ :4300 ... غــ :4552] حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ هُوَ الْجَهْضَمِيُّ بِجِيمٍ وَمُعْجَمَةٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ دَاوُدَ هُوَ الْخُرَيْبِيُّ بِمُعْجَمَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ مُصَغَّرٌ .

     قَوْلُهُ  أَنَّ امْرَأَتَيْنِ سَيَأْتِي تَسْمِيَتُهُمَا فِي كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ مَعَ شرح الحَدِيث وَإِنَّمَا أوردهُ هُنَا لقَوْل بن عَبَّاس اقرؤوا عَلَيْهَا أَن الَّذين يشْتَرونَ بِعَهْد الله الْآيَةَ فَإِنَّ فِيهِ الْإِشَارَةَ إِلَى الْعَمَلِ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ عُمُومُ الْآيَةِ لَا خُصُوصُ سَبَبِ نُزُولِهَا وَفِيهِ أَنَّ الَّذِي تَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْيَمِينُ يُوعَظُ بِهَذِهِ الْآيَةِ وَنَحْوِهَا .

     قَوْلُهُ  فِي بَيْتٍ وَفِي الْحُجْرَةِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِوَاوِ الْعَطْفِ وَلِلْأَصِيلِيِّ وَحْدَهُ فِي بَيْتٍ أَوْ فِي الْحُجْرَةِ بِأَوْ وَالْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ وَسَبَبُ الْخَطَأِ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ أَنَّ فِي السِّيَاقِ حَذْفًا بَيَّنَهُ بن السكن فِي رِوَايَته حَيْثُ جَاءَ فِيهَا فِي بَيْتٍ وَفِي الْحُجْرَةِ حُدَّاثٌ فَالْوَاوُ عَاطِفَةٌ أَوِ الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ لَكِنِ الْمُبْتَدَأُ مَحْذُوفٌ وَحُدَّاثٌ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَالتَّشْدِيدِ وَآخِرُهُ مُثَلَّثَةٌ أَيْ نَاسٌ يَتَحَدَّثُونَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرْأَتَيْنِ كَانَتَا فِي الْبَيْتِ وَكَانَ فِي الْحُجْرَةِ الْمُجَاوِرَةِ لِلْبَيْتِ نَاسٌ يَتَحَدَّثُونَ فَسَقَطَ الْمُبْتَدَأُ مِنَ الرِّوَايَةِ فَصَارَ مُشْكِلًا فَعَدَلَ الرَّاوِي عَنِ الْوَاوِ إِلَى أَوِ الَّتِي لِلتَّرْدِيدِ فِرَارًا مِنِ اسْتِحَالَةِ كَوْنِ الْمَرْأَتَيْنِ فِي الْبَيْتِ وَفِي الْحُجْرَةِ مَعًا عَلَى أَنَّ دَعْوَى الِاسْتِحَالَةِ مَرْدُودَةٌ لِأَنَّ لَهُ وَجْهًا وَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِأَنَّ الْحُجْرَة أخص من الْبَيْت لَكِن رِوَايَة بن السَّكَنِ أَفْصَحَتْ عَنِ الْمُرَادِ فَأَغْنَتْ عَنِ التَّقْدِيرِ وَكَذَا ثَبَتَ مِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَاللَّهُ أَعْلَمُ