فهرس الكتاب

فتح الباري لابن حجر - باب قول الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم: ما صلينا

( قَولُهُ بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم مَا صلينَا)
قَالَ بن بَطَّالٍ فِيهِ رَدٌّ لِقَوْلِ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لَمْ نُصَلِّ وَيَقُولُ نُصَلِّي.

قُلْتُ وَكَرَاهَةُ النَّخَعِيِّ إِنَّمَا هِيَ فِي حَقِّ منتظر الصَّلَاة وَقد صرح بن بَطَّالٍ بِذَلِكَ وَمُنْتَظِرُ الصَّلَاةِ فِي صَلَاةٍ كَمَا ثَبَتَ بِالنَّصِّ فَإِطْلَاقُ الْمُنْتَظِرِ مَا صَلَّيْنَا يَقْتَضِي نَفْيَ مَا أَثْبَتَهُ الشَّارِعُ فَلِذَلِكَ كَرِهَهُ وَالْإِطْلَاقُ الَّذِي فِي حَدِيثِ الْبَابِ إِنَّمَا كَانَ مِنْ نَاسٍ لَهَا أَوْ مُشْتَغِلٍ عَنْهَا بِالْحَرْبِ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ فِي بَابِ مَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ جَمَاعَةً بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ فِي أَبْوَابِ الْمَوَاقِيتِ فَافْتَرَقَ حُكْمُهُمَا وَتَغَايَرَا وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَرَادَ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الْكَرَاهَةَ الْمَحْكِيَّةَ عَنِ النَّخَعِيِّ لَيْسَتْ عَلَى إِطْلَاقِهَا لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ الْبَابِ وَلَوْ أَرَادَ الرَّدَّ عَلَى النَّخَعِيِّ مُطْلَقًا لَأَفْصَحَ بِهِ كَمَا أَفْصَحَ بِالرَّدِّ على بن سِيرِينَ فِي تَرْجَمَةِ فَاتَتْنَا الصَّلَاةُ ثُمَّ إِنَّ اللَّفْظَ الَّذِي أَوْرَدَهُ الْمُؤَلِّفُ وَقَعَ النَّفْيُ فِيهِ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا مِنْ قَوْلِ الرَّجُلِ لَكِنْ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ وُقُوعُ ذَلِكَ مِنَ الرَّجُلِ أَيْضًا وَهُوَ عُمَرُ كَمَا أَوْرَدَهُ فِي الْمَغَازِي وَهَذِهِ عَادَةٌ مَعْرُوفَةٌ لِلْمُؤَلِّفِ يُتَرْجِمُ بِبَعْضِ مَا وَقَعَ فِي طُرُقِ الْحَدِيثِ الَّذِي يَسُوقُهُ وَلَوْ لَمْ يَقَعْ فِي الطَّرِيقِ الَّتِي يُورِدُهَا فِي تِلْكَ التَّرْجَمَةِ وَيَدْخُلُ فِي هَذَا مَا فِي الطَّبَرَانِيِّ مِنْ حَدِيثِ جُنْدُبٍ فِي قِصَّةِ النَّوْمِ عَنِ الصَّلَاةِ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ سَهَوْنَا فَلَمْ نُصَلِّ حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَبَقِيَّةُ فَوَائِدِ الْحَدِيثِ تَقَدَّمَتْ فِي الْمَوَاقِيتِ



[ قــ :623 ... غــ :641] .

     قَوْلُهُ  مَا كِدْتُ أَنْ أُصَلِّيَ حَتَّى كَادَت الشَّمْس تغرب وَذَلِكَ بعد مَا أَفْطَرَ الصَّائِمُ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ مُسْتَشْكِلًا كَيْفَ يَكُونُ المجئ بَعْدَ الْغُرُوبِ لِأَنَّ الصَّائِمَ إِنَّمَا يُفْطِرُ حِينَئِذٍ مَعَ تَصْرِيحِهِ بِأَنَّهُ جَاءَ فِي الْيَوْمِ ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ يَوْمَ الْخَنْدَقِ زَمَانَ الْخَنْدَقِ وَالْمُرَادُ بِهِ بَيَانُ التَّارِيخِ لَا خُصُوصُ الْوَقْتِ اه وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْإِشَارَةَ بقوله وَذَلِكَ بعد مَا أَفْطَرَ الصَّائِمُ إِشَارَةً إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي خَاطَبَ بِهِ عُمَرُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ عُمَرُ الْعَصْرَ فَإِنَّهُ كَانَ قُرْبَ الْغُرُوبِ كَمَا تَدُلُّ عَلَيْهِ كَادَ.
وَأَمَّا إِطْلَاقُ الْيَوْمِ وَإِرَادَةُ زَمَانِ الْوَقْعَة لَا خُصُوص النَّهَار فَهُوَ كثير