فهرس الكتاب

إذا رأيتم شيئاً من هذه الأهوال ، فافزعوا إلى الصلاة

قال البخاري رحمه اللّه في تاريخه الوسط - في باب العين المهملة - في ترجمة عبد ربه : قال لي موسى بن إسماعيل : ثنا حماد عن الجريري . وداود وابن عون عن أبي سعيد عن وراد ، مولى المغيرة ، عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه كان يدعو في دبر كل صلاة ، انتهى . الحديث السابع : وقال عليه الصلاة والسلام : إذا رأيتم شيئاً من هذه الأهوال ، فافزعوا إلى الصلاة ، قلت : غريب بهذا اللفظ ،

وللبخاري . ومسلم في حديث عائشة : فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة ، والمصنف احتج على أن خسوف القمر ليس فيه جماعة ، وإنما يصلي كل واحد لنفسه ، وليس فيه مطابقة . قوله : وليس في الكسوف خطبة ، لأنه لم ينقل ، قلت : هذا غلط ، ففي

الصحيحين من حديث أسماء : ثم انصرف بعد أن تجلت الشمس ، فقام ، فخطب الناس ، فحمد اللّه ، وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللّه لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ، ولكن يخوف اللّه بهما عباده ، ما من شيء كنت لم أره إلا وقد # رأيته في مقامي هذا ، حتى الجنة والنار ، ولقد أوحى إلي أنكم تفتنون في قبوركم ، مثل أو قريباً من فتنة الدجال ، يؤتى أحدكم ، فيقال له : ما علمك بهذا الرجل ، فأما المؤمن ، أو الموقن ، فيقول : محمد رسول اللّه ، جاءنا بالبينات والهدى ، فأجبنا وآمنا واتبعنا ، فيقال له : نم صالحاً ، فقد علمنا أنك كنت لمؤمناً ، وأما المنافق ، أو المرتاب ، فيقول : لا أدري ، سمعت الناس يقولون قولاً فقلته ،

وأخرجا من حديث ابن عباس ، فقال : إني رأيت الجنة ، فتناولت منها عنقوداً ، ولو أخذته لأكلتم منه ، ما بقيت الدنيا ، ورأيت النار ، فلم أر كاليوم منظراً قط ، ورأيت أكثر أهلها النساء ، قالوا : بم يا رسول اللّه ؟ قال : يكفرن العشير ، ويكفرن الإِحسان ، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ، ثم رأت منك شيئاً ، قالت : ما رأيت منك شيئاً قط ،

وأخرجا أيضاً عن عائشة أنه قال : يا أمة محمد ، ما من أحد أغير من اللّه ، أن يزنى عبده ، أو تزنى أمته ، يا أمة محمد ، واللّه لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ، ولبكيتم كثيراً ، وإني رأيت في مقامي هذا كل شيء وعدتم ، حتى لقد رأيتني أريد أن آخذ قطفاً من الجنة ، حين رأيتموني جعلت أتقدم في صلاتي ، ولقد رأيت جهنم ، يحطم بعضها بعضاً ، حين رأيتموني تأخرت ، ورأيت فيها عمرو بن لحي وهو أول من سيب السوائب ،

وأخرج مسلم عن جابر : ولقد جيء بالنار حين رأيتموني تأخرت ، مخافة أن يصيبني من لفحها ، وحتى رأيت فيها صاحب المحجن ، يجر قصبه في النار ، كان يسرق الحاج بمحجنه ، فإن فطن له ، قال : إنما تعلق بمحجني ، وإن غفل عنه ذهب به ، وحتى رأيت فيها صاحبة الهرة التي ربطتها ، فلم تطعمها ، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض ، حتى ماتت جوعاً ، ثم جيء بالجنة ، وذلك حين رأيتموني تقدمت ، حتى قمت في مقامي ، ولقد مددت يدي ، وأنا أريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه ، ثم بدا لي أن لا أفعل ، ما من شيء توعدونه ، إلا قد رأيته في صلاتي هذه ،

وأخرج أحمد في حديث سمرة بن جندب ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، وشهد أنه عبد اللّه ورسوله ، ثم قال : أيها الناس ، أنشدكم باللّه ، إن كنتم تعلمون أني قصرت عن شيء من تبليغ رسالات ربي ، لما أخبرتموني ذلك ، قال : فقام رجال ، فقالوا : نشهد أنك قد بلغت رسالات ربك ، ونصحت لأمتك ، وقضيت الذي عليك ، ثم قال : أما بعد : فإن رجالاً يزعمون أن كسوف هذه الشمس ، وكسوف هذا القمر ، وزوال هذه النجوم عن مطالعها ، لموت رجال عظماء من أهل الأرض ، وأنهم قد كذبوا ، ولكنها آيات من آيات اللّه ، يعتبر بها عباده ، فينظر من يحدث له منهم توبة ، وأيم اللّه لقد رأيت منذ قمت أصلي ما أنتم لا قوه في أمر دنياكم وآخرتكم ، وأنه واللّه لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذاباً ، آخرهم الأعور الدجال ، وأنه متى يخرج ، فسوف يزعم أنه اللّه تعالى ، فمن آمن به ، وصدقه ، واتبعه لم ينفعه عمل صالح من عملٍ سلف ، ومن كفر به ، وكذبه لم يعاقب بشيء من عمله سلف ، وأنه سوف يظهر على الأرض كلها ، إلا الحرم . وبيت المقدس ، وأنه يسوق الناس إلى بيت المقدس ، فيحصرون حصراً شديداً ، قال فيصبح فيهم عيسى ابن مريم ، فيقتله ، وجنوده ، حتى إن جذم الحائط ، وأصل الشجرة لينادي : يا مسلم ، هذا كافر ، تعال ، فاقتله ، ولن يكون ذلك حتى تروا أموراً يتفاقم شأنها في أنفسكم ، فتتساءلون بينكم ، هل كان نبيكم ذكر لكم منها شيئاً ؟ ، ثم على أثر ذلك الموت ، وكذلك رواه الحاكم في المستدرك ، وقال : صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه ،

وأخرج ابن حبان في صحيحه في حديث عمرو بن العاص ، فقام ، فحمد اللّه ، وأثنى عليه ، وقال : لقد عرضت عليَّ الجنة ، حتى لو شئت لتعاطيت قطفاً من قطوفها ، وعرضت عليَّ النار ، حتى جعلت أتقيها ، حتى خفت أن تغشاكم ، فجعلت أقول : ألم يعدني # أن لا يعذبهم ، وأنا فيهم ، ألم يعدني # أن لا يعذبهم ، وهم يستغفرون ، ورأيت فيها الحميرية السوداء - صاحبة الهرة ، كانت حبستها ، فلم تطعمها ، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض ، ورأيت فيها صاحب بدنتي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - أخا دعدع - يدفع في النار بقصبته ، # ورأيت صاحب المحجن متكئاً في النار على محجنه ، وأجاب الأصحاب عن ذلك كله ، بأنه عليه الصلاة والسلام لم يقصد الخطبة ، وإنما قال ذلك دفعاً لقول من قال : إن الشمس انكسفت لموت إبراهيم ، وإخباراً بما رآه من الجنة والنار ، واستضعفه الشيخ تقي الدين ، فقال : إن الخطبة لا ينحصر # مقاصدها في شيء معين ، سيما ، وقد ورد أنه صعد المنبر ، وبدأ بما هو المقصود من الخطبة ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، ووعظ ، وذكر ، وقد يتفق دخول بعض هذه الأمور في مقاصدها ، مثل ذكر الجنة والنار ، وكونهما من آيات اللّه ، بل هو كذلك جزماً ، انتهى . قلت : وصعود المنبر ،