فهرس الكتاب

إن اللّه وتر يحب الوتر

أخرجه ابن ماجه في سننه عن قزعة بن سويد عن حميد الأعرج عن الزهري عن محمود بن لبيد عن شداد بن أوس ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : إذا حضرتم موتاكم ، فأغمضوا البصر ، فإن البصر يتبع الروح ، وقولوا خيراً ، فإن الملائكة تؤمِّن على ما قال أهل البيت ، انتهى . ورواه أحمد في مسنده . والحاكم في المستدرك ، وقال : صحيح الإِسناد ، ولم يخرجاه ، ورواه البزار في مسنده ، وقال : لا يعلم رواه عن حميد الأعرج إلا قزعة بن سويد ، وليس به بأس ، لم يكن بالقوي ، واحتملوا حديثه ، انتهى . وأعله ابن حبان في كتاب الضعفاء بقزعة ، وقال : إنه كان كثير الخطأ ، فاحش الوهم ، حتى كثر ذلك في روايته ، فسقط الاحتجاج به ، انتهى . وحديث شد اللَّحيين غريب . فصل في الغسل الحديث الثاني : قال عليه الصلاة والسلام : إن اللّه وتر يحب الوتر ، قلت : روى من حديث أبي هريرة ، ومن حديث علي ، ومن حديث ابن عمر ، ومن حديث الخدري . فحديث أبي هريرة :

أخرجه البخاري . ومسلم في الذكر والدعاء عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : إن للّه تسعة وتسعين اسماً ، مائة إلا واحداً ، من أحصاها دخل الجنة ، إنه وتر يحب الوتر ، انتهى . وحديث علي :

أخرجه أصحاب السنن الأربعة في الصلاة عن عاصم بن ضمرة عن علي ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : يا أهل القرآن أوتروا ، فإن اللّه وتر يحب الوتر ، انتهى . ورواه أحمد في مسنده وابن خزيمة في صحيحه وقال الترمذي حديث حسن انتهى . وحديث ابن عمر :

رواه البزار في مسنده حدثنا يحيى بن ورد بن عبد اللّه ثنا أبي ثنا عدي بن الفضل ثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر مرفوعاً : إن اللّه وتر يحب الوتر ، انتهى . وسكت عنه . وحديث الخدري : رواه البزار أيضاً : حدثنا عمرو بن علي ثنا يحيى بن سعيد ثنا محمد بن عمر ثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن عن الخدري مرفوعاً ، نحوه ، وفيه قصة . قوله : لأن الغسل عرفناه بالنص ، قلت :

روى الحاكم في المستدرك من طريق ابن إسحاق عن محمد بن ذكوان عن الحسن عن أبي بن كعب ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : كان آدم عليه الصلاة والسلام رجلاً أشعر ، طوالاً ، آدم ، كأنه نخلة سحوق ، فلما حضره الموت ، نزلت الملائكة بحنوطه ، وكفنه من الجنة ، فلما مات غسلوه بالماء ، والسدر ثلاثاً ، وجعلوا في الثالثة كافوراً ، وكفنوه في وتر ثياب ، وحفروا له لحداً ، وصلوا عليه ، وقالوا : هذه سُنة ولد آدم من بعده ، انتهى . وسكت عنه ، ثم أخرجه عن الحسن عن عتي بن ضمرة السعدي عن أبيّ بن كعب مرفوعاً ، نحوه ، وفيه : فقالوا : يا بني آدم ، هذه سُنتكم من بعده ، فكذاكم فافعلوا ، وقال : صحيح الإِسناد ، ولم يخرجاه ، لأن عتي بن ضمرة ليس له راوٍ غير الحسن ، انتهى . وضعف النووي في الخلاصة الأول ، وذكر النووي في الخلاصة - في الباب حديث الذي وقصته راحلته

أخرجاه عن ابن عباس ، وفيه : أغسلوه بماء وسدر ، الحديث ، وحديث أم عطية أنه عليه السلام ، قال لهن في حق ابنته : اغسلنها ثلاثاً ، أو خمساً ، أو سبعاً ، رواه الجماعة ، وحديثا

أخرجه أبو داود عن محمد بن سيرين أنه كان يأخذ الغسل عن أم عطية ، يغسل بالسدر مرتين ، والثالثة بالماء والكافور ، قال : وإسناده على شرط البخاري . ومسلم ، انتهى . حديث آخر :

رواه البيهقي في المعرفة أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ أخبرني بكر بن محمد الصيرفي ثنا عبد الصمد بن الفضل ثنا عبد اللّه بن يزيد المقري ثنا سعيد بن أبي أيوب عن شرحبيل بن شريك عن علي بن رباح ، قال : سمعت أبا رافع ، يقول : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : من غسل ميتاً ، فكتم عليه غفر له أربعون كبيرة ، ومن كفنه كساه اللّه من السندس والاستبرق ، ومن حفر له قبراً حتى يجنَّه ، فكأنما أسكنه مسكناً حتى يبعث ، انتهى . ورواه الطبراني في معجمه حدثنا هارون بن ملول المصري ثنا عبد اللّه بن يزيد المقرى به سنداً ومتناً ، ورواه الحاكم في المستدرك ، وقال : على شرط مسلم . حديث آخر :

أخرجه أبو حفص بن شاهين في كتاب الجنائز ، عن حماد بن عمرو الضيبي عن السري بن خالد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب ، قال : قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : يا علي غسل الموتى ، فإنه من غسل ميتاً غفر له سبعون مغفرة ، لو قسمت مغفرة منها على جميع الخلائق لوسعتهم ، قلت : يا رسول اللّه ، ما يقول من يغسل ميتاً ؟ قال : يقول : غفرانك يا رحمن ، حتى يفرغ من الغسل ، انتهى .

وأخرجه ابن ماجه في سننه عن عمرو بن خالد عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي مرفوعا من غسل ميتاً ، وحنطه ، وحمله ، وصلى عليه ، ولم يفش عليه ما رأى ، خرج من خطيئته مثل يوم ولدته أمه ، انتهى . وعمرو بن خالد هذا متهم بالوضع ، وقد غسل سيدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وهو أشرف المخلوقين ، وأمر بتغسيل ابنته ، وغسل أبو بكر بعده ، والناس يتوارثون خلفاً عن سلف ، ولم ينقل عن أحد من المسلمين أنه مات ، فدفن من غير غسل إلا الشهداء ، وأما قول الشيخ جلال الدين الخبازي في حواشيه : وقوله : لأن الغسل عرفناه بالنص ، ورد عن النبي صلى اللّه عليه وسلم ، أنه قال : للمسلم على المسلم ثمانية حقوق ، وذكر منها غسل الميت ، فهذا حديث ما عرفته ، ولا وجدته ، والذي وجدناه من هذا النوع ما

أخرجاه في الصحيحين عن أبي هريرة ، أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، قال : حق المسلم على المسلم خمس : رد السلام . وعيادة المريض . واتباع الجنائز . وإجابة الدعوة . وتشميت العاطس ، انتهى . وفي لفظ لهما : خمس يجب للمسلم على أخيه ، وفي

لفظ لمسلم : حق المسلم على المسلم ست ، فزاد : وإذا استنصحك فانصح له ،

وروى أبو القاسم الأصبهاني في كتاب الترغيب والترهيب من حديث أبي محمد القاسم بن محمد بن جعفر حدثني أبي عن أبيه محمد بن عبد اللّه عن أبيه عمر عن أبيه علي بن أبي طالب ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : للمسلم على أخيه المسلم ثلاثون حقاً ، لا براءة له منها ، إلا بالأداء أو العفو : يغفر له ذلته . ويرحم عبرته . ويستر عورته . ويقيل عثرته . ويقبل معذرته . ويرد غيبته . ويديم نصيحته . ويحفظ خلته . ويرعى ذمته . ويعود مرضته . ويشهد ميتته . ويشمت عطسته . ويرشد ضالته . ويرد سلامه . ويطيب كلامه . ويبر إنعامه . ويصدق أقسامه . وينصره ظالماً أو مظلوماً . ويواليه . ولا يعاديه . ويحب له من الخير ما يحب لنفسه ، ويكره له من الشر ما يكره لنفسه ، وإن أحدكم ليدع من حقوق أخيه شيئاً حتى العطسة ، يدع تشميته عليها ، فيطالبه يوم القيامة ، فيقضى له بها عليه ، انتهى . قوله : لأن السُّنَّة هي البداءة بالميامن ، قلت : فيه حديث عائشة ، كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعجبه التيمن في كل شيء ، حتى في تنعله وترجله ، رواه الجماعة ، وحديث أم عطية

رواه الجماعة أيضاً ، واللفظ للبخاري ، قالت : لما غسلنا ابنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، قال لنا ونحن نغسلها : ابدءُوا بميامنها ، ومواضع الوضوء منها ، انتهى . وابنة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هذه هي : زينب زوج أبي العاص ، وهي أكبر بناته ، وهو مصرح به في

لفظ لمسلم عن أم عطية ، قالت : لما ماتت زينب بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، قال لنا عليه السلام : أغسلنها وتراً ، الحديث ، وقد جاء في سنن أبي داود . و مسند أحمد . و تاريخ البخاري الوسط أنها أم كلثوم ،

أخرجوه عن ابن إسحاق حدثني نوح بن حكيم الثقفي عن رجل من بني عروة بن مسعود الثقفي ، يقال له : داود ، قد ولدته أم حبيبة بنت أبي سفيان ، زوج النبي صلى اللّه عليه وسلم عن ليلى بنت قانف الثقفية ، قالت : كنت فيمن غسل أم كلثوم بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عند وفاتها ، فكان أول ما أعطانا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الحقْوَ ، ثم الدرع ، ثم الخمار ، ثم الملحفة ، ثم أدرجت بعد في الثوب الآخر ، قالت : ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جالس عند الباب ، معه كفنها ، يناولناها ثوباً ثوباً ، انتهى . قال المنذري في مختصره : فيه محمد بن إسحاق ، وفيه من ليس بمشهور ، والصحيح أن هذه القصة في زينب ، لأن أم كلثوم توفيت ، ورسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم غائب ببدر ، انتهى . قال ابن القطان في كتابه : ونوح بن حكيم رجل مجهول ، لم تثبت عدالته ، فأما الرجل الذي يقال له : داود ، فلا يدري من هو ، فإن داود بن أبي عاصم بن عروة بن مسعود الثقفي ، رجل معروف ، يروى عن عثمان بن أبي العاص . وابن عمر . وسعيد بن المسيِّب ، وروى عنه ابن جريج . ويعقوب بن عطاء ، وقيس بن سعد . وغيرهم ، وهو مكي ثقة ، قاله أبو زرعة ، ولا يجزم القول بأنه هو ، وموجب التوقف في ذلك أنه وصف في الإِسناد ، بأنه ولدته أم حبيبة ، وأم حبيبة كان لها بنت واحدة قدمت بها من أرض الحبشة ، ولدتها من زوجها عبيد اللّه بن جحش بن رئاب ، المفتتن بدين النصرانية ، المتوفى هنالك ، واسم هذه البنت : حبيبة ، فلو كان زوج حبيبة هذه ، أبو عاصم بن عروة بن مسعود أمكن أن يقال : إن داود المذكور ابنه منها ، فهو حفيد لأم حبيبة ، وهذا شيء لم ينقل ، بل المنقول خلافه ، وهو أن زوج حبيبة هذه ، هو داود بن عروة بن مسعود ، كذا قال أبو علي بن السكن . وغيره ، فداود الذي لأم حبيبة عليه ولادة ، ليس داود بن أبي عاصم بن عروة بن مسعود ، إذ ليس أبو عاصم زوجاً لحبيبة ، ولا هو بداود بن عروة بن مسعود الذي هو زوج حبيبة ، فإنه لا ولادة لأم حبيبة عليه ، واللّه أعلم من هو . فالحديث من أجله ضعيف ، انتهى . قلت : يبقى على هذا حديث

رواه ابن ماجه في سننه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أم عطية ، قالت : دخل علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، ونحن نغسل ابنته أم كلثوم ، فقال : اغسلنها ثلاثاً ، أو خمساً ، أو أكثر من ذلك ، إن رأيتن ذلك ، بماء سدر ، واجعلن في الآخرة كافوراً ، فإذا فرغتن ، فآذنني ، فلما فرغن ، آذناه ، فألقى إلينا حَقْوه ، وقال : أشعرنها إياه ، انتهى . وهذا سند صحيح ، رجاله مخرج لهم في الكتب ، وفي كتاب الصحابة - لابن الأثير ، قال : زينب بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من أكبر بناته ، وأمها خديجة بنت خويلد ، توفيت في السنة الثامنة ، ونزل عليه السلام في قبرها ، وأختها أم كلثوم شقيقتها ، توفيت سنة تسع ، وصلى عليها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، وهي التي غسلتها أم عطية ، وحكت قول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : اغسلنها ثلاثاً ، أو خمساً ، انتهى كلامه . وهذا يقوى ما ذكره . قوله : ولأن التطيب سنة ، قلت :

أخرج الحاكم في المستدرك عن حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي ثنا الحسن بن صالح عن هارون بن سعيد عن أبي وائل ، قال : كان عند علي رضي اللّه عنه مِسْك ، فأوصى أن يحنط به ، وقال : هو فضل حنوط رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ، انتهى . وسكت عنه ، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حميد بن عبد الرحمن به ، ورواه البيهقي في سننه ، قال النووي : إسناده حسن . حديث آخر :

أخرجه الحاكم أيضاً عن صدقة بن موسى ثنا سعيد الجريري عن عبد اللّه بن بريدة عن عبد اللّه بن مغفل ، قال : إذا أنا مت ، فاجعلوا في آخر غسلي كافوراً ، وكفنوني في بردين . وقميص ، فإن النبي صلى اللّه عليه وسلم فعل به ذلك ، انتهى . وسكت عنه أيضاً . حديث آخر : حديث أبيّ بن كعب المتقدم في قصة آدم ، رواه الحاكم ، وصححه . حديث آخر :

أخرجه الحاكم ، وصححه . وابن حبان في صحيحه عن جابر ، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : إذا أجمرتم الميت ، فأوتروا ، انتهى . وفي حديث أم عطية

المخرج في الكتب الستة ، قال لهن عليه الصلاة والسلام : اغسلنها ثلاثاً ، أو خمساً ، واجعلن في الاخرة كافوراً ، وفي حديث المحرم الذي وقصته راحلته ،

المخرج في الصحيحين . ولا تحنطوه ، وفي لفظة : ولا تمسوه طيباً ، دليل على أن التطيب للميت كان مسنوناً عندهم ، وأن المعروف لغير المحرم الحنوط والطيب . الآثار :

روى ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث عن همام عن شيخ من أهل الكوفة ، يقال له : زياد عن إبراهيم عن ابن مسعود ، قال : يوضع الكافور على مواضع سجود الميت ، انتهى .

ورواه البيهقي ، وأخرج عبد الرزاق في مصنفه عن سلمان أنه استودع امرأته مسكاً ، فقال : إذا مت فطيبوني به ، فإنه يحضرني خلق من خلق اللّه ، لا ينالون من الطعام والشراب ، يجدون الريح ، وأخرج عن الحسن بن علي . أنه لما غسل الأشعث بن قيس دعا بكافور ، فجعله على وجهه ، وفي يديه ، ورأسه ، ورجليه ، ثم قال : أدرجوه ، انتهى .

وأخرج مسلم في - الطيب - عن الخدري مرفوعاً : إن أطيب طيبكم المسك ، انتهى . ورواه أبو داود . والنسائي في الجنائز وبوَّبا عليه باب الطيب للميت ، ولم أعرف مطابقته للباب واللّه أعلم . قوله : قالت عائشة : علامَ تنصون ميتكم ؟ ! ، قلت :

رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان عن الثوري عن حماد عن إبراهيم عن عائشة أنها رأت امرأة يكدون رأسها بمشط ، فقالت : علامَ تنصون ميتكم ؟ ! ، انتهى . ورواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار ، أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي به ،