فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب أمور الإيمان

( قَولُهُ بَابُ أُمُورِ الْإِيمَانِ)
وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ أَمْرُ الْإِيمَانِ بِالْإِفْرَادِ عَلَى إِرَادَةِ الْجِنْسِ وَالْمُرَادُ بَيَانُ الْأُمُورِ الَّتِي هِيَ الْإِيمَانُ وَالْأُمُورُ الَّتِي لِلْإِيمَانِ .

     قَوْلُهُ  وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى بِالْخَفْضِ وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهَذِهِ الْآيَة ومناسبتها لِحَدِيثِ الْبَابِ تَظْهَرُ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْإِيمَانِ فَتَلَا عَلَيْهِ لَيْسَ الْبِرَّ إِلَى آخِرِهَا وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ وَإِنَّمَا لَمْ يَسُقْهُ الْمُؤَلِّفُ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى شَرْطِهِ وَوَجْهُهُ أَنَّ الْآيَةَ حَصَرَتِ التَّقْوَى عَلَى أَصْحَابِ هَذِهِ الصِّفَاتِ وَالْمُرَادُ الْمُتَّقُونَ مِنَ الشِّرْكِ وَالْأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ فَإِذَا فَعَلُوا وَتَرَكُوا فَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ الْكَامِلُونَ وَالْجَامِعُ بَيْنَ الْآيَةِ وَالْحَدِيثِ أَنَّ الْأَعْمَالَ مَعَ انْضِمَامِهَا إِلَى التَّصْدِيقِ دَاخِلَةٌ فِي مُسَمَّى الْبِرِّ كَمَا هِيَ دَاخِلَةٌ فِي مُسَمَّى الْإِيمَانِ فَإِنْ قِيلَ لَيْسَ فِي الْمَتْنِ ذِكْرُ التَّصْدِيقِ أُجِيبَ بِأَنَّهُ ثَابِتٌ فِي أَصْلِ هَذَا الْحَدِيثِ كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَالْمُصَنِّفُ يُكْثِرُ الِاسْتِدْلَالَ بِمَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْمَتْنُ الَّذِي يَذْكُرُ أَصْلَهُ وَلَمْ يَسُقْهُ تَامًّا قَوْله قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ ذَكَرَهُ بِلَا أَدَاةِ عَطْفٍ وَالْحَذْفُ جَائِزٌ وَالتَّقْدِير وَقَول الله قد أَفْلح الْمُؤْمِنُونَ وَثَبَتَ الْمَحْذُوفُ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ذَكَرَ ذَلِكَ تَفْسِيرًا لِقَوْلِهِ الْمُتَّقُونَ أَيِ الْمُتَّقُونَ هُمُ الْمَوْصُوفُونَ بِقَوْلِهِ قَدْ أَفْلَحَ إِلَى آخِرِهَا وَكَأَنَّ الْمُؤَلِّفَ أَشَارَ إِلَى إِمْكَانِ عَدِّ الشُّعَبِ مِنْ هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ وَشِبْهِهِمَا وَمِنْ ثمَّ ذكر بن حِبَّانَ أَنَّهُ عَدَّ كُلَّ طَاعَةٍ عَدَّهَا اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ مِنَ الْإِيمَانِ وَكُلُّ طَاعَةٍ عَدَّهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْإِيمَانِ وَحَذَفَ الْمُكَرَّرَ فَبَلَغَتْ سَبْعًا وَسَبْعِينَ



[ قــ :9 ... غــ :9] .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا أَوَّلُ حَدِيثٍ وَقَعَ ذِكْرُهُ فِيهِ وَمَجْمُوعُ مَا أَخْرَجَهُ لَهُ الْبُخَارِيُّ مِنَ الْمُتُونِ الْمُسْتَقِلَّةِ أَرْبَعُمِائَةُ حَدِيثٍ وَسِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ حَدِيثًا عَلَى التَّحْرِيرِ وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي اسْمه اخْتِلَافا كثيرا قَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي اسْمٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ مِثْلَ مَا اخْتُلِفَ فِي اسْمِهِ اخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى عِشْرِينَ قَوْلًا.

قُلْتُ وَسَرَدَ بن الْجَوْزِيِّ فِي التَّلْقِيحِ مِنْهَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ.

     وَقَالَ  النَّوَوِيُّ تَبْلُغُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ قَوْلًا.

قُلْتُ وَقَدْ جَمَعْتُهَا فِي تَرْجَمَتِهِ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ فَلَمْ تَبْلُغْ ذَلِكَ وَلَكِنَّ كَلَامَ الشَّيْخِ مَحْمُولٌ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي اسْمِهِ وَفِي اسْمِ أَبِيهِ مَعًا .

     قَوْلُهُ  بِضْعٌ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَحُكِيَ الْفَتْحُ لُغَةً وَهُوَ عَدَدٌ مُبْهَمٌ مُقَيَّدٌ بِمَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إِلَى التِّسْعِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الْقَزَّازُ.

     وَقَالَ  بن سِيدَهْ إِلَى الْعَشْرِ وَقِيلَ مِنْ وَاحِدٍ إِلَى تِسْعَةٍ وَقِيلَ مِنِ اثْنَيْنِ إِلَى عَشَرَةٍ وَقِيلَ مِنْ أَرْبَعَةٍ إِلَى تِسْعَةٍ وَعَنِ الْخَلِيلِ الْبِضْعُ السَّبْعُ وَيُرَجِّحُ مَا قَالَهُ الْقَزَّازُ مَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمُفَسِّرُونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى فَلَبِثَ فِي السجْن بضع سِنِين وَمَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ أَنَّ قُرَيْشًا قَالُوا ذَلِكَ لِأَبِي بَكْرٍ وَكَذَا رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ مَرْفُوعًا وَنَقَلَ الصَّغَانِيُّ فِي الْعُبَابِ أَنَّهُ خَاصٌّ بِمَا دُونَ الْعَشَرَةِ وَبِمَا دُونَ الْعِشْرِينَ فَإِذَا جَاوَزَ الْعِشْرِينَ امْتَنَعَ قَالَ وَأَجَازَهُ أَبُو زَيْدٍ فَقَالَ يُقَالُ بِضْعَةٌ وَعِشْرُونَ رَجُلًا وَبِضْعٌ وَعِشْرُونَ امْرَأَةً.

     وَقَالَ  الْفَرَّاءُ وَهُوَ خَاصٌّ بِالْعَشَرَاتِ إِلَى التِّسْعِينَ وَلَا يُقَالُ بِضْعٌ وَمِائَةٌ وَلَا بِضْعٌ وَأَلْفٌ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِضْعَةٌ بِتَاءِ التَّأْنِيثِ وَيَحْتَاجُ إِلَى تَأْوِيلٍ .

     قَوْلُهُ  وَسِتُّونَ لَمْ تَخْتَلِفِ الطُّرُقُ عَنْ أَبِي عَامِرٍ شَيْخِ شَيْخِ الْمُؤَلِّفِ فِي ذَلِكَ وَتَابَعَهُ يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ فَقَالَ بِضْعٌ وَسِتُّونَ أَوْ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ وَكَذَا وَقَعَ التَّرَدُّدُ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ وَرَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الثَّلَاثَةُ مِنْ طَرِيقِهِ فَقَالُوا بِضْعٌ وَسَبْعُونَ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَلِأَبِي عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقٍ سِتٌّ وَسَبْعُونَ أَوْ سَبْعٌ وَسَبْعُونَ وَرَجَّحَ الْبَيْهَقِيُّ رِوَايَةَ الْبُخَارِيِّ لِأَنَّ سُلَيْمَانَ لَمْ يَشُكَّ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ رِوَايَةِ بِشْرِ بْنِ عَمْرٍو عَنْهُ فَتَرَدَّدَ أَيْضًا لَكِنْ يُرَجَّحُ بِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ وَمَا عَدَاهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ التِّرْمِذِيِّ بِلَفْظِ أَرْبَعٌ وَسِتُّونَ فَمَعْلُولَةٌ وَعَلَى صِحَّتِهَا لَا تُخَالِفُ رِوَايَةَ الْبُخَارِيِّ وَتَرْجِيحُ رِوَايَةِ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ لِكَوْنِهَا زِيَادَةَ ثِقَةٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْحَلِيمِيُّ ثُمَّ عِيَاضٌ لَا يَسْتَقِيمُ إِذِ الَّذِي زَادَهَا لَمْ يَسْتَمِرَّ عَلَى الْجَزْمِ بِهَا لَا سِيَّمَا مَعَ اتِّحَادِ الْمَخْرَجِ وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ شُفُوفَ نَظَرِ البُخَارِيّ وَقد رجح بن الصَّلَاحِ الْأَقَلَّ لِكَوْنِهِ الْمُتَيَقَّنَ .

     قَوْلُهُ  شُعْبَةٌ بِالضَّمِّ أَيْ قِطْعَةٌ وَالْمُرَادُ الْخُصْلَةُ أَوِ الْجُزْءُ .

     قَوْلُهُ  وَالْحَيَاءُ هُوَ بِالْمَدِّ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ تَغَيُّرٌ وَانْكِسَارٌ يَعْتَرِي الْإِنْسَانَ مِنْ خَوْفِ مَا يُعَابُ بِهِ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى مُجَرَّدِ تَرْكِ الشَّيْءِ بِسَبَبٍ وَالتَّرْكُ إِنَّمَا هُوَ مِنْ لَوَازِمِهِ وَفِي الشَّرْعِ خُلُقٌ يَبْعَثُ عَلَى اجْتِنَابِ الْقَبِيحِ وَيَمْنَعُ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي حَقِّ ذِي الْحَقِّ وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ فَإِنْ قِيلَ الْحَيَاءُ مِنَ الْغَرَائِزِ فَكَيْفَ جُعِلَ شُعْبَةً مِنَ الْإِيمَانِ أُجِيبَ بِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ غَرِيزَةً وَقَدْ يَكُونُ تَخَلُّقًا وَلَكِنَّ اسْتِعْمَالَهُ عَلَى وَفْقِ الشَّرْعِ يَحْتَاجُ إِلَى اكْتِسَابٍ وَعِلْمٍ وَنِيَّةٍ فَهُوَ مِنَ الْإِيمَانِ لِهَذَا وَلِكَوْنِهِ بَاعِثًا عَلَى فِعْلِ الطَّاعَةِ وَحَاجِزًا عَنْ فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ وَلَا يُقَالُ رُبَّ حَيَاءٍ يَمْنَعُ عَنْ قَوْلِ الْحَقِّ أَوْ فِعْلِ الْخَيْرِ لِأَنَّ ذَاكَ لَيْسَ شَرْعِيًّا فَإِنْ قِيلَ لِمَ أَفْرَدَهُ بِالذِّكْرِ هُنَا أُجِيبَ بِأَنَّهُ كَالدَّاعِي إِلَى بَاقِي الشُّعَبِ إِذِ الْحَيُّ يَخَافُ فَضِيحَةَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَيَأْتَمِرُ وَيَنْزَجِرُ وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ فِي الْكَلَامِ عَنِ الْحَيَاءِ فِي بَابِ الْحَيَاءِ مِنَ الْإِيمَانِ بَعْدَ أَحَدَ عَشَرَ بَابًا فَائِدَةٌ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ تَكَلَّفَ جَمَاعَةٌ حَصْرَ هَذِهِ الشُّعَبِ بِطَرِيقِ الِاجْتِهَادِ وَفِي الْحُكْمِ بِكَوْنِ ذَلِكَ هُوَ الْمُرَادَ صُعُوبَةً وَلَا يَقْدَحُ عَدَمُ مَعْرِفَةِ حَصْرِ ذَلِكَ عَلَى التَّفْصِيلِ فِي الْإِيمَانِ اه وَلَمْ يَتَّفِقْ مَنْ عَدَّ الشُّعَبَ عَلَى نَمَطٍ وَاحِدٍ وَأَقْرَبُهَا إِلَى الصَّوَابِ طَريقَة بن حِبَّانَ لَكِنْ لَمْ نَقِفْ عَلَى بَيَانِهَا مِنْ كَلَامِهِ وَقَدْ لَخَّصْتُ مِمَّا أَوْرَدُوهُ مَا أَذْكُرُهُ وَهُوَ أَنَّ هَذِهِ الشُّعَبَ تَتَفَرَّعُ عَنْ أَعْمَالِ الْقَلْبِ وَأَعْمَالِ اللِّسَانِ وَأَعْمَالِ الْبَدَنِ فَأَعْمَالُ الْقَلْبِ فِيهِ الْمُعْتَقَدَاتُ وَالنِّيَّاتُ وَتَشْتَمِلُ عَلَى أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ خَصْلَةً الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْإِيمَانُ بِذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَتَوْحِيدِهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَاعْتِقَادُ حُدُوثِ مَا دُونَهُ وَالْإِيمَانِ بِمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ وَالْإِيمَانِ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْقَبْرِ وَالْبَعْثِ وَالنُّشُورِ وَالْحِسَابِ وَالْمِيزَانِ وَالصِّرَاطِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَمَحَبَّةِ اللَّهِ وَالْحُبِّ وَالْبُغْضِ فِيهِ وَمَحَبَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاعْتِقَادِ تَعْظِيمِهِ وَيَدْخُلُ فِيهِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَاتِّبَاعُ سُنَّتِهِ وَالْإِخْلَاصُ وَيَدْخُلُ فِيهِ تَرْكُ الرِّيَاءِ وَالنِّفَاقِ وَالتَّوْبَةُ وَالْخَوْفُ وَالرَّجَاءُ وَالشُّكْرُ وَالْوَفَاءُ وَالصَّبْرُ وَالرِّضَا بِالْقَضَاءِ وَالتَّوَكُّلُ وَالرَّحْمَةُ وَالتَّوَاضُعُ وَيَدْخُلُ فِيهِ تَوْقِيرُ الْكَبِيرِ وَرَحْمَةُ الصَّغِيرِ وَتَرْكُ الْكِبْرِ وَالْعُجْبِ وَتَرْكُ الْحَسَدِ وَتَرْكُ الْحِقْدِ وَتَرْكُ الْغَضَبِ وَأَعْمَالُ اللِّسَانِ وَتَشْتَمِلُ عَلَى سَبْعِ خِصَالٍ التَّلَفُّظِ بِالتَّوْحِيدِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَتَعَلُّمِ الْعِلْمِ وَتَعْلِيمِهِ وَالدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ وَيَدْخُلُ فِيهِ الِاسْتِغْفَارُ وَاجْتِنَابُ اللَّغْوِ وَأَعْمَالُ الْبَدَنِ وَتَشْتَمِلُ عَلَى ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ خُصْلَةٍ مِنْهَا مَا يَخْتَصُّ بِالْأَعْيَانِ وَهِيَ خَمْسَ عَشْرَةَ خَصْلَةٍ التَّطْهِيرُ حِسًّا وَحُكْمًا وَيَدْخُلُ فِيهِ اجْتِنَابُ النَّجَاسَاتِ وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ وَالصَّلَاةُ فَرْضًا وَنَفْلًا وَالزَّكَاةُ كَذَلِكَ وَفَكُّ الرِّقَابِ وَالْجُودُ وَيَدْخُلُ فِيهِ إِطْعَامُ الطَّعَامِ وَإِكْرَامُ الضَّيْفِ وَالصِّيَامُ فَرْضًا وَنَفْلًا وَالْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ كَذَلِكَ وَالطَّوَافُ وَالِاعْتِكَافُ وَالْتِمَاسُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَالْفِرَارُ بِالدِّينِ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْهِجْرَةُ مِنْ دَارِ الشِّرْكِ وَالْوَفَاءُ بِالنَّذْرِ وَالتَّحَرِّي فِي الْإِيمَانِ وَأَدَاءُ الْكَفَّارَاتِ وَمِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالِاتِّبَاعِ وَهِيَ سِتُّ خِصَالٍ التَّعَفُّفُ بِالنِّكَاحِ وَالْقِيَامُ بِحُقُوقِ الْعِيَالِ وَبِرُّ الْوَالِدَيْنِ وَفِيهِ اجْتِنَابُ الْعُقُوقِ وَتَرْبِيَةُ الْأَوْلَادِ وَصِلَةُ الرَّحِمِ وَطَاعَةُ السَّادَةِ أَوِ الرِّفْقُ بِالْعَبِيدِ وَمِنْهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَامَّةِ وَهِيَ سَبْعَ عَشْرَةَ خَصْلَةً الْقِيَامُ بِالْإِمْرَةِ مَعَ الْعَدْلِ وَمُتَابَعَةُ الْجَمَاعَةِ وَطَاعَةُ أُولِي الْأَمْرِ وَالْإِصْلَاحُ بَيْنَ النَّاسِ وَيَدْخُلُ فِيهِ قِتَالُ الْخَوَارِجِ وَالْبُغَاةِ وَالْمُعَاوَنَةُ عَلَى الْبِرِّ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ وَالْجِهَادُ وَمِنْهُ الْمُرَابَطَةُ وَأَدَاءُ الْأَمَانَةِ وَمِنْهُ أَدَاءُ الْخُمُسِ وَالْقَرْضُ مَعَ وَفَائِهِ وَإِكْرَامُ الْجَارِ وَحُسْنُ الْمُعَامَلَةِ وَفِيهِ جَمْعُ الْمَالِ مِنْ حِلِّهِ وَإِنْفَاقُ الْمَالِ فِي حَقِّهِ وَمِنْهُ تَرْكُ التَّبْذِيرِ وَالْإِسْرَافِ وَرَدُّ السَّلَامِ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ وَكَفُّ الْأَذَى عَنِ النَّاسِ وَاجْتِنَابُ اللَّهْوِ وَإِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ فَهَذِهِ تِسْعٌ وَسِتُّونَ خَصْلَةً وَيُمْكِنُ عَدُّهَا تِسْعًا وَسَبْعِينَ خَصْلَةً بِاعْتِبَارِ إِفْرَادِ مَا ضُمَّ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ مِمَّا ذُكِرَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَائِدَةٌ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنَ الزِّيَادَةِ أَعْلَاهَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَفِي هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ مَرَاتِبَهَا مُتَفَاوِتَةٌ تَنْبِيهٌ فِي الْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ رِوَايَةُ الْأَقْرَانِ وَهِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ دِينَارٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ لِأَنَّهُمَا تَابِعِيَّانِ فَإِنْ وُجِدَتْ رِوَايَةُ أَبِي صَالِحٍ عَنْهُ صَارَ مِنَ الْمُدَبَّجِ وَرِجَالُهُ مِنْ سُلَيْمَانَ إِلَى مُنْتَهَاهُ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَقد دَخلهَا الْبَاقُونَ