فهرس الكتاب

أنه عليه السلام نهى عن استقبال القبلة بالفرج في الخلاء

وأخرج أبو داود عن أبي هريرة مرفوعاً : لا يحل لأحد يؤمن باللّه واليوم الآخر أن يصلي ، وهو حاقن ، حتى يتخفف ، انتهى . وفيه رجل فيه جهالة ، ولم يضعفه أبو داود . فصل الحديث التاسع والتسعون : روى أنه عليه السلام نهى عن استقبال القبلة بالفرج في الخلاء ، قلت :

أخرجه الأئمة الستة في الطهارة عن عطاء بن يزيد عن أبي أيوب الأنصاري ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : إذا أتيتم الغائط ، فلا تستقبلوا القبلة ، ولا تستدبروها ، ولكن شرقوا ، أو غربوا ، انتهى . حديث آخر :

أخرجه الجماعة إلا البخاري عن عبد الرحمن بن يزيد عن سلمان الفارسي ، قيل له : علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة ؟ ! فقال : أجل ! لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول ، وأن نستنجي باليمين ، أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار ، أو أن نستنجي برجيع أو عظم ، انتهى . حديث آخر :

أخرجه مسلم وأبو داود . والنسائي . وابن ماجه ، واللفظ لمسلم ، عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً : إذا جلس أحدكم على حاجته فلا يستقبلن القبلة ، ولا يستدبرها انتهى . حديث آخر :

أخرجه أبو داود وابن ماجه عن أبي زيد عن معقل بن أبي معقل الأسدي ، قال : نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن نستقبل القبلتين ببول أو بغائط انتهى . قال أبو داود : أبو زيد مولى لبني ثعلبة ، انتهى . ومن طريق أبي داود ، رواه البيهقي في سننه ، قال شيخنا الذهبي في مختصر سنن البيهقي : وأبو زيد هذا لا يدري من هو ، انتهى . وهذا حديث لم يذكر فيه الاستدبار . ومثله حديث آخر :

أخرجه ابن ماجه عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أنه سمع عبد اللّه بن الحارث بن جزء الزبيدي ، يقول : أنا أول من سمع النبي صلى اللّه عليه وسلم ، يقول : لا يبولن أحدكم مستقبل القبلة ، وأنا أول من حدث الناس بذلك ، انتهى .

وروى مالك في الموطأ # عن نافع عن رجل من الأنصار عن أبيه ، أنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ينهى أن يستقبل القبلة ببول . أو غائط ، فيه رجل مجهول ، فهو كالمنقطع ، واللّه أعلم . قال الشيخ في الإِمام : وقد اختلف العلماء ، هل النهي لأجل القبلة ، أو لأجل الملائكة ؟ قال : وتعلق الأولون بما

أخرجه أبو جعفر الطبري في تهذيب الآثار عن سماك بن الفضل عن ابن رشدين الجندي عن سراقة بن مالك ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : إذا أتى أحدكم الغائط ، فليكرم قبلة اللّه عز وجل ، فلا يستقبل القبلة ، وأخرج أيضاً عن عمرو بن جميع عن عبد اللّه بن الحسن عن أبيه عن جده ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : من جلس ببول ، قبالة القبلة ، فذكر ، فتحرف عنها إجلالاً لها ، لم يقم من مجلسه حتى يغفر له .

وأخرج الدارقطني عن زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام عن طاوس مرسلاً ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : إذا أتى أحدكم البراز ، فليكرم قبلة اللّه عز وجل ، ولا يستقبلها ، ولا يستدبرها ، قال عبد الحق في أحكامه : وقد أسند هذا عن ابن عباس ، ولا يصح ، أسنده أحمد بن الحسن المضري # ، وهو متروك ، قال ابن القطان في كتابه : والمرسل أيضاً ضعيف ، فإنه دائر على زمعة بن صالح ، وقد ضعفه أحمد بن حنبل . وابن معين . وأبو حاتم . فائدة : قال الشيخ في الإِمام : ذكر ابن حزم في كتابه أنه يحرم استقبال القبلة بالاستنجاء ، واستدل عليه بحديث سلمان بعدما

أخرجه من جهة مسلم بسنده عن سلمان ، قال : قال لنا المشركون : علمكم نبيكم كل شيء ، حتى الخراءة ؟ ! فقال سلمان : أجل ! لقد نهانا أن يستنجي أحدنا بيمينه ، أو مستقبل القبلة ،

أخرجه البيهقي عن عيسى الحناط قال : قلت للشعبي : إني أعجب من اختلاف أبي هريرة . وابن عمر ، قال نافع ، عن ابن عمر : دخلت بيت حفصة ، فجاءت التفاتة ، فرأيت كنيف رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مستقبل القبلة ، وقال أبو هريرة : إذا أتى أحدكم الغائط ، فلا يستقبل القبلة ، ولا يستدبرها ، قال الشعبي : صدقا جميعاً ، أما قول أبي هريرة ، فهو في الصحراء : إن للّه عباداً : ملائكة . وجِناً ، يصلون ، فلا يستقبلهم أحد ببول ولا غائط ، ولا يستدبرهم ، وأما كنفهم هذه ، فإِنما هي بيوت بنيت لا قبلة فيها ، قال البيهقي : وعيسى هذا : هو ابن ميسرة ، وهو ضعيف ، قال الشيخ : وعيسى هذا ، يقال فيه : الحناط بحاء مهملة - ونون ويقال فيه : الخباط بخاء معجمة . وموحدة ، ويقال فيه : الخياط بخاء معجمة - وياء آخر الحروف ، وحديث عيسى هذا اختصره ابن ماجه ، ليس فيه ما قصدناه . أحاديث الرخصة :

أخرج الجماعة عن واسع بن حبان عن ابن عمر ، أنه كان يقول : إن ناساً يقولون : إذا قعدت على حاجتك فلا تستقبل القبلة ، ولا بيت المقدس ، قال عبد اللّه : فلقد ارتقيت على ظهر بيت لنا ، فرأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على لبنتين مستقبل بيت المقدس لحاجته ، وهو في لفظ الترمذي : مستقبل الشام ، مستدبر الكعبة . - حديث آخر :

أخرجه أبو داود . والترمذي . وابن ماجه عن محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد بن جبير عن جابر بن عبد اللّه ، قال : نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يستقبل القبلة ، فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها ، انتهى . وأخرجه ابن حبان في صحيحه في القسم الثاني . والحاكم في المستدرك . والدارقطني ، ثم البيهقي في سننهما .

وعندهم الأربعة : حدثني أبان بن صالح ، فزالت تهمة التدليس ، ولفظهم فيه : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قد نهانا أن نستقبل القبلة ، أو نستدبرها بفروجنا ، إذا أهرقنا الماء ، ثم رأيته قبل موته بعام يبول مستقبل القبلة ، انتهى . وأبان بن صالح ، وثقه المزكون : يحيى بن معين . وأبو زرعة . وأبو حاتم ، وقال الترمذي في العلل الكبير : سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث ، فقال : حديث صحيح ، انتهى . حديث آخر :

أخرجه ابن ماجه عن حماد بن سلمة عن خالد الحذاء عن خالد بن أبي الصلت عن عراك عن عائشة ، قالت : ذكر عند النبي صلى اللّه عليه وسلم قوم يكرهون أن يستقبلوا بفروجهم القبلة ، فقال : أُراهم قد فعلوها ، أستقبل بمقعدتي القبلة ، قال في الإِمام : قال الأثرم : قال أحمد بن حنبل : أحسن ما في الرخصة حديث عائشة ، وإن كان مرسلاً ، فإن مخرجه حسن ، قلت له : فإِن عراكاً يرويه مرة ، ويقول : سمعت عائشة ، فأنكره ، وقال : من أين سمع عراك عائشة إنما يروى عن عروة عنها ؟ ! ، وحكى ابن أبي حاتم في المراسيل عن أحمد ، قال : رواه غير واحد عن خالد الحذاء ، ليس فيه : سمعت ، وهكذا رواه غير واحد عن حماد بن سلمة ، ليس فيه : سمعت ، قال الشيخ : وقد ذكر عن موسى بن هارون مثل ما حكي عن أحمد في هذا ، ولعراك أحاديث عديدة عن عروة عن عائشة ، قال : ولكن لقائل أن يقول : إذا كان الراوي عنه ، قوله : سمعت ثقة ، فهو مقدم ، لاحتمال أنه لقي الشيخ بعد ذلك ، فحدثه ، إذا كان ممن يمكن لقاءه ، وقد ذكروا سماع عراك من أبي هريرة ، ولم ينكروه ، وأبو هريرة توفي هو . وعائشة في سنة واحدة ، فلا يبعد سماعه عن عائشة ، مع كونهما في بلدة واحدة ، ولعل هذا هو الذي أوجب

لمسلم أن أخرج في صحيحه حديث عراك عن عائشة ، من رواية يزيد بن أبي زياد ، مولى ابن عباس عن عراك عن عائشة : جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها ، الحديث ، وبعد هذا كله ، فقد وقعت لنا رواية صريحة بسماعه من غير جهة حماد بن سلمة التي أنكرها أحمد .

أخرجها الدارقطني عن علي بن عاصم عن خالد الحذاء ، وفيه : فقال عراك : حدثتني عائشة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما بلغه قول الناس أمر بمقعدته ، فاستقبل بها القبلة ، انتهى . وقال الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ : اختلف أهل العلم في ذلك ، على ثلاثة أقوال : فصنف : كرهوه مطلقاً ، منهم : مجاهد . والنخعي . وأبو حنيفة ، وأخذوا بحديث أبي أيوب . وحديث أبي هريرة ، وقد تقدما . وصنف رخصوه مطلقاً ، وهم فرقتان : فرقة : طرحوا الأحاديث لتعارضها ، ورجعوا إلى الأصل في الأشياء ، وهي الإِباحة ، ومنهم من ادَّعى النسخ بحديث ابن عمر . وجابر ، وقد تقدما ، وبحديث عراك أيضاً . والصنف الثالث : فصَّلوا ، فكرهوه في الصحاري دون البنيان ، ومنهم الشعبي . وأحمد . والشافعي واحتجوا بحديث