فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب الخضر في المنام، والروضة الخضراء

( قَولُهُ بَابُ الْخُضْرِ فِي الْمَنَامِ وَالرَّوْضَةِ الْخَضْرَاءِ)
الْخُضْرُ بِضَمِّ الْخَاءِ وَسُكُونِ الضَّادِ الْمُعْجَمَتَيْنِ جَمْعُ أَخْضَرَ وَهُوَ اللَّوْنُ الْمَعْرُوفُ فِي الثِّيَابِ وَغَيْرِهَا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَفِيِّ الْخُضْرَةُ بِسُكُونِ الضَّادِ وَفِي آخِره هَاءُ تَأْنِيثٍ وَكَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي أَحْمَدَ الْجُرْجَانِيِّ وَبَعْضِ الشُّرُوحِ قَالَ الْقَيْرَوَانِيُّ الرَّوْضَةُ الَّتِي لَا يُعْرَفُ نَبْتُهَا تُعْبَرُ بِالْإِسْلَامِ لِنَضَارَتِهَا وَحُسْنِ بَهْجَتِهَا وَتُعْبَرُ أَيْضًا بِكُلِّ مَكَانٍ فَاضِلٍ وَقَدْ تُعْبَرُ بِالْمُصْحَفِ وَكُتُبِ الْعِلْمِ وَالْعَالِمِ وَنَحْوِ ذَلِكَ



[ قــ :6643 ... غــ :7010] .

     قَوْلُهُ  حَدَّثَنَا الْحَرَمِيُّ بِمُهْمَلَتَيْنِ مَفْتُوحَتَيْنِ هُوَ اسْمٌ بِلَفْظِ النَّسَبِ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ .

     قَوْلُهُ  عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ حَذْفُ قَالَ الثَّانِيَةِ عَلَى الْعَادَةِ فِي حَذْفِهَا خَطَأٌ وَالتَّقْدِيرُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ قَالَ قَالَ قيس وَوَقع فِي رِوَايَة بن عَوْنٍ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ بَابَيْنِ عَنْ مُحَمَّدٍ وَهُوَ بن سِيرِينَ حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ وَهُوَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَتَخْفِيفِ الْمُوَحَّدَةِ وَآخِرُهُ دَالٌ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فِي مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ وَتَقَدَّمَ لَهُ حَدِيثٌ آخَرُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الْحَجِّ وَفِي غَزْوَةِ بَدْرٍ أَيْضًا وَلَيْسَ لَهُ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَهُوَ بَصْرِيٌّ تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ كَبِيرٌ لَهُ إِدْرَاكٌ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ وَوَهِمَ مَنْ عَدَّهُ فِي الصَّحَابَةِ .

     قَوْلُهُ  كُنْتُ فِي حَلْقَةٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ اللَّامِ .

     قَوْلُهُ  فِيهَا سَعْدُ بْنُ مَالك يَعْنِي بن أبي وَقاص وبن عُمَرَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ .

     قَوْلُهُ  فَمَرَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ هُوَ الصَّحَابِيُّ الْمَشْهُورُ الْإِسْرَائِيلِيُّ وَأَبُوهُ بِتَخْفِيفِ اللَّامِ اتِّفَاقًا وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ نَسَبِهِ فِي مَنَاقِبِهِ مِنْ كِتَابِ مَنَاقِبِ الصَّحَابَةِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ بن عَوْنٍ الْمَاضِيَةِ فِي الْمَنَاقِبِ بِلَفْظِ كُنْتُ جَالِسًا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ فَدَخَلَ رَجُلٌ عَلَى وَجْهِهِ أَثَرُ الْخُشُوعِ فَقَالُوا هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ كُنْتُ بِالْمَدِينَةِ فِي نَاسٍ فِيهِمْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ رَجُلٌ فِي وَجْهِهِ أَثَرٌ مِنْ خُشُوعٍ .

     قَوْلُهُ  فَقَالُوا هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي رِوَايَةِ بن عَوْنٍ الْمُشَارِ إِلَيْهَا عِنْدَ مُسْلِمٍ فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَكَرَّرَهَا ثَلَاثًا وَفِي رِوَايَةِ خَرَشَةَ بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالرَّاء والشين الْمُعْجَمَة بن الْحُرِّ بِضَمِّ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الرَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ الْفَزَّارِيِّ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا كُنْتُ جَالِسًا فِي حَلْقَةٍ فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَفِيهَا شَيْخٌ حَسَنُ الْهَيْئَةِ وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فَجَعَلَ يُحَدِّثُهُمْ حَدِيثًا حَسَنًا فَلَمَّا قَامَ قَالَ الْقَوْمُ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَجَاءَ شَيْخٌ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصًا لَهُ فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُمَا قِصَّتَانِ اتَّفَقَتَا لِرَجُلَيْنِ فَكَأَنَّهُ كَانَ فِي مَجْلِسٍ يَتَحَدَّثُ كَمَا فِي رِوَايَةِ خَرَشَةَ فَلَمَّا قَامَ ذَاهِبًا مَرَّ عَلَى الْحَلْقَةِ الَّتِي فِيهَا سَعْدُ بن أبي وَقاص وبن عُمَرَ فَحَضَرَ ذَلِكَ قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ كَمَا فِي رِوَايَتِهِ وَكُلٌّ مِنْ خَرَشَةَ وَقَيْسٍ اتَّبَعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ وَدَخَلَ عَلَيْهِ مَنْزِلَهُ وَسَأَلَهُ فَأَجَابَهُ وَمِنْ ثَمَّ اخْتَلَفَ الْجَوَابُ بِالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ كَمَا سَأُبَيِّنُهُ سَوَاءٌ كَانَ زَمَنُ اجْتِمَاعِهِمَا بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ اتَّحَدَ أَمْ تَعَدَّدَ .

     قَوْلُهُ  فَقُلْتُ لَهُ إِنَّهُمْ قَالُوا كَذَا وَكَذَا بَين فِي رِوَايَة بن عَوْنٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَنَّ قَائِلَ ذَلِكَ رَجُلٌ وَاحِدٌ وَفِيهِ عِنْدَهُ زِيَادَةٌ وَلَفْظُهُ ثُمَّ خَرَجَ فَاتَّبَعْتُهُ فَدَخَلَ مَنْزِلَهُ وَدَخَلْتُ فَتَحَدَّثْنَا فَلَمَّا اسْتَأْنَسَ.

قُلْتُ لَهُ إِنَّكَ لَمَّا دَخَلْتَ قَبْلُ قَالَ رَجُلٌ كَذَا وَكَذَا وَكَأَنَّهُ نَسَبَ الْقَوْلَ لِلْجَمَاعَةِ وَالنَّاطِقُ بِهِ وَاحِدٌ لِرِضَاهُمْ بِهِ وَسُكُوتِهِمْ عَلَيْهِ وَفِي رِوَايَةِ خَرَشَةَ فَقُلْتُ وَاللَّهِ لَأَتَّبِعَنَّهُ فَلَأَعْلَمَنَّ مَكَان بَيته فَانْطَلق حَتَّى كَانَ يَخْرُجُ مِنَ الْمَدِينَةِ ثُمَّ دَخَلَ مَنْزِلَهُ فَاسْتَأْذَنْتُ عَلَيْهِ فَأَذِنَ لِي فَقَالَ مَا حَاجَتُكَ يَا بن أَخِي فَقُلْتُ سَمِعْتُ الْقَوْمَ يَقُولُونَ فَذَكَرَ اللَّفْظَ الْمَاضِيَ وَفِيهِ فَأَعْجَبَنِي أَنْ أَكُونَ مَعَكَ وَسَقَطَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ وَعِنْدَهُ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ.

قُلْتُ زَعَمَ هَؤُلَاءِ .

     قَوْلُهُ  قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا مَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ تَقَدَّمَ بَيَانُ الْمُرَادِ مِنْ هَذَا فِي الْمَنَاقِبِ مُفَصَّلًا وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ خَرَشَةَ فَقَالَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِأَهْلِ الْجَنَّةِ وَسَأُحَدِّثُكَ مِمَّا قَالُوا ذَلِكَ فَذَكَرَ الْمَنَامَ وَهَذَا يُقَوِّي احْتِمَالَ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِمُ الْجَزْمَ وَلَمْ يُنْكِرْ أَصْلَ الْإِخْبَارِ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَهَذَا شَأْنُ الْمُرَاقِبِ الْخَائِفِ الْمُتَوَاضِعِ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ الْجَنَّةُ لِلَّهِ يُدْخِلُهَا من يَشَاء زَاد بن مَاجَهْ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ .

     قَوْلُهُ  إِنَّمَا رَأَيْتُ كَأَنَّمَا عَمُودٌ وُضِعَ فِي رَوْضَةٍ خضراء بَين فِي رِوَايَة بن عَوْنٍ أَنَّ الْعَمُودَ كَانَ فِي وَسَطِ الرَّوْضَةِ وَلَمْ يَصِفِ الرَّوْضَةَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَتَقَدَّمَ فِي المناقب من رِوَايَة بن عَوْنٍ رَأَيْتُ كَأَنِّي فِي رَوْضَةٍ ذَكَرَ مِنْ سَعَتِهَا وَخُضْرَتِهَا قَالَ الْكِرْمَانِيُّ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالرَّوْضَةِ جَمِيعُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالدِّينِ وَبِالْعَمُودِ الْأَرْكَانُ الْخَمْسَةُ وَبِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى الْإِيمَانُ .

     قَوْلُهُ  فَنُصِبَ فِيهَا بِضَمِّ النُّونِ وَكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ وَفِي رِوَايَةِ الْمُسْتَمْلِي وَالْكُشْمِيهَنِيِّ قَبَضْتُ بِفَتْحِ الْقَافِ وَالْمُوَحَّدَةِ بَعْدَهَا ضَادٌ مُعْجَمَةٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ تَاءُ الْمُتَكَلِّمِ قَوْله وَفِي رَأسهَا عُرْوَة فِي رِوَايَة بن عَوْنٍ وَفِي أَعْلَى الْعَمُودِ عُرْوَةٌ وَفِي رِوَايَتِهِ فِي الْمَنَاقِبِ وَوَسَطُهَا عَمُودٌ مِنْ حَدِيدٍ أَسْفَلُهُ فِي الْأَرْضِ وَأَعْلَاهُ فِي السَّمَاءِ فِي أَعْلَاهُ عُرْوَةٌ وَعُرِفَ مِنْ هَذَا أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ وَفِي رَأْسِهَا لِلْعَمُودِ وَالْعَمُودُ مُذَكَّرٌ وَكَأَنَّهُ أَنَّثَ بِاعْتِبَارِ الدِّعَامَةِ .

     قَوْلُهُ  وَفِي أَسْفَلِهَا مِنْصَفٌ تَقَدَّمَ ضَبْطُهُ فِي الْمَنَاقِبِ .

     قَوْلُهُ  وَالْمِنْصَفُ الْوَصِيفُ هَذَا مُدْرَجٌ فِي الْخَبَرِ وَهُوَ تَفْسِيرٌ مِنِ بن سِيرِينَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَجَاءَنِي منصف قَالَ بن عَوْنٍ وَالْمِنْصَفُ الْخَادِمُ فَقَالَ بِثِيَابِي مِنْ خَلْفُ وَوَصَفَ أَنَّهُ رَفَعَهُ مِنْ خَلْفِهِ بِيَدِهِ .

     قَوْلُهُ  فَرَقِيتُ بِكَسْرِ الْقَافِ عَلَى الْأَفْصَحِ فَاسْتَمْسَكْتُ بِالْعُرْوَةِ زَادَ فِي رِوَايَةِ الْمَنَاقِبِ فَرَقِيتُ حَتَّى كُنْتُ فِي أَعْلَاهَا فَأخذت بِالْعُرْوَةِ فَاسْتَمْسَكْتُ فَاسْتَيْقَظْتُ وَإِنَّهَا لَفِي يَدِي وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ خَرَشَةَ حَتَّى أَتَى بِي عَمُودًا رَأْسُهُ فِي السَّمَاءِ وَأَسْفَلُهُ فِي الْأَرْضِ فِي أَعْلَاهُ حَلْقَةٌ فَقَالَ لِي اصْعَدْ فَوْقَ هَذَا قَالَ.

قُلْتُ كَيْفَ أَصْعَدُ فَأَخَذَ بِيَدِي فَزَجَلَ بِي وَهُوَ بِزَايٍ وَجِيمٍ أَيْ رَفَعَنِي فَإِذَا أَنَا مُتَعَلِّقٌ بِالْحَلْقَةِ ثُمَّ ضُرِبَ الْعَمُودُ فَخَرَّ وَبَقِيتُ مُتَعَلِّقًا بِالْحَلْقَةِ حَتَّى أَصْبَحْتُ وَفِي رِوَايَةِ خَرشَة أَيْضًا زِيَادَةٌ فِي أَوَّلِ الْمَنَامِ وَلَفْظُهُ إِنِّي بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ إِذْ أَتَانِي رَجُلٌ فَقَالَ لِي قُمْ فَأَخَذَ بِيَدِي فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَإِذَا أَنَا بِجَوَادٍّ بِجِيمٍ وَدَالٍ مُشَدَّدَةٍ جَمْعُ جَادَّةٍ وَهِيَ الطَّرِيقُ الْمَسْلُوكَةُ عَنْ شِمَالِي قَالَ فَأَخَذْتُ لَآخُذَ فِيهَا أَيْ أَسِيرَ فَقَالَ لَا تَأْخُذْ فِيهَا فَإِنَّهَا طُرُقُ أَصْحَابِ الشِّمَالِ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِهِ فَبَيْنَا أَنَا أَمْشِي إِذْ عَرَضَ لِي طَرِيقٌ عَنْ شِمَالِي فَأَرَدْتُ أَنْ أَسْلُكَهَا فَقَالَ إِنَّكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِهَا رَجَعَ إِلَى رِوَايَةِ مُسْلِمٍ قَالَ وَإِذَا مَنْهَجٌ عَلَى يَمِيني فَقَالَ لي خُذ هَا هُنَا فَأَتَى بِي جَبَلًا فَقَالَ لِي اصْعَدْ قَالَ فَجَعَلْتُ إِذَا أَرَدْتُ أَنْ أَصْعَدَ خَرَرْتُ حَتَّى فعلت ذَلِك مرَارًا وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ وبن مَاجَهْ جَبَلًا زَلَقًا فَأَخَذَ بِيَدِي فَزَجَلَ بِي فَإِذَا أَنَا فِي ذِرْوَتِهِ فَلَمْ أَتَقَارَّ وَلَمْ أَتَمَاسَكْ وَإِذَا عَمُودٌ حَدِيدٌ فِي ذِرْوَتِهِ حَلْقَةٌ مِنْ ذَهَبٍ فَأَخَذَ بِيَدِي فَزَجَلَ بِي حَتَّى أَخَذْتُ بِالْعُرْوَةِ فَقَالَ اسْتَمْسِكْ فَاسْتَمْسَكْتُ قَالَ فَضَرَبَ الْعَمُودَ بِرِجْلِهِ فَاسْتَمْسَكْتُ بِالْعُرْوَةِ .

     قَوْلُهُ  فَقَصَصْتُهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمُوتُ عَبْدُ اللَّهِ وَهُوَ آخِذٌ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى زَادَ فِي رِوَايَة بن عَوْنٍ فَقَالَ تِلْكَ الرَّوْضَةُ رَوْضَةُ الْإِسْلَامِ وَذَلِكَ الْعَمُودُ عَمُودُ الْإِسْلَامِ وَتِلْكَ الْعُرْوَةُ عُرْوَةُ الْوُثْقَى لَا تَزَالُ مُسْتَمْسِكًا بِالْإِسْلَامِ حَتَّى تَمُوتَ وَزَادَ فِي رِوَايَة خَرشَة عِنْد النَّسَائِيّ وبن مَاجَهْ فَقَالَ رَأَيْتُ خَيْرًا أَمَّا الْمَنْهَجُ فَالْمَحْشَرُ.
وَأَمَّا الطَّرِيقُ وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَقَالَ أَمَّا الطُّرُقُ الَّتِي عَنْ يَسَارِكَ فَهِيَ طُرُقُ أَصْحَابِ الشِّمَالِ وَالطُّرُقُ الَّتِي عَنْ يَمِينِكَ طُرُقُ أَصْحَابِ الْيَمِينِ وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ طُرُقُ أَهْلِ النَّارِ وَطُرُقُ أَهْلِ الْجَنَّةِ ثُمَّ اتَّفَقَا.
وَأَمَّا الْجَبَلُ فَهُوَ مَنْزِلُ الشُّهَدَاءِ زَادَ مُسْلِمٌ وَلَنْ تَنَالَهُ وَأما العمود إِلَى آخِره وَزَاد النَّسَائِيّ وبن مَاجَهْ فِي آخِرِهِ فَأَنَا أَرْجُو أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا وَفِي الْحَدِيثِ مَنْقَبَةٌ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ وَفِيهِ مِنْ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا مَعْرِفَةُ اخْتِلَافِ الطُّرُقِ وَتَأْوِيلٌ لِلْعَمُودِ وَالْجَبَلِ وَالرَّوْضَةِ الْخَضْرَاءِ وَالْعُرْوَةِ وَفِيهِ مِنْ أَعْلَامِ النُّبُوَّةِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَلَامٍ لَا يَمُوتُ شَهِيدًا فَوَقَعَ كَذَلِكَ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ فِي أَوَّلِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَة بِالْمَدِينَةِ وَنقل بن التِّينِ عَنِ الدَّاوُدِيِّ أَنَّ الْقَوْمَ إِنَّمَا قَالُوا فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ إِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ لِأَنَّهُ كَانَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ كَذَا قَالَ وَالَّذِي أَوْرَدْتُهُ مِنْ طُرُقِ الْقِصَّةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ إِنَّمَا أَخَذُوا ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ لَمَّا ذَكَرَ طَرِيقَ الشِّمَالِ إِنَّكَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِهَا وَإِنَّمَا قَالَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا مَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ عَلَى سَبِيلِ التَّوَاضُعِ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَرَاهَةَ أَنْ يُشَارَ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ خَشْيَةَ أَنْ يَدْخُلَهُ الْعُجْبُ ثُمَّ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ أصلا وَالله أعلم