فهرس الكتاب

أمر ثمامة أن يمير أهل مكة ، وهم حرب عليه ،

روي أن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم أمر ثمامة أن يمير أهل مكة ، وهم حرب عليه ، قلت :

رواه البيهقي في دلائل النبوة - في آخر باب حديث الإِفك من طريق ابن إسحاق حدثني سعيد المقبري عن أبي هريرة ، فذكر قصة إسلام ثمامة بلفظ الصحيحين ، وفي آخره : فقال : إني واللّه ما صبوت ، ولكني أسلمت ، وصدقت محمداً ، وآمنت به ، وأيم الذي نفس ثمامة بيده لا يأتيكم حبة من اليمامة - وكانت ريف مكة ما بقيت - حتى يأذن فيها محمد صلى اللّه عليه وسلم ، وانصرف إلى بلده ، ومنع الحمل إلى مكة حتى جهدت قريش ، فكتبوا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يسألونه بأرحامهم أن يكتب إلى ثمامة يخلى إليهم حمل الطعام ، ففعل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، مختصر ،

وذكره ابن هشام في أواخر السيرة فقال : وحدثت أنه قال لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حين أسلم : واللّه يا محمد لقد كان وجهك أبغض الوجوه إليّ ، فلقد أصبح اليوم أحب الوجوه إلي ، وقال في الدين والبلد مثل ذلك ، ثم خرج ثمامة معتمراً حتى دخل مكة ، فقالوا له : صبأت يا ثمامة ؟ قال : لا ، ولكني اتبعت خير الدين ، دين محمد ، واللّه لا تصل إليكم حبة من اليمامة حتى يأذن فيها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، ثم خرج إلى اليمامة ، فمنع أهلها أن يحملوا إلى مكة شيئاً ، فكتبوا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، إنك تأمر بصلة الرحم ، وأنك قد قطعت أرحامنا ، فكتب إليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يخلي بينهم وبين الحمل ، انتهى .

ورواه الواقدي في كتاب الردة فقال : حدثني معاذ بن محمد بن أبي بكر بن عبد اللّه بن أبي جهم عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة ، قال : بعث رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى العبدي بالبحرين ، لليال بقين من رجب ، سنة تسع ، منصرف النبي صلى اللّه عليه وسلم من تبوك ، وكتب إليه كتاباً فيه : بسم اللّه الرحمن الرحيم من محمد بن عبد اللّه إلى المنذر بن ساوى ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد : فإني أدعوك إلى الإِسلام ، فأسلم تسلم ، وأسلم يجعل اللّه لك ما تحت يديك ، واعلم أن ديني سيظهر إلى منتهى الخف والحافر ، وختم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الكتاب ، ودفعه إليه ، فخرج العلاء في نفر منهم أبو هريرة ، حتى قدم على المنذر بن ساوى ، فدفع إليه الكتاب ، فقرأه ، فقال : أشهد أن ما دعا إليه حق ، وأنه لا إله إلا اللّه ، وأن محمداً عبده ورسوله ، واكرم منزله ، ثم رجع العلاء إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فأخبره بما رأى من المنذر ، وسرعة إسلامه ، ثم قال : يا رسول اللّه مررت بثمامة بن أثال الحنفي ، فقال : أنت رسول محمد ؟ فقلت : نعم ، فقال : واللّه لا تصل إلى محمد أبداً ، وأراد قتلي ، فمنعه عمه عامر بن سلمة ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : اللّهم اهد عامراً ، وأمكني من ثمامة ، فأسلم عامر ، وجعل النبي صلى اللّه عليه وسلم يأمر كل من خرج إلى وجه ، إن ظفرت بثمامة بن أثال فخذه ، فخرج محمد بن مسلمة في بعث من البعوث ، وقد أوصاه النبي صلى اللّه عليه وسلم حتى إذا كان ببطن نخل إذا هم بقوم يصطنعون طعاماً ، وفيهم ثمامة بن أثال ، فأخذه محمد بن مسلمة ، فأوثقه في جامعه ، وبعث به مع أبي نائلة ، وأربعة نفر معه ، فلما أتى به إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم أمر به فربط إلى سارية من سواري المسجد وأطلقه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعد ثلاثة أيام ، فذهب إلى حائط أبي طلحة فاغتسل ، ولبس ثوبين جديدين ، ثم جاء فوقف على النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فقال : يا محمد ، واللّه لقد كنت وما وجه إليّ أبغض من وجهك ، ولا دين أبغض إليّ من دينك ، ولا بلد أبغض إليّ من بلدك ، فلقد أصبحت وما وجه أحب إليّ من وجهك ، ولا دين أحب إلي من دينك ، ولا بلد أحب إلي من بلدك ، وقال : أشهد أن لا إله إلا اللّه ، وأن محمداً عبده ورسوله ، ثم خرج إلى مكة معتمراً ، فقالت له قريش : واللّه يا ثمامة ما كنا نظن لو أن حنيفة بأسرها تبعت محمداً أن تتبعه أنت ، فقال : واللّه يا معشر قريش أقسم باللّه لا يأتيكم من اليمامة بر ، ولا تمر حتى تسلموا ، أو يأذن فيه محمد صلى اللّه عليه وسلم ، ثم رجع إلى اليمامة ، فحبس عن قريش الميرة ، حتى جهدوا ، فقدم أبو سفيان بن حرب إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم في ركب من قريش ، يسأله بالرحم إلا أرسلت إلى ثمامة أن يخلي الحمل إلينا ، فإنا قد هلكنا جوعاً ، ففعل رسول الله صلى اللّه عليه وسلم ، وكتب معه كتاباً إلى ثمامة أن خل بين قريش وبين الميرة ، فلما جاءه الكتاب قال : سمعاً وطاعة لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، مختصر ، وحديث ثمامة