فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب من وصل رحمه في الشرك ثم أسلم

( قَولُهُ بَابُ مَنْ وَصَلَ رَحِمَهُ فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أَسْلَمَ أَيْ هَلْ يَكُونُ لَهُ فِي ذَلِكَ ثَوَابٌ)
وَإِنَّمَا لَمْ يَجْزِمْ بِالْحُكْمِ لِوُجُودِ الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَى ذَلِكَ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الزَّكَاةِ وَتَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ إِذَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ



[ قــ :5669 ... غــ :5992] .

     قَوْلُهُ  هَلْ كَانَ لِي فِيهَا مِنْ أَجْرٍ وَهُوَ تَفْسِيرُ رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عِنْدَ مُسْلِمٍ هَلْ لِي فِيهَا مِنْ شَيْءٍ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ صَالِحِ بْنِ كيسَان أفيها أجر وَفِي رِوَايَة بن مُسَافِرٍ هَلْ لِي فِيهَا مِنْ أَجْرٍ .

     قَوْلُهُ  وَيُقَال أَيْضا عَن أبي الْيَمَان أتحنت كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ.

     وَقَالَ  أَيْضًا وَعَلَى هَذَا فَهُوَ مِنْ كَلَامِ الْبُخَارِيِّ وَفَاعِلُ قَالَ هُوَ الْبُخَارِيُّ .

     قَوْلُهُ  عَنْ أَبِي الْيَمَانِ أَتَحَنَّتُ يَعْنِي بِالْمُثَنَّاةِ بَدَلَ الْمُثَلَّثَةِ يُشِيرُ إِلَى مَا أَوْرَدَهُ هُوَ فِي بَابِ شِرَاءِ الْمَمْلُوكِ مِنَ الْحَرْبِيِّ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ بِلَفْظِ كُنْتُ أَتَحَنَّتُ أَوْ أَتَحَنَّثُ بِالشَّكِّ وَكَأَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْهُ بِالْوَجْهَيْنِ وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ مَا صَوَّبَهُ عِيَاضٌ مِنْ ذَلِك.

     وَقَالَ  بن التِّينِ أَتَحَنَّتُ بِالْمُثَنَّاةِ لَا أَعْلَمُ لَهُ وَجْهًا انْتَهَى وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ أَتَجَنَّبُ بِجِيمٍ وَآخِرُهُ مُوَحَّدَةٌ فَقَالَ قَالَ الْبُخَارِيُّ يُقَالُ أَتَجَنَّبُ قَالَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَالتَّجَنُّبُ تَصْحِيفٌ وَإِنَّمَا هُوَ التَّحَنُّثُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْحِنْثِ وَهُوَ الْإِثْمُ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَتَوَقَّى مَا يُؤَثِّمُ.

قُلْتُ وَبِهَذَا التَّأْوِيلِ تَقْوَى رِوَايَةُ أَتَجَنَّبُ بِالْجِيمِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَيَكُونُ التَّرَدُّدُ فِي اللَّفْظَتَيْنِ وَهْمًا أَتَحَنَّثُ بِمُهْمَلَةٍ وَمُثَلَّثَةٍ وَأَتَجَنَّبُ بِجِيمٍ وَمُوَحَّدَةٍ وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ وَهُوَ تَوَقِّي مَا يُوقِعُ فِي الْإِثْم لَكِن لَيْسَ المُرَاد توقى الْإِثْم فَقَط بَلْ أَعْلَى مِنْهُ وَهُوَ تَحْصِيلُ الْبِرِّ .

     قَوْلُهُ  وقَال معمر وَصَالح وبن الْمُسَافِرِ أَتَحَنَّثُ يَعْنِي بِالْمُثَلَّثَةِ أَمَّا رِوَايَةُ مَعْمَرٍ فَوَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي الزَّكَاةِ وَهِيَ فِي بَابِ فَمَنْ تَصَدَّقَ فِي الشِّرْكِ ثُمَّ أَسْلَمَ وَعَزَاهَا الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ لِلصَّلَاةِ وَلَمْ أَرَهَا فِيهَا وَأما رِوَايَة صَالح وَهُوَ بن كيسَان فأخرجها مُسلم وَأما رِوَايَة بن الْمُسَافِرِ فَكَذَا وَقَعَ هُنَا بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَالْمَشْهُورُ فِيهِ بِحَذْفِهِمَا وَهُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ خَالِدِ بْنِ مُسَافِرٍ الْفَهْمِيُّ الْمِصْرِيُّ أَمِيرُ مِصْرَ فَوَصَلَهَا الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْهُ .

     قَوْلُهُ  وقَال بن إِسْحَاق التحنث التبرر هَكَذَا ذكره بن إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ فَقَالَ حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ كَيْسَانَ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ لِعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ حَدِّثْنَا كَيْفَ كَانَ بَدْءُ النُّبُوَّةِ قَالَ فَقَالَ عُبَيْدٌ وَأَنَا حَاضِرٌ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُجَاوِرُ فِي حِرَاءَ مِنْ كُلِّ سَنَةٍ شَهْرًا وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا تَتَحَنَّثُ بِهِ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالتَّحَنُّثُ التَّبَرُّرُ وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ فِي بَدْءِ الْوَحْيِ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فِي هَذَا الْمَعْنَى فَكَانَ يَتَحَنَّثُ وَهُوَ التَّعَبُّدُ وَمَضَى التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ .

     قَوْلُهُ  وَتَابَعَهُ هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ وَتَابَعَهُمْ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الْمُتَابَعَةِ خُصُوصُ تَفْسِيرِ التَّحَنُّثِ بِالتَّبَرُّرِ وَرِوَايَةُ هِشَامٍ وَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي الْعِتْقِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي أُسَامَةَ عَنْهُ وَلَفْظُهُ أَنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ قَالَ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ كُنْتُ أَتَحَنَّثُ بِهَا يَعْنِي أَتَبَرَّرُ